قد يهزم الرجل ولا تموت الفكرة، وفي عالم السياسة قد يخسر سياسي بعينه معركة انتخابية، لكن الذي يوسوس في أذن الملك أخطر من الملك، كما تقول أدبيات السياسة الفرنسية تحديداً.
حين خسر دونالد ترمب معركته الرئاسية أمام منافسه جو بايدن، تفرق من حوله جميع المستشارين، انزوى بعضهم، وذهب البعض الآخر إلى زوايا النسيان، غير أن القابضين على جمر الأفكار، لم تنتهِ سيرتهم، أو مسيرتهم، بل طافوا حول العالم شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، مبشرين، وربما مهددين، بما في جعبتهم من أفكار، حتى وإن كانت متشددة أو متطرفة.
من هؤلاء يأتي اسم ستيف بانون، الرجل اليميني، الساعي إلى لعب أدوار، وليس دوراً واحداً، على صعيد الحركات الشعبوية اليمينية، تارة في الداخل الأميركي، وتارة أخرى في أوروبا المحتقنة بجيوب اليمين المتصاعد.
أما المثير والخطر في الوقت ذاته، فيتمثل في محاولته الأخيرة نقل معركة أفكاره إلى البرازيل، الدولة الكبرى في أميركا اللاتينية.
حين هبت جموع اليمين البرازيلي، الدائرة في فلك الرئيس المنتهية ولايته، جايير بولسونارو، رفضاً لفوز الرئيس الجديد، لولا دا سيلفا، ظهر بانون من جديد من بين ثنايا الأحداث.
وكما اتهم بانون من قبل بدعمه لليمين الفرنسي والإيطالي، وباتهام البابوية والبابا بالرجعية. وطالب من قبل بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بدا وكأن بانون اليوم يسعى جاهداً إلى تأليب البرازيليين ضد دا سيلفا، وقد وصف المقتحمين لقصر الرئاسة والبرلمان، وبقية مؤسسات الدولة في برازيليا بأنهم "مقاتلون من أجل الحرية"، هذا على رغم أن العالم برمته كان يدين تلك المحاولات الغوغائية، لا سيما أنها ذكرت العالم بما جرى قبل عامين تحديداً، من محاولة اقتحام الكونغرس الأميركي، من قبل أنصار اليمين الأميركي، نهار السادس من يناير (كانون الثاني) عام 2021، في محاولة لتعديل نتيجة انتخابات الرئاسة 2020 ولو بالقوة.
من هو ستيف بانون؟ والأهم ما هي أفكاره، ونفوذه، وكيف بات هذا الكاثوليكي الأميركي المنقلب على الكاثوليكية أداة شعبوية خطرة، على رغم إدانته في الداخل الأميركي، بعد اتهامه بالعصيان، إذ رفض المثول أمام المشرعين للإجابة عن أسئلة تخص دوره المزعوم في التعاون والتنسيق لأحداث الكونغرس، والتي اعتبرت بمثابة انقلاب على الديمقراطية الأميركية، ومحاولة لتغيير نظام الحكم في البلاد؟
بانون والبدايات في فرجينيا
إنه ستيفن كيفين بانون الذي رأى النور في ولاية فرجينيا عام 1953، لأسرة ذات أصول إيرلندية، من الطبقة العاملة، كاثوليكية المذهب، لكن "الكتكوت الفصيح في البيضة يصيح"، فقد أظهر بانون تفوقاً فكرياً واضحاً منذ شبابه، الأمر الذي مكنه من التخرج في جامعة فرجينيا بدرجة البكالوريوس في التخطيط العمراني، وتالياً استطاع الحصول على درجة الماجستير في الأمن القومي، من واحدة من الجامعات الأميركية المرموقة، جورج تاون، في قسم الخدمة الدولية، وأخيراً درجة الماجستير في إدارة الأعمال مع الشرف من كلية هارفرد للأعمال والتابعة لجامعة هارفرد.
لم يكتفِ بانون بجمع الخبرات الأكاديمية المدنية فحسب، إذ تبدو في خلفيته مساحة عسكرية واضحة، فقد خدم كضابط بالبحرية الأميركية لمدة سبع سنوات في الفترة بين أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، وكانت خدمته على المدمرة الشهيرة "يو أس أس بول فوستر" كضابط عمليات سطحية في أسطول المحيط الهادئ، ثم عمل مساعداً خاصاً لرئيس العمليات البحرية بالبنتاغون.
صعود بانون السريع فتح أمامه عديداً من الأبواب في أميركا، أرض الفرص، فقد استغل خبراته ليعمل في مجال البنوك والاستثمار، ثم لاحقاً غامر بالدخول إلى عالم الإعلام، وقد أصاب فيه تالياً نجحا كبيراً.
جرب بانون لاحقاً القيام بأعمال تتعلق بالبيئة، لينتقل من ثم إلى هوليوود، كمنتج منفذ لصناعة الأفلام والدعاية، ومن أهم أعماله فيلم "في وجه الشرير" عن حياة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان. ويمكن اعتبار هذا العمل مقدمة لتوجهات بانون اليمينية، لا سيما أن ريغان كان حجر زاوية في مسيرة المحافظين الأميركيين، ومن رحمها ستولد جماعة المحافظين الجدد في تسعينيات القرن الماضي.
على أن البوابة الرئيسة التي أطلت منها أفكار بانون على الأميركيين، وعموم الشعبويين، كانت عبر شبكة الأخبار المحسوبة على اليمين المتطرف "بريتبارت"، وقد شغل فيها بانون موقع الرئيس التنفيذي، والذي قاده إلى البيت الأبيض ضمن منصب مهم وحساس، لكنه لم يكتب له الاستمرار طويلاً فيه.
شراكة لا تدوم مع دونالد ترمب
يمكن القول إن بانون كان من أهم ركائز دونالد ترمب في حملته الانتخابية، وقد وجدت الكيمياء طريقها إلى الطرفين، من خلال شراكة أفكار يمينية متشددة إلى حد التطرف.
اختار ترمب بانون كمساعد، وكبير مستشاريه للشؤون الاستراتيجية، ثم أدخله مجلس الأمن القومي، بعد أن تولى منصب "رئيس الموظفين التنفيذيين" لحملته الانتخابية في 2016.
وتبدو التساؤلات المثيرة حول بانون من عند دوره في حملة ترمب، قصة شركة "كامبردج أناليتكيا"، المرتبطة بفضيحة بيانات "فيسبوك" وتدخلها في انتخابات الرئاسة، وقد شغل بانون فيها منصب الرئيس التنفيذي، ومن الواضح أن ترمب قد غفل عن كثير من التحذيرات التي قدمتها له الأجهزة الأمنية في شأن بانون.
هل لعب بانون خلال الأشهر السبعة التي أمضاها في البيت الأبيض دوراً معززاً لقرارات أحادية أميركية، تصب في عزل أميركا عن بقية العالم؟
غالب الظن أن ذلك كذلك، فمن خلال منصبه ككبير المستشارين الاستراتيجيين لترمب، استطاع التواصل مباشرة معه وأمكن رصد تأثيره في بعض القرارات الرئيسة التي اتخذها ترمب.
على سبيل المثال، برز دور بانون، عندما أعلن ترمب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وهي الخطوة التي تعد أحد الأهداف البارزة في سياسة بانون.
لم يكن اختيار بانون ضمن فريق ترمب أمراً مقبولاً من عتاة الجمهوريين، فقد تابعوا دأبه الشديد عبر شكبة "بريتبارت"، في تأجيج الأفكار القريبة من التشدد، ومقالات الرأي المعبرة عن التوجه المتشدد للولايات المتحدة، لكن ترمب لم يكن مديناً للحزب الجمهوري بشيء، بل أكثر من ذلك بدا لاحقاً أنه فرض فرضاً على المؤسسة السياسية الجمهورية بأمواله وبداعميه الذين اعتقدوا في أفكاره.
أما الديمقراطيون فقد صبوا جام غضبهم على ترمب، من جراء تعيينه لبانون، فعلى سبيل المثال، قال وقتها آدم جنتلسون، المتحدث باسم هاري ريد زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي في بيان، "من السهل معرفة سبب اعتبار المنظمات الأخوية في الولايات المتحدة، ترمب بطلاً لها، بعد أن عين واحداً من أبرز دعاة تفوق أصحاب البشرة البيضاء في منصب كبير مساعديه".
