Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

المغرب يعول على الدور الفرنسي في تحريك ملف الصحراء بمجلس الأمن

معطيات تجعل من النزاع حولها ملفاً ثانوياً مما يرجح سيناريو التعاطي معه بصورة روتينية على غرار الجلسات السابقة

يسعى المغرب إلى استثمار الرئاسة الفرنسية الدورية لمجلس الأمن لتكون مفتاحاً مساعداً لبسط تصوره لحل نزاع الصحراء (أ ف ب)

ملخص

فرنسا تعد من أكبر داعمي المغرب في مجلس الأمن منذ عقود، ورئاستها خلال أبريل الجاري تمثل فرصة إضافية لبسط التصور المغربي لخطة الحكم الذاتي كخيار واقعي لتسوية النزاع، بعد أن دعمته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودول أخرى عدة.

رحب المغرب بترؤس فرنسا مجلس الأمن الدولي خلال أبريل (نيسان) الجاري، في ما يخص برمجة جلسة لمناقشة ملف نزاع الصحراء في الـ14 من الشهر ذاته، وذلك بالنظر إلى العلاقات الجيدة بين الرباط وباريس، التي توجت بدعم باريس الرسمي لمغربية الصحراء.

ويرى مراقبون أن رئاسة فرنسا لمجلس الأمن الدولي خلال الشهر الجاري تمثل فرصة إضافية لبسط التصور المغربي لخطة الحكم الذاتي داخل الصحراء، بينما يرى آخرون أن السياق الجيوسياسي المتسم بالتحولات المتسارعة والأحداث الملتهبة يجعل من ملف الصحراء ملفاً ثانوياً على أجندة مجلس الأمن الدولي.

إحاطة ورئاسة فرنسية

من المقرر خلال الـ14 من أبريل الجاري أن يقدم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا، خلال جلسة مغلقة، إحاطته نصف السنوية لعرض مستجدات هذا الملف الشائك، وما خلصت إليه مشاوراته التي أجراها مع أطراف النزاع كلها، سواء المغرب أو جبهة "البوليساريو" والجزائر وباقي الفاعلين الإقليميين والدوليين.

ويرى المغرب في رئاسة فرنسا مجلس الأمن الدولي خلال الشهر الجاري خلفاً للدنمارك، وهو الشهر الذي يشهد كل عام إحاطات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، فرصة مواتية لتحقيق أكبر عدد من المكاسب السياسية.

ويسعى المغرب إلى استثمار الرئاسة الفرنسية الدورية لمجلس الأمن الدولي لتكون مفتاحاً مساعداً لبسط تصوره الرسمي لحل نزاع الصحراء، متمثلاً في إرساء مبادرة الحكم الذاتي داخل مناطق الصحراء المتنازع في شأنها مع جبهة "البوليساريو".

وتعول الدبلوماسية المغربية على الدور الفرنسي في تحريك ملف الصحراء، لا سيما أن باريس أقرت رسمياً بجدوى خطة الحكم الذاتي كحل واقعي وناجع لنزاع الصحراء، وذلك ضمن رسالة بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الصيف الماضي إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وأعلن ماكرون عبر تلك الرسالة اعتراف فرنسا بمخطط المغرب بخصوص الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء كأساس وحيد للتوصل إلى حل سياسي، وقال حينها "هذا المخطط يشكل، من الآن فصاعداً، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ومستدام، وجرى التفاوض في شأنه طبقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

وفي المقابل تحاول الجزائر، بصفتها عضواً غير دائم بمجلس الأمن الدولي لعامين متتاليين (2024-2025)، وممثلة عن المجموعة العربية الأفريقية والإسلامية، استثمار هذه الفرصة للتأثير في ملف الصحراء عبر دعم جبهة "البوليساريو"، خصوصاً بعد عودة العلاقات الثنائية مع فرنسا المُترئسة لمجلس الأمن إلى مجراها.

اقرأ المزيد

بسط التصور المغربي

يعلق المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية حسن بلوان على الموضوع بقوله إن ترؤس فرنسا لمجلس الأمن الدولي خلال أبريل الجاري يأتي في سياق دولي مضطرب، تتقاذفه الحرب في غزة وأوكرانيا، وللمرة الأولى في ظل تباعد وجهات النظر بين الحلفاء الغربيين، مما سينعكس على مجموعة من القضايا والملفات الإقليمية.

