ملخص
متى يمكن للجمهور أن يسامح الفنان بعد إدانته بإحدى الجرائم؟
تتعدد القضايا التي التصقت بأسماء بعض الفنانين بين الإرهاب والنصب والتزوير والدعارة وتعاطي الممنوعات والقتل غير المتعمد والاغتصاب، وهي الجرائم التي أودت ببعض مرتكبيها خلف القضبان فيما توارى آخرون عن الأنظار، وأفلت فريق ثالث من العقاب نتيجة تدخلات بعض الجهات الرفيعة المستوى.
قضايا التزوير
يمكن أحياناً للفنان أن يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون وهو لا يزال في بداية طريق الشهرة، كما حصل مع تامر حسني الذي دين بقضية تزوير شهادة الخدمة العسكرية، وصدر حكم من المحكمة العسكرية بسجنه لمدة عام مع الشغل والنفاذ.
لكن التزوير يمكن أن يتخذ أشكالاً أخرى كما في قضية هياتم التي قدمت بيانات غير صحيحة لاستخراج بطاقة الرقم القومي، حيث كانت تنوي الزواج فادعت أنها أصغر من عمرها الحقيقي بـ11 عاماً، وأنها لا تزال آنسة، مع أنها كانت متزوجة في السابق، وبعد صدور الحكم بسجنها خمس سنوات توارت عن الأنظار ثم أمضت أسابيع عدة في السجن قبل أن تلغي المحكمة الحكم وتكتفي بتغريمها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما شهد الوسط الفني في مصر مجموعة من القضايا الأخلاقية، مثل قضية حنان ترك ووفاء عامر اللتين أمضتا 12 يوماً خلف القضبان على ذمة قضية آداب، لكنهما دافعتا عن نفسيهما بأنهما فوجئتا بشرطة الآداب تلقي القبض عليهما عندما كانت تجربان الملابس لدى إحدى بائعات الملابس الاستعراضية، أو كما في قضية عايدة رياض التي أودعت سجن القناطر بسبب قضية آداب عرفت إعلامياً بـ"الكومبارس"، حيث ألقي القبض عليها مع ست فنانات كومبارس بتهمة "ممارسة الرذيلة".
في السياق نفسه، ألقي القبض على الفنانة ميمي شكيب وثماني فنانات أخريات كن موجودات في حفلات تقيمها بشقتها، وذلك في القضية التي عرفت باسم "الرقيق الأبيض" أو "قضية الآداب الكبرى"، وبعد نحو 170 يوماً حصلن على البراءة لعدم ثبوت الأدلة، لكنهن أمضين فترة المحاكمة في السجن.
تعاطي المخدرات
تعد قضايا المخدرات الأكثر شيوعاً في الوسط الفني، ومن أبرز النجوم الذين سجنوا بسبب حيازة وتعاطي المخدرات هيثم محمد، وأحمد عزمي، وريكو، وسعيد صالح، وسجن الأخير أيضاً لأسباب سياسية في عهد الرئيس حسني مبارك.
أما الشيخ إمام عيسى فتنقل من سجن إلى آخر بعد حرب 1967 بسبب أغانيه التي انتقدت المسؤولين عن الهزيمة. ومن بين الفنانات اللاتي أدن بقضايا المخدرات منة شلبي التي تم التحقيق معها، ونهى العمروسي التي أمضت أسابيع عدة في الحجز قبل تبرئتها، ودينا الشربيني وماجدة الخطيب اللتان أمضيتا فترة عقوبتها في سجن النساء، كما دينت الخطيب أيضاً بقضية القتل غير المتعمد عندما صدمت شاباً بسيارتها بطريق الخطأ، وقضت المحكمة بحبسها عامين مع الشغل وتغريمها مبلغاً مالياً لوقف التنفيذ، بينما أمضت سحر حمدي أسبوعين في السجن بتهمة الاعتداء اللفظي على ضابط مرور حرر محضراً بحقها بسبب وقوفها في مكان ممنوع.
أشغال شاقة
كما يمكن أن يكون العنف سبباً لدخول الفنان السجن، حيث حكمت محكمة الجنايات على وفاء مكي بالأشغال الشاقة لمدة 10 سنوات بتهمة تعذيب خادمتين شقيقتين، واحتجاز إحداهما في مرحاض شقتها وهتك عرضها وكيها بالنار بمساعدة والدتها.
وبالنسبة إلى جرائم القتل، صدر حكم بسجن الفنانة حبيبة لمدة 10 سنوات مع الشغل بتهمة قتل زوجها، وبعد خمس سنوات ألقي القبض على المتهمين الحقيقيين أثناء بيعهم ساعة ذهبية خاصة بالزوج، كما اتهم المخرج سيمون أسمر بقتل شخص وقضى 10 أشهر وراء القضبان ثم أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة.
يمكن أيضاً لبعض القضايا أن تسبب بالقضاء على سمعة الفنان وإلحاق الضرر بعمله، كما في قضية الاغتصاب التي دين بها سعد لمجرد في فرنسا عام 2016، التي لم تنته حتى الآن، أو في قضية سعود أبو سلطان الذي اعتدى في منزله على فتاة فرنسية وسجن لمدة ثلاث سنوات.
