سادت حالة من الركود خلال عام 2019 الحالي في قطاع السيارات المصري، وعلى الرغم من أن بداية العام شهدت تطبيق الإعفاء الكامل للسيارات الأوروبية من الجمارك، أو ما يطلق عليه إعلامياً "زيرو جمارك"، فإن السوق لم تشهد انتعاشة أو رواجاً، ففي المقابل توجد تحديات عدة، يأتي على رأسها ارتفاع أسعار المحروقات، فضلاً عن تكلفة الشحن والاستيراد التي قفزت قياساً على ما كان موجوداً.
التجار والوكلاء حاولوا من جانبهم مواجهة تلك التحديات عبر إعلانهم تخفيضات وعروضاً لجذب المستهلكين، وإنعاش حركة البيع، إلا أنها أسفرت عن انخفاض في الأسعار، لم يثمر عن انفراجة في عملية البيع.
انخفاض المبيعات
مجلس معلومات سوق السيارات "أميك" أصدر تقريره النصف السنوي عن مبيعات السيارات حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، وكشفت الإحصاءات "انخفاض المبيعات بمختلف أنواعها تراجعاً بنسبة 6.7%، لتصل إلى 74 ألفاً و84 وحدة خلال النصف الأول من العام الحالي، مقابل 79 ألفاً و474 مركبة خلال الفترة نفسها من نظيره السابق".
كما رصد الإحصاء أن "مبيعات السيارات المجمعة محلياً سجَّلت تراجعاً بنسبة 11.6% بعدد 35 ألفاً و905 وحدات، مقابل 40 ألفاً و624 مركبة، وكذلك تراجعت مبيعات السيارات المستوردة بنسبة 1.7% لتصل إلى 38 ألفاً و179 مركبة، مقابل 38 ألفاً و850 مركبة".
وحسب "أميك"، فإن "سيارات الركوب (الملاكي) شهدت هبوطاً بنسبة 11%، مسجَّلة 51 ألفاً و311 وحدة خلال الشهور الستة الأولى من العام الحالي، مقابل 57 ألفاً و430 مركبة خلال الفترة نفسها من العام السابق".
وعلى خلاف السيارات الملاكي، وحسب الإحصاء، "شهدت مبيعات الأوتوبيسات نمواً بنسبة 4% لتصل إلى 7 آلاف و53 وحدة، مقابل 6 آلاف و805 مركبات وبوتيرة أقل بنسبة 1% ارتفعت مبيعات الشاحنات بنسبة 3% لتسجّل 15 ألفاً و720 وحدة، مقابل 15 ألفاً و474 شاحنة".
سياسة البنوك
وعن أسباب الركود قال مصدر حكومي بارز، في تصريحات خاصة إلى "اندبندنت عربية"، "طرفٌ أساسيُّ في الأزمة الحالية هو تغيير سياسة البنوك العاملة في مصر مع سوق السيارات"، موضحاً "منذ قرار التعويم البنوك تباطأت عن تمويل قروض السيارات، إلى أن توقفت تماماً خلال الفترة الحالية".
وأشار إلى أن "منح التسهيلات التمويليَّة لشراء السيارات عن طريق البنوك كان من أحد العوامل الرئيسية التي تُسهم في رواج المبيعات بأسواق السيارات المصرية".
وأرجع المصدر "توقُّف البنوك عن التمويل إلى التكلفة الكبيرة التي طالت تجارة وبيع السيارات في مصر".
قرار التعويم
المعنيون بتجارة السيارات في مصر قدَّموا مبررات عدة لهذا التراجع سواء على مستوى المبيعات أو الأسعار.
في البداية يقول عفت عبد العاطي رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية المصرية، "إن أحد العوامل التي أسهمت في تراجع المبيعات في مصر على مدار السنوات الثلاث الماضية، وبلغت ذروتها العام الحالي، هو قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار (التعويم)، إذ أسهم في ارتفاع القيمة الشرائيَّة للسيارات مع ارتفاع فاتورة المعيشة بشكل عام، وهو ما أثر بشكل كبير على إقبال المواطنين على شراء السيارات".
وأضاف "تكلفة استيراد السيارة من الخارج والشحن والنقل إلى القاهرة قفزت بصورة كبيرة مع ارتفاع سعر الدولار، فالسيارة التي كان يشتريها المواطن المصري بأقل من 100 ألف جنيه (نحو 6 آلاف دولار أميركي) قبل التعويم أصبحت توازي 250 ألف جنيه (15 ألف دولار أميركي) حالياً".
