هناك فصل في كتاب "أنت لست وحدك" You Are Not Alone الجديد الذي تتناول فيه الكاتبة كارياد لويد مفهوم الاحتفاظ بأرشيف رقمي للذكريات التي يتركها شخص ما بعد وفاته. دفعني ذلك إلى #الاتصال_بصديق متوفى على أمل سماع صوته مرة أخرى مسجلاً على #المجيب_الآلي لرقم هاتفه. في حين أنني أحتفظ بصور تجمعنا معاً ولقطات فيديو مخزنة على قرص ليزري تغطيه الغبار كانت قد صورت بينما كنا في حال سكر ودوار في ميناء سيدني، إلا أنني كنت أتوق إلى تلك #الرسالة_الصوتية العادية وغير الشخصية المسجلة على هاتفه. لكن عندما اتصلت بالرقم، لم يكن موضوعاً في الخدمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أخبرتني لويد "حدث هذا لكثير من ضيوفي"، متحدثة عن النجوم الذين انضموا إليها في مدونة "إذاعة الحزن" Griefcast الصوتية الحائزة على جوائز عديدة. متابعة: "تبيع شركات الهاتف أرقام الموتى ولا يدرك الناس ذلك. [لهذا] يتصلون بالرقم فيرد شخص لا على التعيين. نعتقد خطأ أن هذه الرسائل لا تزال موجودة في الأثير".
مثل كثيرين منا، تشعر لويد، الفنانة الكوميدية والممثلة والكاتبة، بالحزن. توفي والدها عندما كانت في الـ15 من عمرها بسبب سرطان البنكرياس الثانوي. تذكر في كتابها: "كان الأمر محزناً، لكن قصتي لم تكن مأسوية، لكنها حاضرة كل يوم بشكل محبط". بعد 18 عاماً، أنشأت مدونة "إذاعة الحزن" كمساحة لمناقشة الموت، وشملت قائمة ضيوفها روميش رانغاناثان وجون رونسون وسارة باسكو وجين آدمز. الآن، جاء كتاب "أنت لست وحدك" نتيجة "كل المحادثات والمعلومات التي جمعتها في محاولة لإيجاد طريقتي للتغلب على حزني"، بحسب لويد.
القول عن الكتاب إن قراءته ضرورية ليس كافياً لمثل هذا الموضوع المهم. على رغم ذلك، سأعترف بأنني أصبت بالخوف بدرجة معينة عندما نظرت إلى الغلاف، وهو شيء تفهمه لويد، حيث تقول "لا أحد يريد اختيار الكتاب... يقولون من مات؟ وهناك من كتب كتاباً عن ذلك؟ لماذا؟ يعتصر قلبك وتقول لنفسك سأضطر إلى قراءة الكتاب الحزين".
لحسن الحظ، يأخذ الكتاب نهجاً مرحاً وبسيطاً في التعامل مع الموضوع الذي تصفه بـ"الشمولي والفردي في آن معاً". إضافة إلى الدروس التي تعلمتها لويد والمقالات القصيرة حول تجاربها الخاصة مع الحزن، ربما تكون أهم وظيفة للكتاب هي تجميع كثير من الأفكار الراسخة حول الموت التي لا تزال تتمتع بنفوذ هائل حتى اليوم. خذوا على سبيل المثال نموذج "المراحل الخمس" للحزن: الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب والتقبل. أو كما تسميها لويد "أسوأ تشكيلة على الإطلاق". هذه النظرية التي اشتهرت بسبب إليزابيث كوبلر روس في كتابها الصادر عام 1969 "عن الموت والاحتضار" On Death and Dying، النظرية التي أنشئت عملياً من أجل الأشخاص الذين كانوا يحتضرون بسبب مرض عضال، وليس أولئك الذين تركوهم في الحياة. ومع ذلك، فقد أصبحت شيئاً راسخاً يرجع الناس إليه مراراً وتكراراً. يعد هذا مشكلة بالنسبة إلى لويد لأنه يتخيل "نقطة نهاية تشجعنا (ومن حولنا) على رؤية حزننا المستمر كفشل".
هذا الإيمان الأولي بالنموذج قاد لويد إلى الاعتقاد بأنها كانت "تحزن بطريقة خاطئة". تقول: "لم يعجبني [النموذج] أبداً، لكنني لم أقرر إجراء بعض الأبحاث وقراءة الكتاب بالفعل إلا لما كنت أقدم "إذاعة الحزن". إنه كتاب ممتاز لعام 1969! لكن ما أحزنني هو اعتماد كثير من الناس المكلومين عليه واستخدامهم له. نحن لن نأخذ أية نصيحة بشأن حقوق المرأة أو نصائح حول الصحة العقلية أو مشورة طبية من عام 1969، لقد تقدم العالم كثيراً. لكن الحزن تجمد في تلك الحقبة لأننا لا نتحدث عنه. يبدو الأمر مثل قول هذا سيئ جداً بالنسبة لك، إنه طعام منتهي الصلاحية، لا تأكله. لكن مزيداً من الناس يدركون بوتيرة بطيئة أنه ليس مفيداً".
يمكننا لوم الفيكتوريين [نسبة إلى عهد ملكة بريطانيا، فيكتوريا، بين عامي 1837 و1901] على عديد من مواقفنا البالية تجاه الموت والاحتضار. تقول لويد متأسفة، إن كثيراً من مفردات الحزن لدينا يأتي من القرن الـ19، ومحدودية الوقت المخصص للحداد، وارتداء اللون الأسود، والتعامل مع الموقف بأدب واحترام. تقول "دعونا نحرر أنفسنا من وصمة العار المتمثلة في التصرف بشكل غير لائق". هل مثل هذا الاحتمال ممكن بالنسبة إلينا نحن البريطانيين المتحفظين؟ تعتقد لويد ذلك.
تضيف لويد "أظن أنه يتعين علينا التساؤل حول كل الأمور باستمرار، بخاصة [عندما يتعلق الأمر] بالحزن، لأننا لم نثر الأسئلة عنه لفترة طويلة... لماذا يجب علينا ارتداء اللون الأسود، لماذا قد يراودنا شعور بأننا لا نستطيع الذهاب إلى الحانة والضحك بصوت عالٍ حقاً... ما الذي يجعلنا نشعر بهذه الطريقة؟ حسناً، إذا كنت تشعر بالكآبة ارتد اللون الأسود... لكن إذا كنت بحاجة إلى الضحك مع أصدقائك، فلتذهب وتضحك مع أصدقائك! إذا كنت لا تريد البكاء في الجنازة لإحساسك فعلياً أنك على ما يرام في ذلك اليوم، لا تبك في الجنازة. كلما تقول جملة تبدأ بـ "يجب أن أفعل هذا"، عليك هنا تماماً طرح الأسئلة".
لم يتطور التثقيف العاطفي لدى لويد حول الموت فقط من خلال التأمل الذاتي أو المدونة الصوتية الخاصة بها، لكن أيضاً بفضل محادثاتها مع المتخصصين في قضايا الموت مثل ممرضات رعاية نهاية الحياة أو قابلات الموت. بشكل أساسي، لقد تحدثت بالفعل كثيراً عن الموضوع. إنه طموح تشعر أننا جميعاً نستطيع التطلع إليه، قائلة "ليس الحزن مشكلة صحة عقلية، لكنه ينضوي بالتأكيد تحت مظلة الحديث عن العواطف... بشكل عام، نحن لا نجيد التعامل مع المشاعر المزعجة".