وتعد قضايا الإرهاب من القضايا الحساسة التي يمكن أن تقضي على مستقبل الفنان كما في حال فضل شاكر، الذي أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة في لبنان حكمين غيابيين بحقه بتهمة الإرهاب وتمويل مجموعة مسلحة، لكنه لا يزال متوارياً عن الأنظار.
آراء ومواقف
لكن، كيف تتعامل النقابات الفنية مع القضايا التي تطال الفنانين، وكيف يتحدث النقاد عن بعض هذه التجارب؟
يقول نقيب الفنانين الكويتيين طارق العلي، إن تدخل النقابة في هذه القضايا يعتمد على نوع القضية، موضحاً "كنقابة لا نتدخل في القضايا التي تتعلق بأمور الفنان الشخصية، أما القضايا الأخرى التي تهمنا فمعظمها يتعلق بمشكلات مع المنتجين وعدم التزام بالعقود الفنية. وفي حال دين الفنان في قضايا النصب والاحتيال والمخدرات والدعارة يشطب اسمه من النقابة ويحرم من العمل، وتوجه النقابة كتاباً إلى شركات الإنتاج بعدم التعامل معه. والقانون يطبق في الكويت على الفنان كما على غيره من المواطنين، ولا يمكن أن يفلت من العقاب في حال إدانته".
أما نقيب محترفي الموسيقى والغناء في لبنان فريد أبو سعيد فيشير إلى "أن النقابة تقف إلى جانب الفنان حتى تثبت إدانته من جانب القضاء كما في قضية فضل شاكر، الذي أصدرت النقابة قراراً بفصله لأن القضية التي دين بها خطرة جداً. ويفترض بالفنان أن يبتعد عن الأمور التي لها علاقة بالسياسة والممنوعات لأنه يعتبر قدوة للناس".
يفرق أبو سعيد بين الفنانين الذين يدخلون السجن ثم يخلى سبيلهم بعد ثبوت براءتهم، وبين الفنانين الذين تدينهم المحكمة، ويوضح "الفنان معرض لشتى أنواع الاتهامات لأن الوسط الفني فيه من كل شيء، لكن لا يحق لأحد الحكم عليه إلا في حال إدانته قضائياً".
الناقد الفني طارق الشناوي يشير إلى تنوع القضايا التي يدخل الفنان بمقتضاها إلى السجن، لكن تعاطي المخدرات هو الأكثر شيوعاً، لأن نسبة عالية من الفنانين تتعاطى المواد المخدرة، ودخل عدد كبير منهم السجون بسببها، وآخرون تمت تبرئتهم. وقبل فترة وجيزة تم إيقاف ممثلة مصرية في المطار وبحوزتها كمية من المخدرات وجرى محاكمتها وإصدار حكم في حقها مع وقف التنفيذ، كما دخل أحد المخرجين السجن بسبب قضية مخدرات".
متى يسامح الجمهور؟
بحسب الشناوي فإن بعض النجوم محميون من بعض الأجهزة والقيادات السياسية كما في تجربة إحدى المطربات العربيات التي ألقي القبض عليها في مطار بيروت بتهمة تعاطي الكوكايين، مضيفاً "صدر حكم بسجن الملحن بليغ حمدي لمدة عام ولكنه لم يسجن بل سافر إلى فرنسا وبقي خارج مصر خمس أو ست سنوات. والتهمة كانت تسهيل دعارة، وهي كلمة مهينة جداً لأن بليغ حمدي لم يكن بحاجة إلى المال أو القيام بأشياء مشبوهة".
وعن رأيه بموقف إحدى الممثلات المصريات التي أفرج عنها أخيراً، وادعت البراءة بعد أن أمضت 11 عاماً في السجن "لا أحد يقر بذنبه، ومع مرور الزمن واختفاء شهود الإثبات للفنان أن يقول ما يشاء".
في المقابل، يوضح الشناوي أن نقابة الفنانين تدافع عن أي فنان منتسب إليها إلى أن يصدر حكم ببراءته أو إدانته، وبعد الحكم ينتهي دورها. وعادة ما يتم فصل الفنان في القضايا المخلة بالشرف بعد سجنه تطبيقاً للقانون. مستدركاً "لكن في مصر عاد بعض الفنانين إلى التمثيل مع أنهم أدينوا بقضايا مخلة بالآداب، لأن النقيب اعتبر أن العقوبة تمت، وأن عدم السماح لهم بالعودة إلى ممارسة نشاطهم الفني هو تحفيز لعودتهم إلى طريق الشر".
ويضيف "أما في قضايا القتل غير العمد فيمكن أن يدفع الفنان المال بدل السجن، وهناك فنان ابن أحد النجوم المشهورين قتل شخصاً عن طريق الخطأ أثناء قيادة سيارته ودفع حق الدم (الدية) لأهل القتيل ولم يسجن، كما يمكن للمال أن يتدخل بطريقة غير مباشرة في قضايا أخرى ويفلت الفنان من السجن، لأن أي شخص يمكن أن يفعل كل شيء لقاء الحصول على حريته".
يعتبر الشناوي أن الجمهور يمكن أن يسامح الفنان في قضايا تعاطي المخدرات من منطلق أنه فنان وقد لا يبدع إلا من خلال تعاطيها، ولكنه لا يمكن أن يسامح أبداً في قضايا الدعارة لأنها ترتبط بالعادات والتقاليد.