ملخص
خفضت وكالة #موديز في بداية فبراير التصنيف الائتماني للودائع طويلة المدى لعدد من #البنوك_التونسية إلى درجة المخاطر CAA2 مع آفاق سلبية
كشف البنك المركزي التونسي عن حجم الديون المصنفة للقطاع المصرفي (المعرضة لمخاطر التخلف عن السداد) والتي قدرها بـ 13.1 في المئة من مجموع القروض، بينما بلغت نسبة الديون المتعثرة من صنف 4، أي التي أضحى ميؤوساً من استخلاصها، 11.5 في المئة من إجمالي القروض. وقالت مؤسسة الإصدار إن الجزء الأكبر من الديون المتعثرة يعود إلى البنوك العمومية، وتبلغ نسبتها 15.6 في المئة مقارنةً بـ 8.4 في المئة لدى البنوك الخاصة إلى حدود نهاية عام 2021، ما ينعكس مباشرةً على قدرة القطاع البنكي على مجابهة الأزمات المالية على غرار ما جد على الساحة العالمية لدى عدد من البنوك.
وارتفع عدد البنوك والمؤسسات المالية في تونس من 42 إلى 44 مؤسسة. وبعد تصفية البنك الفرنسي التونسي في عام 2022 أضحى عدد المؤسسات المالية والبنوك المرخص لها في تونس 43 مؤسسة، تنقسم بين 23 بنكاً مقيماً و7 بنوك غير مقيمة و8 مؤسسات للإيجار المالي، ومؤسستين لإدارة الديون وبنكي أعمال، ومؤسستي دفع. ويبلغ مجموع الأصول لديها 152.019 مليار دينار (49.07 مليار دولار) مقابل 142.2 مليار دينار (46.3 مليار دولار) في عام 2020. وتستحوذ البنوك المقيمة على 92.7 في المئة من الأصول مقابل 92.2 في عام 2020. وتبلغ نسبة مجموع الأصول من الناتج المحلي الإجمالي 116.1 في المئة، مقابل 119 في المئة في عام 2020. وبلغ إجمالي القروض الممنوحة للعملاء 101.14 مليار دينار (32.94 مليار دولار) مقارنةً بـ 96.5 مليار دينار (31.4 مليار دولار) لعام 2020، في حين تناهز ايداعات العملاء 92.28 مليار دينار (30 مليار دولار) مقابل 85.3 مليار دينار (27.7 مليار دولار) في عام 2020. ويتكون القطاع البنكي التونسي من 23 بنكاً منها 6 بنوك عمومية تستحوذ على 36.6 في المئة من أصول القطاع و40.3 في المئة من قائم قروضه الممنوحة للعملاء و29.8 في المئة من إجمالي ودائع العملاء.
وتساوي حصة البنوك العمومية التونسية من إجمالي الديون المصنفة للقطاع البنكي 46.5 في المئة، بينما لا تتجاوز نسبة تغطيتها بالمدخرات ما يناهز 69.2 في المئة وفق وزارة المالية. في حين ترتفع نسبة تغطية الديون المصنفة بالمدخرات للبنوك الخاصة 72.5 في المئة.
مخاطر حول متوسط الملاءة
وتحوم المخاطر حول الملاءة المالية للبنوك العمومية ما يعني قدرتها على سداد الالتزامات عند استحقاقها، وبالتالي تأثيرها على الملاءة المالية للقطاع البنكي التونسي بصفة عامة، الأمر الذي يعمق المخاطر المحدقة بالقطاع المصرفي التونسي خلال الأزمات البنكية، وذلك بالنظر إلى انخفاض مستوى أمواله الذاتية مقارنة بحجم الأرباح. ولا تتجاوز الأموال الذاتية ما قدره 11.158 مليار دينار (3.63 مليار دولار) في مستهل عام 2022، بينما تُقدَّر الأرباح بقيمة 1.15 مليار دينار (374 مليون دولار) منها 413.1 مليون دينار (134.5 مليون دولار) فقط محققة على مستوى بنوك الدولة.
وبيّنت هيئة السوق المالية (حكومية) ضعف مؤشرات السيولة (القروض والودائع) لدى القطاع المصرفي التونسي، حيث لا يتجاوز المعدل العام للسيولة لدى البنوك العمومية 81.9 في المئة نهاية عام 2021 في حين يقدر لدى البنوك الخاصة بنحو 108.7 في المئة.
