Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصير الانتخابات البلدية في لبنان بيد المجلس الدستوري

كتل نيابية تستعد للطعن بالتمديد الذي أقره البرلمان أخيراً للمجالس البلدية والاختيارية

يجمع قانونيون على عدم دستورية الجلسة التشريعية التي أقرت التمديد للمجالس البلدية في لبنان (رويترز)

ملخص

النائب جورج عقيص لـ"اندبندنت عربية": مسودة الطعن باتت جاهزة، واحتمال توحيد #الطعون بين الكتل #المعارضة للتمديد واعتماد الصيغة الأمثل

وقع رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي مرسوم قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية بعد إقراره في مجلس النواب، إلا أن مصير الانتخابات البلدية والاختيارية إذ كان من المفترض أن تحصل خلال شهر مايو (أيار) المقبل لا يزال غير محسوم، خصوصاً إذا قرر المجلس الدستوري قبول الطعون التي تتجه كتل نيابية إلى تقديمها فور نشر القانون في الجريدة الرسمية، وأبرزها كتل "الجمهورية القوية" (أغلبها من حزب القوات اللبنانية) و"الكتائب" و"التجدد" و"التغيير". وكشف عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب جورج عقيص لـ"اندبندنت عربية" عن أن مسودة الطعن باتت جاهزة، وتحدث عن إمكانية تقديم طعن مشترك بعد عرض المسودة التي أعدها الفريق القانوني في حزب "القوات اللبنانية"، على الكتل المعارضة للتمديد لاعتماد الصيغة الأمثل، شارحاً أن الطعن يحتاج إلى توقيع عشرة نواب لكن لا شيء يمنع أن يكونوا 55 وهو عدد النواب الذين قاطعوا الجلسة التشريعية الأخيرة التي أقرت التمديد.  

ثغرات قانونية ومخالفات دستورية

يجمع قانونيون على عدم دستورية الجلسة التشريعية من جهة وعدم دستورية القانون الذي صدر عنها من جهة أخرى. ويعتبر الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك أن "القانون معرض للطعن أمام المجلس الدستوري لعلتين، أولاً لأنه صدر عن جلسة غير دستورية، إذ إن مجلس النواب حالياً هيئة ناخبة لا هيئة اشتراعية، وثانياً لمخالفته المبادئ الدستورية العامة أهمها تداول السلطة".
وإذا كان القانون في الشكل تشوبه ثغرة قانونية فإن المحتوى بحسب مالك يتضمن أكثر من مخالفة دستورية. ويشرح مالك أن "التمديد يعتبر باطل دستورياً لأن الظروف ليست استثنائية بالمعنى الدستوري ولا تحتم تأجيل الاستحقاق. كما أن عدم توفير الأموال ليس سبباً مقنعاً وكذلك إضراب الموظفين. إذ لا يعود للمجلس النيابي تسويق التقاعس عن إجراء الانتخابات وتبنيه باقتراح قانون". وفيما يؤكد مالك أن "الطعن يمكن أن يستند إلى نقاط أساسية، أبرزها مخالفة القانون للمبادئ الدستورية العامة ومنها مبدأ الديمقراطية ودورية الانتخاب وتداول السلطة وعدم تخطي الوكالة المعطاة من المواطن إلى المجلس البلدي"، ويرى أن "الخرق الدستوري يتمثل بالمس بمبدأ دورية الانتخابات وممارسة اللبنانيين لحقهم في الانتخاب والترشح وإدارة شؤونهم الذاتية، فيما لا يحق لمجلس النواب خرق مبدأ دورية الانتخابات الذي يتمتع بالقوة الدستورية وفقاً لاجتهادات المجلس الدستوري".
أما المخالفة الجوهرية في الصيغة التي أقرت التمديد للمجالس البلدية والاختيارية فهي بحسب الخبير الدستوري في اعتماد مصطلح "مهلة أقصاها سنة تنتهي في 31 مايو (أيار) 2024"، إذ لا يحق لمجلس النواب أن يتخلى عن صلاحيته لمصلحة الحكومة ويترك أمر تحديد الانتخابات للسلطة التنفيذية. وقد سبق للمجلس الدستوري أن أصدر قراراً في عام 1997 طلب فيه إبطال القانون الذي قضى بتمديد ولاية المختارين والمجالس الاختيارية، واستند حينها إلى عبارة "مهلة أقصاها"، معتبراً أن "تحديد التاريخ الذي تجري فيه الانتخابات سواء النيابية أم البلدية أم الاختيارية يدخل في دائرة القانون، ولا يملك المشترع أن يترك للسلطة الإدارية تحديد هذا التاريخ في الوقت الذي تراه ومن دون الاستناد إلى معيار معين، وذلك لكي تتسم الانتخابات بطابع الموضوعية وتكون بمنأى عن سوء استعمال السلطة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قانون التمديد مر بصفقة؟

