اعتمدت حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، نهج الانفتاح نحو المحيط العربي إذ أجرى سلسلة زيارات إلى دول عربية لتعزيز علاقات حكومته مع تلك الدول بما يخدم مصلحة العراق والمنطقة، حيث أكد في أكثر من مناسبة، أن "أولوية الحكومة تتمثل بالحفاظ على علاقات متوازنة وبناء شراكات اقتصادية عبر المنطقة والعالم،" مشدداً على أن "العراق دولة موحدة ومستقلة".
هذه المواقف دفعت الباحث السياسي، علي البيدر، إلى القول إن "بعض أطراف الإطار التنسيقي كانت ترى في السوداني نسخة ثانية من (رئيس الوزراء السابق) عادل عبد المهدي قبل أن تتفاجأ بخطواته الإصلاحية التي ستجعل منه تشرشل العراق إذا ما استمر في تنفيذ برامجه بعيداً من أي وسائل ضغط سياسية لتمرير أجندات مصلحية على حساب المواطن والوطن". وأضاف أن "السوداني يحاول منذ توليه زمام الأمور الاستقلال بإدارة الدولة وفق منظومة مؤسسات قويمة بعيدة من إرادة الأطراف السياسية التي أوصلته إلى هرم السلطة وهذا التمرد له ثمن سيدفعه رئيس الحكومة عبر محاولة وضع العصي في دواليب الإصلاح التي ينتهجها والتي تضر بنفوذ أطراف سياسية عدة".
وكشف البيدر أن "السوداني جاد في تنفيذ البرنامج الوزاري بحذافيره خصوصاً في ما يتعلق بالتزاماته مع الأطراف السياسية ضمن المكونات الأخرى كالأكراد والسنة، وهذا ما لا ترضى به أطراف تقبع في يمين القوى الشيعية التي كانت تنظر إلى البرامج الوزارية السابقة على أساس أنها مجرد نصوص إنشائية لن يجري تطبيقها"، مبيناً أن "تلك الخطوة قد تعجّل بانهاء مسيرة السوداني من خلال انقلاب أبيض وإنهاء مسيرة الرجل في السلطة عبر اجراء انتخابات مبكرة لقطع الطريق أمام خطواته".
ولفت الباحث السياسي إلى أن "الطلاق بين السوداني والإطار أصبح حتمياً وعلى الطرفين إعلانه بعيداً من التلميحات المتبادلة". ورأى البيدر أن "على السوداني اللجوء إلى الخيارات الوطنية لكسب ود الشارع وبعض الجهات الساعية إلى الاصلاح وهنا سيرتفع رصيده السياسي أكثر".
مؤشرات الخلافات
في السياق، اعتبر الباحث السياسي، نبيل جبار التميمي أن "مؤشرات الخلافات حول أداء السوداني وحكومته بدأت تظهر منذ ما يقارب الأسبوعين، فسياق الإعلام الحزبي للقنوات الفضائية والوكالات يثبت ذلك، عبر حملات دعائية موجهة منتقِدة للسياسات الحكومية القائمة".
وعبّر التميمي عن اعتقاده بأن "جوهر الخلافات يبدأ من أسلوب التعاطي مع الحكومة الحالية، فبين القوى السياسية مَن يرى أن منصب رئيس الوزراء يقتصر على تنفيذ الأجندات السياسية للمتحالفين في تشكيل الحكومة، بينما يعتبر آخرون أن لمنصب رئيس الوزراء أدواراً أكبر في رسم سياسة البلد ومساحة أوسع في الأداء الوظيفي".
وتابع التميمي أن "هذا التعارض في المبدأ الخاص بإدارة الدولة قد يتسبب في أزمة خلافات جديدة"، مشيراً إلى أنه "يُعتقَد أن السياسات الحكومية في تعيين الدرجات الخاصة وإعفاء ذوي المناصب السابقين قد أشعلت فتيل الخلافات، فعملية توزيع المناصب للدرجات الخاصة المسؤولة عن إدارة مؤسسات الدولة والشركات العامة للمناصب، بدءاً من وكيل الوزارة ووصولاً إلى المدراء العامين ومعاونيهم، كانت دائماً محط اختلاف وتصارع، فهي تمر بسلسلة معقدة من المعادلات التي تتطلب المحافظة على التوازن في توزيع المناصب بين المكونات الاجتماعية وعامل الاستحقاق الانتخابي، فيما تتعارض وتتقاطع تلك المبادئ السياسية مع مساحة الوزير او رئيس الوزراء باختيار أشخاص بحسب الكفاءة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ثقة الكتل السياسية
في هذا السياق، جددت أطراف سياسية قريبة من "الإطار التنسيقي" الثقة برئيس الوزراء الحالي على رغم الخلافات بين الأطراف المشكلة للحكومة، إذ أكد النائب عن كتلة "الصادقون"، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية أحمد الموسوي، أن "رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني يحظى بالثقة".
وقال الموسوي، إن "الاختلاف يأتي من اختلاف الشخص، وشخصية السوداني تختلف وجديرة بالثقة وحاصلة عليها من قبل الكتل السياسية". وأضاف أن "السوداني اليوم واضح أمام الكتل السياسية وعندما يريد أن يتخذ خطوة، هناك مشاورة ومعلومات مسبقة عن كل الخطوات التي يقوم بها والكتل السياسية تدعم هذه الخطوات وبالخصوص الإطار التنسيقي الذي رشحه".
خلافات مهددة
في المقابل، تحدث المحلل السياسي محمد علي الحكيم، عن "وجود خلافات بين الاطار التنسيقي ورئيس الوزراء"، لافتاً إلى أن "أطرافاً في العملية السياسية هددت السوداني بجمع تواقيع لسحب الثقة منه خلال 40 يوماً". وقال الحكيم في تصريح صحافي إن "هناك خلافات ومشكلات متجذرة داخل الاطار التنسيقي وبالتحديد بين (رئيس الحكومة السابق نوري) المالكي وبين السوداني بسبب بعض القرارات المتخذة من قبل رئيس الوزراء الحالي من دون الرجوع إلى الإطار، في حين أن المالكي يريد رجوع السوداني للإطار التنسيقي بكل القرارات قبل اتخاذها، وهذا أبرز دليل على أن الرجل مكبل ومقيد من جميع الكتل والأحزاب السياسية، أي بمعنى أن الرجل مسير وليس مخيراً". وأضاف أن "أطرافا في العملية السياسية هددت السوداني إذا استمر بنفس النهج خلال 40 يوماً من توليه للحكم، ستسعى لجمع تواقيع لسحب الثقة منه، على رغم الإخفاقات الحكومية التي كانت واضحة وملموسة إثر فرض الوزراء من قبل الأحزاب".
وختم بالقول إن "لقاءات السوداني بالسفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي التي تجاوز عددها الـ 9 لقاءات منذ تكليفه قد يدخل موسوعة غينس للأرقام القياسية، بمعنى أنه التقى السفيرة الأميركية أكثر من لقائه بأعضاء كابينته الوزارية".