Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغربية ثريا الحضراوي حملت فن الملحون إلى العالم

أصدرت ألبوماً جديداً تؤدي فيه قطعاً من الموشحات بتوزيع ملحن فرنسي

المطربة المغربية ثريا الحضراوي في إحدى حفلاتها (صفحة المطربة - فيسبوك)

ملخص

صدور ألبومها الجديد "#موشحات" مناسبة للحديث عن هذا العمل الفني والعودة إلى مسار #ثريا_الحضراوي التي تحمل لقب "سيدة #الملحون المغربي"

كانت ثريا الحضراوي (مواليد 1957) تتردد في شبابها على معهد الموسيقى في شارع باريس بمدينة الدار البيضاء، لتبحث مع رفاقها عن أسلوب غنائي يناسب فئتهم العمرية، وهي المولعة آنذاك بأغاني الشيخ إمام، لكنها دخلت بالصدفة إلى قاعة كان يقدم فيها الشيخ الحاج بنموسى دروساً عن فن الملحون، فتركت رفاقها الباحثين عن ألوان حداثية في الموسيقى والغناء، وانجرفت بحب وشغف إلى التراث الفني العريق للمغرب. ولأنها مشغولة بالمعرفة والتاريخ والسوسيولوجيا وجدت ضالتها في هذا اللون الغنائي، فهو يعتمد على النص الشعري بالأساس قبل الموسيقى التي تكون مصاحبة له على نحو خفيف. تعترف ثريا الحضراوي بأن دراسة الفلسفة في الجامعة هي التي قادتها إلى اختيار فن الملحون، هذا الاختيار الذي سيتحول من هواية إلى احتراف، فقد طافت على مدار أربعة عقود بالملحون في عديد من بلدان العالم. وصار اسمها مقترناً به. وإن حافظت على المحتوى الأدبي لفن الملحون، فقد عملت في المقابل على تجديد موسيقاه، خصوصاً عبر إشراك عازفين معروفين من روسيا وهولندا وفرنسا.

فضلاً عن الغناء ألفت ثريا الحضراوي كتباً باللغة الفرنسية في الرواية وعلم الاجتماع مثل "طفولة مغربية" و"البحث عن صوت" و"دراسات نسائية".

 

كان صدور ألبومها الجديد "موشحات" مناسبة للحديث عن هذا العمل الفني والعودة إلى مسار ثريا الحضراوي التي تحمل لقب "سيدة الملحون المغربي". سألناها عن الذي يميز ألبومها الجديد عن باقي أعمالها التي اعتاد جمهورها على انتمائها بالضرورة إلى فن الملحون، فأفادتنا أن هذا العمل مغاير تماماً لكل ألبوماتها الأخرى. تقول: "ألحان الأغاني التي اشتغلت عليها هي ألحان مشرقية وليست مغربية، كما أن الموسيقى المصاحبة لهذه الأغاني، والتي ينتمي معظمها لعصر النهضة العربية هي ليست مما اعتدنا أن نسمعه من عود وكمان أو قانون. الموسيقى المصاحبة لهذه الأغاني في ألبومي لحنها وعزفها الموسيقي والملحن الفرنسي جان مارك مونتيرا. وهي موسيقى حديثة جداً، تضرب الغنائية وتميل إلى إحداث أصوات ونغمات أخرى".

غناء تراثي بأسلوب معاصر

 

تحافظ الحضراوي على النص الغنائي التراثي، لكنها ترفض تقديمه بالطريقة ذاتها التي اعتاد الناس على سماعها لسنوات طويلة. فهي تريد تقديم التراث الفني العربي للمتلقي العربي وغير العربي، لكن بأسلوب جديد وبطريقة مغايرة. تقول عن ذلك: "المهم بالنسبة إلى في هذا الألبوم هو أن أستمع وأسمح بالاستماع إلى الأغنية الكلاسيكية العربية بطريقة مغايرة، لأنني شخصياً مللت من الاستماع إلى هذه الأغاني بطريقة العزف نفسها. وقد اخترت في هذا الألبوم أغاني لكبار الملحنين من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كمحمد عثمان بالنسبة لموشحي "ملا الكاسات" و"وجهك مشرق"، وهي أغان كبيرة جداً. وسرني جداً أن أغنيها بعد عقود من أداء الملحون والطرب الأندلسي والغناء الصوفي".