فيما وصف جوناثان غرينبلات، المدير التنفيذي لمركز مكافحة التشهير بانون بأنه "الرجل الذي رأس أول موقع إلكتروني لليمين البديل"، وهي مجموعة من القوميين البيض والمعادين للسامية والعنصريين .
لم يطل المقام ببانون في البيت الأبيض، فقد أقاله ترمب من مجلس الأمن الوطني، قبل أن يستغني عن خدماته بالمرة، لكن ظل هناك خيط خفي بين الرجلين، وقد نرى لبانون عودة عما قريب، لا سيما إذا مضت خطة ترشح ترمب من جديد للبيت الأبيض في رئاسة 2024.
جيمي كارتر الضعيف وبانون القوي
كيف يمكن لنا قراءة توجهات بانون الشعبوية؟
المؤكد أن ذلك لن يحدث إلا إذا عرفنا المكونات الرئيسة لهذا العقل، والركائز الفكرية التي انطلق منها.
بالتدقيق في حياة بانون، يتكشف لنا أن فترة رئاسية أميركية بعينها، كانت وراء التطورات والتغيرات الأيديولوجية التي طرأت عليه. كانت تلك فترة رئاسة الديمقراطي جيمي كارتر (1977-1981).
احتك بانون بكثير من النظريات السياسية طوال عشرات السنين، غير أن مشهد الضعف الأميركي في مواجهة الثورة الإيرانية عام 1979، ومسلسل الرهائن الأميركيين، الذين احتجزوا لأكثر من 400 يوم، دفعت بانون في طريق التشدد اليميني بشكل مطلق، والإيمان بأن القوة المسلحة هي الحل، وبدأت رحلته العدائية والعنصرية.
ولعله من الطبيعي أن يقول الرواة بالدور الذي لعبه بانون من وراء الستار، لدفع ترمب في طريق قرار وقف تدفق المسلمين من عدة دول، في بداية فترة ولايته اليتيمة، ومن يفكك ويحلل مواقف بانون، يجد مساحة واسعة تدعم هذه التكهنات.
وتبدو عقلية بانون شديدة الشبه برؤى بوش الابن، إذ يقسم العالم تقسيماً مانوياً، ما بين الأصدقاء والأعداء، وما من لون رمادي بينهما، وتظهر لغته دوماً خشبية عسكرية.
وترك بانون انطباعاً واضحاً في فترة حكم ترمب، حتى وإن رحل مبكراً، فقد شارك بعمق في كتابة خطاب التنصيب، والذي تحدث فيه ترمب بـ"لهجة دموية"، عن المذابح التي تحدث للأميركيين على أراضيهم، كان خطاباً يتخلله الخوف والرعب.
ويبدو الخوف هو الشعور المميز لدى بانون، ويعتبره أمراً جيداً يدفع الأفراد والمؤسسات، بل والدول إلى التحرك إلى الأمام.
وكثيراً ما استعار بانون صورة "دارث فيدر"، إحدى شخصيات فيلم الخيال العلمي "حرب النجوم". واعتبر أنه قريب منه جداً، بل لطالما أبدى إعجابه بالأدوار التي لعبها ديك تشيني، نائب بوش الإبن، من وراء الكواليس، وفي الظلام الحالك، أما الإعجاب الأشد، من جهة بانون، فتمثل في شخصية ريتشارد بير، مساعد وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الذي عرف بأمير الظلام.
بدت قناعات بانون، وغالب الظن أنها لا تزال، تدور حول فكرة خادم الإمبراطور، العاشق للجانب المظلم من المشهد العام، وهي فكرة يكاد يصدرها لشعوب أخرى أخيراً.
الطريق إلى الشعبوية الأوروبية
عند لحظات بعينها، كاد بانون يدمر رئاسة ترمب في مبتدئها، ذلك أنه بعد أن تم استبعاده من البيت الأبيض، وصفه ترمب بالرجل الذي فقد عقله.
تصريحات ترمب لم تأتِ من فراغ، وإنما تسببت فيها مشاركة بانون في كتاب للصحافي الأميركي مايكل ولف، أقر فيه أن هناك اجتماعاً ما جرى بين ابن ترمب ومسؤولين غالب الظن أنهم استخباريون روس، بهدف إعداد العدة لتدمير هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية، الأمر الذي عرف لاحقاً باسم "ترمب – غيت"، وإن لم يتمكن مجتمع الاستخبارات الداخلي أو الخارجي الأميركي، إثبات التهمة على ترمب.
