فيما لا تزال إسرائيل تتعامل مع هجوم مسلح على كنيس في القدس الشرقية أودى بحياة سبعة أشخاص، أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية وإذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، إصابة شخصين في هجوم بالرصاص في البلدة القديمة بالقدس. وقال متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية إن إطلاق النار كان "هجوماً إرهابياً".
وأوضحت خدمة الإسعاف بشأن الهجوم الذي وقع في حي سلوان، "عند الساعة 10:42 صباحاً (08:42 بتوقيت غرينتش) ورد اتصال... عن هجوم إرهابي بإطلاق نار... إصابتان في المكان".
بالتزامن، أعلنت الشرطة الإسرائيلية، توقيف 42 شخصاً من بينهم أفراد من عائلة مطلق النار الفلسطيني على الكنيس وسكان في حيه في القدس الشرقية.
وفي بيان منفصل، أشارت الشرطة إلى أن القوات الإسرائيلية وضعت في حالة "تأهب قصوى"، كما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يعزز قواته في الضفة الغربية.
هجوم الكنيس
ولم تمض 36 ساعة على مقتل 10 فلسطينيين قضى تسعة منهم بمخيم جنين في واحدة من أعنف عمليات الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية، حتى شهدت مدينة القدس هجوماً مسلحاً ضد مستوطنين إسرائيليين يعد الأكثر دموية منذ "الانتفاضة الثانية" بين عامي 2000 و2005 أسفر عن سقوط 7 قتلى وإصابة آخرين بعضهم جروحه خطرة.
وبدأ الهجوم الساعة الـ8:30 من مساء يوم الجمعة، حيث دخلت عطلة السبت اليهودية بإطلاق الشاب الفلسطيني خيري علقم (21 سنة) الرصاص على الخارجين من كنيس يهودي في مستوطنة نيفي يعقوب (النبي يعقوب) بالقدس الشرقية.
وبعد ذلك تمكن المهاجم من أن يستقل سيارته ويفر من المكان، قبل أن تتمكن الشرطة الإسرائيلية من ملاحقته وقتله خلال إطلاق نار قرب بيت حنينا.
ورجحت الشرطة الإسرائيلية أن يكون علقم قد نفذ العملية المسلحة بمفرده فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المهاجم "ليس لديه أي سوابق أمنية"، إلا أن جده قتل طعناً عام 1998 على يد أحد المستوطنين.
وبعد زيارته مكان العملية، من المقرر أن يترأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم السبت، اجتماعاً للمجلس الوزاري الأمني المصغر.
وأعلن نتنياهو عقب جلسة مشاوراته مع المسؤوليين الأمنيين "اتخاذ إجراءات فورية، ومواصلة بحث الخطوات اللازم القيام بها خلال الاجتماع الوزاري، اليوم السبت".
وقطع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت زيارته الخاصة إلى الولايات المتحدة، وقرر العودة إلى تل أبيت، وتوعد "بالعمل بيد من حديد، ومن دون مساومة ضد الإرهاب".
"رد طبيعي"
من جانبه، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني أن الهجوم المسلح في القدس "رد فعل فلسطيني طبيعي على العدوان الإسرائيلي".
وأشار مجدلاني إلى أن الهجوم جاء "بعد 24 ساعة على وقف السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني مع إسرائيل الذي كان يضع السلطة في صورة العاجز عن حماية شعبها، بينما تستفيد إسرائيل من فوائده".
وقالت "حركة فتح" إن "الشعب الفلسطيني ليس عاجزاً، وإن انفجار الأوضاع كان نتيجة حتمية لجرائم الاحتلال الإسرائيلي"، وحملت "الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عما آلت إليه الأمور".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وطالبت الحركة المجتمع الدولي بأن "يتحمل مسؤولياته تجاه لجم سلوك حكومة الاحتلال وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني بالحرية والخلاص".
وأشادت "حركة حماس" بالهجوم، وقالت إنه "بداية الرد على جرائم حكومة المستوطنين الفاشية، وآخرها مجزرة جنين".
كما أشادت ميليشيات "حزب الله" اللبنانية في بيان بالهجوم، وعبرت الجماعة المدعومة من إيران عن "تأييدها المطلق لكافة الخطوات التي تقوم بها فصائل المقاومة الفلسطينية لردع العدوان والدفاع عن الشعب الفلسطيني".
عمل فردي
واعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن أسلوب هجوم القدس يشير إلى أنه عمل فردي، لكنه يدل على احترافية المنفذ".
وأشار إلى أنه أمام الحكومة الإسرائيلية "خيارات ضيقة للرد على الهجوم، في ظل رفضها اللجوء إلى احتواء الموقف، واتخاذ خطوات سياسية لتخفيف التوتر الحاد في الضفة الغربية".
وأوضح منصور أن إسرائيل "ستلجأ إلى تشديد إجراءاتها الأمنية، واتخاذ خطوات عقابية ضد عائلة منفذ الهجوم في القدس".
وتابع أن الهجوم "يضع نتنياهو في مأزق شديد، ويضيق الخناق عليه بسبب استمرار التظاهرات ضده والضغط الدولي عليه وموقف السلطة الفلسطينية منه".
مساعدة أميركية
ودان البيت الأبيض بقوة "الهجوم الإرهابي المروع"، وقال إن واشنطن "ستقدم دعمها الكامل لحكومة وشعب إسرائيل".
وأمر الرئيس جو بايدن فريق الأمن القومي الأميركي بـ"التواصل الفوري مع نظرائهم الإسرائيليين لتقديم كل الدعم المناسب لمساعدة الجرحى، وتقديم مرتكبي هذه الجريمة المروعة إلى العدالة".
وذكر البيت الأبيض في بيان أن "الرئيس قال بوضوح إن هذا كان هجوماً على العالم المتحضر"، مضيفاً أن بايدن "شدد أيضاً على التزام الولايات المتحدة الصارم بأمن إسرائيل"، وعرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي تقديم كل "وسائل الدعم المناسبة".
وجاء الهجوم في ظل وجود مدير جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز في إسرائيل، وقبيل وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة خلال الساعات المقبلة في محاولة لتخفيف التوتر.
وأكد المتحدث باسم الخارجية أن هذا الهجوم لن يغير في برنامج رحلة بلينكن إلى المنطقة. ولاحقاً، قال بلينكن في بيان إن "الولايات المتحدة تدين بأشد العبارات الهجوم الإرهابي المروع". وأضاف، "نحن على اتصال وثيق مع شركائنا الإسرائيليين، ونعيد تأكيد التزامنا الراسخ بأمن إسرائيل".
ضبط النفس
وفي نيويورك دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجوم المسلح، ودعا إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس"، معبراً عن قلقه من "تصاعد العنف في إسرائيل وفلسطين".
كما دانت الإمارات بشدة الهجوم، وأعربت عن "استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية".
وفي أنقرة، دانت وزارة الخارجية التركية الهجوم على كنيس في القدس، وقالت إنها "تشعر بالقلق من أن تتحول الهجمات التي تصاعدت في الآونة الأخيرة في المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف".
ودعت الخارجية التركية جميع الأطراف إلى "اتخاذ الإجراءات اللازمة للتهدئة، ووقف هذه الحوادث".
الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية سنان المجالي دان بدوره في بيان الهجوم و"كل أعمال العنف التي تستهدف المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة". وأكد "ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وفاعلة لوقف حالة التصعيد الخطيرة والمدانة التي ذهب ضحيتها مدنيون فلسطينيون وإسرائيليون، وتنذر بتفجر دوامات من العنف سيدفع الجميع ثمنها".