ملخص
قال نتنياهو "هذا هو الوقت المناسب لتكثيف الضغط العسكري على ’حماس‘. إنها تتعرض لوابل من الضربات التي تنفذها قواتنا في غزة، كل ذلك هدفه إعادة جميع الرهائن وتحقيق أهداف الحرب، لقد تعهدت بألا نخسر هذا الصراع".
بعد تعثر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، قررت إسرائيل خلال اليوم التالي توسيع الحرب على القطاع مجدداً، وتصنيفه مرة أخرى ساحة قتال رئيسة بهدف زيادة الضغط العسكري على حركة "حماس".
بعد كل جولة مفاوضات فاشلة بين طرفي الحرب الدائرة تزيد إسرائيل من وطأة القتال في القطاع، وأمام أعين الكاميرات قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توسيع الحرب وممارسة كثير من الضغط العسكري على الحركة الفلسطينية.
وقال نتنياهو "هذا هو الوقت المناسب لتكثيف الضغط العسكري على ’حماس‘. إنها تتعرض لوابل من الضربات التي تنفذها قواتنا في غزة وكل ذلك هدفه إعادة جميع الرهائن وتحقيق أهداف الحرب، لقد تعهدت بألا نخسر هذا الصراع".
اقتراح صفقة خاطفة
على اعتبار أن تصريحات نتنياهو لا تزال في طور التهديدات وأنه لم يأمر الجيش الإسرائيلي بزيادة رقعة الحرب تدخل الوسطاء القطريون بسرعة، وعقد رئيس الوزراء محمد بن عبدالرحمن آل ثاني اجتماعاً مع وفد حركة "حماس" للتفاوض بهدف حلحلة ملفات الصفقة، سعياً إلى تجنيب غزة مزيداً من القتال.
وطرح في اللقاء فكرة إبرام صفقة خاطفة وسريعة تتيح الفرصة أمام حركة "حماس" للبحث عن الرهائن الإسرائيليين وتقديم لائحة بأوضاعهم، استجابة للطلب الإسرائيلي الذي عرقل إمكانية التوصل إلى اتفاق قبل أيام، واعتبار هذه الصفقة "بادرة حسن نية" قبل بداية ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
لكن التطورات في إسرائيل قطعت الأمل بالنسبة إلى الفكرة القطرية، إذ رفض نتنياهو الطرح وقال مكتبه في بيان إن "إسرائيل وحركة ’حماس‘ لن تتفقا على صفقة محدودة حيال الرهائن في غزة كبادرة حسن نية قبل تنصيب الرئيس ترمب، هذه المعلومات كذبة كاملة".
ليس هذا التطور الوحيد الذي حدث في إسرائيل، إذ قرر نتنياهو سريعاً إعادة تصنيف قطاع غزة كساحة قتال رئيسة، بعدما صنفه الجيش أخيراً كساحة قتال ثانوية بسبب انشغال القوات في حربها ضد لبنان.
استعداد لتكثيف الحرب
ومن ضمن التطورات أيضاً إصدار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي تعليمات في شأن توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، لتشمل مناطق جديدة لم يدخلها الجيش من قبل.
وقال هاليفي "نستعد لتوسيع الحرب في غزة وزيادة الضغط العسكري بهدف إجبار ’حماس‘ على تقديم تنازلات كبيرة لإنجاز اتفاق الرهائن، عبر تعزيز حجم القوات هناك على حساب مناطق أخرى"، لكن رئيس الأركان لم يذكرها.
ونقل موقع "واللا" الإسرائيلي أن وحدات المدرعات والهندسة تلقت تعليمات بالاستعداد للانتقال إلى القطاع مع تعزيز عمليات سلاح الجو، كما أن تعليمات أخرى وصلت إلى فرقة عسكرية رابعة في شأن الاستعداد لدخول غزة حال فشلت مساعي قطر في دفع الاتفاق الوشيك للأمام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومنذ بداية الحرب اجتاح الجيش الإسرائيلي محافظة الشمال ومدينة غزة ومدينة خان يونس جنوباً ومحافظة رفح أقصى الجنوب، ونفذ عمليات محدودة في محافظة دير البلح لكنه لم يقتحمها، وتشير توقعات المراقبين العسكريين إلى أنه في حال فشلت جهود الوساطة ستدخل القوات وسط غزة حيث دير البلح.
وتعد محافظة دير البلح التي تضم البريج والنصيرات والمغازي ودير البلح الآن منطقة إنسانية صغيرة المساحة يكتظ بها مليونا نازح، وإذا نفذ الجيش الإسرائيلي أي هجوم على تلك البقعة فلن يكون هناك أي مكان في غزة يلجأ إليه النازحون.
وفي أية حال، لم يكشف الجيش الإسرائيلي ما إذا كان قرار توسيع الحرب وزيادة الضغط العسكري على "حماس" يعني اجتياح محافظة دير البلح أو مناطق أخرى، ولكن فكرة زيادة شراسة القتال بحد ذاتها مخيفة بالنسبة إلى سكان القطاع.
هذا القرار المرعب
يعد نتنياهو ورئيس أركانه أن الهدف من هذا القرار المرعب لسكان غزة هو إجبار "حماس" على تقديم تنازلات في مفاوضات التهدئة الرامية لتحرير الرهائن، لكن هذا التصور لا يقنع الجيش الإسرائيلي الذي ينفي تحقيق أية نتائج من الضغط العسكري على غزة.
وأجرى الجيش الإسرائيلي تحقيقاً يهدف لمعرفة نتائج الضغط العسكري على "حماس". وخلص إلى أن هذا الأسلوب لا يؤثر في الحركة خارج القطاع، أما داخله فإنه فعلياً يفقدها قدراتها القتالية. وفي الخلاصة جاء أيضاً أن الضغط العسكري يتسبب في مقتل الرهائن وليس السبيل الأمثل، والحل يكمن في صفقة تبادل.
حتى المراقبين العسكريين في إسرائيل يقرون بأن الضغط العسكري لا يعد حلاً ولا نتائج له، ويقول الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" داني ياتوم إن "الضغط العسكري لا يعيد الرهائن الإسرائيليين في القطاع بل يعرضهم للخطر، ولا يحسن مشهد التفاوض ولم نر أي تقدم أو تنازل من ’حماس‘ في المحادثات".
كذلك يقول مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق جيورا آيلاند إن الضغط العسكري على "حماس" لم ينجح لأنها شيدت آلة حرب فعالة، ولم أر الحركة ترضخ لشروطنا وهذه السياسة لم تعط أية نتيجة، بل إن ’حماس‘ ما زالت تقاتل بشراسة وتبتكر أساليب استنزاف جديدة".
وتقول أستاذة العلوم السياسية تمارا حداد "استنفدت إسرائيل كل أدوات الضغط العسكري لديها ضد حركة ’حماس‘ ولم يحقق نتنياهو أية نتائج له في ملف الرهائن، ولا في موضوع النصر المطلق".
وفي المقابل، يقول الناطق العسكري لـ"حماس" أبو عبيدة إن "ما يسمى الضغط العسكري لن يدفعنا إلا للثبات على مواقفنا وعدم التفريط فيها، والحل يكمن في إبرام صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في غزة".