Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك الخرطوم تجعل مدينة الجنينة أشبه بـ"قبر كبير"

حوالى 1200 قتيل وأكثر من 3 آلاف جريج بينما يقارب عدد المفقودين والنازحين 100 ألف شخص

يتصاعد الدخان الأسود وسط القتال الدائر بالعاصمة السودانية الخرطوم في 9 يونيو 2023 (أ ف ب)

ملخص

بحسب وصف منظمة "أطباء بلا حدود" تنتحب المدينة في صمت على وقع الموت الجماعي الذي يتهدد ما تبقى فيها من سكان، فـ"الجنينة واحدة من أسوأ الأماكن على وجه الأرض في هذه اللحظات".

مأساة كبيرة تعيشها مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، التي يسكنها نحو مليون شخص، إذ باتت أشبه بقبر كبير بسبب الحرب الدائرة في الخرطوم بين قوات الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

وعلى رغم ما تعرضت له من هجوم في الأسبوع الأخير من مايو (أيار) الماضي، جددت الميليشيات التي تحاصر الجنينة هجماتها قبل يومين في محاولة لدخول المدينة للإجهاز على ما تبقى فيها من نبض.

بحسب وصف منظمة "أطباء بلا حدود" تنتحب المدينة في صمت على وقع الموت الجماعي الذي يتهدد ما تبقى فيها من سكان، فـ"الجنينة واحدة من أسوأ الأماكن على وجه الأرض في هذه اللحظات".

حصار مطبق

في السياق أكد خميس عبدالله أبكر والي غرب دارفور أن الميليشيات ما زالت تحاصر المدينة، إذ لا ماء ولا أكل ولا دواء، إذ نهب ودمر مستشفى الجنينة الرئيس، وكذلك نهب كل المؤسسات الصحية العامة والخاصة والصيدليات، وذلك إمعاناً في أذية الجرحى حتى يموتوا من دون علاج، وكل ذلك بمعاونة قوات الدعم السريع التي توفر لها السلاح والغطاء الأمني.

تسليح ذاتي

نفى أبكر في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن تكون جهة معينة قامت بتسليح المواطنين، وإنما اشتروا السلاح بحر مالهم للدفاع عن النفس والعرض والأرض، كما أنه ومع بداية الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع تجمعت مجموعات قبلية كبيرة جداً من خارج الحدود وهجمت على المدينة من الناحية الجنوبية لأحياء (الجبل والتضامن والثورة والزهور) وحرقت كل مراكز الإيواء التي يسكن فيها النازحون بعد حرق قراهم عام 2003.

وأوضح أنه أمام هذا الهجوم الغادر والقتل الانتقائي تحرك بعض المتضررين وكسروا مخازن سلاح الشرطة واشتبكوا مع الميليشيات التي استباحت جنوب المدينة بمؤسساتها وبيوتها وأهلها وبمعاونة بعض القيادات الأهلية والدعم السريع، إذ استهدفوا قتل الشباب في منازلهم.

آلاف الضحايا

يقدر والي غرب دارفور عدد القتلى بحوالى 1200 إضافة إلى لأكثر من 3 آلاف جريج بينما يقارب عدد المفقودين والنازحين 100 ألف شخص من مدينة الجنينة ومنطقة مستري والمناطق الأخرى التي تقع على الحدود مع تشاد.

ووصف أبكر الوضع الإنساني والأمني والصحي بالمدينة بأنه في غاية من التعقيد في ظل نهب السوق ومدخرات المواطنين وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، مناشداً المؤسسات الصحية العامة والخاصة وبرنامج الغذاء العالمي وجميع منظمات الأمم المتحدة بتوفير دعم غذائي عبر إسقاط جوي عاجل بالطائرات لتفادي كارثة إنسانية بدأت آثارها تلوح في الأفق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعا والي غرب دارفور منظمة الصحة العالمية وجميع شركاء الصحة إلى سرعة إرسال مساعدات صحية عاجلة من أدوية ومهمات أخرى والمساعدة في تشغيل المؤسسات الصحية لتتمكن من تقديم الخدمات الأساسية ذات الأولوية في هذه المرحلة، والاستجابة للحالات الطارئة والمزمنة.

وأشار إلى أنه لا يتوفر الآن أي نوع من الخدمات الصحية على الإطلاق، فضلاً عن دخول فصل الخريف الذي يتوقع معه حدوث كوارث صحية دوماً ما تحدث في مثل هذه الأيام من كل عام ولا بد من الاستعداد المبكر لها، ويمكن التنسيق مع تشاد لنقل هذه المساعدات.

حرق كامل

أكد والي غرب دارفور أن غالبية أحياء مدينة الجنينة حرقت بشكل كامل، وبعض منهم بصورة جزئية، بينما تواجه حكومة الولاية وضعاً سيئاً من حيث الإمكانات بعد أن نهب المخزون الاستراتيجي للبنك الزراعي ومخزون برنامج الغذاء العالمي وهرب المنظمات بسبب انعدام الأمن وانقطاع الطرق.

 كما كشف أبكر عن أن الميليشيات التي ما زالت تحاصر المدينة تابعة لقوات الدعم السريع، التي تساند مجموعة كبيرة من القبائل العربية بدافع الانتقام وتأجيج الصراع القبلي وبمعاونة إدارات أهلية من ذات المجموعات الساكنة الناحية الجنوبية لأحياء جنوب الجنينة وحرقت كل مراكز الإيواء التي يسكن فيها النازحون الذين هجروا قسراً من قراهم الأصلية في عام 2003.

الجحيم هنا

من جانبها ناشدت الهيئة النقابية لأطباء غرب دارفور العالم بالتحرك لمواجهة الجحيم الحقيقي الذي يجري في تلك المدينة على حد وصفها.

وأكدت الهيئة في بيان أن الناس حرموا من الخروج من المدينة بينما تخلى العالم عنهم، موضحة أنه استهدفت منازل الناشطين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الهجمات البربرية التي تتعرض لها الجنينة.

فيما أعلن حاكم إقليم دارفور أركو مني مناوي الإقليم منطقة منكوبة مع استمرار أعمال النهب والقتل، مبيناً أن المدنيين في مدينتي كتم والجنينة يتعرضون لانتهاكات فظيعة

وقال في الحساب الرسمي لحاكم دارفور على "فيسبوك"، "نسعى بكل إمكانات الإقليم الشحيحة إلى حماية المدنيين ومحاربة الجريمة، لكن أبت الأيدي الآثمة إلا أن تواصل ارتكاب الجرائم ضد المواطن في الإقليم، ويتعرض اليوم الإنسان في مدينتي كتم والجنينة لانتهاكات فظيعة".

ودان الحاكم أعمال النهب والقتل التي طاولت وما زالت تجري في المدن المنكوبة في كل من كتم ومعسكر كساب ونيالا، وطالب العالم بإرسال مواد إنسانية عبر كل الحدود وبكل الوسائل المتاحة لإنقاذ الإنسان في الإقليم المنكوب.

مناشدات أهلية

إلى ذلك وصف هشام نورين نائب الوالي وزير الصحة الأسبق بولاية غرب دارفور الوضع الإنساني بمدينة الجنينة بأنه مخز ومحزن، بعد خروج كل المنظومة الصحية بالمدينة عن الخدمة، بينما تنعدم الأدوية والمعدات الطبية والخدمات الأساسية، مما يهدد حياة معظم السكان الذين ما زالوا داخل المدينة بعد أن فقدوا المأوى وباتوا يفترشون الأرض داخل المدارس.

وقال نورين إن البيئة داخل الجنينة المحاصرة باتت مواتية لانتشار كثير من الأمراض في ظل نقص كبير بالغذاء والدواء، وناشد المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية الالتفات لهذه المأساة التي تهدد سكان الجنينة بموت محقق ما لم تتكاثف الجهود لفك حصار المدينة وإدخال المساعدات أو حتى السماح بإجلاء السكان.

وأوضح أن جهوداً محلية عدة تبذل بالتنسيق بين حكومتي الإقليم والولاية والقيادات الأهلية في محاولة لإنقاذ الوضع قبل أن يستفحل ويفوت الأوان، كما طالب اللجنة العليا للطوارئ الإنسانية المركزية بتخصيص حصص عاجلة من المواد الغذائية والطبية لولاية غرب دارفور المنكوبة.

وتجددت الاشتباكات في إقليم دارفور غرب السودان، لا سيما بمدينة الجنينة التي شهدت سابقاً معارك دامية وتركزت الهجمات على الأحياء الشرقية والجنوبية للمدينة، وسط مخاوف من أن يكون هجوم اليوم أعنف وأكبر من سابقه، إذ تتوالى التحذيرات من كارثة حقيقية في طريقها للحدوث، خصوصاً أن الخدمات الإنسانية والطبية انهارت منذ بداية شهر مايو، ولم يعد فيها لا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا حتى اتصالات.

وتتواصل الهجمات في ظل وضع إنساني وأمني كارثي في السودان عامة، لا سيما في الخرطوم وإقليم دارفور، نتيجة الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات