ملخص
استمرار المضاربات على العقود الآجلة للخام حتى ما بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي في شأن الفائدة الأربعاء
تراجعت أسعار النفط مجدداً مع فتح الأسواق تعاملات أول أيام الأسبوع صباح الإثنين، إذ انخفض سعر خام "برنت" القياسي مقترباً من حاجز 70 دولاراً للبرميل، بينما هوى سعر الخام الأميركي الخفيف "مزيج غرب تكساس" إلى ما دون ذلك الحاجز.
ومع ترقب الأسواق قرار الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي" الأميركي الأربعاء في شأن أسعار الفائدة، تعيش الأسواق حالة من الحذر وضعف التعامل، لكن قرارات رفع الفائدة على مدى أكثر من عام جعلت الدولار الأميركي قوياً، ومعروف أن أسعار النفط والسلع الأخرى المسعرة بالدولار تنخفض مع ارتفاع سعر صرف العملة الأميركية.
وفي التعاملات على العقود الآجلة للنفط فقد السعر نحو دولارين، أي أكثر من نسبة اثنين في المئة في الصباح قبل أن تستقر عند وضع أفضل قليلاً. ووصل سعر خام "برنت" إلى 72.88 دولار للبرميل بينما هبط سعر الخام الأميركي الخفيف إلى 68.75 دولار للبرميل. وكان الهبوط عند بداية التعامل في الأسواق الآسيوية أكبر، حين وصل سعر خام "برنت" إلى 71.55 دولار للبرميل والخام الأميركي الخفيف إلى 78.15 دولار للبرميل.
وهكذا تواصل أسعار النفط الانخفاض للأسبوع الثاني على التوالي، حتى بعد قرار السعودية، أكبر المنتجين والمصدرين، تخفيض إنتاجها طوعاً بمقدار مليون برميل يومياً بدءاً من شهر يوليو (تموز) المقبل. وكان اجتماع تحالف "أوبك+" مطلع هذا الشهر قرر تمديد نسب الإنتاج الحالية حتى نهاية العام المقبل 2024.
مضاربات مستمرة
في ضوء نهاية تعاملات الأسبوع الماضي على انخفاض في الأسعار وبداية تعاملات هذا الأسبوع بمزيد من التراجع، يتوقع أن تستمر المضاربات على العقود الآجلة بما يبقي الأسعار في وضع مضطرب. وقدرت إحدى شركات تحليل المعلومات في مجال الطاقة، بحسب ما نشر موقع "إيكونوميكس"، تذبذب الأسعار بخاصة للخام الأميركي الخفيف ما بين 67.40 دولار للبرميل و70.50 دولار للبرميل، أي إن أسعار النفط يمكن أن تحد من خسائرها بنهاية تعاملات اليوم.
وتظل السوق منقسمة بسبب مضاربات المتعاملين في العقود الآجلة، في الأقل لعدة أسابيع مقبلة كما أشار تقرير لوكالة "رويترز". وعلى الأرجح سيظل نطاق التحرك للأسعار ما بين 65 و75 دولاراً إلى ما بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع في شأن أسعار الفائدة. والاعتقاد الأغلب في السوق أن الاحتياطي ربما يترك أسعار الفائدة كما هي عند ما بين نسبة 5 و5.25 في المئة من دون زيادة جديدة، لكن الأهم بالنسبة إلى المستثمرين المتعاملين في عقود النفط الآجلة هو ما ستشير إليه تفاصيل اجتماع لجنة السوق المفتوحة في شأن وصول نسبة الفائدة إلى ذروتها، إذ يؤثر ذلك في أسعار النفط لأن المستثمرين سيبدأون التخطيط للشراء والبيع في ضوء تكهناتهم بموعد بدء البنك المركزي في تخفيض أسعار الفائدة. وهو ما يبدو الآن حيث إنه لن يكون قبل نهاية هذا العام وربما في العام المقبل. ويعني ذلك أيضاً أن سعر صرف الدولار الأميركي سيظل قوياً مما يضغط نزولاً على أسعار النفط وغيره من السلع.
في المقابل يراهن بعض المضاربين على زيادة الطلب على النفط مع ثبات العرض أو حتى انخفاضه مما يعني ارتفاع الأسعار في الفترة المقبلة، بالتالي لا يوجد توجه واحد للمضاربين في سوق العقود الآجلة يجعل التكهن بالأسعار ممكناً، في الأقل حتى نهاية هذا العام.
