ملخص
أشار محللون إلى أن #التوترات_الجيوسياسية الناجمة عن# الحرب_الروسية_الأوكرانية تتصاعد منذ بداية العام الحالي، مما ينتج منه #ركود مرتقب على رغم مؤشرات التفاؤل بالسيطرة على التقلبات الحادة
أكد باحثون اقتصاديون أن الأسواق العالمية قد تواجه تحديات جديدة خلال العام الحالي، مع تفجر الأزمات في ظل سعي البنوك المركزية نحو رفع الفائدة، في محاولات مستميتة لكبح معدلات التضخم المنفلتة.
وأشار محللون في حديثهم لـ"اندبندنت عربية" إلى أن التوترات "الجيوسياسية" الناجمة عن الحرب الروسية - الأوكرانية تتصاعد منذ بداية العام الحالي، مما ينتج منه ركود مرتقب على رغم مؤشرات التفاؤل بالسيطرة على التقلبات الحادة، إذ يرى المتخصص في أسواق المال محمد علي ياسين أن "التحديات التي تواجه الاقتصادات العالمية في 2023 كبيرة"، مستدركاً "قد تفوق في جزء منها التحديات التي شهدناها في العام الماضي".
التوترات الجيوسياسية
ولفت ياسين إلى أن "التوترات الجيوسياسية التي خلفتها الحرب الروسية - الأوكرانية في تصاعد منذ بداية العام الحالي"، لافتاً إلى أن مخاطر التضخم قائمة في الولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف أنه "على رغم مستويات التضخم المرتفعة إلا أن لم ينخفض بالقدر الذي كان يتوقعه بعضهم مع بداية العام"، قائلاً إن "ما نراه اليوم هو عملية تصحيح تحدث في الأسواق الأميركية، خصوصاً في ظل التفاؤل المفرط الذي ساد بداية العام حول أن وتيرة رفع الفائدة ستتوقف مع نهاية النصف الأول"، وتابع أننا "قد نرى تغييراً في سياسات الفيدرالي وخفض أسعار الفائدة في الربع الرابع من 2023". وأكد ياسين أنه "من الواضح أن التضخم قد ارتبط بالاقتصادات الحديثة، وهو ما يعني صعوبة تحريكه إلى المستويات المستهدفة من قبل الفيدرالي الأميركي عند مستوى اثنين في المئة"، مشيراً إلى أن "ذلك قد يتحقق في عام 2025"، لافتاً إلى "أننا سنشهد في 2023 استمرار رفع أسعار الفائدة ربما من 50 إلى 75 نقطة أساس خلال النصف الأول من العام".
ويرى محلل الأسواق المالية أن "التذبذب في أسعار الأسهم العالمية الواضحة يرجع إلى ما يحدث في الوقت الحالي من أزمات وخصوصاً أزمة المصارف، وقد نرى عمليات تصحيح قوية في السوق الأميركية خلال الشهر المقبل".
وحول الأسواق الأخرى قال ياسين إن "اقتصادات العالم كانت تعول على عودة انفتاح الاقتصاد بعد تخلي الصين عن استراتيجية (صفر- كوفيد)، مما يعني عودة الطلب وارتفاع معدل نمو الاقتصاد العالمي"، مستدركاً "لكن من الواضح أن الأمرسيتغرق فترة أطول مما كان متوقعاً"، مضيفاً أن "مخاطر التضخم لا تزال قائمة والتوترات الجيوسياسية مستمرة، قائلاً "أتمنى ألا يكون هناك أي تصعيد في الحرب الروسية - الأوكرانية، كما أتمنى ألا نرى مزيداً من المآسي، على غرار الكوارث الطبيعية الأخيرة، سواء في تركيا أو في سوريا التي لم تكن في الحسبان، ولكن سيكون لها تأثير في اقتصادات تلك الدول".
