Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يتحسر مئات الآلاف من الأردنيين على زمن كورونا؟

تفعيل قانون "حبس المدين" بعد انتهاء الوباء يهدد بزج المتعثرين خلف القضبان ومخاوف من اكتظاظ السجون بهم

منذ سنوات اختار آلاف الأردنيين المتعثرين مالياً ملازمة بيوتهم طوعاً خشية إلقاء القبض عليهم (اندبندنت عربية- صلاح ملكاوي)

ملخص

يتحدث وزير العدل الأردني عن زيادة عدد المطلوبين والممنوعين من السفر على قضايا مالية لنحو 158 ألف مواطن، فما مصير هؤلاء؟

وجد مئات الآلاف من الأردنيين أنفسهم مهددين بالسجن، مع إعادة الحكومة الأردنية العمل بقانون "حبس المدين"، الذي توقف تنفيذه سنتين متتاليتين منذ عام 2021، بموجب أمر الدفاع الذي فرضته السلطات آنذاك في محاولة منها لمواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.

ومنذ الأول من شهر مايو (أيار) الجاري، سرت حالة من الترقب والقلق بموازاة تفعيل أمني لقرارات التنفيذ القضائي في حق المطلوبين، وسط تحذيرات أطلقها مراقبون من نتائج هذا القرار الذي يتوقع أن يزج بمئات الآلاف من المتعثرين مالياً خلف القضبان.

وانقسم الأردنيون بين مؤيد لتفعيل القانون لحفظ حقوق الدائنين، ومعارض يطالب بتمديد تأجيله وتخفيف الأعباء عن المواطنين المتعثرين.

تزايد عدد المطلوبين

يتحدث وزير العدل الأردني أحمد الزيادات عن زيادة عدد المطلوبين في دوائر التنفيذ أو الممنوعين من السفر في البلاد لنحو 158 ألف مواطن، معظمهم تقل ديونهم عن 7000 دولار، لكن مراقبين يقولون إن هذا الرقم لا يشمل كل الحالات من المتعثرين والمفلسين، سواء خارج البلاد أو داخلها.

ويقول حقوقيون إن الأعداد المعلنة رسمياً تشمل القضايا المسجلة في المحاكم فقط، وإن الرقم سيتضاعف بعد إعادة تفعيل "حبس المدين".

ويشير وزير العدل الأردني إلى وجود 30 ألف مواطن "محكومين قطعياً" بقضايا مالية، لكن لم يتم القبض عليهم، وتبلغ محكوميتاهم سنة واحدة.

ويؤكد الوزير أن تعديل أمر الدفاع المتعلق بحبس المدين لم يتسبب في رفع حالات السجن، مشيراً إلى أن 122 نزيلاً في السجون بسبب قضايا مالية، و32 بسبب قضايا شيكات.

واعتباراً من بداية الشهر الجاري، فإن كل مدين يتراوح دينه بين سبعة آلاف و27 ألف دولار، أصبح مهدداً بالحبس بعد نحو عامين من الحماية القانونية لهذه الفئة بموجب تعديلات حكومية موقتة.

حالات استثنائية

يرصد المحامي هاني زاهدة نحو 15 حالة مستثناة من قانون "حبس المدين"، بالتالي عدم التوسع في الحبس، ومن بين هؤلاء موظفو الدولة والورثة، ومن هم أقل من 18 والمدين المفلس والمرأة الحامل والمدين المريض بمرض مزمن لا يرجى شفاؤه.

ويضيف زاهدة أن نحو 68 في المئة من المدينين لن يتم حبسهم لأن ديونهم أقل من سبعة آلاف دولار، وهو الرقم الذي نجح مجلس النواب في تخفيضه بعد مفاوضات شاقة مع الحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول إن الهدف ليس الحبس، وإنما دفع المدينين للوفاء الطوعي بالتزاماتهم وترسيخ سيادة القانون، لأن الحكم القضائي لا يمكن أن يترك بلا وسيلة لقضائه، متوقعاً أن تشهد الأيام القادمة تسويات بين الدائنين والمدينين.

في المقابل، يؤكد رئيس اللجنة القانونية بمجلس النواب غازي الذنيبات، أن كل هذه الاستثناءات جيدة وإيجابية، لكنها لا تؤثر في الرقم الإجمالي للمدينين والمتعثرين، والذي يزيد على ما يطرحه وزير العدل، مشيراً إلى آلاف المواطنين المختبئين والمتوارين عن الأنظار خوفاً من ملاحقتهم.

