عبّر يهود مغاربة عن تخوفهم من احتمال تعيين الحاخام يوشياهو بينتو في منصب الحاخام الأكبر لليهود في المغرب، وذلك بعد حوالى عام واحد من شغور المنصب. ويعود الاعتراض على تعيين الحاخام بينتو إلى اعتبارات عدة، أبرزها ما يُعرف عنه بأنه غير كفوء لاستلام المنصب، خصوصاً أنه متهم بقضايا فساد في إسرائيل، إثر تقديم رشوة لمسؤول إسرائيلي.
عريضة معارضة
وبعد الجدل الذي عرفته الطوائف اليهودية في المغرب خلال الأشهر الأخيرة إثر أنباء عن احتمال ترشيح الحاخام بينتو لمنصب الحاخام الأكبر في المغرب، أصدرت بعض الجماعات اليهودية عريضة أرسلتها إلى القصر الملكي في العاشر من يوليو (تموز) 2019، أكدوا فيها معارضتهم لترشيح بينتو الذي اعتبروه غير كفوء لاستلام هذا المنصب، وقالوا في العريضة "لقد حان الوقت لمجتمعنا المكون من 1500 يهودي في المغرب، للتفكير في تعيين حاخام كبير جديد للبلاد، وبناء على التقاليد والقوانين يُفترض أن يعيش بشكل دائم في المغرب وأن يكون الحاخام ديّاناً أي قاضياً".
واعتبر معدّو العريضة أن الحاخام بينتو لديه العديد من العيوب، كونه إسرائيلي لا يتحدث العربية وليس ديّاناً، إضافة إلى أنه يواجه وقتاً عصيباً في تحقيقات الفساد في إسرائيل والولايات المتحدة، وجاء في العريضة ما يلي "لقد قضى للتو عقوبة السجن لمدة عام في إسرائيل ولديه العديد من المشاكل الصحية. إن أمر ترشحه لهذا المنصب يبدو لنا غير منطقي، وحقيقة رعاية الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية في المغرب سيرج بيرديغو له قبل انتخابات الجالية اليهودية المغربية أمر مقلق".
رد رسمي
سيرج بيرديغو، الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية في المغرب نفى بدوره احتمال أن يتولى بينتو منصب الحاخام الكبير، لأنه "يشغل منصب رئيس المحكمة الحاخامية العليا في المغرب، وهي مؤسسة جديدة تتمثل مهمتها بشكل أساسي في إنشاء الكشروت (أحكام الغذاء الخاص باليهود)". وأوضح بيرديغو أن "دور الحاخام الأكبر مختلف تماماً عن دور رئيس المحكمة العليا الذي يتولاه يوشياهو بينتو".
وفي ما يتعلق بنقاط الاعتراض على ترشيح بينتو، قال بيرديغو إن "مسالة عدم تحدثه العربية وكونه لا يقيم في المغرب أمران ليسا مهمّين، لأنه ببساطة لن يتولى منصب الحاخام الأكبر. دور الحاخام الأكبر في المغرب يختلف عن دور رئيس محكمة العدل الحاخامية، ليس من الضروري أن يكون ديّاناً (قاضياً)"، وهو ما كان عليه حال الحاخام الراحل آرون مونسونيغو، الحاخام السابق للمغرب الذي توفي في أغسطس (آب) 2018 بعد توليه المنصب عام 1998.
وبحسب مجلس الطوائف اليهودية في المغرب، فإن "الحاخام الأكبر المستقبلي سيكون مقيماً في المغرب، وسيُعين من بين قائمة المرشحين الجادين عن الحاخامات المغاربة أو من أصل مغربي، ووفقاً لمعايير الكفاءة والخبرة".