اقتصادات الدول الناشئة
وحول اقتصادات الدول الناشئة قال ياسين "تلك الدول كانت تمني النفس بتوقف الفيدرالي الأميركي عن سياسة التشديد النقدي، مما يضعف من قوة الدولار لصالح عملات البلدان الناشئة وهو ما لم يحصل، إذ إننا رأينا مؤشر الدولار في تصاعد خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، نتيجة التغير في توقعات أسعار الفائدة"، مضيفاً أن "ذلك يضع ضغوطات حتى على بعض اقتصادات الدول الناشئة التي كان من المتوقع أن تشهد تحسناً، خصوصاً دول المنطقة العربية وبشكل رئيس مصر، خصوصاً في ما يتعلق بتعويم العملة وكلفة الاقتراض المرتفعة التي تمر بها البلاد، بالتالي عملية طرح الشركات العامة المملوكة للدولة في سوق المال وفقاً لتصريحات الحكومة المصرية"، مشيراً إلى أننا "لم نر حتى الآن أياً من الشركات التي جرى الحديث عنها، لذلك فالمصاعب والتحديات لا تزال قائمة".
وفي ما يتعلق بمخاوف الركود قال ياسين إن "من الواضح أن وتيرة الإنفاق الاستهلاكي للمستثمر لا تزال مرتفعة، إذ إنه اعتاد على استهلاك مرتفع خلال السنوات الخمس الماضية، بالتالي من الصعب تغيير تلك العادات بشكل سريع"، متوقعاً "استمرار عملية الإنفاق في المرحلة المقبلة، بالتالي استبعد حصول كساد يقود إلى توقف الاقتصاد لأن نسبة البطالة لا تزال في الولايات المتحدة متدنية، بالتالي التضخم لا يزال قائماً في الاقتصاد من ناحية الإنفاق الاستهلاكي".
أسعار الفائدة
وحول ارتفاع أسعار الفائدة المستمر حذر محلل الأسواق المالية من الأثر السلبي من جراء استمرار رفع أسعار الفائدة على المستثمرين في المنطقة، خصوصاً على اقتصادات الدول التي ترتبط عملاتها المحلية بالدولار الأميركي، إذ تؤثر في رسوم الاقتراض سواء القروض الشخصية أو بطاقات الائتمان وحتى الإقراض العقاري"، متوقعاً أن يظهر تأثير ذلك في المستثمر خلال العام الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وختم ياسين قائلاً إن "التحديات في العام الحالي عالية ومخاطر حدوث كساد اقتصادي لا تزال قائمة، إذ يعرف الكساد الاقتصادي بأنه ارتفاع في الناتج الإجمالي المحلي لربعين متتالين أو أكثر"، موضحاً أن "الكساد سيكون موجوداً ولكننا لن نرى عملياً بطالة مرتفعة في 2023"، قائلاً "نحن في مرحلة انتقالية".
وتابع أنه "في ظل تلك المعطيات يقف المستثمرون أمام تحديات كبيرة من ناحية الانتقائية في الأسواق والشركات التي يرغبون في الاستثمار فيها، إلى جانب أن تلك الأزمة لم نشهدها 15 عاماً تقريباً"، موضحاً "لم يكن لدينا أسعار الفائدة على الودائع في حدود خمسة في المئة أو أعلى من ذلك في السنوات الماضية، بالتالي أسعار الفائدة هي المنافس القوي للأسهم أو حتى السندات".
من جانبه قال المحلل الاقتصادي الكويتي محمد رمضان إنه "قبل أن نتوقع أين سيتجه الاقتصاد العالمي في 2023، يجب علينا أولاً أن ندرك كيف وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم"، مضيفاً أنه "بعد عودة الحياة إلى طبيعتها عقب جائحة كورونا كانت هناك ضغوط كبيرة على سلاسل الإمداد ونقص في الإمدادات وارتفاع مفاجئ في الطلب على السلع".
تعزز النقص في السلع
وتابع أننا "عقب الجائحة دخلنا في حقبة الحرب الروسية - الأوكرانية، إذ تعزز النقص الإضافي في السلع وخصوصاً السلع الغذائية والطاقة، كما شهدنا ضغوطاً أخرى على سلاسل الإمداد مما نتج منه صعود الطلب إلى أعلى، في ظل تراجع في الإمداد بسبب النقص في سلاسل التوريد بشكل رئيس"، مشيراً إلى أن "ذلك عزز التوقعات بحدوث ضغوط تضخمية قد تتسبب في ركود مع حدوث تراجع كبير للنمو الاقتصادي، نتيجة الضغط على ضعف التبادل التجاري العالمي، مما سيرفع معدلات التضخم، وفي الوقت نفسه لن يكون هناك نشاط اقتصادي كاف لتجاوز تلك الأزمات".
وأكد رمضان أن "إجراءات معالجة الركود الاقتصادي ستكون عبر خفض الفائدة، في حين أن إجراءات معالجة التضخم ستكون مختلفة وعكسية، وهذا ما نعيشه اليوم من اضطراب اقتصادي مستمر".
توقعات متشائمة
في غضون ذلك قال عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد للأوراق المالية والاستثمار" وضاح الطه، إن "البداية كانت هناك توقعات متشائمة، خصوصاً في تقديرات المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين في تقارير صدرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وكذلك في ديسمبر (كانون الأول) 2022، بعد أن خفضت من تقديرات النمو للناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 2.7 في المئة في العام الماضي"، مضيفاً أن "كان هناك خشية من دخول اقتصادات الدول الصناعية الكبرى في حال انكماش في عام 2023".
وأشار إلى أنه "في المراجعة الأخيرة لصندوق النقد الدولي عبر تقرير (آفاق الاقتصاد العالمي) رفع الصندوق نسبة النمو من 2.7 إلى 2.9 في المئة، مما يعد تخفيفاً للهجته المتشائمة التي كانت سائدة في نهاية العام الماضي".
وأكد الطه أن "أحد المخاطر التي كانت ولا تزال تهدد الاقتصاد العالمي ولكن بصورة أقل عن العام الماضي هي قضية التضخم الذي بلغ معدله أكثر من تسعة في المئة في 2022، في ظل توقعات أن يصل إلى 6,8 في المئة في 2023".
وأضاف عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد للأوراق المالية والاستثمار"، أن "التوقعات كانت في العام الماضي إلى أن الاقتصاد الأميركي قد يحقق نمواً بنحو واحد في المئة"، مضيفاً أن "الوضع الحالي اختلف، إذ تشير التقديرات إلى أنه قد يحقق معدل نمو بنحو 1.4 في المئة في العام الحالي"، مشيراً إلى أن "منطقة اليورو تقبع أيضاً تحت الضغط ولم تزد توقعات معدل النمو عن 0.5 في المئة في 2022 ومعدل النمو إلى 0.7 في المئة في العام الحالي".
وحول الصين صاحبة ثاني أقوى اقتصاد قال الطه إن "الصين هي العامل الحاسم في نمو الاقتصاد العالمي، إذ إن توقعات النمو بالنسبة إلى بكين في 2022 كانت في حدود 4.4 في المئة، ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للصين إلى 5.2 في المئة وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي".
فواصل الركود
من جهته قال المتخصص في الأسواق المالية عبدالعظيم الأموي إن "الركود الاقتصادي يعرف اليوم بأنه انكماش معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدار فصلين متتالين، وتاريخياً حدث هذا الركود في أميركا 23 مرة خلال الأعوام الـ123 الماضية"، مضيفاً أن "الفيدرالي الأميركي حالياً يحاول السيطرة على معدلات التضخم التي ارتفعت في الصيف الماضي إلى أعلى مستوى في 40 عاماً"، مشيراً إلى أن "مهمة الفيدرالي الاميركي الأولى هي السيطرة على الأسعار، بينما المهمة الثانية تحقيق الإشغال الكامل في سوق العمل"، مستدركاً أن "الآن المشكلة التي تواجه الفيدرالي هي السيطرة على الأسعار وكبح جماح التضخم، بينما وضع سوق العمل جيد".
ولفت الأموي إلى أن "الفيدرالي يستخدم سعر الفائدة حالياً كأداة لكبح جماح التضخم وعلى الجانب الآخر فإن قوة سوق العمل ستقلل من مخاوف الركود، إذ إن نسبة البطالة في أميركا عند أدنى مستوى لها في 50 عاماً، كما أن هناك ارتفاع في معدلات الأجور، إلى جانب أن الركود ربما لا يكون قريباً وإذا حدث فربما يكون في الفصل الأول من 2024، مؤكداً أن "الفيدرالي يجب أن يراقب تأثير وتيرة رفع سعر الفائدة في أرقام سوق العمل الأميركي، إذ من المتوقع أن ترتفع نسبة البطالة مع انخفاض وتيرة خلق الوظائف الجديدة".