ملف المتعثرين

منذ سنوات اختار آلاف الأردنيين المتعثرين مالياً والمطلوبين للجهات الأمنية والتنفيذ القضائي، ملازمة بيوتهم طوعاً وعدم مغادرتها خشية إلقاء القبض عليهم، في واحدة من أبرز القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمت أزمة كورونا من حجمها على نحو مقلق.

وتشير تقديرات إلى وجود نحو مليون شخص بين متعثر ومفلس أو مدين للبنوك في الأردن، واضطر بعضهم إلى الهرب نحو دول عربية وأجنبية، أبرزها تركيا التي لجأ إليها عدد كبير منهم.

ويقصد بـ"المتعثرين" الأفراد أو الشركات أو المؤسسات التي تواجه صعوبات في سداد الديون التي عليها للبنوك أو الجهات الائتمانية الأخرى.

ولا تعترف الجهات الرسمية بهذا الرقم الكبير، كونها تستند إلى ما هو موجود في المحاكم وملفات القضاء فقط، لكن البنك المركزي الأردني يؤكد، عبر موقعه الإلكتروني، ووفق آخر إحصاء لعام 2021، أن حجم الديون والأقساط المطلوب تسديدها للبنوك من الأفراد والشركات يصل إلى ملياري دولار، بعضها على شكل شيكات بنكية مرتجعة.

ويصل عدد المقترضين من البنوك إلى مليون ونصف المليون مقترض، وتظهر بيانات البنك المركزي الأردني زيادة أعداد المقترضين الأفراد بنسبة 4.3 في المئة، وبشكل مطرد منذ عام 2017، بموازاة زيادة كبيرة لحجم المبالغ المقترضة وصلت إلى 16 مليار دولار.

الغارمات وجه آخر

تبرز قضية "الغارمات"، وهن السيدات العاجزات عن سداد ديونهن، كواحدة من الظواهر التي رافقت ملف المتعثرين في الأردن، خصوصاً أنها تحمل أبعاداً اجتماعية خطرة تتشابك فيها الحقوق والمصالح.

فقبل نحو 10 أعوام انتشرت بكثافة مؤسسات القروض الصغيرة التي جعلت من الحصول على قرض مالي أمراً سهل المنال لكثير من الأردنيين، وتحديداً النساء.

وتواجه آلاف الأردنيات أحكاماً بالسجن لعدم تمكنهن من تسديد قروض حصلن عليها من شركات التمويل المالي بقيم متفاوتة، تلبية لحاجاتهن المعيشية أو لتمويل مشاريع صغيرة تعولهن وأسرهن. وغالبية هؤلاء النسوة يتعثرن مالياً ويصبحن غير قادرات على سداد هذه الديون، فينتهي بهن الحال إما سجينات أو مطلوبات لدائرة التنفيذ القضائي التابعة لمديرية الأمن العام.

ووصل العدد الكلي للغارمات في الأردن إلى نحو 13 ألف سيدة، نصفهن لا تتجاوز ديونهن 1400 دولار.

ويلقي مراقبون باللائمة على دعوات تمكين المرأة وتعزيز استقلاليتها مادياً، حيث انتشرت مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة في الأردن لدعم المجتمعات الفقيرة بالمناطق النائية، لكنها أنتجت كثيراً من الغارمات المثقلات بالديون.

ومنذ عام 2019 تحاول الحكومة الأردنية حل هذه المشكلة عبر تخصيص صندوق مالي أسهم في تبديد جزء من هذه المشكلة الاجتماعية الاقتصادية التي طاولت أسراً بأكملها، كونها تخص أمهات وربات بيوت.

هل تكتظ السجون؟

مع إعادة العمل بقانون "حبس المدين" وزيادة أعداد المتعثرين في الأردن، يخشى أن تشهد السجون اكتظاظاً بالنزلاء، خصوصاً أن نسبة إشغالها حالياً تصل لنحو 160 في المئة.

ووفقاً لإدارة السجون الأردنية فقد بلغ عدد النزلاء في آخر إحصائية نحو 25 ألف نزيل، وهو ما يشكل عبئاً اقتصادياً ثقيلاً على خزانة الدولة، حيث تبلغ كلفة السجين الواحد شهرياً ما يقارب ألف دولار.

ويكشف مركز "عدالة" لحقوق الإنسان عن زيادة كلف الإنفاق في وزارة الصحة الأردنية على النزلاء بنحو 480 دولاراً شهرياً، في حين تشير تقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى كلفة مالية للموقوفين الإداريين على موازنة الدولة تقدر بنحو 2.15 مليون دولار شهرياً، وتبلغ الكلفة المالية السنوية نحو 25.7 مليون دولار.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي