Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينجح القطاع الخاص في ما فشلت فيه البنوك المركزية؟

تتزايد حدة دخول الاقتصاد العالمي في موجة من الركود على رغم إبطاء وتيرة تشديد السياسة النقدية والاتجاه نحو تثبيت الفائدة

من الضروري إجراء مجموعة قوية من الإصلاحات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال (أ ف ب)

ملخص

الاستثمارات الخاصة تمثل في المتوسط ثلاثة أرباع مجموع الاستثمارات في البلدان النامية

رجح تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية أن يشهد عام 2023 أدنى معدل للنمو خلال ثلاثة عقود، باستثناء عامي 2009 (الأزمة المالية العالمية) و2020 (جائحة كورونا).

وحذر البنك الدولي من أن تراجع معدل النمو الطويل الأجل في الاقتصاد العالمي يمكن أن يهدد "بعقد ضائع"، مما يحد من قدرات البلدان على مكافحة الفقر والتصدي لتغير المناخ.

وتتسق تنبؤات مجموعة البنك الدولي المثيرة للقلق مع وجهات نظر قادة الأعمال في مختلف أنحاء العالم، الذين زادت نسبة المتشائمين منهم في الأشهر القليلة الماضية.

وتسببت الحالات المتعددة لإفلاس البنوك خلال الأسابيع القليلة الماضية في اضطراب القطاع المصرفي وأعادت إشعال المخاوف من حدوث أزمة مالية، وقد لا تتحقق الآن الآمال الكبيرة التي كانت تراود كثيرين في تحقيق انتعاش اقتصادي قوي بعد الجائحة، فالأنباء السيئة عن النمو تبعث دائماً على القلق، إذ إن النمو المنخفض ينطوي على الفقر والاحتياج، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وأزمات سياسية وتفشي الجريمة والعنف.

وعلى رغم اتجاه البنوك المركزية على مستوى العالم إلى إبطاء وتيرة تشديد السياسة النقدية والاتجاه نحو تثبيت الفائدة تمهيداً للعودة إلى الفائدة المنخفضة، تتزايد حدة دخول الاقتصاد العالمي في موجة من الركود، إذ شهدت عديد من الاقتصادات تراجعات كبيرة في معدلات النمو، وعلى رأسها الصين التي سجلت أدنى معدل نمو في أكثر من أربعة عقود.

أزمة الدين العام وارتفاع التضخم

وأوضح البنك الدولي أنه في إطار مواجهة ركود النمو وإمكانية حدوث ركود، فإن الاستجابة التقليدية للاقتصاد الكلي تتم من خلال سياسات مالية ونقدية توسعية، غير أن هذا قد لا يكون مجدياً في السياق الحالي بالنسبة إلى عديد من البلدان، فسياسة المالية العامة التوسعية مقيدة بشدة بسبب أزمات الدين العام التي تؤثر في عديد من البلدان النامية والمتقدمة.

سواء كان ذلك مدفوعاً بانخفاض النشاط الاقتصادي (بالتالي انخفاض الإيرادات العامة) أو زيادة الإنفاق العام (لمساندة الأسر والشركات المتأثرة)، أدت جائحة كورونا إلى ارتفاع الدين العام في جميع أنحاء العالم. ويشير ارتفاع الدين إلى أن نسبة كبيرة من الموارد العامة توجه نحو مدفوعات الفائدة، مما يحد من القدرة على الحصول على تمويل إضافي للديون، وهو ما قد يكون باهظ الكلفة أيضاً، وفي هذه الظروف قد لا يكون هناك ببساطة "حيز مالي" للحكومات لتنفيذ استجابة مالية.

ومن شأن السياسة النقدية التوسعية أن تتصدى للجهود الرامية إلى تخفيض التضخم في البلدان النامية والمتقدمة، وسواء كان التضخم ناجماً عن عوامل العرض (على سبيل المثال تعطل سلاسل الإمداد العالمية) أو عوامل الطلب (على سبيل المثال السيولة المفرطة)، فقد زاد التضخم زيادة كبيرة وهو مصدر قلق رئيس للأشخاص وواضعي السياسات على حد سواء، كما أن "الحيز النقدي" المتاح للحكومات لتوليد استجابة نقدية لتباطؤ النمو قد لا يكون مجدياً في الوقت الحالي.

