يترقب مجلس النواب الأميركي ظهر اليوم الخميس، بعدما أرجئت لليوم الثاني على التوالي جلسة انتخاب رئيس له بعد ثلاث جولات اقتراع جديدة فشلت خلالها الأغلبية الجمهورية في حشد الأصوات اللازمة لانتخاب مرشحها كيفن مكارثي رئيساً للمجلس.
وعلى غرار جولات الاقتراع الثلاث العقيمة التي جرت، الثلاثاء، أدلى النواب بأصواتهم في ثلاث جولات اقتراع جديدة جرت الأربعاء لكنها باءت كلها بالفشل، إذ لم يتمكن مكارثي النائب عن ولاية كاليفورنيا في إقناع حوالى 20 نائباً جمهورياً من مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترمب بانتخابه خلفاً لنانسي بيلوسي، إذ ظلوا على رأيهم بأنه معتدل أكثر مما ينبغي.
ومساء الأربعاء اتفق النواب على رفع جلسة انتخاب رئيس المجلس حتى ظهر الخميس (الساعة 17:00 ت غ).
قيادة جديدة
ومع تغيير في القواعد البرلمانية وارتفاع عدد النواب الذين ينتمون إلى التيار المحافظ المتشدد في الحزب، يستغل هؤلاء النواب الغالبية الجمهورية الضئيلة التي حققوها في انتخابات منتصف الولاية لكي يفرضوا شروطهم. ومن دون دعمهم لن يتمكن مكارثي من الوصول إلى المنصب.
وقال النائب عن تكساس تشيب روي الأربعاء من البرلمان، إن الولايات المتحدة تريد "وجهاً جديداً ورؤية جديدة وقيادة جديدة".
ومكارثي، العضو في الحزب الجمهوري منذ أكثر من 10 سنوات، كان قد وافق على العديد من مطالب حزبه، إلا أن ذلك لم يسمح بتغيير الوضع القائم. والأسوأ من ذلك، يبدو أن معارضة ترشّحه تتبلور.
وبعد ست جولات من التصويت منذ الثلاثاء، اتفق النواب مساء الأربعاء على رفع جلسة انتخاب رئيس المجلس حتى ظهر الخميس (الساعة 17:00 ت غ).
ترمب يدعم مكارثي
ويتطلب انتخاب رئيس مجلس النواب، ثالث أهم شخصية في السياسة الأميركية بعد الرئيس ونائب الرئيس، غالبية من 218 صوتاً. وخلال جولات التصويت الست لم يتمكن ماكارثي من تجاوز عتبة الـ203 أصوات.
وليس لدى النائب عن كاليفورنيا منافس حقيقي، ويجري فقط تداول اسم رئيس كتلة مجموعة الجمهوريين ستيف سكاليس كبديل محتمل، إلا أن فرصه لا تبدو كبيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصف الرئيس الديمقراطي جو بايدن هذا الوضع بأنه "محرج"، مؤكداً أن "بقية العالم" يتابع هذه الفوضى.
ويشل هذا الوضع أيضاً المؤسسة برمتها، إذ من دون رئيس لا يمكن للنواب أن يؤدوا اليمين وبالتالي تمرير أي مشروع قانون. ولا يمكن للجمهوريين أيضاً أن يفتحوا التحقيقات الكثيرة التي وعدوا بها ضد بايدن.
وقال النائب الجمهوري مايك غالاغر متأسفاً، "لدينا عمل يتعين علينا القيام به ولا يمكننا متابعته".
وفي صفوف النواب الجمهوريين غير المتشددين والذين يشكلون غالبية، بدأت أصوات تتعالى من أجل التوصل إلى تسوية.
وخرج ترمب عن صمته الأربعاء ودعا على شبكته للتواصل الاجتماعي، حزبه إلى بذل كل الجهود لتجنب "هزيمة" وقال، "لقد آن الأوان حالياً لنوابنا الجمهوريين في مجلس النواب أن يصوتوا لصالح كيفن" مكارثي الذي سيقوم "بعمل جيد" أو حتى "عمل رائع".
لكن دعوة ترمب الذي باتت هيمنته على الحزب الجمهوري موضع شك في الأشهر الماضية، لم تكن كافية.
ويراقب الديمقراطيون هذا الوضع بشيء من المتعة، ويتكتل الحزب الديمقراطي خلف ترشيح حكيم جيفريز، لكن النائب لا يتمتع بدعم عدد كاف من الأصوات لكي ينتخب رئيساً لمجلس النواب.
ومن المفترض أن يواصل النواب التصويت إلى حين انتخاب رئيس لمجلسهم، وهذا الأمر يمكن أن يستغرق ساعات أو أسابيع، ففي عام 1859 لم يتفق أعضاء الكونغرس على رئيس إلا بعد شهرين و133 جولة تصويت.
عيون تترقب
ومع تمتع الجمهوريين بالأغلبية في مجلس النواب، لن يتمكن بايدن وحلفاؤه الديمقراطيون من تمرير مشاريع كبرى جديدة، وفي ظل سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ، لن يتمكن خصومهم من القيام بذلك أيضاً.
والسؤال الذي يطرح اليوم في الكابيتول هو، هل سيكون الجمهوريون معارضين على الدوام لبايدن ومشاريعه؟ وللإجابة عن هذا السؤال يتعين عليهم أولاً أن يشكلوا جبهة موحدة في وقت صوت فيه عدد من نوابهم مع الديمقراطيين، كما حصل أخيراً أثناء التصويت على الموازنة قبل عيد الميلاد، بالتالي فإن نجاح الجمهوريين في انتخاب "زعيم" سيكون أيضاً مقياساً لمدى قدرتهم على إلحاق الضرر بالرئيس.
وفي الواقع فإن وجود مجلس نواب معاد له سيكون بمثابة نعمة سياسية لبايدن، إذا ما أكد نيته الترشح مجدداً في عام 2024، وهو قرار عليه أن يعلنه مطلع هذا العام.
وحرص الرئيس على عدم التعليق على الخلافات الجمهورية، وأكدت المتحدثة باسمه كارين جان بيير أنه لن "يتدخل في هذه العملية".
يشار إلى أنه في حال حدوث شلل تشريعي سيلقي بايدن باللائمة على الجمهوريين الضعفاء في عملية التعطيل على أمل قلب الأمور لتصب في مصلحته.