Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة الدولار في مصر تعبر أسوار الجامعات الخاصة

طلاب يتظاهرون ضد تضاعف قيمة المصاريف بعد تردي الجنيه ومتخصصون: "باب التحويل مفتوح"  

يدفع طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة المصاريف بالدولار مما أدى إلى زيادتها من 350 إلى أكثر من 700 ألف جنيه (أ ف ب)

ملخص

يفضل كثير من الشباب في مصر الآن جامعات دول #شرق_أوروبا مثل #رومانيا وروسيا لأن مصاريفها أقل من معظم الجامعات الخاصة المصرية

لم تقتصر تداعيات الأزمة الاقتصادية في مصر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، بل اتضحت تبعاتها أخيراً على طبقات كان ينظر إليها على أنها تستطيع امتصاص الهزات المالية المتلاحقة خلال الأعوام الأخيرة، إذ أدى الانهيار السريع لقيمة الجنيه إلى اضطرابات في الجامعات الدولية والخاصة التي تدفع مصاريفها بالدولار.

وانخفضت قيمة الجنيه المصري بنحو 100 في المئة خلال أقل من عام، فوصل الدولار إلى مستوى 30.63 جنيه، ارتفاعاً من 15.6 جنيه في مارس (آذار) من العام الماضي.

وفوجئ الرأي العام المصري في مطلع فبراير (شباط) الجاري بمشاهد لتظاهرات نظمها عشرات الطلاب داخل حرم الجامعة الأميركية بالقاهرة، اعتراضاً على زيادة المصاريف الدراسية على إثر تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، بحيث يدفع الطلاب المبالغ بالعملة الخضراء، مما أدى إلى مضاعفة قيمتها من نحو 350 ألف جنيه (نحو 11.5 ألف دولار) للعام الدراسي إلى أكثر من 700 ألف (نحو 23 ألف دولار) ورفع الطلاب لافتات بالعربية والإنجليزية تطالب إدارة الجامعة بإعادة النظر في المصاريف.

لكن إدارة الجامعة الأميركية بالقاهرة التي يزيد عمرها على 104 سنوات، أكدت أنها لم تزد مصاريفها في العام الدراسي الحالي، لكن انخفاض سعر الجنيه المصري أمام العملة الأميركية هو السبب في الأزمة.

وقالت المتحدثة باسم الجامعة رحاب سعد إن الإدارة زادت قيمة المنح في العام الدراسي 2022 - 2023 إلى 45 مليون دولار، ارتفاعاً من 39 مليوناً المخصصة سنوياً، مضيفة في تصريحات صحافية أن هناك 3 آلاف طالب يحصلون على منح للنفقات ومساعدات مالية، مما يمثل نحو 40 في المئة من عدد الطلاب ومن بينهم هناك 850 طالباً يحصلون على منحة كاملة للكلف الدراسية.

تخفيف آثار الأزمة

المتحدثة باسم الجامعة أوضحت أنه بعد إعلان قرار خفض سعر الجنيه أصدرت الإدارة قرارات لاحتواء تداعيات ذلك عبر إنشاء صندوق طوارئ لدعم الطلاب الذين لا يستطيعون سداد المستحقات بسعر الصرف الجديد ومنح خفض بنسبة 10 في المئة على مصاريف الجامعة للفصل الدراسي للطلاب الذين سددوا المبالغ قبل التاسع من فبراير (شباط) الجاري، مؤكدة أن الجامعة تتعهد عدم إجبار أي طالب على ترك الدراسة في الجامعة بسبب عدم قدرته على دفع الرسوم الدراسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق موقع الجامعة الأميركية، يمكن للطالب دفع جزء من المصاريف بالدولار الأميركي، والنصف الآخر بالجنيه طبقاً لسعر الصرف الرسمي المحدد من البنك المركزي وقت السداد.

وبعد أيام من التظاهرات عقدت إدارة الجامعة حواراً مع عدد من الطلاب لعرض قراراتها، لكن كثيراً منهم أعربوا عن عدم رضاهم عنها وطالبوا بتقسيط المبالغ على دفعات مع تطبيق نسبة الخصم المقررة، وتساءل بعض الطلاب عن إمكانية مد فترة الخصم إلى نهاية الفصل الدراسي، لكن الرئيس الأكاديمي للجامعة إيهاب عبدالرحمن قال إن ذلك سيسبب مشكلة في حساب الموازنة المخصصة لصندوق الطوارئ، في حين ذكر رئيس الجامعة أحمد دلال أن الإدارة تعمل على التوصل إلى حلول طويلة الأمد، لكنه لم يوضح ماهيتها.

مزيد من الدعم

يقول عمر غنام المتخرج حديثاً في الجامعة الأميركية إن تزامن بدء الفصل الدراسي وحلول موعد دفع المصاريف مع خفض قيمة الجنيه مجدداً ضاعف من تداعيات الأزمة على الطلاب، لكن إجراءات الإدارة لم تكن كافية، بخاصة أن الجامعة من المفترض أنها غير هادفة للربح.