وأوضح بلوان أنه "من غير المتوقع أن تكون هناك تغييرات جذرية في ما يتعلق بقضية الصحراء، لاعتبار أساس يتمثل في إجماع الدول الغربية على دعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وتطلعها إلى الإسهام في إيجاد حل لهذا الملف بطرق سلمية ترضي جميع الأطراف في ظل السيادة المغربية".

واستحضر المتحدث الموقف الرسمي الفرنسي الداعم لسيادة المغرب على الصحراء خلال يوليو (تموز) 2024، والذي قد يجد تجلياته في جميع الخطوات والمبادرات التي تتخذها فرنسا داخل مجلس الأمن الدولي خلال الشهر الجاري.

وزاد بلوان أن الرئاسة الفرنسية تأتي في ظل الإحاطة التي سيقدمها المبعوث الأممي إلى الصحراء، والتي لا يمكن أن تخرج عن نطاق القرارات السابقة التي تصب في مصلحة المغرب، على رغم التحركات المكثفة التي تقوم بها الجزائر داخل أروقة مجلس الأمن الدولي.

وخلص المحلل السياسي إلى أن فرنسا تعد من أكبر داعمي المغرب في مجلس الأمن منذ عقود، ورئاستها خلال أبريل الجاري تمثل فرصة إضافية لبسط التصور المغربي لخطة الحكم الذاتي كخيار واقعي لتسوية النزاع، بعد أن دعمته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودول أخرى عدة.

ملف ثانوي

من جهته، يقرأ المتخصص في العلاقات الدولية محمد الزهراوي موضوع انعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي في شأن ملف الصحراء، برئاسة فرنسية، انطلاقاً من أربعة مستويات، أولها السياق الجيوسياسي، إذ يأتي هذا الاجتماع في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة سواء في ظل تزايد الضغوط من أجل إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، أو ارتباطاً بانعكاسات الحرب على غزة واحتمالية اتساع دائرة التوتر مع إيران، خصوصاً مع احتمال توجيه ضربة أميركية لها لشل قدراتها العسكرية ولجم طموحاتها في امتلاك سلاح نووي، إضافة إلى وضعية البرود والجفاء والتباعد التي باتت تحكم العلاقة بين أوروبا وأميركا مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وهي معطيات تجعل من النزاع حول الصحراء ملفاً ثانوياً على أجندة مجلس الأمن الدولي، مما يرجح سيناريو التعاطي معه بصورة روتينية على غرار الجلسات السابقة.

والمستوى الثاني، وفق الزهراوي، يتمثل في مواقف القوى الكبرى وتركيبة مجلس الأمن، إذ إن سياق إحاطة دي ميستورا مغاير من حيث التحول داخل البيت الأبيض، ومجيء ترمب الذي اعترف في ولايته الأولى بمغربية الصحراء.

ومضى المتحدث قائلاً إن هذه الإحاطة تأتي في ظل خروج فرنسا من "المنطقة الرمادية" واعترافها الصريح بمغربية الصحراء، الشيء الذي يصب في صالح المغرب، مما يجعل هذه الإحاطة تشكل مناسبة لإعادة تأكيد مواقفهما وتصريفها بطريقة تنسجم مع التصور المغربي.

إحاطة دي ميستورا

وأما المستوى الثالث، يضيف الزهراوي، فهو طبيعة إحاطة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء من الناحية القانونية، إذ يعد الاجتماع إجراء روتينياً يعرض المبعوث الأممي من خلاله إحاطته نصف السنوية، التي لا يترتب عنها أي قرار.

ويشرح الأستاذ الجامعي "إن غاية إحاطة دي ميستورا هي إخبار أعضاء مجلس الأمن الدولي بالتطورات والزيارات كافة التي قام بها، وخلاصة اللقاءات التي عقدها مع أطراف النزاع، وهو ما يرجح سيناريو استمرار الوضع الراهن".

وتطرق المحلل عينه إلى المستوى الرابع في هذا التحليل، متجسداً في مستقبل المبعوث الأممي إلى الصحراء، إذ إنه من المحتمل أن تشكل هذه الإحاطة مناسبة لمعرفة موقف ومستقبل دي ميستورا.

ورجح الباحث سيناريو استقالة هذا المبعوث من مهمته، انطلاقاً من مؤشرات ودوافع ذاتية مرتبطة بشخصية المبعوث نفسه، ومواقف دول النزاع (المغرب والجزائر)، أو الدوافع الموضوعية وبخاصة في ظل فشله في بلورة تصور واقعي يمكن أن يشكل أرضية للتفاوض لطي ملف النزاع.

المزيد من تقارير