ملخص
فرضت جائحة كورونا التحول الرقمي في الأردن بقوة لكن كثيرين يقاومون التغيير ويصرون على استخدام الوسائل التقليدية.
يشهد الأردن تطوراً متسارعاً في ميدان الخدمات الرقمية بشكل بات معه استخدام الورق وطوابير الانتظار وعناء متابعة المعاملات الحكومية شيئاً من الماضي، وذلك ضمن الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي والخطة التنفيذية للأعوام من 2021 إلى 2025.
وعلى رغم التطور التكنولوجي وتبني بعض الجهات للحلول الرقمية إلا أنه لا يزال كثيرون يقاومون التغيير ويصرون على استخدام الوسائل التقليدية مع توسع حجم الخدمات الرقمية، مثل الدفع الإلكتروني للفواتير وتقديم الطلبات عبر الإنترنت في بعض الإدارات الحكومية.
واليوم وبعد 17 عاماً على فكرة التحول الرقمي في الأردن، يشكل نحو 8 ملايين مشترك في خدمات الإنترنت و7 ملايين مشترك في خدمات النقال، تربة خصبة لهذا التحول القائم على أتمتة الخدمات الحكومية ورقمنة المدفوعات والتحول إلى المنصات السحابية.
حكومة الكترونية
ولم يعد الأمر خياراً أو ترفاً بل ضرورة، ولذلك تعد الحكومة الأردنية من أوائل الحكومات في المنطقة التي تبنت التحول الرقمي بجدية، ومن بين أبرز هذه البرامج نظام الحكومة الإلكترونية (e-Government) الذي وفر خدمات حكومية عبر الإنترنت بشكل كامل بما يختصر الوقت والجهد.
وفي قطاع الأعمال تم تشجيع التحول الرقمي ودعم الشركات الناشئة التكنولوجية من خلال إنشاء المناطق الحرة للتكنولوجيا وتوفير التسهيلات والحوافز، كما شهدت البلاد طفرة في عدد الشركات التكنولوجية وتطوير الحلول الرقمية في مجالات مثل التجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني والتسويق الرقمي.
لكن هذا التحول لا يرضي كثيراً من المراقبين ومن بينهم رئيس هيئة المديرين في جمعية "إنتاج" بشار الحوامدة الذي يصف الأمر بـ "التحول الرقمي غير المكتمل".
ويطالب الحوامدة بـ "خدمات إلكترونية مكتملة من الألف إلى الياء، بكلمة مرور واحدة وبيانات موحدة من دون أن يتخلل ذلك أية حاجة إلى الورق أو مراجعة الإدارات الرسمية".
وعلى رغم وجود نحو 380 خدمة إلكترونية حكومية و11 تطبيقاً للهواتف الذكية لمؤسسات رسمية مختلفة، لكن بعضها لا يزال يرى الأمر منقوصاً، نظراً إلى تجارب متقدمة ومميزة للتحول الرقمي في دول مجاورة.
ويرد وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة بالقول إنه "على رغم الموارد المحدودة حقق الأردن المرتبة الخامسة عربياً والـ 70 عالمياً في الاقتصاد والتحول الرقمي".
"سند" نتاج الجائحة
وفي هذا المجال يبرز أيضاً تطبيق "سند" الذي كان نتاجاً طبيعياً فرضته أزمة جائحة كورونا على الأردنيين، ويمثل هذا التطبيق الذي أصبح شبه إلزامي بوابة المواطن الأردني إلى الخدمات الحكومية الرقمية، إذ يتيح الدخول وانجاز كثير من المعاملات الحكومية الرقمية في أي وقت ومن أي مكان، كما يعتمد كبديل عن الوثائق التي اعتاد الأردنيون حملها في محافظهم مثل بطاقة الهوية الشخصية ورخصة القيادة وغيرها من الأوراق الثبوتية.
وبضغطة زر من خلال جهاز النقال الشخصي أصبح بإمكان المواطن دفع فواتيره الشهرية كافة من ماء وكهرباء وإنترنت، فضلاً عن عشرات الرسوم والضرائب السنوية، إضافة إلى الرسوم المدرسية والجامعية وغيرها من الخدمات مثل تجديد الوثائق الرسمية.
ويتيح تطبيق "سند" الذي أطلق عام 2020 ضمن حزمة دعم "الخدمات الإلكترونية وتحسين بيئة الأعمال" الاستفادة من أكثر من 100 خدمة من الخدمات الحكومية الرقمية بشكل آمن وموثوق يحمي من محاولات انتحال الشخصية.
وعلى رغم تقليصه لعناء مراجعة الإدارات الحكومية واستخدام المعاملات الورقية، لا يزال الورق حاضراً حتى اللحظة لدى كثير من الوزارات والإدارات الحكومية التي تتطلب الحضور شخصياً، كما أن فئة من الأردنيين وبخاصة كبار السن لا تزال تتمسك بالورق وترفض التحول الرقمي لاعتبارات عدة، من بينها عدم تأقلمها مع التقنيات الجديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وثائق رقمية
ويؤكد وزير الاقتصاد الرقمي والريادة الأردني أحمد الهناندة دور التحول الرقمي في البلاد وأهميته، مشيراً إلى أن "نحو 85 في المئة من تحصيلات الحكومة السنوية تجري عبر قنوات إلكترونية".
ويعول الهناندة على وصول الإنترنت السريع عبر شبكة الألياف الضوئية إلى أكثر من 55 في المئة من المنازل في الأردن، مما يسهل الولوج إلى الخدمات الرقمية والإلكترونية.
ويضيف الوزير الأردني أن "التحول الرقمي الكامل يعتمد ثلاثة مكونات أساس، وهي الهوية الرقمية للتعرف على المواطن من دون حضوره شخصياً، والثاني التوقيع الرقمي، أما الأمر الثالث فهو الوثائق الرقمية بهدف الانتقال إلى الحكومة اللاورقية واستبدالها بوثائق رقمية.
ويتحدث عن تحقيق بلاده مراحل متقدمة في مجال الاقتصاد الرقمي والريادة، لا سيما في ما يتعلق بالبنية التحتية الرقمية، متوقعاً أن يسهم هذا التحول في تنمية كثير من القطاعات.
عوائد اقتصادية واجتماعية
ووفق لغة الأرقام فإن حوالى 64 في المئة من الشركات الأردنية تمتلك وجوداً على الإنترنت من خلال مواقع وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي، أما قيمة التجارة الإلكترونية في الأردن فوصلت إلى حوالى 1.2 مليار دولار خلال العام الماضي، كما أن قيمة التحصيلات المالية الحكومية عبر قنوات الدفع الإلكتروني زادت على 8 مليارات دولار، وفق وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة التي تؤكد أن تأثير التحول الرقمي سيشمل توسيع وصول التكنولوجيا في المجتمع الأردني وتحسين وصول المجتمع الأردني إلى الخدمات الحكومية والتجارة الإلكترونية والتعليم عبر الإنترنت، إضافة الى تأثيره في الاقتصاد المحلي والنمو الاقتصادي وتعزيز فرص العمل وخلق وظائف جديدة وتحسين جودة الحياة من خلال استخدام التكنولوجيا.
ويعتبر التحول الرقمي مهماً للأردن لأنه يمكن أن يساعد البلاد في تحسين قدرتها التنافسية على رغم وجود عدد من التحديات مثل قلة المهارات الرقمية ونقص الاستثمار.
إلا أن هناك عوامل إيجابية في المقابل مثل صعود التجارة الإلكترونية ونمو القوى العاملة الرقمية، فضلاً عن تطور الاقتصاد الرقمي بسرعة.