تعبئة الاستثمارات الخاصة

بالنسبة إلى معظم البلدان، إن لم يكن كلها، فإن القطاع الخاص هو محرك النمو الاقتصادي، وسواء أفلتت بلدان العالم من الركود الوشيك أم لم تفلت ستعتمد في نهاية المطاف على كيفية تحرك الشركات الخاصة والمستهلكين على مدى الأشهر والسنوات القليلة المقبلة.

ومن العناصر الحاسمة لنشاط القطاع الخاص الاستثمار الخاص، وهو إحدى الآليات الرئيسة التي يقوم من خلالها رواد الأعمال بالابتكار، وخلق فرص العمل، والروابط مع بقية الاقتصاد، وعلى رغم أهمية الاستثمارات العامة فإن الاستثمارات الخاصة تمثل في المتوسط ثلاثة أرباع مجموع الاستثمارات في البلدان النامية.

وذكر البنك الدولي أن الاستثمارات الخاصة مدفوعة بتوقعات المخاطر والعائدات على مستوى الاقتصاد والقطاع والشركات، وإلى حد كبير تتحدد هذه التوقعات بمدى ملاءمة بيئة الأعمال.

مما يثير القلق أن الاستثمارات الخاصة كنسبة من إجمالي الناتج المحلي انخفضت في معظم المناطق بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2009، لكن السؤال الأهم، هل يمكن عكس مسار هذا الاتجاه؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الوقت نفسه يقول المثل الصيني الشهير إن "الأزمة هي فرصة تركب رياحاً خطرة"، ويمكن أن تتيح الأزمات فرصاً من خلال الكشف عن مجالات الضعف، وتحفيز العمل على صعيد السياسات، وتوحيد العقول في شأن الحاجة إلى الإصلاح. وإذا ما تحملت البلاد "الرياح الخطرة" للصدمات الاقتصادية فإن الأزمات يمكن أن تنذر بإصلاحات.

من المعروف جيداً أنه في أعقاب الأزمات المالية العالمية في عام 2009 طبقت الحكومات لوائح تحوطية مالية أكثر صرامة، ومن غير المعروف جيداً أن عديداً من الحكومات في مختلف أنحاء العالم شرعت أيضاً في تنفيذ إصلاحات رئيسة لتحسين سهولة ممارسة أنشطة الأعمال.

وكي يبادر القطاع الخاص إلى الإنقاذ في الوقت الذي يواجه فيه العالم آثار الجائحة، من الضروري إجراء مجموعة قوية من الإصلاحات الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء.

في هذا الصدد لم تكن الاتجاهات قبل الجائحة واعدة بشكل خاص، لنأخذ على سبيل المثال جودة اللوائح التنظيمية لأنشطة الأعمال إذ شهدت جميع مناطق البلدان النامية، باستثناء منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا وآسيا الوسطى تدهوراً في تحسن الجودة التنظيمية في ما يتعلق بالتوجه العالمي أكثر مما شهدته البلدان المعنية.

ما الذي يجب إصلاحه في الوقت الحالي؟

يقول مدير مجموعة المؤشرات العالمية بالبنك الدولي نورمان لويزا إن "قائمة الإصلاحات المطلوبة طويلة في كل بلد تقريباً، وفي بعض البلدان على نحو شامل، ومع ذلك فإن العدد الكبير من الإصلاحات المطلوبة ليس بالضرورة عقبة رئيسة. غير أن الافتقار إلى معايير مرجعية دولية متبصرة لإصلاح السياسات هو أمر لا رجعة فيه، فأين يمكن لمجموعة البنك الدولي أن يكون لها تأثير من بين عديد من المبادرات القيمة التي تجري دراسات تشخيصية للقطاع الخاص؟".

ويفيد كل من المشروع المقبل الجاهز لأنشطة الأعمال وبرنامج مسوح مؤسسات الأعمال، وتحسين تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون، بأن كل ذلك لا يسعى إلى تقديم الإصلاح فحسب، بل أيضاً تفاصيل ما ينبغي إصلاحه كي يتعافى القطاع الخاص في أوقات الأزمات وينمو على نحو مستدام في جميع الأوقات.

اقرأ المزيد