كشفت تقارير عن أن بوريس جونسون أراد قبل نحو عام من بدء الحرب الروسية- الأوكرانية، التخلص من دبابات الجيش البريطانية التي ترسلها لندن إلى أوكرانيا حالياً، وذلك لاعتقاده بأنها فقدت جدواها في ساحة المعركة.
ووفقاً لمصادر عسكرية بريطانية، اقترح رئيس الوزراء السابق التخلي عن أسطول دبابات "تشالنجر 2" Challenger 2 خلال مراجعة الحكومة للأمن والدفاع لعام 2021، ولم يتراجع عن تنفيذ ذلك إلا بعد ضغوط شديدة من قادة الجيش.
وثمة إجماع واسع النطاق بين حلفاء أوكرانيا الغربيين على أن كييف بحاجة ماسة إلى الدبابات الحديثة، وذلك في ظل استعداد الكرملين للمرحلة التالية من الحرب. وفي تصعيد كبير لدعم حلف شمال الأطلسي (ناتو) لأوكرانيا، أعلنت بريطانيا في نهاية الأسبوع الفائت، أنها سترسل إلى كييف دبابات من طراز "تشالنجر 2". ويتوقع أن تزودها ألمانيا أيضاً بدبابات "ليوبارد 2" استعداداً للقتال على نطاق واسع والذي من المتوقع أن يستأنف بمجرد انتهاء فصل الشتاء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشن جونسون الذي يستمر في تأييده القوي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حملة من أجل زيادة كبيرة في الأسلحة الغربية الحديثة المقدمة لكييف. وقال أمام مجلس العموم أخيراً، "سيدرك المجلس أن الإمدادات البريطانية والأميركية وغيرها من المعدات الغربية كانت حيوية للغاية لمساعدة أصدقائنا الأوكرانيين في حماية أنفسهم من الهجمات الروسية المستمرة والعنيفة".
ولكن علمت "اندبندنت" أنه خلال مراجعة الحكومة المتكاملة للأمن والدفاع لعام 2021، اعتبر جونسون أن فترة خدمة تلك الدبابات انتهت ولم تعد هناك أي حاجة إليها.
وفي هذا السياق، قال أحد كبار الضباط العسكريين الواسع الاطلاع على المحادثات في ذلك الوقت، " كان علينا أن نقاتل بضراوة للاحتفاظ بأي معدات قتالية في الجيش. إن رئيس الحكومة وعدداً من مستشاريه كانوا مقتنعين بأن هذا النوع من الدبابات بشكل خاص لم يعد فاعلاً في الحرب الحديثة".
في المقابل، نفى متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق تلك المزاعم، قائلاً "الأمر غير صحيح، لم يؤيد جونسون التخلي عن دبابات تشالنجر في المراجعة المتكاملة أو في أي موقف آخر".
ولكن يبدو أن جونسون أوضح مواقفه في شأن الدبابات خلال إطلالة له أمام لجنة الاتصال في مجلس العموم في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 في وقت كانت روسيا تجري تدريبات حرب ضخمة عبر الحدود الأوكرانية. وقال النائب المحافظ توبياس إيلوود في سؤاله لرئيس الوزراء آنذاك، "نحن نقوم بتقليص عدد دباباتنا. وما الذي يتكدس عند الحدود الأوكرانية؟ إنها الدبابات... أقترح أن نتراجع خطوة إلى الوراء وننظر إلى الصورة الأمنية الأوسع وإلى موقفنا الدفاعي ونرى ما الذي يتوجب فعله".
وكان جونسون مستهتراً وغير مبالٍ في إجابته قائلاً، "علينا الإقرار بأن المفاهيم القديمة القائمة على خوض معارك بالدبابات الكبيرة على أراضٍ أوروبية انتهت، وبأن هناك أموراً أخرى أفضل علينا الاستثمار فيها على غرار نظام القتال الجوي المستقبلي (FCAS)، وفي الحرب السيبرانية، هكذا ستخاض الحروب في المستقبل".
وبعد مرور خمسة أشهر، بعد بدء الحرب، تطرق جونسون إلى الحاجة لإرسال دبابات إلى أوكرانيا.
وقال للصحافيين أثناء زيارته لنيودلهي، "نسعى إلى إرسال دبابات تشالنجر إلى بولندا لمساعدتهم لأنهم يرسلون بعضاً من دباباتهم ’تي-72‘ (T-72) الروسية الصنع إلى أوكرانيا".
وأقرت مصادر دفاعية بوجود خلافات في الرأي في شأن الدبابات خلال المراجعة المتكاملة، وقال أحد المسؤولين، "لم نكن جميعنا من مؤيدي التصريحات التي تنتشر بين الحين والآخر بأن عهد الدبابات انتهى. ولكن جرى الحديث حول دور المسيّرات في تدمير قوافل الدبابات في ليبيا والحرب الأرمينية- الأذربيجانية. تأثر بعض الأشخاص بذلك ومنهم رئيس الوزراء الذي شكك في الحاجة إلى الدبابات في العقيدة التقليدية: كان متشككاً. من الواضح مع ما يحدث في أوكرانيا، تبين أننا فعلنا الصواب في احتفاظنا بسريّة الدبابات".
وبعدما أعلنت المملكة المتحدة نشر دبابات "تشالنجر"، هددت روسيا بأنها ستدمرها. واتهم المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الغرب بأنه يخوض حرباً بالوكالة". وحذر، "إنهم يستخدمون هذه البلاد كأداة لتحقيق أهدافهم المعادية لروسيا. ستحترق هذه الدبابات تماماً كسابقاتها".
وأتى قرار المملكة المتحدة بتزويد أوكرانيا بالدبابات التي قدر عددها بـ14، بعد اتصال هاتفي بين ريشي سوناك وزيلينسكي.
واعتبرت "داونينغ ستريت" أن هذا الأمر يظهر "طموح المملكة المتحدة لتكثيف الدعم" و"الحاجة إلى اغتنام هذه اللحظة لتسريع الدعم العسكري والدبلوماسي العالمي". وعلق زيلينسكي من جانبه قائلاً إن هذه الخطوة "لن تقوينا على أرض المعركة فحسب، بل سترسل الإشارة الصحيحة إلى الشركاء الآخرين أيضاً". وأضاف أن الدعم البريطاني "الذي كان قوياً على الدوام، أصبح اليوم منيعاً ومتيناً".
ويعتقد بأن جونسون يخطط لزيارة أوكرانيا، حيث لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة بعد دعمه القوي لكييف عندما كان رئيساً للوزراء. وقال مسؤولون عسكريون ودبلوماسيون بريطانيون إن وجوده هناك سيقوض سلطة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك. كما برزت مخاوف من أن تؤدي مقاربة جونسون "المتسرعة في إبداء رأيه" أمام الجمهور إلى نفور الحلفاء.
وكان جونسون وجه أخيراً اتهاماً لفرنسا بأنها كانت "في حال إنكار" لإمكانية غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا، بينما أرادت ألمانيا "أن ينتهي الأمر برمته بسرعة وأن تنهار أوكرانيا" لأسباب اقتصادية.
ورفضت كل من برلين وباريس هذه المزاعم بغضب.
وفي سياق متصل، قال متحدث باسم المستشار الألماني أولاف شولتز، "نحن ندرك أن رئيس الوزراء السابق المسلي لديه دائماً علاقة فريدة بالحقيقة، وهذه الحالة ليست استثناء". فيما اعتبر مسؤول فرنسي رفيع المستوى أن مزاعم جونسون "غير صحيحة بكل بساطة ولا تستحق أن نهدر وقتنا عليها".
© The Independent