ملخص
تزخر #الدول_العربية والإسلامية بمئات #الأضرحة وكثير منها تم إنشاؤها لأغراض سياسية ودينية
ثمة من يعتقد أن تعدد هذه #المقامات و #الأضرحة هدفه مالي ويدر كثيراً من الدخل تحت مسمى #السياحة_الدينية فضلاً عن تأسيس شرعية دينية
تشهد المنطقة العربية والإسلامية خلافاً دائماً على أحقية الأماكن التاريخية والمقامات والقبور، إذ تتعد الروايات التي تنسب بعض هذه الأماكن إلى مناطق ودول بعينها، ككهف الرقيم ومرقد السيدة زينب وضريح النبي شعيب.
القائمة تطول، فثمة قبور كثيرة منسوبة إلى "الخضر" حول العالم، مثل الأردن ومدينتي بيروت وبعلبك اللبنانيتين، وبغداد وتركيا، وغيرها. وثمة مقام في سوريا للنبي يحيى في الجامع الأموي بدمشق، كما في القدس، وآخر منسوب إلى النبي زكريا في الجامع الأموي بحلب، وفي قرية جماعين بفلسطين.
مقامات وهمية
يزور كثير من الناس قبوراً ومزارات لعدد من الأنبياء و"الصالحين" اعتقاداً منهم أنهم دفنوا في تلك الأماكن، لكن المؤرخين يؤكدون أنه لم يثبت بعد مكان قبور الأنبياء والأولياء على وجه التحديد، باستثناء مكان قبر النبي محمد. ويرى هؤلاء أن كل ما يتم ذكره لا يعدو كونه مجرد توقعات وتخمينات، بينما يرد آخرون أن ثمة دلائل تاريخية وجغرافية.
وتمثل الأضرحة في الموروث الشعبي رمزاً لـ"التقوى والصلاح"، وهو مكان لالتماس البركة والخير والدعاء المستجاب، لكن ذلك لا ينفي، وفق مراقبين، وجود أضرحة ومقامات وهمية تم إنشاؤها تبعاً لرغبات سياسية أو دينية.
"كهف الرقيم" ما بين الأردن وتونس وتركيا
تتعدد الروايات حول موقع كهف "أهل الكهف" أو "كهف الرقيم"، وبالنظر إلى الدلائل التاريخية والأثرية، واستناداً إلى ما ذكر في القرآن، يرجح باحثون أردنيون أن يكون الموقع في قرية الرجيب على بعد سبعة كيلومترات شرق العاصمة الأردنية عمان.
واكتشف الصحافي الأردني تيسير ظبيان "كهف الرقيم" عام 1951، ثم قام بإبلاغ دائرة الآثار الأردنية التي حولت المكان إلى مزار تاريخي ديني منذ ذلك الوقت.
وذكر أهل الكهف في الآيات من (9-26) من سورة الكهف، وقد سميت السورة باسمهم، ومن الدلائل التي يسوقها الباحثون على وجود أهل الكهف في الأردن، الاسم القديم لموقع قرية الرجيب في الأردن هو (الرقيم)، مما يجعله متوافقاً مع ما ذكر في القرآن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويؤكد الجيولوجي ناظم الكيلاني من خلال فحوصاته المختبرية أن تربة الكهف ومنطقة الرقيم تساعدان على صيانة الجسم، ويعتقد الكيلاني أن وجود هذا النوع من التربة بعناصرها وأملاحها ربما يكون الوسيلة التي حفظت أجساد "فتية الإيمان" أكثر من ثلاثة قرون من دون أن تؤثر فيهم عوامل الهواء والتربة.
ويزخر الأردن وفقاً لباحثين بعديد من مقامات الأنبياء والصحابة، ويزيدون على 20 نبياً كنوح وهود وداوود وسليمان وأيوب، وغيرهم.
وفي تركيا يقول البروفيسور محمد أوزكارجيلار الذي يعمل مدرساً في جامعة "سوتشي إمام" بمدينة كهرمان مرعش، بوجود كهف "أهل الكهف" في مدينته. ويضيف البروفيسور التركي، "الفكر المشترك بين العقيدتين الإسلامية والمسيحية فيما يخص هذه الرواية هو الاختلاف حول مكان وجود هذه المغارة. فهناك عديد من المغارات التي يطلق عليها اسم أصحاب الكهف، سواء في القارة الأوروبية والآسيوية والأفريقية".
وهناك أيضاً أربع مغارات تحمل اسم أصحاب الكهف داخل تركيا. وهذه المغارات موجودة في مناطق سلجوق وليجا وطرسوس وأفشين.
أما في تونس، وتحديداً في منطقة شنني بمحافظة تطاوين، فيقبع مقام "أهل الكهف"، أو "الرقود السبعة"، كما يسميه أهل المنطقة.
ويعتقد سكان "شنني" أن قصة أهل الكهف التي وردت في القرآن جرت أحداثها في منطقتهم، وأن أصحاب الكهف أو كما يسمونه بلهجتهم "الغار"، دفنوا في كهفهم بأعلى الجبل الشامخ في قريتهم الجبلية.
قبر النبي شعيب
ويعد مكان قبر النبي شعيب أحد الأماكن التي تتنازعها الروايات، إذ يقال إن قبره يقع في مكة المكرمة، فيما يقول متخصصون إنه يقع إما في مدينة طبرية وإما في عكا الفلسطينيتين، أما الرواية الثالثة فتتحدث عن أن مكانه في جنوب مدينة السلط الأردنية.
في المقابل، يوجد جبل النبي شعيب في اليمن، ويقع في مديرية بني مطر بمحافظة صنعاء، ويضم الجبل مسجداً وقبة يقال إن بها ضريح النبي شعيب.
ووفقاً للطائفة الدرزية يوجد للنبي شعيب عدة مقامات في بلدان الشرق الأوسط تحمل اسمه، ويوجد في بعضها أضرحة له، وهذه المقامات كلها تحظى بقداسة واهتمام من قبل السكان المجاورين، وتتم فيها الزيارات وعمليات إيفاء النذور.
ومن بين هذه المقامات مقام في قرية "قيصما"، وهي إحدى قرى جبل الدروز في سوريا، وتقع على أطراف الصحراء، على الجنوب الشرقي من محافظة "السويداء"، ويقع بجوارها مقام للنبي شعيب. كما يوجد مقام للنبي شعيب في مدينة الديوانية بالعراق، وآخر في قرية الفرديس، جنوب لبنان، وثالث في منطقة القدس في قرية عجرمة (عجور) بجبال القدس.
جدل حول مقام السيدة زينب
ويعد مقام السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب في قلب دمشق أحد المناطق السياحية الدينية المهمة ذات القيمة التاريخية والمعمارية المتميزة في سوريا. ويقع المقام في منطقة السيدة زينب على بعد سبعة كيلومترات شرق العاصمة السورية، ويزوره مئات الآلاف من الزوار سنوياً، لكن الجدل طاول أيضاً المكان الحقيقي له مع تعدد الروايات، واختلف الباحثون حول مكان قبر السيدة زينب بين من يقول إنها دفنت في المدينة المنورة، وهناك آخرون يعتقدون أنها توفيت ودفنت في الشام، إضافة لرأي ثالث يتحدث عن وجوده في مصر، حيث يقع مسجد وحي السيدة زينب في القاهرة.
الدين الشعبي شكوك وبحث عن الشرعية
ويرجع مؤرخون عموماً المقامات والأضرحة إلى القرن السادس الهجري تقريباً، كما تحيط الشكوك بكثير من المزارات، كالمزار المنسوب إلى النبي موسى فوق قمة جبل نيبو بمحافظة مأدبا الأردنية، فثمة من يعتقد أنه يقع ناحية دمشق أو بمحافظة حضرموت في الشمال الغربي لمدينة شبوة اليمنية.
ويفسر مؤرخون هذا التعدد إلى الخلط بين "الضريح" و"المقام" في أذهان العامة؛ إذ لا يشترط للمقام أن يكون قبر نبي، بل هو مكان لا يلزم أن يكون صاحب المقام قد توفي فيه. وثمة من يعتقد أن تعدد هذه المقامات والأضرحة هدفه مالي ويدر كثيراً من الدخل تحت مسمى السياحة الدينية.
ويصف وزير الثقافة الأردني الأسبق باسم الطويسي ثقافة المقامات والأضرحة التي نشأت في العهد الفاطمي بالدين الشعبي، متسائلاً حول حقيقة هذه المقامات والأضرحة، وهل هي بالفعل قبور أو أماكن لهذه الشخصيات الدينية، أم إنها مجرد محاولات للبحث عن شرعية دينية.
وتنتشر ممارسات الدين الشعبي، وفقاً للطويسي، حول المزارات أو أضرحة الأولياء والقديسين الصالحين ممن لهم أصول في التاريخ أو حول شخصيات أسطورية.
ويضيف الطويسي، "باستثناء الأضرحة التي تعود لمرحلة الفتوحات الإسلامية وبعض المواقع المسيحية، فإن الأماكن الدينية الأخرى غير تاريخية بالمعنى العلمي، ولا يوجد أدلة أثرية تثبتها، بل لا تعدو أكثر من معتقدات شعبية، ولعل ما يثبت ذلك وجود عديد من المقامات لنفس النبي أو الولي في عديد من الأماكن".