الحاخام يوشياهو يوسف بينتو
نُصّب الحاخام يوشياهو يوسف بينتو (45 عاماً) في أبريل (نيسان) 2019، من قبل مجلس الطوائف اليهودية في المغرب، على رأس "بيت دين اليهود المغاربة"(المحكمة الحاخامية العليا). ويُعرف بينتو بعلاقاته الواسعة برجال الأعمال والسياسيين وجماعات الضغط في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، من بينهم جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومستشاره، الذي يعد أكبر ممولي منظمة "شوفا إسرائيل" الخيرية التي يرأسها يوشياهو. ولدى زيارة كوشنير المغرب، حرص على زيارة قبر جد بينتو، الحاخام الذائع الصيت حاييم بينتو الذي دُفن في الصويرة عام 1945.
أمضى يوشياهو عقوبة السجن سنة واحدة عام 2014 بتهمة الفساد، إثر اعترافه بتقديم رشوة بقيمة 200 ألف دولار إلى منشيه أربيف، القائد السابق لوحدة الشرطة الإسرائيلية 433 (المعروفة باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي الإسرائيلي)، في مقابل الحصول على معلومات حول التحقيقات التي فتحتها الشرطة الإسرائيلية بشأنه. وخلُصت المحكمة إلى أن الحاخام بينتو مذنب على ضوء اعترافه بتهمة محاولة الفساد وعرقلة العدالة. وتناقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن "الحاخام ذو الشعبية الكبيرة، الذي يدير العديد من المؤسسات الخيرية ومعاهد دراسة التوراة في إسرائيل والولايات المتحدة، كان أيضاً موضوع تحقيقات عدة لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي منذ عام 2011".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قلق من احتمال تقديم الحاخام بينتو لجلالة الملك محمد السادس
في المقابل، يحظى الحاخام يوسف إسرائيل بشعبية كبيرة بين الطوائف اليهودية في المغرب وخارجه، إذ أعلن عدد كبير من الجماعات اليهودية عن دعمه لترشحه لمنصب الحاخام الأكبر. وطالبت العريضة بدعم الحاخام القاضي يوسف إسرائيل لأن "الغالبية العظمى من مجتمعنا تعرف وتقدر الحاخام القاضي إسرائيل، وهو يستوفي الشروط اللازمة لمرافقتنا في السنوات المقبلة، فهو يعرف مجتمعه بأدق التفاصيل، وسمعته في النزاهة تسبقه بين إخواننا المؤمنين وإخواننا المسلمين المغاربة. إنه يواصل تقليد الصديقين العظيم من خلال كونه متواضعاً ومتاحاً ومتعلماً، فقد وُهب بصفات إنسانية عظيمة، ندعوه نحن اليهود المغاربة الذين يعيشون في المغرب، ليكون حاخامنا الأكبر، لأننا نشعر بالقلق لاحتمال تقديم الحاخام بينتو لجلالة الملك محمد السادس، لا سمح الله".
شمعون كيسلاسي، عضو الطائفة اليهودية المغربية في كندا، قال من جهته "لقد كان لي شرف التعرف عليه قبل حوالى عقدين من الزمن، ومنذ ذلك الحين أحترم شخصه لكونه بصفاته الإنسانية وببساطته وقيادته وبمعرفته الروحية العميقة، حظي بإعجابي وإعجاب أتباع ديننا في المغرب والخارج، أتمنى للحاخام حظاً موفقاً، وأن يُعيّن بمساعدة منه تعالى، حاخاماً أكبر للمغرب وهو المنصب الذي يستحقه".
وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أعلنت في بلاغ نُشر في أبريل 2019، أن العاهل المغربي محمد السادس أمر بتنظيم انتخابات الهيئات التمثيلية للجماعات اليهودية المغربية، التي لم تجر منذ عام 1969، وطلب من وزير داخليته ضمان احترام تجديد هذه الهيئات بشكل دوري، طبقاً لمقتضيات المرسوم الملكي الصادر في السابع من مايو (أيار) 1945، المتعلق بإعادة تنظيم لجان الجماعات اليهودية.