Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستكون الكونفيدرالية حلا للأزمات السياسية في العراق؟

الرئيس السابق برهم صالح دعا إلى اعتماد هذا النظام

منذ الاستفتاء الذي أجري في الإقليم للتصويت على استقلاله عن العراق في سبتمبر 2017 بدا الإقليم أقل تأثيراً داخلياً ودولياً (رويترز)

ملخص

الأزمات التي يعيشها العراق منذ عقود عدة وخصوصاً بعد عام 2003 تدفع بعض القادة الكرد إلى الدعوة لتطبيق النظام الكونفيدرالي في بلاد الرافدين

استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية التي يعيشها العراق منذ عقود عدة، وخصوصاً بعد عام 2003، يدفع بين الحين والآخر بعض القادة الكرد إلى الدعوة لتطبيق النظام الكونفيدرالي في العراق، ويسمح هذا النظام لدول مستقلة بتشكيل هيئة قيادية لتنسيق السياسات في عدد من المجالات مع احترام سيادة كل دولة تنضم إليها عبر اتفاقات مشتركة بهذا الخصوص، مثل ما حصل بين صربيا والجبل الأسود بعد انهيار يوغوسلافيا السابقة قبل أن تقرر الأخيرة الاستقلال عام 2006.

الكونفيدرالية هي الحل

وفي ثاني ظهور له بعد فشله في الحصول على ولاية ثانية لرئاسة الجمهورية العراقية التي تركها من دون حفل استقبال وتوديع متعارف عليه عراقياً، دعا الرئيس السابق برهم صالح إلى اعتماد النظام الكونفيدرالي كأساس لحل الأزمة بين إقليم كردستان وباقي أجزاء العراق. وقال صالح في مقال نشرته "فورين بوليسي" الأميركية إن العراقيين بحاجة إلى حل دائم لقضية الفيدرالية الشائكة، ليس أقلها التغلب على الخلاف المستمر بين إقليم كردستان وبغداد الذي ما زال قائماً منذ تأسيس الدولة العراقية. أضاف صالح أن هناك حاجة أكثر إلحاحاً اليوم إلى إيجاد طريق للمضي قدماً يحترم حقوق ومصالح كلا الجانبين، طريق يعزز التعايش من خلال المواطنة الكاملة والكاملة، لافتاً إلى أن إحدى الرؤى التي تستحق المتابعة هي ترتيب كونفيدرالي جديد يحل القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية العالقة، ويؤكد المصالح المشتركة لكردستان وبغداد، وقد تصل الفوائد إلى ما هو أبعد من الأكراد.

وأشار صالح إلى أن من شأن هذا الترتيب أن يجعل من الممكن إضفاء اللامركزية على السلطة لمحافظات العراق الوسطى والجنوبية من خلال انتخاب حكام المحافظات مباشرة من قبل المواطنين، بالتالي تمكين الحكومات المحلية وجعلها أكثر عرضة للمساءلة.

تقسيم العراق

ورأى مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن النظام الكونفيدرالي يعني تقسيم العراق، مشدداً على ضرورة تطوير النظام الفيدرالي الحالي. وقال فيصل "النظام الكونفيدرالي لا ينسجم مع تطور الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها عام 1921، لأنه في الأساس العراق ظهر كدولة موحدة ملكية برلمانية دستورية ديمقراطية تضمن تحقيق المشاركة السياسية والاقتصادية لمختلف القوميات والأعراق والأديان والمذاهب"، مشيراً إلى أنه على رغم الانقلابات العسكرية، في يوليو (تموز) 1958 وحتى انقلاب يوليو 1968، بقيت الدولة العراقية محافظة على التماسك والانسجام وفق ميثاق الأمم المتحدة ونظرية "ولسن" رئيس الولايات المتحدة، في الحق في تقرير المصير، وحافظت على وحدة الأرض وسلامة الحدود بجانب السيادة والاستقلال.

اتحاد دول

أضاف أن النظام الكونفيدرالي يتكون عندما تحاول دولة أو أكثر الاندماج باتحاد كونفيدرالي وليس العكس، مبيناً أن من الممكن اتحاد مجموعة من الدول الآسيوية أو الأفريقية أو العربية في اتحاد كونفيدرالي وليس العكس بتجزئة دولة بنيت على أساس الوحدة الوطنية. وتابع فيصل أن ذهاب العراق إلى النظام الكونفيدرالي سيعني تطبيق تقسيم العراق وبذلك نتجه إلى دويلات كونفيدرالية داخل الدولة العراقية، عاداً هذه الفكرة غير منطقية بحكم الطبيعة التاريخية للعراق وفي ظل العلاقة بين العرب والأكراد والتركمان والأديان والمذاهب.

تطوير الفيدرالية

ولفت فيصل إلى أن الحل هو من خلال تطوير النظام الفيدرالي للحفاظ على وحدة الأرض وسلامة الحدود وسيادة الدولة العراقية لكونه أفضل من التفكير بالذهاب إلى تقسيم العراق إلى كونفيدراليات هشة، بالتالي عدم قدرته على بناء دولة واقتصاد متينين، لا سيما أن العراق يمتلك ثروات هائلة وقدرات بشرية مختلفة ومهمة. وأكد أن مستقبل العراق وتطور الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير يأتي في إطار الشراكة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار نظام فيدرالي يحقق الوحدة والتجانس والقدرة على الظهور كدولة ذات تأثير مهم في الشرق الأوسط في بناء السلام والاستقرار والتعايش السلمي.

خلل دستوري

ورأى النائب الكردي عبدالباري زيباري أن الخلل في الآليات المتبعة في الدستور والنظام السياسي لا الفيدرالي، وتوقع مزيداً من التشتت في الإقليم إذا ما طبق النظام الكونفيدرالي. وقال زيباري "تغير النظام من الفيدرالي إلى الكونفيدرالي لن يصاحبه أي تغيير سياسي لكون العقلية التي تتعامل مع العملية السياسية غير موفقة حتى الآن"، مبيناً أن "بعض الحالات الفيدرالية تكون أقوى من الكونفيدرالية وفق الشروط المتفق عليها بين المركز والأقاليم". أضاف أن الخلل في آليات التنفيذ والأشخاص الذين يطبقون العملية السياسية وليس في النظام السياسي، مشيراً إلى أن هناك خللاً في إدارة الدولة سواء في الإقليم أو في بغداد أو بقية المحافظات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشتت الإقليم

وتابع زيباري أن الكونفيدرالية لن يكتب لها النجاح في إقليم كردستان لكونه يشهد تشتتاً سياسياً، خصوصاً أن حزباً رئيساً وهو الاتحاد الوطني يقاطع جلسات الإقليم، مبيناً أن تطبيق النظام الكونفيدرالي سيزيد الأمور سوءاً.

نظام اختفى

بدوره، رأى باسل حسين مدير مركز "كلواذا" للدراسات وقياس الرأي العراقي أن الكونفيدرالية كنظام لم تعد له تطبيقات على أرض الواقع في عالم اليوم. وأشار إلى أن هذا الموضوع يتداول بين الحين والآخر من قبل القيادات والأحزاب الكردية منذ عام 2005. وقال حسين "آخر تطبيق للنظام الكونفيدرالي كان بين الجبل الأسود وصربيا بعد انهيار يوغوسلافيا إلا أنه لم يستمر طويلاً، وأعلن كل من الجبل الأسود وصربيا استقلالهما"، مشيراً إلى أن بعض الآراء كان يرى في الاتحاد الأوروبي الأقرب إلى الكونفيدرالية.

مهم للكرد

وأوضح حسين أن طرح الكونفيدرالية بين إقليم كردستان والمركز ليس بجديد، فقد تم تداوله كردياً منذ سنوات عدة لتجاوز الخلافات، لكون الفيدرالية التي أقرها دستور 2005 لم تسمح بإقامة علاقة مستقرة بينهم وبين بغداد من جهة، ولم تلب طموح الكرد في حكم أنفسهم، مبيناً أن الكونفيدرالية ستعطي للكرد مساحة أكبر كدولة لها علمها الخاص وموازنتها وعملتها وسيادتها وغيرها من السمات التي تمنح للدول في الاتحادات التعاهدية الكونفيدرالية. أضاف حسين أن هذا الأمر إذا ما تم، يستدعي قبولاً يتخطى الأطراف العراقية باتجاه موافقة تركيا وإيران والولايات المتحدة على مشروع كهذا بما يقلل من فرص إقامتها.

ومنذ الاستفتاء الذي أجري في الإقليم للتصويت على استقلاله عن العراق في سبتمبر (أيلول) 2017، بدا الإقليم أقل تأثيراً داخلياً ودولياً، وكان هذا الأمر واضحاً في استرجاع الحكومة المركزية جميع المناطق المتنازع عليها، وعدم وجود إجماع كردي داخل البرلمان العراقي بسبب الصراع بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني تزامناً مع صعود أحزاب وجهات ممثلة للفصائل الشيعية في البرلمان، مما جعل من تكتيكاته السابقة في اللعب على التناقضات بين الكتل الشيعية والسنية كبيضة القبان، غير مؤثرة، وتصطدم بمواقف جهات سياسية مختلفة تمنع تنفيذ كثير من التعهدات التي تقوم بها بغداد للإقليم وخصوصاً الحزب الديمقراطي الكردستاني.

المزيد من تقارير