يحل يوم جديد، ويقع حمام دم جديد في قطاع شركات التكنولوجيا.
كان إعمال الفأس هذه المرة من نصيب "أمازون" التي أعلنت خططاً لإلغاء 18 ألف وظيفة، في حين أعلنت "سايلزفورس" – وهي شركة للبرمجيات – أنها تخطط للتخلص من ثمانية آلاف وظيفة. وسيؤثر صرف الموظفين في "أمازون" في وحدة "المتاجر" التابعة لها – التي تشمل أعمال التجارة الإلكترونية الأساسية – إلى جانب (يا للهول) وحدة "الموظفين والتجربة والتكنولوجيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالنسبة إليكم وإلي وإلى أي شخص آخر غير مدمن على العبارات الغامضة التي تستخدمها الشركات، يقصد بالوحدة الأخيرة إدارة الموارد البشرية.
في "أمازون"، يعمل الأشخاص الذين يتولون هذه الوظيفة "عند تقاطع التكنولوجيا والتعاطف، ويعيدون تصور اصطلاحات الموارد البشرية". أي أن هناك بالضبط ذلك النوع من الأشياء التي ينظر فيها مسؤول صارم عن الشؤون المالية ويفكر قائلاً لنفسه، حسناً. آن أوان الواقعية. يمكننا الاستمرار من دون هؤلاء.
يمثل العدد الإجمالي للمصروفين من "أمازون" في الواقع جزءاً صغيراً فقط من القوة العاملة العالمية التي توظفها المجموعة ويبلغ عددها 1.5 مليون شخص. ولن يتأثر العاملون الذين هم على تماس مع العملاء – الموظفون الذين يعالجون طلباتنا في "مراكز التوزيع" التي سيستبدلها الشاعر ويليام بليك بالتأكيد بما سماه "الطواحين الشيطانية المظلمة" لو قيض له أن يكتب قصيدته "أورشليم" في القرن الـ21.
لكن عمليات الصرف هذه لا تزال العمليات الأكبر عدداً التي تطبقها المجموعة حتى الآن ، وهي تتجاوز بكثير رقم 10 آلاف الذي جرى الحديث عنه عندما شرع الرئيس التنفيذي أندرو جاسي في مراجعة الأعمال نهاية العام الماضي.
لا ينبغي أن يفاجئنا حدوث هذا في وادي السليكون وما وراءه. لقد تبخرت طفرة مرحلة الجائحة التي تمتعت بها هذه الشركات إذ بات في قدرتنا جميعاً الآن الخروج مرة أخرى من منازلنا. وكان تقليص القوى العاملة أمراً لا مفر منه بعد فورة التوظيف التي أطلقتها شركات التكنولوجيا الكبرى أثناء الإغلاق، حتى لو لم يكن الاقتصاد العالمي في قاع.
قد تبدو "أمازون" أحياناً كنجم موت مؤسسي. هي ذلك النوع من الشركات العملاقة التي يحلم بها كتاب الخيال المستقبلي البائس. هي آلة تصنع المال. لكن خارج "خدمات أمازون الشبكية" البارزة في شكل لا لبس فيه، وهي أعمال الشركة في مجال الحوسبة السحابية، كانت تداعيات ما بعد الجائحة فظة.
أليكسا، هل يمكنك أن تجدي لي علاجاً مالياً ضخماً؟
هل تريدون أن تضيفوا ذلك إلى طلبكم للتسوق من "أمازون"؟ أرجوكم. نحن في حاجة حقاً إلى أعمالكم.
لقد غزت "أمازون" التسوق، وصنعت أفلاماً حازت على جائزة الأوسكار، وأنتجت أغلى مسلسل تلفزيوني على الإطلاق ("خواتم القوة"). لقد أطلقت بسرعة خدمة موسيقى، بل إنها جربت المتاجر المادية، إضافة إلى امتلاك أكبر سحابة في السماء الافتراضية. لكنها تعاني في جني أي أموال من هذه الأعمال، وتنهار الأسهم.
حين يصبح كسب المال صعباً، ويصبح النمو أصعب حتى، وتصبح الأوضاع الاقتصادية غير مواتية، تميل الشركات إلى أكل نفسها بنفسها. هي تعلن برامج لخفض التكاليف، وتصرف موظفين، وتأمل في أن يبقي ذلك وول ستريت هادئة.
هذا هو بالضبط ما يفعله عمالقة مؤسسة الشركات الأميركية منذ زمن سحيق. والمؤسسة هي ما هي عليه "أمازون" وسائر الشركات المزعزعة الكبرى العاملة في وادي السليكون – الشركات المبتكرة، الشركات التي تشكل حياتنا.
لقد بلغت منتصف العمر المؤسسي، وتحولت إلى كيانات عملاقة سمينة. أما مستثمروها الذين كانوا ذات يوم متحمسين بسذاجة، الذين فاخروا سابقاً بنمو العوائد، فيريدون اليوم أرباحاً أيضاً. هم يحتجون على البخل الذي يسم خطط إعادة شراء الأسهم وينظرون إلى قاعدة التكاليف نظرة سلبية عند إصدار النتائج الفصلية.
سيصدر مزيد من هذه الإعلانات. اعتمدوا على ذلك. المشكلة بالنسبة إلينا مع بلوغ هذه الشركات منتصف العمر المتجهم الذي يشتمل على تقليص الوظائف عندما تكون التكاليف في بؤرة التركيز مثلها مثل النمو، هي أنها، على رغم تحدياتها الأخيرة كلها، لا يزال بإمكانها أن تلتهم إلى حد كبير أي شيء قد يصبح يوماً ما تهديداً لهيمنتها.
يمكن القضاء على المنافسة الشرسة والمزعزعة التي تستطيع تجديد شبابها بمساعدة شيك دسم. لماذا تنفق من دون حساب على الابتكار إذا كان بإمكانها إلغاء أي طرف يقوم بذلك ودفعه إلى زاوية من زوايا عملياتها العملاقة؟ ربما عند "تقاطع التكنولوجيا والتعاطف" يخنق التفكير الأصيل.
وهذه المعاملات في معظمها أصغر من أن تلاحظها السلطات الضامنة للمنافسة. ومع ذلك، كانت هناك علامات على أن هذه الأخيرة على قيد الحياة. يوزع الاتحاد الأوروبي الغرامات والتهديدات. وأبلغت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية نفسها "فيسبوك" / "ميتا" أن تبيع "جيفي"، وهي منصة للصور المتحركة، بسبب قلقها من أثر امتلاكها إياها في سوق هذه المنتجات.
هل يجب الدعوة إلى تفكيك شركات التكنولوجيا العملاقة؟ نعم، من فضلكم. يجب القيام بذلك.
سيكون الأمر حتماً صعباً على العاملين في هذه الشركات العملاقة؟ لكن هل سيكون أصعب مما هو الآن؟ ربما لا. قد تكون الخطوة في صالحهم في الأجل البعيد. ومن المؤكد أنها ستكون في صالحنا نحن المستهلكين.
© The Independent