تعود الفنانة المغربية إلى سياق الخروج من فن الملحون والعودة إلى الموشحات، وتقول في هذا الصدد: "ما كان يمكن أداء هذه الموشحات لولا اطلاعي على التراث الأندلسي المغربي، لأن الشيء الذي أثارني هو أن الموشحات أصلاً جذورها أندلسية، وهي سافرت كثيراً بين المغرب والمشرق العربيين، إذ خرجت إلى الوجود في الأندلس نحو القرن التاسع، أثناء وجود العرب تحت تأثير من بين تأثيرات أخرى لموسيقيين وملحنين كبار قدموا من الشرق ، كسوريا مثلاً، ثم تطورت في الأندلس وهاجرت إلى المغرب العربي، بعد سقوط غرناطة في القرن الخامس عشر (المغرب والجزائر وتونس) لتظهر من جديد في مصر وسوريا في القرن التاسع عشر بألحان أخرى، ولكنها غير بعيدة من حيث المبنى بالموشحات الأندلسية القديمة، هذا الذهاب والإياب بين المشرق والمغرب أثار دهشتي فأردت أنا أيضاً أن أسافر مع هذه الموشحات في رحلة أخرى: أولاً إلى المغرب بصوتي، وثانياً إلى العصر الحالي بالاشتغال مع جان مارك مونتيرا الذي هو موسيقي حداثي بامتياز".

 

وعن الأسباب التي جعلتها تنتقل من غناء الملحون إلى الموشحات تقول الفنانة المغربية: "الموشحات غناء رافقني منذ الطفولة، ولكي أقرر تسجيله بصوتي للمرة الأولى في هذا الألبوم، كان عليَّ القيام برحلة طويلة. ما يجذبني في هذا اللون الغنائي هو رقة الموسيقى ورهافتها وسحر الكلمات، حيث يمتزج فيها الروحي بالحسي في تلاؤم غريب". تضيف ثريا: "في هذا الألبوم أحاول أن أسافر رفقة هذا الغناء إلى وجهة أخرى، في عصرنا الحالي، صحبة الموسيقي والملحن المتعدد جون مارك مونتيرا الذي يعجبني عمله الدقيق في مجال الارتجال ومزاياه الإنسانية".

الجمهور الغربي والملحون

عدنا مع ثريا الحضراوي إلى الملحون الذي غنت قصائده في عديد من صالات العالم ومسارحه، وسألناها عن تلقي الأجانب لهذا الفن، وإذا ما كان هناك عائق لغوي أو ذوقي، فذكرتنا بأن الملحون فن عظيم شعراً ولحناً. وأعادتنا إلى نموذج قصيدة "الشمعة"، وهي من عيون فن الملحون. تقول ثريا الحضراوي: "قصيدة "الشمعة" مثلاً قصيدة خارقة، فهي عبارة عن حوار بين الشاعر والشمعة، وموضوعها هو الاحتراق، بحيث إننا في النهاية لا نعرف هل الشاعر كان يحدث الشمعة أم يحدث نفسه، ومن هو المحترق فعلاً الشاعر أم الشمعة، ومن يضيء من. وإذا عرفنا بأن شاعر الملحون الذي كتب "الشمعة" هو نفسه الذي لحنها أثناء الكتابة، نخمن أن هذا اللحن سيكون فيه هو أيضاً شيء من احتراق الشمعة ونورها، لذلك فحين نغني الملحون أين ما كان في أفريقيا أو أوروبا وغيرهما ونكون صادقين في أدائه، فإن نور القصيدة يشع على الآخرين مهما كانت لغاتهم، لأن الغناء والموسيقى هما لغة الروح أولاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سألنا الحضراوي عن حضور الملحون بين الأمس واليوم، وهل سيشكل الشباب جسراً لنقل هذا الفن المغربي العريق إلى المسقبل، فأبدت تخوفها. وصرحت لنا بأن "أي غناء أو أي ثقافة لا تعطى لها الرعاية فانها لا أقول ستختفي، ولكنها ستعيش أياماً صعبة. فتراثنا بكل أشكاله أمانة، لأنه مرآة حياة من سبقونا ويختزل ثقافتنا وإبداعنا. ولا يستقيم إبداع من دون جذور. فلماذا نجحت المجموعات الغنائية مثل (ناس الغيوان) و(جيل جيلالة) و(المشاهب) والطيب الصديقي ولعلج في المسرح؟ لأنهم كانوا متشبعين بالتراث المغربي والعالمي. وكما سمعنا: الثقافة تتعلم والتفكير يتعلم والعمل السياسي هو أن تعلمهما. إذاً مسألة مستقبل الملحون أو غيره من أنواع التراث وعلاقته بالشباب هي مسألة تعلم وتعليم".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون