Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس في سباق مع الزمن للخلاص من الديون الخارجية خلال 2023

ستكون حكومة نجلاء بودن وخصوصاً "المركزي التونسي" مطالبين بسداد قروض حل موعد سدادها

يرى المتخصصون أن تونس ستكون مجبرة على تسديد ديونها من رصيدها من العملة الأجنبية في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي (رويترز)

ملخص

هناك شح كبير في #السيولة وفي موارد التمويل للخزانة العامة #للدولة_التونسية وموعد 13 أبريل قريب جداً

تنتظر تونس أشهراً وصفها المتخصصون بأنها قد تكون "سوداء" وصعبة جداً على الوضع المالي للبلاد المتأزم أصلاً بسبب توالي مواعيد سداد ديون داخلية وبخاصة خارجية، ستزيد من تعقيد الوضع المالي للبلاد في ظل الحصار المالي الذي تعانيها على أثر عدم توصلها حتى الآن إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في شأن الحصول على قرض قد يفتح لها أبواب التمويل الثنائي ومتعدد الأطراف للخروج من عنق الزجاجة.

وعلى امتداد الأشهر الثمانية المقبلة، بداية من شهر أبريل (نيسان) الحالي، ستكون حكومة نجلاء بودن وبخاصة البنك المركزي التونسي مطالبين بسداد قروض حل موعد قضائها.

أول موعد مفصلي سيكون 13 أبريل (نيسان) 2023 بخلاص رقاع أو سندات خزانة تم إصدارها في السابق لينطلق ماراثون سداد ديون متهاطلة ستعرف ذروتها في شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز). وأكد متخصصون ماليون لـ"اندبندنت عربية" أن الوضع المالي الحالي لتونس في ظل شح السيولة المالية لا يسمح لها بسداد جميع الديون ما سيجبر الحكومة على إعادة إصدار سندات خزانة جديدة.

أما بالنسبة إلى القروض الخارجية، فإنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فيرى المتخصصون أن تونس ستكون مجبرة على تسديد ديونها من رصيدها من العملة الأجنبية الذي قد يتراجع بشكل لافت.

الفترة الصعبة

وبسط معز حديدان المتخصص في الأسواق المالية الوضعية المالية لتونس، مطلقاً صفارة إنذار حول شح السيولة والضغط الذي قد يفرضه على البنك المركزي التونسي. وقال إن هذه السنة تمثل بداية الفترة الصعبة التي ستواجهها تونس في علاقة بسداد الديون الخارجية، وتعد سنة 2023 بمثابة سنة التقويم بالنسبة لوزارة المالية للكشف عن مدى قدرة البلاد على الالتزام بتعهداتها.

أضاف "المشكل الكبير يتعلق برقاع الخزانة القابلة للتنظير، وهي تمثل خمسة خطوط تمويلية حان موعد سدادها بقيمة تبلغ 2800 مليون دينار (903.2 مليون دولار)، وأولها يوم 13 أبريل 2023 بقيمة 953 مليون دينار (307.4 مليون دولار)، فيما يكون موعد الخلاص الثاني لهذه الديون 15 يونيو 2023 بقيمة 438 مليون دينار (141.2 مليون دولار)".

وأوضح أن آجال خلاص الأقساط من الديون الخارجية ستكون على التوالي في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بقيمة 753 مليون دينار (242.9 مليون دولار)، وفي 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 بقيمة 401 مليون دينار (129 مليون دولار)، و306 ملايين دينار (98.7 مليون دولار) في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2023.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد أن هناك شحاً كبيراً في السيولة وفي موارد التمويل للخزانة العامة للدولة التونسية وأن موعد 13 أبريل قريب جداً، والحل الوحيد المطروح في نظره هو الاتفاق مع البنوك على خلاصها في شكل رقاع خزانة جديدة قابلة للتنظير ويكون خلاصها في سنوات 2029 و2030، وفي حال عدم قبول البنوك بهذا الحل، فستكون الخزانة العامة للدولة مطالبة بضخ هذه الأموال نقداً.

ولفت معز حديدان إلى أن خزانة الدولة ستواصل إصدار سندات الخزانة قصيرة المدى، ويقع خلاصها عن طريق البنك المركزي بعد شرائها من طرف البنوك الأخرى، كاشفاً عن أن نحو أربعة مليارات دينار (1290 مليون دولار) تم ضخها لتمويل موازنة الدولة في الفترة الماضية وهي متأتية أساساً من البنك المركزي.

ضغوط تضخمية

ورجح حديدان لجوء الخزانة العامة للدولة لإصدار رقاع خزانة قصيرة المدى لتمويل الـ953 مليون دينار التي سيحل آجال خلاصها 13 أبريل، وتكون هذه العملية ممولة بطريقة غير مباشرة عن طريق البنك المركزي ليكون مجبراً مرة أخرى على ضخ أموال في البنوك والسوق النقدية، ويمكن أن ينجر على ذلك زيادة في نسبة التضخم. وتابع "التضخم سيكون بمفعول نقدي، في هذه الحالة، إضافة إلى التضخم المستورد"، وخلص إلى أن "المخاطر المطروحة، هي ضعف التمويلات المتوفرة مستقبلاً للاستثمار وللمؤسسات الخاصة، بفعل توجيه هذه التمويلات لفائدة ميزانية الدولة، إضافة إلى إمكانية تخلف الدولة عن سداد البنوك، وهي فرضية يمكن أن تنجر عنها أزمة في المنظومة البنكية ككل".

