Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإعلام الإيراني المحافظ والتخادم مع إسرائيل (1 -4)

قد لا يبدو غريباً أن تلتقي مصالح التيار الذي تمثله "كيهان" مع مصالح تل أبيب في السعي إلى إفشال وتخريب الاتفاق النووي

عنونت "كيهان" أن "اتفاق إيران مع السعودية ضربة قاضية لأميركا والكيان الصهيوني" (أ ف ب)

ملخص

يكمن النظر أو تصنيف صحيفة "كيهان" بأنها المدرسة الأم او الملهمة لكل الصحف ووسائل الإعلام المحافظة أو التي تتبع لواحدة من مؤسسات النظام على مختلف مسمياتها ومهماتها

التوقيع على "اتفاق بكين" في 10 مارس (آذار) الماضي 2023، جاء عشية التحضيرات الإيرانية للدخول في حالة السبات الإعلامي الذي يستمر نحو 15 يوماً بمناسبة عيد رأس السنة الإيرانية "نوروز"، ولم تجد الصحف الإيرانية بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها، فرصة للتعبير عن موقفها من هذا الاتفاق وكيف تقرأ انعاكساته وتداعياته على الداخل الإيراني والمنطقة، وجميع الآراء التي صدرت والتصريحات التي أدلت بها قيادات من المحافظين والإصلاحيين والليبراليين والعلمانيين لم تجد الفرصة للتوسع في هذه القراءات والمواقف والتقويمات وآثارها.

ويبدو أن عطلة الأعياد شكلت فرصة للصحف المحافظة والموالية للنظام لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب مبانيها الفكرية والعقائدية والأيديولوجية لتكون متوافقة أو منسجمة أو على الأقل قادرة على القبول والتعايش مع المتحول الجديد الذي حصل في العلاقة مع السعودية والذي يمثل انقلاباً في المفاهيم، فإن صحيفة "كيهان" لسان حال النظام، وفي تمهيد لما سيكون عليه الخطاب المستقبلي، حاولت، ومعها الصحف المحافظة، وإلى حد كبير الصحف ووسائل الإعلام الإصلاحية، وبناء على توصية من الجهات الأمنية التي ترسم آلية التعامل مع المصالح الاستراتيجية، ذهبت إلى اعتبار الاتفاق "ضربة" وحتى "صفعة" للإدارتين الأميركية والإسرائيلية، وعنونت "كيهان" أن "اتفاق إيران مع السعودية ضربة قاضية لأميركا والكيان الصهيوني"، إلا أنها في العنوان الفرعي لم تستطع الخروج من دائرة الصراع الداخلي في محاولة لتوجيه رسالة لقاعدة التيار المحافظ الشعبية أن النظام والحكومة التي تمثله في السلطة التنفيذية وقيادة العملية السياسية هي الأقدر على صنع "الانتصارات" وتحقيق الإنجازات لإيران، فاستغلت المناسبة لتوجيه الإهانة والشماتة والهجوم على التيار الإصلاحي الذي قاد السلطة التنفيذية في عهدي الرئيسين محمد خاتمي وحسن روحاني، من خلال الدعوة لأخذ العبرة من قدرة التيار المحافظ والحكومة التي جاء بها على تحقيق الإنجازات فجاء هذا العنوان ليقول "على مدعي الإصلاحات أن يتعلموا التفاوض".

وفي أول انتقال وتغيير في مواقفها والتحول إلى دعم الاتفاق مع السعودية، وهي الصحيفة التي سبق أن عنونت، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2016، أي بعد أربعة أيام من الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، مطالبة السلطة السياسية وحكومة روحاني بضرورة "تطهير إيران من عار العلاقة مع آل سعود".

ويكمن النظر أو تصنيف صحيفة "كيهان" بأنها المدرسة الأم أو الملهمة لكل الصحف ووسائل الإعلام المحافظة أو التي تتبع لواحدة من مؤسسات النظام على مختلف تسمياتها ومهامها، لذلك فمن السهل لأي متابع أن يرصد الخطاب والموقف المحافظ من أي حدث واتجاه أي قضية من خلال متابعة أي وسيلة من هذه الوسائل، لأن الاختلاف في ما بينها يدور في نطاق ضيق يعتمد على الهامش الذي تضعه وسيلة الإعلام لنفسها في إعادة الصياغة والتحرير أو تعود للقدرات الذاتية للكاتب أو المحرر في تقديم الفكرة أو الخبر.

وقد شكلت هذه الصحف، وفي مقدمتها "كيهان" الأداة الفاعلة في توجيه القاعدة الشعبية للنظام أو ما تبقى منها، في معركة السيطرة على السلطة وإخراج جميع المنافسين من الساحة السياسية وإدارة الدولة، فتولت مهمة الهجوم العشوائي على الحكومات والسلطات التنفيذية الإصلاحية والمعتدلة في عهد الرئيسين محمد خاتمي وحسن روحاني، ولم تخرج عن تأييد حكومة محمود أحمدي نجاد إلا بعد خروج الخلاف بينه وبين المرشد إلى العلن، فتحولت إلى نقد أدائه مع الاحتفاظ بخيط رفيع من التأييد باعتباره ممثلاً لجناح من التيار المحافظ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتولت صحيفة "كيهان" على سبيل المثال، منذ اللحظات الأولى، مسؤولية ومهمة التصويب على المفاوضات النووية والفريق المفاوض ورئيس الجمهورية روحاني، وقد نال وزير الخارجية محمد جواد ظريف النصيب الأكبر من هذا الهجوم وصولاً إلى اتهامه بالعمالة للغرب وأميركا والتفريط بالمصالح الإيرانية القومية والوطنية، ولم تأخذ بالاعتبار عينه أن روحاني لم يكن ليتخذ خطوة أو قرار التفاوض ما لم يكن هذا القرار قد سبق واتخذ لدى المرشد الأعلى وأحاله على روحاني للتنفيذ، فضلاً عن أن الهجوم على ظريف لم تراع فيه "الثقة" التي حصل عليها من المرشد الأعلى على أدائه مع فريقه، وأنه لم يكن باستطاعته الحديث عن هذه الثقة في جلسة استجوابه البرلمانية ما لم يكن كلام المرشد موثقاً وواضحاً وقيل أمام الجميع.

وقد لا يبدو غريباً أن تلتقي مصالح التيار الذي تمثله "كيهان" مع المصالح الإسرائيلية في السعي إلى إفشال وتخريب الاتفاق النووي، إذ إن هجوم "كيهان" وتيارها السياسي على الاتفاق، تزامن وترافق مع الهجوم الإسرائيلي على هذا الاتفاق، والتقت مصالح الطرفين على إفشاله وتخريب ما تم إنجازه من انفتاح على المجتمع الدولي وبناء قناة تواصل بين النظام في طهران والإدارة الأميركية في واشنطن، ولم تكن الفرحة والترحيب الإسرائيليين بأقل من فرحة وترحيب "كهيان" وجماعتها بقرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بالانسحاب من الاتفاق والعودة إلى سياسة العقوبات.

وقد بلغ مستوى التخادم بين تل أبيب و"كيهان" في مرحلة مفاوضات فيينا وعلى الطريق الموصل إلى اتفاق 2015، أن التركيز الإسرائيلي انصب على استهداف وزير الخارجية الإيرانية ظريف باعتبار الدور المحوري الذي لعبه في تدوير الزوايا مع واشنطن، وكذلك قامت "كيهان" برفع مستوى استهدافه وصولاً إلى اتهامه بالخيانة الكبرى والدعوة إلى محاكمته وسجنه.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل