ملخص
زاد أسعار #الخضراوات #واللحوم بنسبة 40 في المئة بأسواق #تونس ومطالبات للحكومة لكبح الاحتكار
يجمع معظم التونسيين على أنهم يكتوون بلهيب الأسعار التي تزيد كل يوم تقريباً، منتقدين عجز الحكومة عن كبح جماحها الملتهبة وسط أزمة اقتصادية مركبة عمقتها في الأيام الأخيرة فقدان عدد من السلع والمواد الأساسية كالزيت النباتي المدعم والسكر والقهوة.
ولئن أرسلت الحكومة قبل حلول شهر رمضان برسائل طمأنة للشعب التونسي بتوفر جميع السلع وحرصها على التحكم في الأسعار، فإنها بشهادة عديد من التونسيين فشلت في مهمتها بدليل الارتفاع الصارخ لجميع منتجات الفلاحة من خضراوات وغلال، خصوصاً لحم الضأن الذي بلغ مستوى 40 ديناراً (13 دولاراً) للكيلو الواحد.
ويقدر معهد الاستهلاك (حكومي) أن الاستهلاك يزيد خلال شهر الصيام ما بين 15 و20 في المئة مقارنة ببقية أشهر السنة، لكن هذا العام وبفعل الزيادات الكبيرة في أسعار المنتجات والمواد، فإن نسق الاستهلاك يبدو تراجع نسبياً، مما دفع عائلات كثيرة إلى انتهاج التقشف واقتناء المستلزمات الغذائية الأساسية فقط.
وعلى رغم محاولة وزارة التجارة التونسية تحديد أسعار عدد من السلع، وخصوصاً بعض الفواكه بينها الموز والتفاح والفراولة، فإن المواطنين يرون أنه تم إلقاء الإجراءات المعلنة عرض الحائط وعمد التجار إلى إقرار زيادات كبيرة وسط تنامي عمليات الاحتكار والمضاربة.
اهتراء المقدرة الشرائية
في ظل المنحى التصاعدي لحركة أسعار السلع والمواد الغذائية يعتقد عدد من التونسيين أن مقدرتهم الشرائية اهترأت وأوشكت مع رمضان على أن تنعدم، مستدلين في ذلك على أن من يحمل معه 100 دينار (33 دولاراً) للتبضع من شبه المستحيل بهذا المبلغ الزهيد أن يعبأ قفة بالخضراوات والغلال واللحم والبيض، فمشتريات المواطن البسيط اليوم وفي أيام رمضان تتكلف بين 40 و50 ديناراً (15 و18 دولاراً) وسط دخل شهري متواضع يجعل المعيشة في تونس صعبة.
ويقول رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي إن سلة لعائلة تونسية مكونة من أربعة أفراد، تبلغ كلفتها قرابة 60 ديناراً (19.57 دولار)، خلال شهر رمضان، مؤكداً أن سلة التونسي الغذائية عرفت زيادة تقدر بـ10 دنانير (3.26 دولار) مقارنة بالعام الماضي قابلها ارتفاع غير مبرر و"جنوني" للأسعار. وأضاف أن الارتفاع في الأسعار، يقتضي إقرار جملة من الإجراءات أهمها تقليص هامش الربح في المساحات التجارية الكبرى وبعض المنتجات.
زيادة في الأسعار بـ40 في المئة
ويرى مدير مرصد الأسعار والتزويد بوزارة التجارة التونسية رمزي الطرابلسي أن أسعار عدد من المنتجات الفلاحية في رمضان 2023 خصوصاً عرفت مقارنة بنظيرتها مع رمضان العام الماضي زيادة في حدود 40 في المئة، متوقعاً أن تنخفض أسعار عدد من أنواع الخضراوات والغلال في النصف الثاني من رمضان وبداية دخول فصل الصيف. وكشف عن أن أسعار الفلفل والخيار والطماطم والبطاطا والفراولة ستعرف تدريجاً تراجعاً ملموساً خلال الأسابيع المقبلة، حيث يكون موسم حصادها بالبلاد. ودعا إلى الابتعاد عن المنتجات الخاصة ضمن إنتاج البيوت التي ترتفع أسعارها بشكل لافت. وأكد أن الغلال الصيفية عموماً ستوجد بوفرة بداية من يونيو (حزيران) بدخول الإنتاج الفصلي، مما سيجعل سعرها لاحقاً مقبولاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالنسبة إلى تقييمه لوضع الأسعار على مستوى التفصيل خلال النصف الأول من شهر رمضان لهذه السنة، أوضح مدير مرصد الأسعار والتزويد أن منحى أسعار الخضراوات والغلال واللحوم كان متبايناً من خلال ارتفاع أسعار بعض السلع قابله تراجع أخرى، وقال إن سعر البصل الربعي تراجعت بنسبة 10 في المئة مقارنة باليوم الأول من رمضان وتقلص الفول الأخضر بنسبة ثمانية في المئة.
في المقابل، شهدت أسعار الفلفل الحلو والحار زيادة تراوحت بين 12 و15 في المئة، وكذلك تسجيل ارتفاع في الطماطم بين تسعة وتسعة في المئة، كما سجلت أسعار اللحوم تراجعاً بنسبة ستة في المئة في لحم الضأن إثر قيام شركة اللحوم (حكومية) بعروض تجارية ببيع الكيلو الواحد بـ29 ديناراً (تسعة دولارات) إلى جانب أن نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك عدلت من الأسعار، بينما يتم بيع لحم الضأن لدى عموم القصابين بين 38 و40 ديناراً للكيلو (13 دولاراً).
التضخم يزيد إرهاق التونسيين
وعلى رغم الانخفاض الطفيف جداً لنسبة التضخم خلال مارس (آذار) 2023، إذ وصل إلى 10.3 مقابل 10.4 في المئة خلال فبراير (شباط)، غير أن هذا التضخم واصل إرهاق التونسيين. والمتمعن في تفصيل التضخم بحسب المواد سيلاحظ ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 15.7 في المئة، ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار لحم الضأن بنسبة 34.2 في المئة، والبيض 31.3 في المئة، والدواجن بزيادة 23.8 في المئة، والزيوت الغذائية 23.7 في المئة، ولحم البقر بـ21.8 في المئة.
الأسعار تضاعفت
في السياق، يرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي أن نسبة التضخم المسجلة خلال مارس الماضي، ولئن تراجعت نسبتها إلى 10.3 في المئة، فإنها لا تزال عند مستوى يقارب ثلاثة أضعاف ما كانت عليه على سبيل المثال في 2016، العام الذي شهد إقرار القانون الأساس المؤسس لاستقلالية البنك المركزي، وأشار إلى أن النسبة لا تعكس الانطباع العام لدى المواطن التونسي، الذي يهتم بما يصرفه كل يوم لاقتناء مستلزماته المعيشية.
ومضى يقول "بناء على ما سبق فإن التضخم المالي الغذائي أو الانطباعي الذي يحسه المستهلك يومياً، وهذا الأهم، فاق نسبة 20 في المئة بالنسبة لعدة مواد غذائية، فقد وصل بالنسبة إلى لحم الضأن إلى 34.2 في المئة، والبيض 31.3 في المئة، والدواجن 23.8 في المئة، ولحم البقر 21.8 في المئة"، وتوقع الشكندالي أن التضخم لن يتوقف عن الارتفاع خلال الأشهر المقبلة بالبلاد، خصوصاً مع دخول إجراءات قانون المالية لسنة 2023 حيز التنفيذ، لا سيما في ما يخص رفع الدعم على المحروقات والمواد الأساسية وزيادة نسبة الأداء على القيمة المضافة لبعض الأنشطة الاقتصادية.