يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي العاصمة الأميركية واشنطن الأربعاء 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في أول رحلة خارجية له منذ شنت روسيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، الحرب على بلاده، بحسب ما أفادت وسائل إعلام أميركية الثلاثاء.
وقالت الوسائل الإعلامية إن زيلينسكي سيزور البيت الأبيض حيث يعتزم الرئيس جو بايدن الإعلان عن حزمة أسلحة جديدة لكييف تشمل لأول مرة صواريخ باتريوت، مشيرةً إلى أن الرئيس الأوكراني قد يلقي أيضاً خطاباً أمام الكونغرس الأميركي.
وذكرت قناة "سي أن أن" الأميركية أن "البيت الأبيض يخطط لعقد لقاء بين زيلينسكي وبايدن الأربعاء".
من جهتها، أرسلت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي الثلاثاء رسالة إلى أعضاء المجلس تحضّهم فيها على المشاركة "حضورياً" في جلسة ستُعقد مساء الأربعاء، من دون أن تكشف عن طبيعة هذه الجلسة.
وكتبت بيلوسي في رسالتها إلى النواب "من فضلكم احضروا مساء الأربعاء لجلسة سيتمّ فيها التركيز بشكل خاص على الديمقراطية".
أهداف الجيش الروسي
في المقابل، يُنتظَر أن يحدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهداف جيشه لعام 2023 خلال اجتماع مع كبار القادة العسكريين الأربعاء، وفق ما أعلن الكرملين الثلاثاء في الشهر التاسع من الهجوم على أوكرانيا.
وقال الكرملين في بيان إن "فلاديمير بوتين سيعقد اجتماعاً موسعاً لوزارة الدفاع... سيتم عرض نتائج أنشطة القوات المسلحة الروسية في 2022 وسيتم تحديد المهمات للعام المقبل".
زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء بخموت، المدينة التي تحاول القوات الروسية السيطرة عليها منذ أشهر وتشكل راهناً النقطة الأكثر سخونة عند خط الجبهة في شرق أوكرانيا.
والتقى زيلينسكي مسؤولين عسكريين كما قلد أوسمة للجنود الأوكرانيين الذين كانوا "يصدون حملة عسكرية روسية شرسة مستمرة منذ أشهر على المدينة".
"كان هناك ضوء"
وهناك اعتقاد أن روسيا تعتمد على مرتزقة ومجندين من السجون وجنود تمت تعبئتهم حديثاً، من أجل استعادة السيطرة على المدينة عبر شن سلسلة هجمات على المواقع الأوكرانية.
وأدت حرب الخنادق والمعارك المدفعية حول بخموت - التي كانت تشتهر بكروم العنب وكهوف مناجم الملح - إلى تسوية أجزاء كبيرة من المدينة ومحيطها بالأرض.
ونقلت وسائل إعلام حكومية عن زيلينسكي قوله في إشارة إلى الضربات الممنهجة التي استهدفت شبكة الكهرباء في أوكرانيا، "أود لو كان هناك ضوء لكن الوضع صعب للغاية بحيث إنه من الصعب أن يكون هناك ضوء، بالتالي لا يوجد ضوء. الشيء الرئيس هو أن هناك ضوءاً في الداخل".
من جهتها، قالت نائبة وزير الدفاع غانا ماليار التي كانت تزور بخموت أيضاً، إن "بخموت هي القلعة الشرقية لأوكرانيا".
وأضافت في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي "غداً الاعتدال الشتوي والليالي ستقصر. ستنتهي أحلك الليالي مع فجر انتصارنا".
وتأتي الزيارة بعدما أقر فلاديمير بوتين في وقت سابق الثلاثاء بأن الوضع "صعب جداً" في المناطق الأربع في جنوب أوكرانيا وشرقها، التي أعلنت موسكو ضمها من دون السيطرة عليها بالكامل.
في سبتمبر (أيلول)، أعلن الرئيس الروسي ضم أربع مناطق أوكرانية (دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون) التي يسيطر عليها الجيش الروسي جزئياً، بعد إجراء "استفتاءات" محلية نددت بها كييف والغرب.
ولم تسيطر قواته بشكل كامل على أي من المناطق، واضطرت الشهر الماضي إلى الانسحاب من العاصمة الإقليمية لمنطقة خيرسون الجنوبية، بعد هجوم مضاد استمر أشهراً من قبل القوات الأوكرانية.
