ملخص
"ستاندرد أند بورز" تخفض نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر إلى سلبية
كشف تقرير حديث عن أن أسواق الدين المصرية تمر بحالة تأهب لم يسبق لها مثيل وسط قلق متزايد من احتمال التخلف عن سداد مدفوعات سندات في غضون عام، وتواجه مصر أزمة عنيفة في ما يتعلق بمصادر توفير العملة الصعبة منذ الربع الأول من العام الماضي، والتي تزامنت مع إعلان الحكومة عن هرب نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة بشكل مفاجئ.
وذكرت وكالة "بلومبيرغ" أن المخاوف تتزايد من اقتراب وقوع أزمة، إذ تراجعت ثقة بعض المستثمرين في قدرة الحكومة التي تكافح للحصول على التمويل الخارجي بعد الأزمات المتعاقبة، وأدى ذلك إلى ارتفاع كلفة التأمين ضد أخطار التخلف عن سداد الديون السيادية في الأشهر الـ12 المقبلة إلى مستوى قياسي، مما تسبب في زيادة العلاوة على عقود السنوات الخمس إلى أعلى مستوى على الإطلاق. وأشارت إلى أنه يتداول نحو 33.7 مليار دولار من سندات "اليوروبوند" المصرية، أي ما يقارب 86 في المئة من أوراقها المالية الدولية القائمة، بأكثر من ألف نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، وهو حد تعتبر عنده الديون في حالة تعثر.
مخاوف التخلف عن سداد الديون قائمة
ورأى المحلل في "كولومبيا ثريد نيدل إنفستمنتس" ومقرها لندن غوردون باورز، أن انعكاس منحنى الائتمان يدل بالتأكيد على أن السوق ترجح بشكل أكبر التخلف عن السداد على المدى القريب. وأشارت "بلومبيرغ" إلى أن صندوق النقد الدولي أرجأ مراجعة برنامج إنقاذ لمصر الذي تبلغ قيمته ثلاثة مليارات دولار، وفي الوقت نفسه لم تحصل البلاد على تعهدات تمويل بمليارات الدولارات وعدت الدول الخليجية بتقديمها، إذ تنتظر هذه الدول أدلة أكبر على أن الحكومة المصرية تمضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات التي أعلنت عنها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أن الغموض مع استمرار حال عدم اليقين الاقتصادي يصعب على الحكومة المصرية المضي قدماً والحصول على السيولة التي تحتاج إليها لتغطية حاجات الإنفاق التي تتزايد بشكل مستمر.
كما تزايدت الضغوط بعد أن خفضت وكالة "ستاندرد أند بورز" نظرتها إلى تصنيف مصر الائتماني البالغ "B" من مستقرة إلى سلبية بنهاية الأسبوع الماضي، كما أبدت نظرة أكثر تشاؤماً حيال وضع البلاد المالي مقارنة برؤية صندوق النقد الدولي. ورأى باورز أن "صبر السوق بدأ ينفد بسبب عدم إحراز تقدم، فضلاً عن ظهور إشارات إلى عدم مرونة الحكومة في وقت ليست لديها الأفضلية في المفاوضات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقفزت عقود مقايضة العجز الائتماني في مصر لمدة عام ألف نقطة أساس، هذا الشهر، لتصل إلى 2283 نقطة عند إغلاق التداول في نيويورك، الأربعاء الماضي، وفي الوقت نفسه صعدت العقود التي يبلغ أجلها خمس سنوات بنحو 390 نقطة أساس لتصل إلى 1703 نقاط.
وتم تداول السندات المستحقة في مايو (أيار) 2024 عند أدنى مستوياتها على الإطلاق عند 82 سنتاً للدولار الأربعاء، وهوت ديونها للآجال الأطول لتصل إلى مستويات التعثر ليتداول الإصدار المستحق في 2061 عند نحو 49 سنتاً.
كم تبلغ الديون المستحقة حتى عام 2026؟
وفيما تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع احتياطي مصر من النقد الأجنبي للشهر الخامس على التوالي إلى 34.224 مليار دولار، في يناير (كانون الثاني)، من 34.003 مليار دولار، في ديسمبر الماضي، بزيادة بلغت 221 مليون دولار، لكن يبلغ إجمالي قيمة الالتزامات على مصر خلال العام المالي الحالي 2022-2023 نحو 20.2 مليار دولار منها نحو 8.7 مليار دولار خلال النصف الأول الذي انتهى في ديسمبر 2022، وفق بيانات البنك المركزي المنشورة في تقريره على موقعه الإلكتروني.
وفي وقت سابق، كشفت الحكومة المصرية عن سداد مدفوعات مرتبطة بالمديونية الخارجية، خلال شهر ديسمبر الماضي، بلغت نحو مليار دولار، فيما كانت قد سددت نحو 1.5 مليار دولار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليصل إجمالي سداد الالتزامات الخارجية إلى 2.5 مليار دولار في شهرين.
وكانت مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس أفريكا" قد كشفت في تقرير سابق عن أن مصر بحاجة إلى "تفادي خطر التخلف عن السداد، لكن مصر ليست سريلانكا، فهي لديها احتياطي أعلى بكثير وخيارات تمويل أفضل بكثير في المستقبل. مشكلة مصر يمكن السيطرة عليها من خلال سياسات أكثر صرامة ودعم الدائنين الرسميين". وقالت المؤسسة إن "صندوق النقد الدولي ليس العامل الحاسم في سيناريو التخلف عن السداد من عدمه. وبدلاً من ذلك سيكون بمثابة عامل بناء للثقة ومحفز لزيادة أخرى في التسعير للمرحلة التي عندما تتعافى فيها الأسواق الناشئة، يمكن حينها اللجوء إلى أسواق السندات الخارجية".
وتشير الأرقام والبيانات المتاحة إلى أنه يتعين على مصر سداد ديون خارجية بنحو تسعة مليارات دولار تستحق السداد في عام 2023، كما تشير أيضاً إلى أن مصر بحاجة في الوقت الحالي إلى نحو 41 مليار دولار لتغطية مدفوعات الديون وعجز الحساب الجاري حتى نهاية عام 2023.
ووفق البنك المركزي المصري فإن الدول العربية تمتلك 25.1 في المئة من الديون الخارجية لمصر، بينما يمتلك صندوق النقد الدولي نحو 15 في المئة منها، فيما تنتظر مصر جدول سداد مزدحماً خلال الأعوام القليلة المقبلة، وبخلاف 26.4 مليار دولار ديوناً قصيرة الأجل يتعين سدادها خلال عامين هناك ديون متوسطة وطويلة الأجل تجاوزت 72.4 مليار دولار حتى نهاية 2025، وبحسب جدول سداد الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل يتعين على مصر سداد 8.32 مليار دولار حتى نهاية يونيو (حزيران) 2023. وفي 2024 يجب سداد 10.9 مليار دولار في النصف الأول و13.3 مليار دولار في النصف الثاني من العام، وخلال عام 2025 يجب سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول و5.8 مليار دولار في النصف الثاني من العام، أما في عام 2026 فيتعين سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني.