اعتلى دونالد ترمب المنصّة لإلقاء خطابٍ يميني مملوء بنظريات المؤامرة في "قمّة التواصل الاجتماعي" في البيت الأبيض. وبدا كلّ شيء مثاليّاً إلى أن دخلت ذبابة إلى المبنى.
" كيف دخلت ذبابة إلى البيت الأبيض؟" قال الرئيس محاولاً سحق الذبابة التي اقتربت من وجهه. "أنا لا أحب الذباب. لا أحب الذباب!"
شكّلت تلك المقاطعة متعة إضافية خلال خطابٍ غريب أُريد من خلاله الانقضاض على أبرز منتقدي ترمب عوضاً عن معالجة المسائل المنهجيّة تواجه منصّات وسائل التواصل الاجتماعي.
تطرّق ترمب إلى عددٍ من المظالم نفسها كتلك التي ينشرها على "تويتر" مهاجماً المنصّة من دون امتلاك مسوّغ لذلك، ومدّعياً أنّ الأشخاص الذين يعملون فيها يمنعونه من اكتساب أعداد إضافية من المتتبّعين. كما أشار إلى احتمال عقد اجتماعٍ قريب في البيت الأبيض مع مدراء تنفيذيين في شركات مواقع التواصل الاجتماعي، كما تطرّق إلى الأنظمة الجديدة التي قد تطبّقها إدارته على الانترنت.
وخرج الرئيس عن الموضوع في مناسبات عدّة معترفاً بأنّ بعض مروّجي نظريات المؤامرة، ومبتكرين في ثقافة الـ"ميم" MEME (= المفاهيم التي تنتشر في أوساط جمهور الإنترنت عبر التقليد)، وضيوفاً آخرين دعاهم إلى البيت الأبيض، يستحقون حظرهم من منصّات التواصل الاجتماعي، وتلك خطوة لطالما عارضها بنفسه وحتى أشدّ مؤيّديه. وذكر ترمب فيما ضحك الحضور، "حُظِرَ البعض من بينكم من وسائل التواصل الاجتماعي من دون سبب على الإطلاق. أعني أنّ بعضاً منكم أنتم الجالسين هنا... إنّ السخافة التي تفكرون فيها غير معقولة!"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستخدم ترمب وقته على المنصّة لمهاجمة كلّ شيء بدءاً من "الاحتياطي الفدرالي الأميركي" إلى حركة "انتيفا"، الجماعة اليساريّة المسلّحة التي قال أنّها تتكوّن من رجالٍ "مع أسلحة صغيرة" يظهرون عندما يتظاهر شخص ما خارج إحدى المدارس عوضاً عن مشاركتهم في سباق دراجات نارية دعماً للرئيس. وفي وقتٍ من الأوقات، بدا كأنّه يستفزّ المجموعة بقوله أنّ أفرادها يخافون من مؤيديه.
ثمّ تطرّق الرئيس إلى ادعاء أنّ الحزب الديمقراطي أراد تطبيق الشيوعية عبر الولايات المتحدة، الأمر الذي لم يَدْعُ إليه أيّ سياسيّ منتخب في مجلس النواب الأميركي، مردفاً أنّ شعر رأسه حقيقي. وأضاف أنّ الأميركيين أصبحوا متأكدين من ذلك الآن بعد أن رأوا الامطار تنهمر عليه في احتفالات ذكرى الاستقلال في واشنطن.
يوجد كثير من البيانات العلنية التي تُثْبِتُ أنّ ادعاءات ترمب التي ألقاها خلال خطابه، مغلوطة بشكلٍ فاضح. أولاً، في حين أعلن الرئيس أنّ صوته وأصوات أخرى في اليمين تتعرّض للقمع على "تويتر"، تحدثت التقارير عن ازدهار المحتوى المحافظ والمنشورات والشخصيات على مواقع التواصل الاجتماعي على مرّ السنوات. وطُلب منه عدم حظر أشخاص على موقع فيه "تويتر" تحديداً بسبب الشعبية العالمية التي تحظى بها تغريداته.
وكذلك أورد الرئيس في خطابه بعضاً من الادعاءات الاكثر غرابة والبعيدة كليّاً عن الواقع، إذ ذكر مثلاً أنّ موظّفي "تويتر" متورّطين في مؤامرة كبرى هدفها خفض عدد متابعيه وتقليص رقم إعادة التغريدات الذي يظهر على التدوينات التي ينشرها محافظون.
تجدر الإشارة إلى إن ملاحظات الرئيس لم تنشر على وسائل الإعلام الإخبارية البارزة، وكذلك لم تُنقل مباشرةً على شبكة "سي- سبان" C-SPAN. وفي المقابل، إذا أثبت ترمب شيئاً في "قمّة التواصل الاجتماعي" في البيت الأبيض فيتمثّل ذلك في أنّه وجد دوماً سُبُلاً ليبعث برسالته مباشرةً لمؤيديه، وذلك ما لم يجرِ حظر أولئك المؤيديين على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب "التفاهات" التي يدلون بها.
© The Independent