وقال بوتين لموظفي أجهزة الأمن الذين يحتفلون بـ"عيدهم المهني"، إن "الوضع في جمهوريات دونيتسك ولوغانسك الشعبية وكذلك في منطقتي خيرسون وزابوريجيا صعب جداً".
وأشاد الرئيس الروسي بأداء عناصر الأجهزة الأمنية الروسية الذين يعملون في "المناطق الجديدة لروسيا"، مؤكداً أن "الناس الذين يعيشون هناك، مواطنون روس" يعتمدون على "حماية" هذه الأجهزة.
ودعا بوتين إلى "تركيز إلى أقصى الحدود" من جانب أجهزة مكافحة التجسس.
وقال "من الضروري قمع أعمال أجهزة الاستخبارات الأجنبية بشدة وتحديد هوية الخونة والجواسيس والمخربين بشكل فعال".
وفي حفل توزيع جوائز في الكرملين في وقت لاحق الثلاثاء، سلم بوتين أوسمة لقادة المناطق الذين عينتهم موسكو.
وقال في إشارة إلى الأراضي التي استعادتها أوكرانيا "واجهت بلادنا مراراً تحديات ودافعت عن سيادتها. اليوم تواجه روسيا مرة أخرى التحدي نفسه".
التهديد العسكري يتزايد
وجاءت تصريحات بوتين غداة زيارته الأولى منذ سنوات إلى بيلاروس المجاورة لإجراء محادثات مع رئيسها ألكسندر لوكاشنكو، الذي سمح للقوات الروسية باستخدام أراضي بلاده لبدء الهجوم على أوكرانيا في فبراير (شباط).
وأفاد الجيش الأوكراني بعد الزيارة بأن هناك تهديداً متزايداً بشن هجوم محتمل آخر من الأراضي البيلاروسية ولكن قواتها تتخذ خطوات للاستعداد لذلك.
وقال قائد القوات المشتركة الأوكرانية سيرغي ناييف "نراقب عن كثب الأسلحة التي يتم نقلها من روسيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أن "مستوى التهديد العسكري يتزايد تدريجاً لكننا نتخذ أيضاً إجراءات مناسبة".
في غضون ذلك، اعتبر وزير الخارجية دميترو كوليبا خلال إفادة عبر الإنترنت، أن "اجتماع بوتين ولوكاشنكو هو رقصة أخرى أدياها... لم يتم اتخاذ قرارات حاسمة. مهما حدث، نحن مستعدون لأي سيناريو".
ونفى بوتين أي خطط لضم بيلاروس خلال زيارته الإثنين، لكن الحليفين السوفياتيين السابقين تعهدا تعزيز التعاون العسكري بينهما.
في هذه الأثناء، أعلنت الرئاسة الأوكرانية أن الهجمات الروسية في مختلف أنحاء أوكرانيا أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص بينهم ثلاثة في منطقة دونيتسك حيث تقع بخموت، وفي منطقة خيرسون.
وتسببت الحرب بخسائرة كبيرة في الاقتصاد الأوكراني، وقال صندوق النقد الدولي الإثنين إنه وافق على برنامج للمراقبة الاقتصادية يمكن أن يساعد كييف في تأمين التمويل من المانحين، علماً أن البلاد التي مزقتها الحرب تحتاج إلى أكثر من 40 مليار دولار هذا العام.
"كل الميادين"
وقال بوتين في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي في مينسك، "لا مصلحة لروسيا في ابتلاع أي من كان. هذا بكل بساطة لا معنى له". وأعلن عن اتفاق توصل إليه الزعيمان خلال هذه المحادثات "الأساسية" لتعزيز تعاونهما في "كل الميادين"، لا سيما في قطاع الدفاع. ولفت إلى "إجراءات مشتركة لضمان" أمن البلدين و"تبادل شحنات أسلحة"، فضلاً عن تصنيع مشترك للأسلحة.
كذلك، ستواصل روسيا تدريب جنود بيلاروس على قيادة طائرات بيلاروسية سوفياتية التصميم قادرة على حمل قنابل نووية، وفق المصدر نفسه.