تعتقد لويد أن ما نحتاجه حقاً هو الممارسة ونصيحتها هو "عندما يظهر الحزن في حياتك، وجميعنا يعرف أناساً فقدوا شخصاً ما، لا تغير الموضوع حين [يتم التطرق إليه]... تصالح مع ذلك الانزعاج. لقد أجريت مقابلة مع روب ديلاني منذ فترة وكنا نتحدث عن كتابه الرائع عن فقدان ابنه، هنري، وما الذي يحدث عندما تتحدث عن الخسارة مع شخص غير مرتاح. ما تطلبه حقاً هو حوالي أربع ثوان. أربع ثوان من: لا تغير الموضوع، انظر في عيني، وتقبل أن ما حدث لي هو أمر مروع".
تقول إنه من المقبول أن تجد صعوبة في الحديث عن الموت. الشعور بالخوف أو التوتر أمر طبيعي تماماً. ما يهم هو أن تحاول. تكتب في "أنت لست وحدك": "الخوف والإحراج الاجتماعي يدفعاننا إلى السعي لاحتواء الحزن، وتقنينه، والهرب [منه]، كما لو أن الدموع هي عبارة عن وقود وجميعنا يحمل أعواد ثقاب... نحن بحاجة إلى أن نجيد أكثر التعامل مع المواقف غير المريحة، ومعرفة ما نقوله والاعتراف بأننا خائفون".
وتؤكد أيضاً أنه من المقبول أن نتعاطى مع الموقف بطريقة خاطئة، مضيفة: "لا تقلق. ستكون هناك تجربة أخرى! يمكنك حتى أن تقول لذلك الشخص "أنا آسف حقاً، عندما تطرقت إلى هذا الموضوع في المرة الأخيرة، كان لدي ذعر حقيقي ولم أعرف ماذا أقول. لكنني هنا الآن". لقد مررت بهذا مع الأصدقاء الذين عانوا حزناً لم أختبره شخصياً، بخاصة مع فقدان الأطفال. كان علي أن أتعلم حقاً محاربة مخاوفي وذعري وإدراك أن الأمر لا يتعلق بي، بل يتعلق بهم، وهذا شيء صعب. أنت مدرب منذ الصغر على عدم القيام بذلك. [لكن] يمكنك معاملة نفسك برفق إذا تصرفت بشكل خاطئ. التصرف بطريقة صحيحة غير طبيعي".
إضافة إلى صفحات من "مراجع الحزن"، يتضمن القسم الأخير من "أنت لست وحدك" قائمة بما تسميه لويد "أدوات لكسر الجليد أثناء المحادثات الجنائزية" وهي عبارة عن أسئلة مصممة لبدء دردشات حول أمنيات شخص ما بعد وفاته. قد تشمل السؤال عما إذا كانت رغبة الشخص المتوفى في أن يدفن أو يحرق، أو ما نوع الموسيقى التي قد يرغبون بوضعها خلال الجنازة، وما إذا كانوا يريدون وضع الزهور، أو إذا كان هناك شخص لا يرغبون في دعوته. إذا كانت قراءة هذا تبدو مروعة بالنسبة إليكم، ما عليكم سوى إلقاء اللوم على هؤلاء الفيكتوريين المزعجين مرة أخرى.
تقول لويد "الجنازات هي مناسبة جيدة لبدء حديث بلطف حول الموت... لا يمانع الناس كثيراً التحدث عن الموسيقى التي يريدون استخدامها في جنازتهم على ما يبدو، لأنه نوع من التخطيط للحفلات، أليس كذلك؟"، تضحك لويد لكنها تقر بأن الأمر قد يكون صعباً إذا لم يرغب شخص ما في إجراء هذه المحادثة. تكتب "الرغبة في الهرب من الموت هي ظاهرة شمولية إلى حد كبير... لا يمكن تبسيط الأمر على أنه وقاحة أو قسوة، إنه حماية للذات".
لكن الحزن، والموت، سيطاولاننا جميعاً. سواء كبتنا هذه الحقيقة أم لا، فإن إزالة وصمة العار من المحادثات حول الموت لا يمكن إلا أن تكون تصرفاً جيداً فحسب.
صدر كتاب "أنت لست وحدك" عن دار "بلومزبري تونيك" وهو متوفر للقراءة الآن.
© The Independent