تخفيضات الوكلاء
خالد سعد أمين عام رابطة مصنعي السيارات المصرية، قال "مع بدء انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري خلال الشهرين الماضيين بدأت أسواق السيارات تشهد انخفاضاً في الأسعار من قبل كبار وكلاء السيارات في مصر بهدف إنعاش السوق". مشيراً إلى أن "الانخفاض خلال الفترة الحالية لم يتخط الـ10% مقارنة بالأعوام السابقة".
وتوقَّع أمين عام رابطة مصنعي السيارات المصرية "رواج السوق في سبتمبر (أيلول) المقبل مع تنظيم معرض أوتوماك، وأن تصل المبيعات خلال عام 2019 إلى نفس نظيرها في 2018 الماضي، أو بزيادة تقترب من نحو 10%".
عضو الشعبة العامة للسيارات بالغرف التجارية علاء السبع، قال إن "أسعار السيارات تراجعت بنسبة تصل إلى 8%، متأثرةً بانخفاض سعر صرف الدولار الأميركي واليورو الأوروبي"، مشيراً إلى أن "الوكلاء والموزعين أرادوا تنشيط حركة البيع في السوق الراكدة بتخفيض تدريجي للأسعار وعبر عروض عالية جداً".
وأضاف السبع، "تراجع أسعار بعض ماركات السيارات العالمية، إضافة إلى تقديم الوكلاء بعض العروض والتخفيضات، مفترض أن يؤديا إلى إنعاش السوق بعد حالة الركود التي سيطرت عليها منذ بداية العام".
وتابع "حجم مبيعات السيارات خلال الربع الأول من العام الحالي بلغ 46.500 سيارة نقل أوتوبيسات وسيارات ملاكي وغيرها، ومن المتوقع مع نهاية العام الحالي أن تزيد نسبة المبيعات 10% على العام الماضي".
زيرو جمارك
وارتفعت حركة مبيعات السيارات الأوروبية بعد تطبيق "زيرو جمارك" على السيارات ذات المنشأ الأوروبي بنسبة 15%، بلغت نحو 7200 ألف مركبة خلال الربع الأول من العام الحالي، ومن المتوقع زيادة مبيعات تلك السيارات، ما أثّر على السيارات الأخرى، إذ انخفضت نسبة اليابانيَّة نحو 18%، والكوريَّة 32%، والأميركيَّة 17%.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يذكر أن الحكومة المصريَّة بدأت في إعفاء السيارات المستوردة ذات المنشأ الأوروبي بشكل كامل منذ يناير (كانون الثاني) الماضي "زيرو جمارك" بعد تطبيق تلك الاتفاقية بشكل جزئي وتدريجي منذ توقيعها عام 2004، إذ خفضت الرسوم الجمركية عليها بنسبة 10% سنويا بعد مرور 6 سنوات، إلى أن حُررت من الرسوم الجمركية بعد مضي 15 سنة من دخول الاتفاق حيز النفاذ، وهو الموعد المحدد يناير (كانون الثاني) 2019.
ومنذ يناير (كانون الثاني) وحتى نهاية مايو (أيار) بلغت أعداد السيارات التي أفرجت عنها مصلحة الجمارك المصرية في جميع المنافذ الجمركية الرئيسية الخاصة بالسيارات نحو 36 ألفاً وتسع سيارات متنوعة بقيمة إجمالية بلغت 20 مليار جنيه (نحو 1.18 مليار دولار أميركي)، وبلغت الرسوم والضرائب الأخرى التي دخلت الخزانة المصرية بخلاف الضرائب الجمركية المعافاة نحو 5.8 مليار جنيه (356 مليون دولار أميركي).
في المقابل منحت الجمارك المصرية إعفاءات طبقاً لاتفاقيات دولية مع تركيا واتفاقية أغادير بلغت جملتها نحو 4.5 مليار جنيه (267 مليون دولار أميركي).
وأصدرت مصلحة الجمارك المصرية تقريراً قالت فيه إن إجمالي قيمة رسائل السيارات وقطع الغيار المفرج عنها بجمارك الإسكندرية، خلال يونيو (حزيران) الماضي، بلغ نحو 6.3 مليارات جنيه (378 مليون دولار أميركي)، تم تحصيل نحو 957 مليون جنيه (57.5 مليون دولار أميركي) ضرائب ورسوماً عنها.
وأشارت المصلحة في تقريرها إلى الإفراج عن 7 آلاف و102 سيارة ملاكي بمختلف الموديلات من جمارك الإسكندرية، تبلغ قيمتها ملياري جنيه (نحو 120 مليون دولار أميركي) خلال يونيو (حزيران) الماضي، وهو الشهر السادس لتطبيق "زيرو جمارك" على السيارات ذات المنشأ الأوروبي.