حفظ كلمات المرور عملية شاقة قد تسهلها مبادرة من غوغل

وُلِدتُ في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، ما يعني أن الإنترنت جاء في الوقت المناسب كي يجعل تجربتي في المدرسة الثانوية أكثر دراماتيكية مما كانت ستبدو عليه من دون ذلك، ولكن ليس في وقت مبكر بما يكفي لتدمير حياتي تماماً.

أنا أتحدث عن برنامج "إم إس إن" MSN، وعن "ماي سبيس" Myspace. أنا أتحدث عن موقع "ويكي" الذي أنشأته شركة "دراغون بول زي" Dragon Ball Z بغية تسجيل مساهمات الجمهور. أنا أتحدث عن جميع الأدوات التي احتاجها طفل يبلغ من العمر 14 عاماً لدخول عوالم الاتصالات عبر الإنترنت، ولكن ليس كثيراً لدرجة أننا دمرنا سمعتنا تماماً إلى الأبد. هذا هو بيتُ القصيد.

في ذلك الوقت، لم نشدد كثيراً على الأمان عبر الإنترنت لأننا أ) كنا ساذجين في ما يتعلق بمخاطر الجريمة الإلكترونية و ب) لم يكن هناك الكثير من الأسرار القيمة التي يمكن استخلاصها من اختراق صفحتي على موقع "ماي سبيس". ما الذي كان لمخترق أن يفعله معي؟ هل سيعمل على تغيير أغنيتي في الصفحة الرئيسية من أغنية "طريقتي" لليمب بيزكيت إلى شيء أكثر إحراجاً؟ كلانا يعرف أنّ ذلك غير ممكن.

آنذاك، كانت لنا كلمات مرور بسيطة، لأن احتياجاتنا كانت بسيطة. اسمُ من نُغرَم بهم ذلك الأسبوع، أو العضو المفضل في فرقة "هيرز ساي". كلمة مرور   W33D_MASTER_6969، أو أسماء الأعمال الكلاسيكية.

أمّا في وقتنا الحاضر، فقد بات الأمر معقداً للغاية. على المرء في هذه الأيام أن يختار شيئاً يتكون من 20 حرفاً، ويحتوي على ستة أحرف خاصة فريدة على الأقل، وألا يكون اسم عَلَم، وألا يكون باللغة الإنجليزية، ويجب أن يكون قابلاً للقراءة من اليمين إلى اليسار وبالعكس دون أن يتغير لفظه، وأن يؤدي ذِكره تحت ضوء القمر المخسوف إلى استحضار إحدى الشخصيات الخيالية لكاتب القصص المُرعِبة [هوارد فيليبس لافكرافت].

ويبدو كما لو أن تلك الأيام ستُولّي قريباً. فقد بدأت "غوغل" في طرح تقنيتها الجديدة لكلمات المرور. وستحل هذه التقنية محل كلمات المرور التقليدية، لتسمح بدلاً من ذلك بالمصادقة باستخدام مُعرّف بصمة الإصبع أو مُعرّف الوجه أو رقم التعريف الشخصي.

وعوضاً عن محاولة تذكر 18 نسخة مختلفة من كلمة المرور نفسها عبر جميع أجهزتك ("هل كانت تهجئة كلمة weedmaster برمز "@"، أم أن ذلك الاستبدال يحصل فقط لكلمة المرور لحسابي على فيسبوك؟")، سيتمكن المستخدمون بدلاً من ذلك من إنشاء مفتاح مرور فريد يمكن استخدامه عبر جميع أجهزتهم.

مثل معظم الناس، أظلُّ مسجلاً في كل موقع ويب وخدمة عبر الإنترنت أستخدمها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لأنني لا أهتم ببياناتي الشخصية، ولأن لا شيء مما أفعله عبر الإنترنت يبدو حقيقياً بالنسبة لي. وعلى رغم أنني كنت أستخدم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت لأكثر من عقد من الزمان، إلا أن حسابي لا يزال يبدو كأنه سلسلة مجردة من الأرقام التي لا علاقة لها بالعالم الحقيقي. أوه! هل اخترقت حسابي المصرفي؟ إذاً، هنيئاً لك سرقة الـ200 جنيه أيها الفاشل.

لا يوجد شيء أكرهه أكثر من الاضطرار إلى حل سلسلة معقدة من مفاتيح التذكر والألغاز في كل مرة أريد فيها تسجيل الدخول إلى موقع ويب. لا، لا أتذكر كلمة المرور لعنوان البريد الإلكتروني الذي أنشأته حينما كنتُ في الرابعة عشر من العمر. أنا أُنشئ حساباً جديداً في كل مرة أشتري فيها جهاز كمبيوتر محمول جديد وآمل ألا يحاول أحد مهم الاتصال بي على العناوين القديمة.

وإذا سجّلتُ الخروج من حساب "نتفليكس" الخاص بي، فأنا أُلغي الاشتراك في الخدمة لأنني متأكد من أن آخر مرة قمت فيها بتسجيل الدخول جرت في عام 2011 حينما سجّلتُ للمرّة الأولى.

حينما أعددتُ رسالة الدكتوراه، اضطررت إلى تغيير كلمة المرور لحسابي كل ستة أسابيع، وسأكذب إذا قلت إن ذلك لم يؤدِ دوراً صغيراً في قراري بالتخلي عن الأكاديميا تماماً. لن يسمحوا لك بتكرار كلمات المرور القديمة، حتى لو كانت آخر مرة استخدمتها فيها قبل سنوات! بالتأكيد، لقد ذهبتْ تلك السنوات العشرة من حياتي هباءً، ولكن كان الأمر يستحق ألّا أٌفكّر في تغيير آخر على كلمة المرور BTS_ARMY _420.

إليكم اكتشاف مخيف اكتشفته أثناء كتابة هذا المقال. هل تعلمون أنه يمكن أن يستغرق برنامج القرصنة في المتوسط حوالي ثماني ساعات لكسر كلمة مرور تتكون من ثمانية أحرف وتستخدم الأرقام والأحرف الكبيرة والصغيرة والأحرف الخاصة؟ بالنسبة لكلمة مرور مكونة من سبعة أحرف، ينخفض هذا الرقم إلى حوالي ست دقائق.

ولعلّكم لا تودّون معرفة سُرعة قرصنة كلمة مرور "SNIPER1" التي أدركت أنا واثنين من أصدقائي حين كنا في المدرسة الثانوية أننا جميعاً نستخدمها ككلمة مرور لحواسيبنا الخاصة أثناء دروس تكنولوجيا المعلومات، وبطريقة ما توصّلنا إليها باستقلال تام عن بعضنا البعض. هذه قصة حقيقية تُبيّن كيف أن الأولاد المراهقين غير معقدين ويمكن التنبؤ بسلوكياتهم. لماذا نسمح لهم بالحصول على هواتف ذكية إذاً؟

في الوقت الذي يجري فيه جزء كبير من حياتنا عبر الإنترنت، من المهم أن نكون آمنين. ويتمثّل ما هو غير مأمون في جعل عملية تسجيل الدخول لمعظم مواقع الويب مشروطة بتذكرنا سلسلة عشوائية من الأرقام والحروف التي غالباً ما نضطر إلى التوصل إليها على الفور، ومن المحتمل أن ينتهي بنا الأمر إلى الكتابة [لكلمات المرور] على ورقة لاصقة من رزمة "بوست- إت" Post - it والصاقها على شاشة الكمبيوتر الخاصة بنا لأننا نعلم أنه لا يمكن الوثوق بنا كي تذكُّرها.

إذا توصلت "غوغل" إلى طريقة لقتل كلمات المرور، فأقول سجّلوني في هذه الخدمة (ولكن لا تسجّلوا خروجي، لأنني نسيت تفاصيل تسجيل الدخول الخاصة بي).