أفرجت السلطات القضائية في محافظة الشلف الواقعة غرب الجزائر، عن موقوفَيْن اعتُقلا في مسيرات سابقة بسبب "حمل الراية الأمازيغية". وعلى الرغم من أن القضاء أبقى على تقييد الناشطَيْن بـ"وقف النفاذ"، إلا أن أوساطاً حقوقية صنفت الخطوة، ضمن أولى "إجراءات التهدئة" التي تعهدت بها الرئاسة الجزائرية في مقابل شروط وضعتها هيئة تقود "الحوار الوطني الشامل"، التي أعلنت في بيان الاثنين، خطة عملها في الوساطة بين "السلطات العامة" والمجتمع المدني والأحزاب، كما دعت 23 شخصية جديدة للانضمام إليها.
وأعلن المحامي بوعلام عبو، عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين، الإفراج عن كل من سليم إيحدادن الذي اعتُقل في 21 يونيو (حزيران) الماضي، وعلي يحيى علي اسماعيل الذي اعتُقل في 28 من الشهر ذاته، وذلك في أعقاب صدور حكم بالسجن غير النافذ ضدهما، من طرف محكمة الشلف (200 كيلومتر غرب العاصمة).
ولاحق القضاء هذين الشابين بـ"تهمة المساس بالوحدة الوطنية"، على خلفية رفعهما رايات أمازيغية في مسيرات الحراك الشعبي. وقالت هيئة الدفاع عن الشابين (تضم 16 محامياً متطوعاً)، إن القضاء دان "الشابين بشهرين سجن مع وقف النفاذ"، مشيرةً إلى أن "وكيل الجمهورية طلب خلال جلسة المحاكمة إنزال عقوبة السجن بهما 5 سنوات، إضافة إلى غرامة مالية بتهمة المساس بسلامة وحدة الوطن"، لكن "هيئة الدفاع استأنفت الحكم وحصلت على الإفراج مع وقف النفاذ".
ويعني ذلك "إفراجاً مشروطاً أو مقيداً"، بما أن الشابين لم يحصلا على البراءة التامة قانونياً، وذكرت مصادر قضائية لـ"اندبندنت عربية" أن عدد الموقوفين عبر كل الولايات يصل إلى 60 شخصاً، إذ باشرت مختلف المحاكم منذ الأحد الماضي، النظر في قضايا الأشخاص الموقوفين خلال تظاهرات الحراك الشعبي، بغية "إصدار أحكام نهائية وفق ما يقتضيه قانون الإجراءات الجزائية وتمكينهم من الإفراج".
وعلّقت وسائل إعلام جزائرية على الإجراءات الجديدة بالقول إنها متوقعة، نظراً إلى ما تعنيه من مؤشرات التهدئة والتطمين، التي طالبت بها هيئة الحوار، التي قيّدت استمرار نشاطها بتحقق هذا الشرط قبل نهاية الأسبوع الحالي.
"رفض الشروط"
ويبدو أن إجراءات "التهدئة" لم تُقنع شخصيات وجهت إليها هيئة الحوار دعوات إلى الالتحاق بها. ومعلوم أن اللجنة التي يقودها كريم يونس، وضعت قائمة من 23 شخصية جديدة لتلتحق بصفوفها كقياديين. ومن بين هؤلاء، أعلن الناشط الحقوقي مقران آيت العربي الاثنين، رفض الدعوة، مشدّداً في بيان على "وجوب الإفراج عن كل معتقلي الرأي من دون قيد أو شرط، مع وقف التضييق على الحريات العامة الفردية والجماعية ووضع حدّ للاعتداء على حقوق الإنسان المنصوص عنها في الميثاق الدولي الذي صادقت عليه الجزائر وصار جزءًا من قانونها الوضعي"، إضافة إلى "منع استعمال القوة من قبل أجهزة الأمن ضد المتظاهرين المسالمين، والعمل على فك الحصار أيام الثلاثاء والجمعة عن مدينة الجزائر واحترام حرية التنقل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في انتظار معتقلي العاصمة
يقول رجال قانون إن عملية الإفراج عن المعتقلين انطلقت في محافظات خارج العاصمة أولاً. وذكر المحامي مروان عزي أن "محاكم العاصمة لم تبرمج أي جلسة إلى غاية هذا الاثنين"، متوقعاً "برمجة محاكمات قد تنتهي بالإفراج على أساس وقف النفاذ"، بمعنى إسقاط عقوبة السجن واستبدالها بعقوبة أخف.
وأفرج القضاء الجزائري الأسبوع الماضي عن الناشط الحقوقي الحاج غرمول، الذي كان أول المعتقلين لرفعه لافتة "لا للولاية الخامسة" ضد ترشح الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة في يناير (كانون الثاني) الماضي، ووجِهت له تهمة "المساس بمؤسسات عامة".
"لخضر بورقعة يشترط إفراجاً سياسياً"
ومن بين الأسماء، من خارج قوائم "شباب الحراك"، يتردد اسم المجاهد لخضر بورقعة بقوة، ليكون ضمن المفرج عنهم. وتأسست هيئات ولجان مدنية وحقوقية للدفاع عن بورقعة، كما دافعت عنه تنظيمات ثورية طالبت بمراعاة وضعه وسنه، إلا أن الأخير يرفض على ما يبدو، أن يكون أي إفراج مفترض عنه لتلك الدواعي، مؤكداً أن اعتقاله "سياسي". وقال عضو هيئة الدفاع من أجل إطلاق بورقعة، السعيد إيرزي، إن "جهات رسمية أدرجت على الأرجح اسم الرائد لخضر بورقعة ضمن المعنيين بالإفراج"، مشيراً إلى أنه "رفض أن يُطلق سراحه لدواع إنسانية أو لجهاده في جيش التحرير. لقد أبلغ هيئة محاميه أن اعتقاله كان سياسياً وهو يشترط إفراجاً سياسياً أيضاً". وتابع إيرزي "جرت اتصالات أولية مع بعض المحامين المشاركين طوعاً في الدفاع عنه، لكن الرجل يصر على تبرئته سياسياً". وكان بورقعة اعتُقل في نهاية يونيو (حزيران) الماضي بتهم تتعلق بـ"إهانة هيئة نظامية"، وهي المؤسسة العسكرية.
حنون ليست ضمن القوائم
أما على صعيد الشخصيات السياسية الملاحَقَة في ملفات تتعلق بـ"العدالة العسكرية"، لا تزال الأمينة العامة لحزب العمال في وضع "معقّد" وفق وصف مقربين منها في الحزب. ورفضت المحكمة العسكرية في لبليدة طلب الإفراج عنها لثلاث مرات على التوالي. وتُتهم حنون بـ "التآمر على سلطة الدولة وعلى سلطة الجيش". ووضِعت رهن الحبس المؤقت في 9 مايو (أيار) الماضي. لكن أنصار حنون في حزب العمال يعتبرونها "سجينة سياسية" مثل باقي السجناء الآخرين الذين أوقفوا خلال المسيرات.