ملخص
يوم أسود جديد في تاريخ #السودان من الرعب والبارود والدخان
وسط حالة من الرعب والفزع لم تفلح كل النداءات والرجاءات والوساطات في وقفها استمرت طوال اليوم السبت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في يوم وصف بالأسود في تاريخ السودان، أحال العاصمة إلى مدينة أشباح يسكنها الرعب وتغطيها سحب الدخان السوداء ودوي طلقات المدفعية الثقيلة، تزامناً مع اشتباكات مماثلة في كل من مروي وعدد من عواصم الولايات السودانية الأخرى.
اتساع الرعب
وتسبب اتساع دائرة الاشتباكات ووصولها سريعاً إلى داخل مطار الخرطوم المجاور للقاعدة الجوية العسكرية، بتأثر المناطق السكنية المجاورة لمقار ومعسكرات ونقاط ارتكاز قوات "الدعم السريع"، مما أحدث هلعاً وذهولاً وسط المواطنين الذين فوجئوا في السابعة من صباح اليوم السبت، اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان الكريم، بوابل من دوي انفجارات الأسلحة الثقيلة وقذائف المدفعية المختلفة.
وأكد شهود أن أعنف الاشتباكات وقعت عند منطقة الشيخ يوسف غرب مدينة أم درمان، حيث توجد معسكرات لتدريب قوات "الدعم السريع" بمنطقة شرق النيل، حيث تحولت ساحة حي النصر في المنطقة إلى ساحة قتال عنيف استمر من الصباح وحتى المساء بشكل روع سكان المنطقة، بخاصة أن المعارك العنيفة امتدت إلى الطريق الدائري بمنطقة شرق النيل بالخرطوم بحري باستخدام أسلحة ثقيلة.
شلل وإغلاق
وتسببت الاشتباكات في توقف حركة الطيران والإغلاق الكامل لكل المحال التجارية وخلو الشوارع من المارة، وشلل تام للحركة بين مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان). وسادت مدينة الخرطوم، حيث مقر القصر الرئاسي ومعظم وزارات ومؤسسات الدولة الرسمية، حرب شوارع عنيفة، بخاصة حول المواقع الاستراتيجية، كما عاشت العاصمة السودانية أسوأ كوابيسها مع دوي الانفجارات والإغلاق الكامل لجميع الكباري وشلل تام للحركة بين مدنها الثلاث، وداخلها، مع استمرار دوي الانفجار حول المدينة الرياضية ومدينة سوبا، جنوب العاصمة، بجانب مدينة بحري، في وقت تستعر فيه حرب البيانات والاتهامات المتبادلة من الطرفين، وتتضارب الأنباء عن استيلاء "الدعم السريع" على أجزاء من القصر الجمهوري ومطار الخرطوم ومروي.
في الوقت نفسه كانت مدينة مروي، شمال السودان، تشهد أيضاً اشتباكات عنيفة بكل أنواع الأسلحة والذخيرة بين الجانبين، حيث دوت أصوات إطلاق النار، حول قاعدة مدينة مروي الجوية، حيث تنشر قوات من الجيش في محيطها بغرض تأمين المواطنين.
من دون إنذار
وقال مواطنون في مناطق أم درمان، حيث سلاح المهندسين، والسلمة، جنوب الخرطوم، إن عديداً من المدنيين قتلوا وأصيبوا أثناء الاشتباكات التي اندلعت على نحو مفاجئ من دون سابق إنذار، إذ لم تعلن السلطات حالة الطوارئ أو حظراً للتجوال، لكنهم فقط فوجئوا بدوي الانفجارات يأتي من اتجاه المدينة الرياضية، شمال شرقي الخرطوم، ومن جهة جبل المرخيات ناحية أم درمان، في وقت ما زالت تتواصل فيه الاشتباكات، سواء في مواقع الجيش أو معاقل الدعم السريع.
وعبر وسائل التواصل الاجتماعي والوسائط الإلكترونية تداول السودانيون رسائل حول كيفية التصرف أثناء "حرب المدن"، وكيفية التعامل مع الواقع الجديد في سلوكهم وحركتهم اليومية حتى داخل المنازل ووسائل تفادي الرصاص الطائش، وعدم الاستسلام للإشاعات، وضرورة تعاون كل أفراد الأسرة في الحفاظ على التواصل بينهم والتجاوب مع أي إرشادات رسمية تطلب منهم لحماية أنفسهم وممتلكاتهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مناشدات إنسانية
إلى ذلك، دعت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، المواطنين إلى توخي الحذر وأخذ الحيطة اللازمة في الظروف الأمنية غير المستقرة. وأعلنت نقابة الأطباء السودانية عن مقتل 3 مدنيين، وإصابة العشرات جراء الاشتباكات، مع تعذر الوصول إلى الجرحى العسكريين من الجانبين. وكشفت منظمة "أطباء حول العالم" في بيان، عن وقوع 17 قتيلاً و113 مصاباً من العسكريين والمدنيين، منها 8 حالات خطرة، في مستشفيات شرق النيل وأم درمان وبشائر ومستشفى إبراهيم مالك ومستشفى فضيل ورويال كير.