وبعيداً من المخالفات القانونية والدستورية لقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، والأسباب الاستثنائية التي تحججت بها الكتل النيابية المشاركة في الجلسة التشريعية، فإن للمعترضين قراءة أخرى في تسلسل الأحداث التي أوصلت إلى هذه النتيجة. ولا يستبعد النائب عقيص وجود صفقة بين "التيار الوطني الحر" الذي أمن نصاب الجلسة، والثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله). ففي القراءة التسلسلية لما حصل يعتبر عقيص أن "الحكومة هي التي تتحمل المسؤولية الأولى، عبر خلق جو من البلبلة والريبة بعدم قدرتها على إتمام الاستحقاق الانتخابي، وأسهمت في تقصيرها في الوصول إلى التأجيل، فلو حسمت الحكومة أمرها منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأعلنت خطوات إجرائية تثبت جهوزيتها لما كانت أعطت تبريراً للقوى السياسية التي لا مصلحة لديها بإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية للعمل على تأجيلها". أما "خطيئة مجلس النواب" كما يصفها النائب القواتي، فهي "تشريع وتغطية تقصير الحكومة، فيما دوره هو محاسبتها وحثها على العمل والتنفيذ". وإذ يعبر عن قناعته بأن "كل الأمور كانت قابلة للعلاج، ومنها التمويل والأمور اللوجستية"، وعلى رغم تأكيد رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل أن مشاركتهم في الجلسة أتت انطلاقاً من حرصهم على "عدم حصول فراغ في المجالس البلدية بعيداً من الشعبوية التي غلبت موقف القوات اللبنانية"، إلا أن عقيص يشكك بتبرير التيار، متحدثاً عن "أسباب أخرى لها علاقة بالخوف من نتائج الانتخابات بعد تراجع شعبيته أو لوجود صفقة ما فرضت تغطية التيار للجلسة التشريعية في مقابل ثمن ما سيطالب به من الثنائي". واعتبر عقيص أن "التيار الوطني الحر جازف بشعبيته وأسقط شماعة حقوق المسيحيين ومقولة عدم جواز التشريع في غياب رئيس الجمهورية، وظهر أن همه المصالح الخاصة لا المصلحة العامة، مخالفاً بذلك الجو المسيحي العام"، متسائلاً "هل الثمن سيكون في الاستحقاق الرئاسي؟".

ماذا عن داعمي التمديد؟

أما على مقلب الفريق الذي صوت لصالح تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية، فيؤكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم لـ"اندبندنت عربية" أن "الطعن في أي قانون يصدر عن مجلس النواب هو حق دستوري وقانوني لأي كتلة نيابية. وعندما يصل الأمر إلى تلك اللحظة، فإن الكلمة الفصل هي للمجلس الدستوري". وأكد هاشم أن فريقه السياسي سيخضع لأي قرار سيتخذه المجلس الدستوري. ونفى رداً على سؤال أن يكونوا قد تهربوا من الانتخابات البلدية جازماً أن "حركة أمل كانت تواقة إلى إجرائها، ومن هذا المنطلق اقترحت كتلة التنمية والتحرير فتح اعتماد للتغطية المالية".
وبحسب هاشم "لم يأتِ قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية بنتيجة صفقة مع التيار الوطني الحر، أو غيره، بل إن التمديد فرضته مصلحة استمرار عمل هذه المؤسسات، سواء البلدية أو الاختيارية تجنباً للفراغ، خصوصاً في ظل حالة الإرباك التي لاحت قبل الوصول إلى المرحلة الأولى من الانتخابات، نظراً إلى عدم الجهوزية الكاملة".

