ملخص
تقدر الجزائر عدد أساتذتها الجامعيين بـ57 ألفاً من كل الدرجات العلمية والتخصصات المختلفة عانوا ضعف الرواتب منذ عام 2008 فهل تفي الحكومة بوعود رفع أجورهم؟
هبطت حزمة امتيازات مالية حكومية واستحداث تخصصات ترتبط بالذكاء الاصطناعي على أساتذة الجامعات والباحثين في الجزائر كطوق نجاة لوقف نزيف هجرة الكفاءات إلى خارج البلاد، بعد سنوات وصفها متخصصون بـ"التهميش والإهمال".
قرارات تمس عشرات الآلاف من الكادر الجامعي في الجزائر أدخلت أجور أساتذة التعليم العالي والباحثين الجامعيين على اختلاف درجاتهم العلمية إلى "غرفة الإفاقة"، كونها فئة ينبغي أن تحظى باهتمام خاص، ضمن مراجعة شاملة للقانون الأساسي لأساتذة التعليم العالي بما يتناسب مع الاستراتيجية التعليمية الجديدة في الجزائر، مع مساع حثيثة لاستقطاب أكبر للطلاب في التخصصات والشعب العلمية باعتبارها "خزان الأمة".
وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري كمال بداري في تصريحات سابقة له، قال إن التوظيف بالتعاقد سيكون من خلال التدريس في المؤسسات الجامعية مع أجر شهري معادل لمستوى الأستاذ المساعد الدائم على أن تكون قابلة للتجديد، إضافة إلى التوظيف كباحث متعاقد في مراكز ومختبرات ووحدات البحث في البلاد براتب يعادل أجرة باحث دائم قابل للتجديد.
وتقدر الجزائر عدد أساتذتها الجامعيين بـ57 ألفاً من كل الدرجات العلمية والتخصصات المختلفة، وبحسب إحصاءات وزارة التعليم العالي فإن العدد الإجمالي للكادر الجامعي على درجة أستاذ يصل إلى 27 ألفاً، و780 أستاذاً، أي ما يعادل 47 في المئة من إجمالي هيئة التدريس الدائمة.
المجلس الوطني لأساتذة التعليم في الجزائر وصف بدوره قرارات مجلس الوزراء بـ"التاريخية" بعد أن أدخلت الطمأنينة في قلوب الأساتذة، بخاصة ما تعلق بمراجعة القانون الأساسي للأستاذ الجامعي الذي لم يعدل منذ سنة 2008، وكذلك النظام التعويضي الذي لم يطرأ عليه أي تعديل منذ سنة 2010، واعتبر المجلس مضاعفة الجهود لاستقطاب أكبر عدد للطلاب في التخصصات العلمية، تحولاً يكشف اهتماماً بالغاً من قبل الدولة لتعزيز دور الجامعة الريادي في التنمية المحلية، خصوصاً ما يتعلق بتعزيز التخصصات العلمية والتكنولوجية.
رد اعتبار
الأستاذ في جامعة الجزائر 3، عبدالقادر نعمي، قال في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، إن القرارات الأخيرة تندرج ضمن عملية تطوير البحث العلمي ورد الاعتبار لهذا القطاع التعليمي باعتباره سبيل النهضة والتقدم، لافتاً إلى الاهتمام الذي باتت توليه الحكومة لقطاع التعليم العالي من خلال الزيادة في الأجور وتوفير الحياة الكريمة للأساتذة والباحثين، وتدعيم المختبرات ورفع قيمة المنح البحثية واستحداث مدارس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورداً على مسألة استمرار هجرة الأدمغة نحو الخارج، قال نعمي إن ظاهرة نزيف الكفاءات لها أسبابها لعل أبرزها غياب الحوافز للباحثين الجزائريين، الأمر الذي فطنت له الحكومة التي تعمل على وضع تسهيلات تشجيعية.
ومضى في حديثه بالإشارة إلى أن معاناة الأساتذة الجامعيين والباحثين ليست مع المادة فقط، ولكن في المكانة الحقيقية والأصلية لهذه الفئات، موضحاً أن الأجور ليست بمفهومها المادي وإنما ما يصون كرامة الباحث، وأضاف "عندما تتوفر الحوافز ومستلزمات الكيان للباحث، يتفرغ بشكل تلقائي للبحث والتطوير ولا يفكر في المادة، وبدا واضحاً سعي الحكومة إلى تحقيق المكانة الحقيقية للكفاءات، ومحاولة وضع أسس النهضة العلمية، وجعل البلاد منطقة استقطاب الأدمغة.
ترقب وشكوك
لكن في المقابل، يرى أستاذ علم النفس في إحدى الجامعات الجزائرية، بوجمعة وردالي، أن قرار مراجعة أجور الأساتذة الجامعيين خطوة إيجابية على اعتبار أن هذه الفئة لم تستفد من أي زيادات في الأجور منذ 2008، لكن يبقى ترقب هذه الزيادات سيد الموقف.
وقال وردالي في تصريح خاص إن تخوف الأسرة الجامعية يرتبط بأن يكون الأمر مجرد هالة إعلامية، موضحاً أن التجارب السابقة مع مختلف الحكومات الجزائرية المتعاقبة جعلت الشكوك تراود الأساتذة والباحثين حتى وإن كانت تبدو النوايا صادقة هذه المرة.
وتابع أن رواتب الأساتذة والباحثين في الجامعة كانت ولا تزال مسار احتجاجات، منبهاً إلى أن الأمر يتعلق بما يكفل احترام الأستاذ الجامعي المتناسب مع رتبته العلمية داخل المجتمع، وأبرز أن الاهتمام الذي باتت توليه السلطات للتعليم العالي والبحث العلمي يجب تثمينه، غير أن التحرك ميدانياً يبقى السبيل الوحيد الذي من شأنه إعادة الاعتبار للكفاءات والمادة الرمادية ووضع حد لهجرة الأدمغة نحو الخارج.