واستنفرت المنظمة كافة الكوادر الطبية والصحية وطواقمها الميدانية المتطوعة، ووجه مدير الطوارئ بالمنظمة نداء استغاثة لجميع الكوادر بالخرطوم وولايات السودان المختلفة والطواقم الميدانية للتوجه إلى المستشفيات، كل بحسب موقع سكنه، مع أخذ الحيطة والحذر، لمساعدة طواقم المستشفيات في تقديم الخدمة الطبية للمتأثرين والمصابين.
كما أصدرت اللجنة التمهيدية لنقـــابة أطبــاء الســـودان، نـــــداءً عــاجلاً للأطباء والكـوادر الطبية نتيجة الحاجة العـــاجلة للأطباء والجراحين وأخصائيي جراحة العظام وجراحة الأوعية الدموية، وجميع الكوادر الطبية، للتوجه إلى مستشفيات شرق النيل وبشائر والفاشر. وطالبت اللجنة جميع القادرين على تلبية النداء بالتوجه فوراً إلى المستشفيات المذكورة، نظراً لوجود أعداد كبيرة من المصابين والحالات الحرجة التي تتطلب تدخلاً جراحياً بصورة عاجلة، مع إعطاء الأولية للسلامة الشخصية وإمكانية التنقل الآمن.
رسائل للتهدئة
وفي مسعى لاحتواء الموقف الملتهب، وجه رئيس الوزراء السوداني السابق، عبدالله حمدوك، نداءً لكل من رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان ورئيس قوات "الدعم السريع" محمد حمدان (حميدتي) لوقف القتال. وقال حمدوك في رسالته المسجلة، "يجب أن يتوقف الرصاص فوراً، ويتم تحكيم صوت العقل، فالخسارة ستكون من نصيب الجميع، ولا يوجد منتصر على جثث شعبه".
وفي سياق محاولات التهدئة أيضاً، أصدرت الحركة الشعبية لتحرير السودان (الجبهة الثورية) نداءً عاجلاً لوقف الاقتتال بين الطرفين في مواقع مختلفة داخل وخارج الخرطوم، مما يزيد من تعقيدات المشهد السياسي والأمني السوداني. وجاء في البيان أنه "يجب ألا تكون الحرب خياراً من خيارات الجميع، فالمنتصر فيها خاسر، والخيار الأسلم والأجدى هو الحوار لتحقيق استقرار السودان". وأضاف البيان، "إننا أمام لحظات حرجة جداً، والبلاد تمر بأوضاع خطرة للغاية، ومن الحكمة ألا نتبع الغضب في هذا المنعطف... يجب ضبط النفس وتحكيم صوت العقل والجنوح إلى حل هذه الأزمة عبر فتح حوار صريح وجاد بأسرع ما يكون من أجل الحفاظ على أمن واستقرار البلاد وسلامة شعبها وانتصارها بوحدة مكوناتها الوطنية".
الوضع الميداني
وبحسب مصادر رسمية تمكنت القوات المسلحة حتى عصر اليوم السبت، من صد الهجوم الرئيس لقوات "الدعم السريع" على مقر القيادة العامة ومطار الخرطوم من موقع هيئة العمليات السابق خلف المطار وتأمين الموقف.
وكشفت المصادر عن تسلم الجيش مقار وقوات "الدعم السريع" في عواصم ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف، والنيل الأبيض، وسنار. ونوهت المصادر الرسمية بأن الجيش تمكن أيضاً من تدمير معسكرات "الدعم السريع" في كل من طيبة الحسناب وسوبا وصالحة بالطيران، إضافة إلى تدمير مركز قيادة "الدعم السريع" بجوار القيادة العامة وفي مدينة بحري (المظلات) بالاشتباك المباشر والدروع والمشاة.
وأشارت المصادر إلى استمرار الاشتباكات في كل من مدينة الأبيض بشمال كردفان والفاشر بشمال دارفور ومروي ونيالا، وأن الخسائر المادية الواضحة حتى الآن تمثلت بتدمير طائرة مدنية بمطار الخرطوم واحتراق 3 طائرات حربية على أرض مطار الأبيض.
وكان الناطق الرسمي لقوات "الدعم" قال في تعميم صحافي، إن قواتهم "تفاجأت صباح السبت 15 أبريل بقوة كبيرة من الجيش تدخل إلى مقر وجودها في أرض المعسكرات بسوبا، شرق الخرطوم، وتضرب حصاراً على العناصر الموجودة هناك، ثم تنهال عليها بهجوم كاسح بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة".
وأوضح التعميم أن "قيادة (الدعم السريع) أجرت اتصالات مع كل من الآلية الرباعية ومجموعة الوساطة ممثلة بعضو مجلس السيادة، رئيس الحركة الشعبية - شمال، مالك عقار، وحاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي ووزير المالية، رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، وأطلعتهم على الأمر".