بعد موجة صعود قياسية سجلها سعر صرف الدولار في السوق السوداء خلال تعاملات نهاية الأسبوع، هوى سعر صرف الدولار بنسب كبيرة بعد إعلان صندوق النقد الدولي موافقته على حزمة التمويل الخاصة بمصر. وعلى خلفية الإعلان عن موافقة الصندوق على البرنامج المصري الجديد، تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى مستوى 32 جنيهاً، مقابل نحو 36 جنيهاً في تعاملات أمس الخميس.
في السوق الرسمية استقر سعر صرف الدولار لدى البنك المركزي المصري عند مستوى 24.66 جنيه للشراء، و24.74 جنيه للبيع. ولدى أكبر البنوك الحكومية استقر سعر صرف الدولار في بنوك "الأهلي المصري" و"بنك مصر" عند مستوى 24.61 جنيه للشراء، مقابل نحو 24.66 جنيه للبيع.
وتعول الحكومة المصرية على موافقة صندوق النقد على حزمة التمويل الجديدة، ومن المتوقع أن تصل أول شريحة من تمويل إجمالي قيمته ثلاثة مليارات دولار قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي بقيمة 750 مليون دولار، وفق تصريحات سابقة لوزير المالية المصري محمد معيط.
مواجهة التحديات في المدى المتوسط
ووفق بيان أكدت كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي ورئيس المجلس عقب مناقشة وإقرار عقد اتفاق مدته 46 شهراً مع مصر في إطار "تسهيل الصندوق الممدد"، أن مصر تصدت بصلابة لأزمة "كوفيد-19" بفضل برامجها السابقة التي دعمها الصندوق. وأوضحت أنه على رغم تسارع وتيرة التعافي الاقتصادي خلال عام 2021، بدأت الاختلالات في التراكم نتيجة ثبات أسعار الصرف وارتفاع مستويات الدين العام وتأخر خطى الإصلاح الهيكلي.
وأشارت إلى أن الحرب في أوكرانيا أسهمت في بلورة مواطن الضعف القائمة، وتسببت في خروج التدفقات الرأسمالية، كما أدت، في ظل استمرار تثبيت سعر الصرف إلى تراجع احتياطات البنك المركزي من النقد الأجنبي وانخفاض صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك وتفاقم اختلالات أسعار الصرف.
وأضافت، "وهناك حاجة إلى حزمة شاملة من السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية للحد من هذه الاختلالات، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، واستعادة الاحتياطات الوقائية، وتعزيز الصلابة في مواجهة الصدمات، وتمهيد الطريق نحو تحقيق النمو بقيادة القطاع الخاص". وتابعت، "في هذا السياق، نرحب بالتزام السلطات في الآونة الأخيرة التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن ومعالجة التشوهات الناجمة عن السياسات السابقة من خلال التشديد المسبق للسياسة النقدية والمضي قدماً نحو تعزيز شبكة الأمان المالي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتضمن البرنامج الاقتصادي للسلطات المصرية المدعوم باتفاق "تسهيل الصندوق الممدد" لمدة 46 شهراً حزمة من السياسات ذات الصدقية التي تستهدف مواجهة هذه التحديات على المدى المتوسط.
ولفتت غورغييفا إلى أن التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن سيؤدي إلى التخفيف من حدة الصدمات الخارجية ومنع ظهور الاختلالات مجدداً، كما سيسمح للسياسة النقدية بالتركيز على خفض التضخم تدريجاً. وأكملت، "كما سيضمن الضبط المالي استدامة القدرة على تحمل الديون، بينما ستسهم زيادة الإنفاق الاجتماعي في حماية الفئات الضعيفة، وكذلك ستساعد الإصلاحات الهيكلية في تقليص بصمة الدولة وضمان المنافسة العادلة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة والشفافية".
ومن شأن "تسهيل الصندوق الممدد" سد جزء من الفجوة التمويلية والتشجيع على إتاحة مزيد من التمويل في صورة استثمارات لصالح مصر من شركائها الدوليين والإقليميين لسد الفجوة المتبقية. وأضافت، "وفي ظل تصاعد حالة عدم اليقين والمخاطر المحيطة بآفاق الاقتصاد العالمي يمثل التزام السلطات بمواصلة تطبيق نظام سعر الصرف المرن والسياسات الاقتصادية الكلية الاحترازية والإصلاحات الهيكلية خطوة حاسمة. ويعد سجل الأداء القوي للسلطات والشعور الراسخ بملكية البرامج التي دعمها الصندوق في السابق والتأييد السياسي لحزمة السياسات عوامل مهمة من شأنها التخفيف من حدة المخاطر وتحقيق أهداف البرنامج الحالي الذي يدعمه الصندوق".
الفجوة اتسعت بشدة بين السوق الرسمية والسوداء
كان مسح حديث أجرته وكالة "رويترز" قد كشف عن زيادة اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري مقابل الدولار، وسعره في السوق الموازية، الأمر الذي يفرض ضغوطاً على مصر قبيل اجتماع مهم لمجلس صندوق النقد الدولي الأسبوع المقبل.
ولا يزال نقص العملة الصعبة مستمراً في مصر على رغم خفض قيمة الجنيه مرتين هذا العام. ومن المنتظر أن يناقش صندوق النقد في 16 ديسمبر طلب مصر الحصول على تسهيل الصندوق الممدد بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمساعدتها في دعم أوضاع ماليتها العامة. وأعلنت مصر والصندوق عن الاتفاق على حزمة التمويل في 27 أكتوبر على مستوى الخبراء.
في السياق ذاته، ومع ظهور بيانات التضخم وتسجيل أعلى مستوى منذ عام 2017، فمن المتوقع أن يتجه البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة. ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري اجتماعها الدوري يوم 22 ديسمبر الحالي، وسط توقعات بالاتجاه إلى رفع أسعار الفائدة، بخاصة مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم وخسائر الجنيه المصري مقابل الدولار.
وفي تصريحات سابقة كان المتخصص في الشأن الاقتصادي والأستاذ بالجامعة الأميركية هاني جنينة قد توقع عدم استقرار سوق الصرف في مصر حتى صدور موافقة صندوق النقد الدولي على البرنامج التمويلي الجديد الخاص بمصر. وأشار إلى أنه بمجرد الموافقة على حزمة التمويل الجديدة ووصول أول شريحة تمويل، سيتجه الدولار إلى التراجع مقابل الجنيه المصري.