من جهته، قال لوكاشينكو، "هل نستطيع حماية استقلالنا بمفردنا من دون روسيا؟ كلا". وأضاف أن "روسيا تستطيع الاستغناء عنا، ولكننا لا نستطيع الاستغناء عنها. وإذا اعتقد أحد أنه قادر على أن يفصل بيننا اليوم فلن ينجح في ذلك". وتابع لوكاشينكو، "الأوقات الصعبة تتطلب منا الإرادة السياسية والتركيز على تحقيق نتائج في جميع مواضيع جدول الأعمال الثنائي".
طائرات مسيرة
وجاءت زيارة بوتين إلى مينسك برفقة وزيري الدفاع سيرغي شويغو، والخارجية سيرغي لافروف، بعد ساعات من إطلاق القوات الروسية سرباً من الطائرات المسيرة الهجومية على بنى تحتية حيوية في كييف، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في نحو 12 منطقة.
ويسعى الكرملين منذ سنوات إلى توطيد أسس التكامل مع بيلاروس التي تعول على موسكو للحصول على قروض ونفط بأسعار مخفضة.
وقبيل زيارة الرئيس الروسي تنامت التكهنات حول نيته الضغط على لوكاشينكو لإرسال قوات إلى أوكرانيا كي تقاتل إلى جانب القوات الروسية التي تكبدت سلسلة من الانتكاسات خلال نحو 10 أشهر من القتال. ونفى الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن يكون بوتين قد خطط لزيارة بيلاروس لإقناع مينسك بالمشاركة في النزاع في أوكرانيا، قائلاً إن هذه المزاعم "غبية" و"بلا أساس".
"اعتداء آخر"
في هذا الوقت، قال قائد القوات المشتركة الأوكرانية سيرغي نايف إنه يعتقد أن المحادثات ستتناول "اعتداءً آخر على أوكرانيا والمشاركة الأوسع نطاقاً للقوات المسلحة في بيلاروس في العملية على أوكرانيا، وبالتحديد، في رأينا، في الميدان أيضاً".
وتخشى المعارضة السياسية في بيلاروس، التي زج بمعظمها في السجون أو أجبرت على النفي أو السكوت، من ضم روسيا أجزاءً من بلادهم التي تضررت هي الأخرى بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية الشاملة. ورفض كل من بوتين ولوكاشينكو هذه الفكرة.
مسيرات
وأتت الهجمات بمسيرات، والتي أسفرت عن إصابة ثلاثة أشخاص في ضواحي كييف، في وقت أعلنت فيه روسيا أنها أسقطت أربعة صواريخ أميركية الصنع في سماء منطقة بيلغورود المتاخمة لأوكرانيا، وهذا الإعلان هو الأول من نوعه خلال نحو 10 أشهر من القتال.
وقالت الدفاعات الجوية الأوكرانية إنها أسقطت 30 مركبة جوية قتالية، بما فيها طائرات "شاهد"، المسيرة إيرانية الصنع التي استهدفت العاصمة في الأسابيع الأخيرة. وأكد رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو وقوع "انفجارات" في منطقتي سولوميانسكي وشفتشنكيفسكي بالعاصمة. وكشف عن أن "أضراراً" لحقت بمرافق مهمة للبنى التحتية، لكن من دون ورود تقارير عن وقوع إصابات. وأعلنت الشركة المشغلة للطاقة في أوكرانيا عن تقنين الكهرباء في العاصمة في أعقاب الهجوم.
الحرب الدائرة
وسط هذه الأجواء أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عدم تفاؤل بإمكان أن تنتهي الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا قريباً، لكنه أمل أن تنتهي العام المقبل. وقال في مؤتمره الصحافي السنوي لنهاية العام في نيويورك، "لست متفائلاً بإمكان عقد محادثات سلام في المستقبل القريب"، مضيفاً، "أعتقد أن المواجهة العسكرية ستستمر". وتابع "أعتقد أن علينا أن ننتظر (حلول) لحظة تكون فيها المفاوضات الجدية من أجل السلام ممكنة"، لافتاً إلى أنه لا يرى مؤشرات تدل على مفاوضات من هذا النوع "في الأفق" الراهن.
"التداعيات"
وعدد الأمين العام "التداعيات" على الشعب الأوكراني والمجتمع الروسي والاقتصاد العالمي الذي يشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية وموارد الطاقة من جراء الحرب، معتبراً أن الأزمة ستستمر ما لم يتم التوصل إلى اتفاق، مشدداً على أن "هذه كلها أسباب تدفعنا لبذل كل ما أمكن من جهود من أجل التوصل إلى سلام قبل نهاية عام 2023".