في المقابل، يشار إلى أن البنوك التونسية اختبرت منظومة حماية الودائع المعتمدة في تونس للمرة الأولى منذ إحداث صندوق ضمان الودائع البنكية في مارس (آذار) 2022. وحصل ذلك على خلفية الإعلان الرسمي عن إفلاس البنك التونسي الفرنسي وما تلاه من تراتيب تصفية أصوله. ويمثل صندوق ضمان الودائع البنكية، الآلية الأولى لحماية أموال المودعين. ويلزم قانون البنوك والمؤسسات المالية في تونس، كل البنوك المرخص لها بالانخراط في الصندوق عن طريق الالتزام بدفع نسبة 0.3 في المئة من حجم الودائع للسنة المنتهية. ويستفيد المودعون من خدمة تأمين الودائع التي تدفعها البنوك بشكل مساهمات سنوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معايير كفاية رأس المال
وكان إعلان تصفية البنك الفرنسي التونسي في عام 2022، أثار مخاوف المودعين بشأن مصير أموالهم، ما دفع بصندوق ضمان الودائع البنكية إلى البدء بتعويض المودعين بعد 20 يوماً فحسب من إفلاس البنك. لكن ذلك لم يمنع المنحى السلبي لتقارير وكالات التصنيف الائتماني، التي أشارت إلى ضعف معايير كفاية رأس المال لدى القطاع البنكي في تونس وفق مقاييس الهيئات الدولية للإشراف على البنوك مثل هيئة بازل. ورجحت أن هذا الضعف من شأنه أن يتسبب بمخاطر عالية، خصوصاً أن القطاع البنكي التونسي استهلك أمواله الذاتية بنسبة 110 في المئة في إقراض الدولة، الأمر الذي يعرض أموال المودعين للخطر.
وكانت وكالة "موديز" للتصنيف المالي قد خفضت، في بداية فبراير (شباط) 2023، التصنيف الائتماني للودائع طويلة المدى لعدد من البنوك التونسية إلى درجة المخاطر CAA2 مع آفاق سلبية، وهي بنك "تونس العربي الدولي" و"بنك الأمان" و"البنك التونسي" و"الشركة التونسية للبنك"، معللةً التصنيف المنخفض بتعرض البنوك لمخاطر إعادة التمويل على المدى القصير من طرف المركزي التونسي، على اعتبار أن قيمة إعادة التمويل ارتفعت لتصل الى 14 مليار دينار (4.5 مليار دولار) في يناير (كانون الثاني) 2023 مقارنةً بديسمبر (كانون الأول) 2022، حيث كانت عند حدود 8 مليارات دينار (2.6 مليار دولار).
ودعا الباحث المالي وسيم بن حسين إلى "مراجعة تقنية احتساب حجم القروض المصنفة والمتعثرة في تونس، بالنظر إلى تداخل الملفات لدى البنوك التونسية بما يصعب حصر حجمها، حيث يفرض القانون التونسي توحيد تصنيف جميع القروض بكافة البنوك في حال تعرض العميل إلى إشكال استخلاص مع أحد هذه البنوك، ما يعسر احتساب الحجم الحقيقي للقروض المتعثرة. كما يوحي بتضخيم عددها في المجمل. في المقابل، تؤدي عمليات تعويض الخسائر من خلال توفير مدخرات إضافية، إلى تغطية القروض المتعثرة إلى انخفاض مستوى الأرباح، الأمر الذي لا ينعكس مباشرة على المدخرات بقدر ما يؤثر في الأرباح. بحكم اللجوء إليها وتآكلها لتحقيق المدخرات المذكورة، بالتالي تأثيره المباشر على المساهمين سواء لدى البنوك العمومية أو الخاصة في مرحلة أولى. وبالنظر إلى الدور التنموي للبنوك، يؤثر اضطراب مستوى الملاءة المالية وتذبذب مدخراتها في استراتيجياتها في العموم وتدخلها لدعم الاستثمار، علاوةً على نشاطها في السوق المالية سواء تعلق ذلك بالسندات أو الأسهم. وإن لم تبلغ المخاطر ذروتها، واحتفظت البنوك التونسية بقدرتها على سداد الالتزامات، فإن انخفاض حجم الأرباح ينقص من مساحة جمع المدفوعات الضريبية لدى الدولة".
من جهة أخرى، اعتبر محمد صالح سويلم المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي، أن "الفارق المسجل بين قائم الديون المصنفة الإجمالي والديون المتعثرة هو في حدود 1.6 في المئة. وهو علامة على تنامي مستوى الحذر لدى البنوك". وفي رده على إشارة وكالة التصنيف إلى استهلاك القطاع البنكي التونسي أمواله الذاتية بنسبة 110 في المئة في إقراض الدولة، أشار سويلم إلى أن "نسبة كفاية رأس المال وفق معياره عند بازل 2، تبلغ 10 في المئة من مجموع الأصول المرجحة للمخاطر، بحسب معايير الحذر. بينما تستمد السيولة للإقراض، وتُحتسب من حجم الأصول، وليس من الأموال الذاتية".