وأكد غنام ضرورة أن تحدد الجامعة قيمة معينة للرسوم بالجنيه المصري بدلاً من ترك الطلاب لتقلبات سعر الصرف، مضيفاً أن كثيراً من الطلاب باتوا يتجهون إلى الدراسة خارج مصر باعتبارها أرخص من الجامعات الدولية العاملة في البلاد، وهو الاتجاه الذي ظهر قبل الأزمة الأخيرة، ومن المتوقع زيادته في ظل التردي الاقتصادي الذي يؤثر في سعر العملة ولا يعلم أحد مداه.

كذلك تشير يارا أيمن، الطالبة في الفرقة الثالثة بالجامعة، إلى أنها وجدت صعوبة في سداد قيمة المصاريف المعلنة خلال الأشهر الماضية بسبب عدم توافر الدولار في البنوك واضطرارها إلى اللجوء للسوق السوداء ودفع قيمة أعلى بكثير من السعر الرسمي، مؤكدة أن الطلاب يدركون أن الأزمة الاقتصادية ليست من صنع الجامعة، لكنهم ينتظرون مزيداً من الدعم من جانبها.

ولم تقتصر التداعيات على طلاب الجامعة الأميركية، إذ قالت الطالبة في جامعة "المستقبل" مريم عويس إن جزءاً من المصاريف يدفع بالدولار، وأدى انهيار العملة وعدم توافرها إلى عدم استطاعة كثير من الطلاب دفع الرسوم، بالتالي عدم إتمام التسجيل في بعض المواد، مما أشعرهم بالتوتر والخوف على مستقبلهم مع صعوبة الانتقال إلى جامعات أخرى في منتصف العام الدراسي.

قانون الجامعات

بدوره أوضح أمين المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية محمد حلمي الغر أن قانون الجامعات الخاصة ينص على أن التعاملات المالية داخل الجامعة هي حق أصيل للجامعات ولا يتم عرض موازناتها على المجلس، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية أنه جرت العادة على أن تكون الزيادات في المصاريف في بداية العام الدراسي، ولا يتم فرض زيادات في منتصف العام، شارحاً أن الجامعة الأميركية هي جامعة أجنبية ورسومها تتأثر بزيادة قيمة الدولار.

وأكد الغر عدم ورود شكاوى للمجلس حول زيادات للمصاريف في أي من الجامعات المصرية الخاصة أو الأهلية، مشيراً إلى أنه في حال تعثر طالب في دفع المستحقات يتم عرض حاله على رئيس المجلس الأعلى للجامعات، بالتالي تعرض على رئيس الجامعة، الأمر الذي يجد تجاوباً في معظم الأحيان.

أزمة طلاب الجامعات الخاصة وصلت إلى أروقة البرلمان المصري، إذ تقدم عضو مجلس النواب أيمن محسب بطلب إحاطة موجه إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي في شأن زيادة مصاريف الجامعات الخاصة ومنها الجامعة الأميركية التي زادت إلى الضعف، الأمر الذي يمثل عبئاً على أولياء الأمور ويهدد مستقبل عدد كبير من الطلاب، وفق النائب البرلماني.

ولا يتوقع المتخصص في مجال التعليم الجامعي مجدي حمزة أن تتدخل الحكومة المصرية للتعامل مع شكاوى طلاب الجامعات الخاصة والدولية، على اعتبار أن الأزمة الاقتصادية تضرب جميع فئات المجتمع ومن غير المنطقي التدخل لمصلحة فئة معينة، بخاصة أن باب التحويل مفتوح سواء إلى الجامعات الحكومية أو الخاصة ذات الكلف الأقل.

الدراسة في الخارج

وقال حمزة لـ"اندبندنت عربية" إن من المتوقع خلال العام الدراسي المقبل أن تزيد نسبة التحويلات، مما قد يؤثر في جودة إعداد الخريج الجامعي لسوق العمل.

وأضاف أن كثيراً من الشباب أصبحوا يفضلون جامعات دول شرق أوروبا مثل رومانيا وروسيا التي تكون مصاريفها أقل بكثير من معظم الجامعات الخاصة المصرية، مطالباً بإقرار الدولة تعديلاً تشريعياً يجبر الجامعات على قبول رسومها بالجنيه المصري، مما يحد من الطلب على العملات الصعبة ويساعد الاقتصاد المحلي.

وبحسب تصريحات سابقة لوزير التعليم العالي السابق خالد عبدالغفار عام 2020، فإن هناك نحو 20 ألف طالب مصري في الخارج ينفقون ما يساوي 20 مليار جنيه (حوالى 655 مليون دولار)، لكن الوزارة أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عن انخفاض عدد الطلاب المسافرين للدراسة بالخارج بنسبة 70 في المئة عما كانت عليه الأمور في العام الماضي وأرجعت ذلك إلى الزيادة في الالتحاق بالجامعات الأهلية والخاصة.

وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عدد أعضاء الطلاب الجامعيين في العام الدراسي 2020 - 2021، 3.4 مليون طالب، نحو 72 في المئة منهم في الجامعات الحكومية وجامعة الأزهر، مقابل نحو 6.5 في المئة طلاب في الجامعات الخاصة والباقين في معاهد حكومية أو خاصة.

المزيد من العالم العربي