ملخص
انتقد حقوقيون قرار وزارة الصحة الكويتية الذي يقضي برسوم مقابل نقل الدم وعدوه مخالفا للمواثيق الدولية
"ليس عليك الحصول على شهادة الطب لإنقاذ حياة شخص. مجرد درجة قليلة من الإنسانية، تبرع بالدم للحفاظ على الحياة"، على هذا النحو أعلن بنك الدم الكويتي في أحد إعلاناته الترويجية. فيما فرضت وزارة الصحة رسوماً على المرضى من المقيمين في مقابل صرف أكياس الدم ومشتقاته، وعلى التحاليل المتعلقة بهذا الشأن. الأمر الذي أثار جدلاً في المجتمع، بعدما رأى مراقبون أنه سيزيد آلام المرضى من الوافدين، لا سيما أصحاب الدخل المحدود.
وطبقاً للقرار الذي نشر أمس الأحد في الجريدة الرسمية، فإن رسوم نقل الدم ومشتقاته تبلغ 20 ديناراً (65.30 دولار) لكل كيس بالنسبة إلى المقيمين المسجلين في نظام الضمان الصحي، وضعف هذا المبلغ لغير المسجلين. كما فرض القرار أيضاً رسوماً على التحاليل المتعلقة بعمليات نقل الدم.
وأضافت الوزارة أن القرار يأتي في إطار صون المخزون الاستراتيجي الوطني للدم ومشتقاته، وجاء في بيان لها نشر أول من أمس السبت، أن الرسوم لا تشمل المرضى الكويتيين ولا الحالات الطارئة والحرجة، ولا مرضى السرطان والأطفال من غير الكويتيين، والحالات الإنسانية الأخرى. وأكدت أن البنك سيعفي المريض من الرسوم في حال وجود متبرع له.
ووفقاً لهيئة المعلومات المدنية، يبلغ عدد الوافدين 3.2 مليون نسمة يشكلون أكثر من ثلثي عدد سكان الكويت البالغ عددهم 4.7 مليون.
"اندبندنت عربية" حاولت التواصل مع المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة ومن جانبه لم يرد على طلب التعليق.
في السياق انتقد مراقبون في حقوق الإنسان القرار على وسائل التواصل الاجتماعي، وتساءلوا عن قدرة الوافدين من ذوي الدخل المحدود والمرضى الموجودين منهم بالمستشفيات، إضافة إلى أن وزارة الصحة كانت رفعت الرسوم التشخيصية الأولية للمراجعين في المستوصفات والمستشفيات، وصرف الأدوية للوافدين بواقع 250 في المئة بمراكز الرعاية الصحية. أما المستشفيات الحكومية فالقرار نافذ بها منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022 بعد كشف مشكلة نقص الأدوية، وتصعيد نواب مجلس الأمة الكويتي مواقفهم تجاه الحكومة.
ضرر أكثر من نفع
ويرى عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية أحمد الديين أن هذا القرار "ضرره أكثر من نفعه، وسيؤدي إلى إرهاق الفئات محدودة الدخل من الوافدين في موضوع حيوي، من دون أن يحل مسألة الإنفاق الصحي للحكومة".
وأشار إلى ما وصفه "بالنزعة العنصرية" التي تسود المجتمع وتغذيها أطراف سياسية لإلهاء الناس عن قضايا رئيسة، وتحويل المسألة إلى مواطنين ووافدين. ورأى أن "هذه النزعة هي تشويه لوعي الناس وصرفهم عن البعد الحقيقي للصراع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت الحركة التقدمية الكويتية المنتمية لتيار اليسار وصفت قرار فرض رسوم على نقل الدم بأنه تعسفي وغير مدروس ويمثل "إفلاساً أخلاقياً للقائمين على إدارة القطاع الصحي، وتنصلاً غير مقبول من الالتزام بقواعد أخلاقيات الطب".
وأشار بيان الحركة التقدمية إلى ما وصفه "بعجز الدولة عن اتخاذ قرارات إصلاحية لتنويع مصادر الدخل، فتتجه نحو استهداف جيوب المواطنين والمقيمين ذوي الدخل المحدود".
وتسعى الكويت منذ سنوات إلى تنويع مصادر الدخل لكن خططها في هذا الإطار لم تحقق كثيراً من النجاح.
مخالفة للمواثيق الصحية
من جانبه يقول رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان خالد الحميدي لـ"اندبندنت عربية"، "من المؤسف أن وزارة الصحة تواصل سن سياسات تمييزية ضد المقيمين في البلاد من خلال قراراتها التي ترفع بها الرسوم الصحية عليهم، وأكثر هذه القرارات خجلاً هو القرار الأخير بشأن فرض رسوم في مقابل الحصول على أكياس دم".
وتابع "أن الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان تتابع هذه التطورات عن كثب، ونلتقي المعنيين في الوزارة ونتناقش معهم ضرورة الالتزام بالمواثيق والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الكويت، بالتالي أصبحت ملزمة لها، ومسألة عدم تنفيذ البنود الواردة في المواثيق الدولية يضع البلاد في موقف محرج أثناء مناقشة تقاريرها الدورية الخاصة بما اتخذته من إجراءات حماية حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الصحية، لكننا نفاجئ في كثير من المرات بقرارات يبدو أنها لا تراعي التزامات الكويت في اتخاذ نهج غير تمييزي عند إصدار القرارات، ناهيك عن انتهاكها الجوانب الأساسية في الحقوق الصحية، وهي ما نعتبره سياسية تمييزية واضحة وغير مدروسة".
وأوضح الحميدي أن "الوزارة من جانبها تعلن أن القرار لا يستهدف الحالات الطارئة أو الحرجة ويقتصر على غيرها من الحالات، ولكننا نتساءل عن حالات الولادة مثلاً، هل تندرج ضمن الحالات غير الطارئة، وهو ما يعد مخالفة لنص المادة 12 من اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الذي يلزم الدول، بما فيها الكويت، على اتخاذ تدابير مناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية".
من جانبه يقول أحد المقيمين في الكويت ويدعى عارف الإسلام، بنغلاديشي الجنسية، "إن هذا القرار خاطئ كون الأمر يتعلق بالأرواح وإنقاذهم من الحياة، نحن في بلد الإنسانية ولا يصح أن يصدر هذا القرار من مؤسسة صحية، وكوافدين أصبحنا نتداول القرار لما له من تأثير كون الالتزامات صارت كثيرة وأصبحت ثقلاً علينا".