مهما يكن من أمر، فقد بدا أن هناك اتفاقاً بينياً ما جرى بين ترمب وبانون، قرر من بعده الأخير مغادرة الأراضي الأميركية، إلى القارة الأوروبية، هناك حيث الأرض خصبة لنشر مشروعه الشعبوي اليميني.
وفي أوائل مارس (آذار) 2018 حط بانون رحاله في ألمانيا، هناك حيث حركة أو "حزب البديل من أجل ألمانيا"، والمعروف بتوجهاته اليمينية، تلقفته من خلال رئيسته "أليس فايدل"، للاستفادة من خبرته في مجال الاتصالات والتحضير لموجة جديدة من الانتشار الشعبوي الألماني، والذي سيصل خلال بضع سنوات إلى تدبير وترتيب حركة للانقلاب على المستشارية الألمانية، كما رأينا قبل نحو شهرين.
من الواضح أن فايدل قد استعانت بخبرات بانون في إقامة غرفة إخبارية خاصة من أجل السيطرة بشكل أفضل على اتصالات الحزب، مستفيدة بتجربة مستشار ترمب السابق، وقد جرى اللقاء في زيورخ بالفعل.
لم تكن ألمانيا إلا المحطة الأولى لبانون، في سعيه لإنشاء مؤسسة في أوروبا تهدف إلى إطلاق "ثورة" شعبوية يمينية في القارة، والعهدة على الراوي موقع "دايلي بيست" الأميركي.
ما الذي كان بانون يهدف إليه من خلال تلك المؤسسة؟
ربما ما أخفق في تحقيقه في أميركا، أي تزويد شخصيات سياسية يمينية لا تحظى بالضرورة بدعم منظمات فاعلة باستطلاعات واستشارات وأفكار ومقترحات.
في ثنايا وحنايا منطلقات بانون، نجد معركة صامتة، قل أن يتنبه لها كثير من المراقبين، وهي الصدام مع اليسار العالمي، بقيادته الأميركية المتمثلة في الملياردير المشاغب جورج سورس، الرجل الموجهة إليه أبداً ودوماً أصابع الاتهام، من عند ضرب اقتصاد النمور الآسيوية في نهاية تسعينيات القرن الماضي، مروراً بتشجيع الثورات الملونة في وسط آسيا، وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، كما هو الحال مع جورجيا، وصولاً إلى ثورات ما عرف بالربيع العربي.
كان هدف بانون هو منافسة مؤسسة "أوبن سوسايتي"، المملوكة لسورس، والذي وصفه بانون بأنه "إنسان لامع، لكنه شيطان مع أنه لامع".
جمع بانون قيادات اليمين الأوروبي المتطرف في أحد فنادق لندن في شهر يوليو (تموز) 2018، وقد وصف اللقاء بأنه كان ناجحاً بدرجة كبيرة جداً، و"أن اللقاء فتح الباب لتلقي طلبات التوظيف".
غير أن وجهة بانون الأوروبية الحقيقية كانت إيطاليا، ففي ذلك العام وصل حزب الرابطة اليميني المتطرف إلى السلطة، مع حركة خمس نجوم الشعبوية، مما أثار حماس بانون الذي صرح بالقول، "إن إيطاليا هي القلب النابض للسياسة الحديثة، ما ينجح هناك قد ينجح في أي مكان في أوروبا".
اعتبر بانون أن خميرة الشعبوية الأوروبية هي إيطاليا، والتي كثرت فيها تحركاته، وجمع من حولها جميع اليمين الأوروبي، على رغم أن صاحب الكرسي الرسولي في الفاتيكان، البابا فرنسيس، يجافي وينافي في كل رؤاه وأحاديثه تيار الشعبوية، ويميل أكثر إلى اليسار الأخلاقي، المتشح بثوب الإنسانوية... كيف يمكن أن نفهم هذا التضاد؟
كاثوليكي ضد فرنسيس البابا الفقير
منذ عام 2016، وقبل أن تنطلق حركة بانون الشعبوية في أوروبا، عمد بانون إلى تشجيع الأصوات اليمينية الأميركية الساعية في طريق مهاجمة البابا فرنسيس، الرجل الذي دعا إلى فتح الأبواب الأوروبية أمام اللاجئين والمهجرين، الفقراء والمجروحين في مياه البحر، وعلى الحدود، من جراء التوترات السياسية في المنطقة.
في أوائل 2019 حث بانون وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، على مهاجمة البابا فرنسيس، وإلقاء اللوم عليه من جراء ترحيبه بالفقراء والمعذبين وأقنان الأرض.
في هذا السياق أقدم بانون على خطوة أكثر إثارة حين قام بإنشاء منتدى فكري في أحد أديرة روما القديمة، والذي يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي، ويقع على بعد 130 كيلومتراً من العاصمة الإيطالية روما.
الأكثر إثارة في منتدى بانون في روما أنه جمع من حوله قامات كبيرة من الرافضين لتوجهات البابا فرنسيس، ومنهم رهبان وأساقفة وكرادلة، أي أمراء الكنيسة الكبار النافذين، الأمر الذي يوضح مقدار خطورة هذا الرجل.
من أقرب رموز الكنيسة الكاثوليكية الكبار لبانون، الكاردينال ريموند بيرك، والكاردينال والتر براندمولر، واللذان يصفهما بانون بأن آمالهما في البابا فرنسيس قد خابت، "وأن هذا الأخير لا يزال يردد أن أكبر مشكلة تواجه العالم هي القومية والشعبوية، وليس البيدوفيليين أو المثليين أو الأحزاب الشيوعية، البابا غير معصوم من الخطأ في السياسة الدولية، ما يقوم به أمر فظيع".
بالحفر عميقاً في خلفية بانون الأسرية الدينية، نكتشف أنها من الجناح المحافظ جداً، لدرجة أنها رفضت مقررات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (1962-1965)، والتي فتحت أبواب الكنيسة الرومانية الكاثوليكية على العالم، بعد طول تحجر وتكلس استمر لنحو أربعة قرون، وقد اعتبرت أسرة بانون أن هناك نذراً ليبرالية تحوم فوق الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بانون يقود غرفة الحرب من جديد
يبدو الحديث عن بانون في حاجة إلى قراءات معمقة أطول كثيراً جداً من تلك السطور، غير أن علامة الاستفهام التي تستوجب التوقف أمامها هي: إلى أين يمضي مشروع بانون الفكري، لا سيما أن الأفكار لها أجنحة تطير حول العالم، وتفعل فعلها من جيل إلى جيل، ولا يستطيع أحد أن يوقف سريانها وهيمنتها على العقول؟
على رغم الحكم على بانون ببضعة أشهر من السجن مع وقف التنفيذ، فإنه يبدو وكأنه عاد من جديد ليباشر دوره التبشيري اليميني في الداخل الأميركي.
بانون في الوقت الراهن مشغول إلى أقصى حد ببرنامجه "البودكاست" المعروف باسم "غرفة الحرب" أو "وور روم"، والتي يبشر فيها بعودة ترمب من جديد للرئاسة الأميركية بعد ترشحه في 2024.
وعلى رغم إخفاق الجمهوريين في تحقيق فكرة "الموجة الحمراء" التي تغطي على سماوات أميركا خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، فإن بانون يبذل مجهوداً هائلاً في الفترة الأخيرة عبر أحاديثه وتعليقاته معتبراً أن ترمب هو رجل المرحلة الحالية من تاريخ أميركا، وكما أنه الشخص الوحيد الذي يتمتع بالمؤهلات المناسبة لقيادة الأمة.
ولا يتردد بانون وفريقه في "غرفة الحرب"، في اعتبار أنفسهم جزءاً أساسياً من الجهاز الذي يهدف إلى انتزاع السلطة من "الديمقراطيين الماركسيين الثقافيين".
هل قصة بانون ماضية قدماً؟
تبدو أيام بانون المقبلة في أميركا أكثر إثارة من ماضيه، لا سيما في ظل أزمة وثائق بايدن والصراع القادم على الرئاسة 2024.
الخلاصة... بانون أحد أخطر رجالات أميركا في الوقت الراهن.