دوامة سندات الخزانة

من جانبه، لفت المحلل المالي بسام النيفر إلى أنه في ما يخص خلاص الديون الداخلية هناك سندات خزانة طويلة المدى بقيمة 953.1 مليون دينار (307.4 مليون دولار) يحل موعد خلاصها يوم 13 أبريل 2023 تمت في شأنها عملية مبادلة أي إن البنوك المهتمة بالمبادلة ستقدم السندات القديمة وتحصل على الرقاع الجديدة لمدة أطول ما سيجنب الدولة خلاص أصل الدين، وتأجيله إلى السنوات المقبلة منبهاً من أن سعر الفائدة سيكون أرفع لرقاع الخزانة الجديدة، وتوقع أن يكون نجاح هذه العملية نسبياً وليس كبيراً بسبب عدم إقبال المصارف المحلية على عملية المبادلة لسندات الخزانة مع ترجيحه أن تقوم الحكومة التونسية الحالية بإصدار سندات خزانة جديدة قصيرة المدى (لن تتجاوز 52 أسبوعاً) ما سيخول البنوك الانتفاع بنسبة فائدة مرتفعة في ظل التوقعات أو التأكيدات أن المركزي التونسي قد يرفع من نسبة الفائدة الرئيسة في الفترة المقبلة لمحاربة التضخم الآخذ في الارتفاع بالبلاد.

شهران مفصليان

وفي شأن الدين الخارجي قال النيفر "لتونس خلاص عدد من القروض بداية من أبريل، ومن ذلك خلاص جزء من قرض صندوق النقد العربي وجزء من القروض التي تحصلت عليها من المصارف المحلية بالعملات الأجنبية في حدود 25 مليون دولار"، لكنه شدد على أن شهر يونيو سيكون صعباً على تونس إذ إن هناك خلاص جزء جديد من قرض صندوق النقد العربي وجزء آخر من القروض المتحصل عليها بالعملات الأجنبية من المصارف المحلية بقيمة 138 مليون دولار، كما يتضمن الشهر المقبل خلاص قرض رقاع الخزانة طويلة المدى بقيمة 438.6 مليون دينار (141.4 مليون دولار) وأيضاً قروض سندات الخزانة قصيرة المدى بقيمة 1960 مليون دينار (632.2 مليون دولار).

ولاحظ المحلل المالي أن هذه المبالغ كبيرة جداً يستوجب إرجاعها في يونيو المقبل مرجحاً إصدار جزء جديد من القرض الرقاعي الوطني من أجل تعبئة موارد مالية جديدة في ظل تكهنه بصعوبة مجاراة المصارف المحلية لتمويل الدولة، وبحسب المتحدث نفسه، ينتظر تونس، في يوليو، موعد خلاص قرض السعودية بقيمة 100 مليون دولار، وفي أغسطس (آب) خلاص قرض ياباني بقيمة 500 مليون دينار (161.2 مليون دولار)، لتستمر دوامة موعد خلاص سداد الديون الخارجية في أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر المقبلة.

خطر تآكل رصيد العملة الأجنبية

وأكد النيفر أن الإشكال يتعلق بخلاص الديون الخارجية وبالعملات الأجنبية ما قد يؤثر سلباً على رصيد تونس من العملة الأجنبية وقد ينزل إلى مستويات مقلقة. وقال إنه من منطلق التزاماتها وتعهداتها الخارجية منذ الاستقلال، ستفي البلاد بوعودها تجاه الدائنين الدوليين وإن على حساب رصيدها من العملة الأجنبية الذي يتأثر ويفقد في حدود 10 أيام توريد، ما ستكون له تداعيات على ميزان الدفوعات وإمكانية إفراز ضغوط تضخمية وعلى الدينار التونسي علاوة على أن عمليات التوريد ستكون أصعب وتكون معقلنة أكثر من أجل عدم الانزلاق أكثر لعجز الميزان التجاري، وأمل أن توفق تونس بإقناع عدد من الدول الشقيقة على غرار السعودية والجزائر وقطر وليبيا للحصول على قروض جديدة تعاضد ضائقتها المالية.

مهمة رسمية

ويتجه محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، الأسبوع المقبل، إلى واشنطن في زيارة رسمية للمشاركة في اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي خلال الفترة من 10 إلى 16 أبريل 2023، ووفق المعطيات، فإن مشاركة العباسي في هذه الاجتماعات باعتباره ممثلاً للدولة التونسية في صندوق النقد الدولي ومشاركة سعيد بوصفه ممثلاً لتونس في البنك الدولي.

وبالتوازي مع المشاركة البروتوكولية للثنائي العباسي وسعيد في هذه الاجتماعات، من غير المستبعد أن يعقدا اجتماعات ثنائية مع عدد من كبار مسؤولي المؤسسات المالية الدولية بخاصة الاتصال بمسؤولي صندوق النقد الدولي في شأن ملف تونس المعطل لنحو عامين للحصول على قرض من الصندوق على رغم نيل موافقة مبدئية بين الجانبين في 15 أكتوبر 2022 من أجل الحصول على قرض بقينة 1.9 مليار دولار.

لكن في منتصف ديسمبر من السنة الماضية، أرجأ صندوق النقد الدولي تمرير ملف تونس على مجلسه التنفيذي على أثر تسجيل تأخير في عدد من الإصلاحات التي لم تلتزم بها البلاد بخاصة عدم ختم الموازنة في ذلك الوقت وأيضاً عدم مصادقة الحكومة على القانون 89/9 المتعلق بحكومة المؤسسات والمنشآت العمومية.

ولكن من دون مصادقة صندوق النقد الدولي على ملف تونس، فالبلاد لا يمكنها النفاذ إلى هذه المصادر التمويلية الخارجية ما سيضطرها للتوجه نحو السوق الداخلية للضغط أكثر على القطاع البنكي.

اقرأ المزيد