من جهته يضع عضو" تكتل لبنان القوي" (تابعة للتيار الوطني الحر) النائب غسان عطا الله "كامل الثقة بقرار المجلس الدستوري الذي يعود له البت بالطعون التي ستقدم أمامه، انطلاقاً من الحيثيات أو الظروف التي سينظر بها، وعلى أساس قراره يبنى على الشيء مقتضاه".
وإذ يجزم عطا الله بشكل قاطع فرضية الصفقة أو الاتفاق الضمني بين "التيار الوطني الحر" ورئيس البرلمان نبيه بري لتجنب الانتخابات البلدية خوفاً من تراجع شعبية التيار البرتقالي، يذكر بأن "أسباب التمديد لم تعد مخفية على أحد"، مكرراً تحميل رئيس حكومة تصريف الأعمال المسؤولية، مضيفاً أن ميقاتي "بكل وقاحة" أعلن في آخر جلسة أنه لا إمكانية لديه لإنجاز الاستحقاق في السابع من مايو (أيار) المقبل، لكن قد يكون جاهزاً في السابع من يونيو (حزيران). وقال عطا الله "يعني أنه كان مطلوباً أن نترك الشعب اللبناني بأكمله والبلديات والمخاتير بمهب الريح لمدة شهر، على مزاجية الرئيس ميقاتي، على رغم أننا كنا متأكدين أن لا إمكانية لحصول الانتخابات، لأننا لا نثق بكلامه والتجارب معه كثيرة". ويبرر النائب في "التيار الوطني الحر" مشاركتهم في الجلسة والتصويت لصالح التمديد، بأنه "لاستدراك الفراغ والفوضى والمجهول وإعطاء المجالس البلدية والاختيارية الحق القانوني في متابعة أعمالهم، حرصاً على معاملات الناس ومصالحهم".
هل يحكم المجلس الدستوري بالسياسة أم بالقانون؟

ويجمع خبراء في الدستور أن طريق الطعن في قانون التمديد أمام المجلس الدستوري سالك ومعبد. وتكشف مصادر لـ "اندبندنت عربية" عن أن الطعن المعد من قبل "القوات اللبنانية" سيتثني المسألة المتعلقة بكون مجلس النواب هيئة ناخبة لا اشتراعية في ظل الشغور الرئاسي، تجنباً لفتح الباب أمام إعطاء المجلس الدستوري رئيس مجلس النواب نبيه بري تبريراً لما سبق وأكده حول إمكانية التشريع في مرحلة الفراغ الرئاسي، خصوصاً وأنه سبق لمجلس النواب أن أقر بين عامي 2014 و2018، في ظل شغور رئاسي، وبحضور نواب "القوات اللبنانية" و"الكتائب"، عدداً من القوانين التي طعن بها أمام المجلس الدستوري، ولم يشر إلى أن مجلس النواب هيئة ناخبة وليست تشريعية آنذاك.
مقدمو الطعن أكدوا لـ "اندبندنت عربية" أنهم سيرضخون لقرار المجلس الدستوري مهما كان، في وقت لا يخفي معظمهم إمكانية التدخل السياسي لدى القضاة أعضاء المجلس، ويستغربون لجوء بعض أعضائه إلى إبداء الرأي بدستورية الجلسة في وسائل الإعلام قبل الاطلاع على مضمون الطعن. والمعلوم أن التركيبة الحالية للمجلس الدستوري قائمة على المحاصصة بين أطراف السلطة والأحزاب التي صوتت للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية. فالأعضاء في المجلس الدستوري موزعون حالياً بين أربعة قضاة مسيحيين محسوبين على "التيار الوطني الحر" وعضوين شيعيين للثنائي "أمل - حزب الله"، واثنين سنة كانا محسوبين على "تيار المستقبل" وهما اليوم مقربين من بري، وعضو درزي قريب من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. بالتالي فإن التحدي سيكون في مدى قدرة المجلس الدستوري على تغليب القانون والدستور على السياسة.

المزيد من تقارير