يوم الثلاثاء اقتحم مقاتلون إسلاميون من حركة "الشباب"، قاعدة عسكرية في وسط الصومال أجبروا على الانسحاب منها العام الماضي، مما أسفر عن مقتل سبعة جنود على الأقل بينهم قائد القاعدة.
وقال الكابتن آدن نور الضابط في الجيش الصومالي للإعلام المحلي، إن مقاتلي الحركة المرتبطة بتنظيم "القاعدة" قاموا باقتحام القاعدة العسكرية في قرية حوادلي، على بعد 20 كيلو متراً من ناحية "بلعد"، حيث نفذوا تفجيراً بسيارة مفخخة، ثم فتحوا النار على القوات داخلها.
وأشارت مصادر إعلامية محلية إلى مقتل قائد الفرقة الثالثة القائمة على القاعدة العسكرية الكولونيل أبشر محمود محمد، الشهير بـ"شتقي"، ضمن ضحايا الهجوم من القوات الحكومية.
مقتل 21 من "الشباب"
في السياق ذاته أعلن الجيش الوطني الصومالي مقتل 21 مسلحاً من حركة "الشباب" وجرح آخرين، بعد أن حاول المسلحون مداهمة قاعدة الجيش الوطني الصومالي في منطقة هوادلي بولاية هيرشابيل، صباح الثلاثاء.
وصرح قائد الجيش الوطني الصومالي أودووا يوسف راغه لوكالة الأنباء الوطنية الصومالية، بأن القوات قاومت هجوماً بسيارتين مفخختين، وصدت هجوم المقاتلين الإرهابيين المباغت على الفور.
وقال أودووا إن قوات الجيش الوطني فقدت خمسة جنود بينهم قائدهم، خلال القتال ضد مسلحي حركة "الشباب"، موضحاً أن القاعدة والمنطقة المحيطة بها تحت السيطرة الكاملة للجيش في الوقت الحالي.
وأضاف قائد الجيش الوطني الصومالي إن "قوات الجيش، بدعم من السكان المحليين والشركاء الدوليين، حققت مكاسب عسكرية في الساعات الـ24 الماضية". مؤكداً أن "بلدات حررطير وغلعد وعيل طير في محافظات غلغدود ومدغ من بين تلك البلدات التي تم تحريرها".
ثلاث بلدات استراتيجية
هذه البلدات الثلاث عيل طير وحررطير وغلعد تحمل أهمية تاريخية استراتيجية، فعلى المستوى التاريخي كانت تلك البلدات مرجعاً ومسقط رأس عدد كبير من القياديين الصوماليين ممن كانت لهم بصمات مهمة في تاريخ البلاد، مثل عائلة "شدور" من عيل طير التي أنجبت قيادات مدنية وتقليدية لا يزال لها تأثير كبير في إدارة العاصمة وقيادة جانب كبير من أبنائها، كما كانت بلدة حررطيري مسقط رأس الرئيس المدني الثاني للبلاد عبد الرشيد شرماركي قبيل اغتياله وحدوث انقلاب عام 1969، في حين تعود أصول الرئيس الحالي حسن شيخ محمود إلى بلدة غلعد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشتهر البلدات ومحيطها بالغنى بالإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية وأنشطة الصيد البحري، وأشارت مصادر حكومية إلى أن حركة "الشباب" الإرهابية كانت تستغلها، خلال أكثر من عقد من سيطرتها عليها، كنقاط لاستقبال المقاتلين الأجانب والأسلحة، واختطاف وتجنيد الأطفال، وترهيب العشائر وإجبار زعمائها التقليديين على نقل رسائلها وطلباتها إلى المناطق المحيطة، واستنزاف مواردها كمصادر لتمويل وتموين مقاتليها.
وخلال زيارته لمدينة بيدوا، العاصمة الموقتة لولاية الجنوب الغربي الفيدرالية، لرعاية مؤتمر المصالحة المحلية في الولاية، أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الثلاثاء، استئناف العملية العسكرية الواسعة النطاق لـ"القضاء على فلول ميليشيات الإرهاب بجنوب البلاد"، مشيراً إلى بدء المرحلة الثانية من العمليات، التي ستكون الولاية مسرح عملياتها.
وقال شيخ محمود "إن لنا عدواً واحداً هو ميليشيات الخوارج الإرهابية المرتبطة بتنظيم (القاعدة)، ويجب تضافر القوى للقضاء على الإرهابيين".
وأضاف الرئيس "إن المرحلة الثانية للعمليات العسكرية ستنطلق هنا"، في إشارة إلى ولاية جنوب الغرب التي جهزت جميع القوات المحلية للتحرك مع الجيش الوطني صوب معاقل فلول المتمردين والعمل على استعادة المناطق الريفية التي يسيطرون عليها، مشيراً إلى "المساعي الجارية لفتح الطرق وخلق ممرات آمنة بين العاصمة مقديشو ومدن ولايتي الجنوب الغربي وجوبلاند الفيدراليتين".
تقدم متزايد لقوات الحكومة
استجابة القبائل لدعوة الرئيس حسن شيخ محمود إلى محاربة حركة "الشباب" فور توليه السلطة، إذ أسهمت إلى حد كبير في حرمان الحركة المتطرفة من مصادر المعلومات الاستخبارية والموارد المالية والتموينية، وكذلك أفشلت جهودها في تجنيد مقاتلين لتعويض خسائرها على مدى الأشهر الماضية.
وقد تكون المجازر التي ارتكبتها الحركة في حق السكان لردعهم عن الاستجابة لدعوة الرئيس، عاملاً أساسياً في نهوض القوات العشائرية المسماة "معويسلي" التي كان لها دور استخباري مهم، إضافة إلى بسالة مقاتليها من رعاة الإبل وقدرتهم على تتبع عناصر الحركة الفارين من المعارك، مما أدى إلى فشل التكتيك المعتمد للحركة، والمتمثل في التجمع المفاجئ والهجوم بغتة على الأهداف ثم الانسحاب والتفرق، وهو التكتيك الذي حققت الحركة عبره نجاحات ضد القوات النظامية لفترة طويلة، لكنه أثبت فشله في مواجهة الميليشيات القبلية الرديفة، التي تعرف طبوغرافية الأرض، ولديها معلومات مسبقة عن المكامن والمخابئ والدروب والأحراش والكهوف والوديان والمرتفعات، مما جعل عناصر حركة "الشباب" طريدة سهلة بيد أولئك المقاتلين غير النظاميين المفعمين بالرغبة في الثأر والانتقام من اعتداءات الحركة التي استمرت عقداً ونصف العقد.