خفض التوقعات
لذا، خفضت بعض المؤسسات توقعاتها لأسعار النفط هذا العام. وفي مذكرة للعملاء، كتب رئيس الأبحاث الدولية في "بنك أوف أميركا" فرانشيسكو بلانش "تتعرض أسعار النفط لتجاذب بين تشاؤم المستثمرين الذين يتوقعون استمرار التشديد النقدي والمتفائلين الذين يتوقعون انخفاض المخزونات في النصف الثاني من هذا العام 2023... ويتوقع أن تكون الغلبة للمتشائمين، إذ ستتعرض الأسعار للضغط إلى أن يقرر الاحتياطي الفيدرالي البدء في تخفيض أسعار الفائدة". وتوقع بلانش في مذكرته أن يسجل سعر خام "برنت" في المتوسط لهذا العام 80 دولاراً للبرميل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما المحللون في بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري فأعلنوا تخفيض توقعاتهم لأسعار النفط بنسبة 10 في المئة لهذا العام. ومن المهم الإشارة إلى أن تلك التوقعات ليست دائماً دقيقة، فهذا ثالث تقدير من "غولدمان ساكس" لأسعار النفط في غضون ستة أشهر فقط. وكان البنك توقع نهاية العام الماضي، بعد قرار تحالف "أوبك+" تخفيض الإنتاج بنحو مليوني برميل يومياً في نوفمبر (تشرين الثاني)، أن ترتفع أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، لكن ما حدث أن الأسعار انخفضت دون مستوى 80 دولاراً للبرميل.
الآن، خفض البنك الاستثماري توقعاته لمتوسط أسعار خام "برنت" القياسي هذا العام من 95 دولاراً للبرميل إلى 86 دولاراً للبرميل بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول)، كما خفض توقعاته لمتوسط أسعار مزيج "غرب تكساس" من 89 دولاراً للبرميل إلى 81 دولاراً للبرميل بنهاية العام.
تخمة معروض
واستندت أغلب تلك التقديرات والتوقعات إلى وضع معادلة العرض والطلب الحالية في السوق، بخاصة في ضوء استمرار توارد البيانات والأرقام غير المشجعة عن أداء الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبحسب الأرقام الواقعية تبدو صورة الطلب أقل إشراقاً من توقعات الزيادة الكبيرة، كما أشارت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير. ومما يؤثر في جانب الطلب أيضاً بطء النمو الاقتصادي ليس في الصين وحدها وإنما في أميركا الشمالية وأوروبا.
هذا إضافة إلى استمرار معدلات التضخم المرتفعة في أغلب الاقتصادات حول العالم وارتفاع أسعار الفائدة وقوة الدولار. وكل ذلك يضغط الطلب على الطاقة نزولاً، وهو ما يؤدي إلى تخمة في المعروض النفطي في السوق العالمية تجعل الأسعار تنخفض أكثر.
ففي جانب العرض تقدر الأسواق انتعاش الإنتاج النفطي الروسي بعد فترة الضغط نتيجة الحظر الأوروبي على واردات الطاقة من موسكو وكذلك فرض الدول الغربية سقف سعر على النفط الروسي، لذا قال بنك "غولدمان ساكس" في مذكرته لعملائه "أدت زيادة الإنتاج من روسيا وإيران إلى هبوط مراكز المضاربات إلى أدنى مستوى... فبعد انخفاضه بمعدل 1.5 مليون برميل يومياً في (بداية العقوبات بسبب الحرب في أوكرانيا) تعافى الإنتاج الروسي تقريباً إلى معدلاته السابقة". وقدر البنك زيادة الإنتاج للعام المقبل 2024 من الدول التي تخضع للعقوبات كالتالي: 400 ألف برميل من روسيا و350 ألف برميل من إيران و50 ألف برميل من روسيا.
لكن مذكرة البنك لم تشر إلى الزيادة في الإنتاج النفطي الأميركي في النصف الثاني من هذا العام. فحسب بيان هيئة معلومات الطاقة الأميركية الأسبوع الماضي ينتظر أن يرتفع الإنتاج الأميركي من 12.5 مليون برميل حالياً إلى 12.6 مليون برميل يومياً قبل نهاية العام. وبحسب تقديرات الشركات الأميركية، من المتوقع أن تضيف نحو مليون برميل يومياً من الإنتاج النفطي بنهاية العام المقبل وبداية 2025.