ملخص
قال دبلوماسي غربي "أبلغ الإيرانيون بوضوح تام بنية الإبقاء على العقوبات ويدور السؤال الآن حول نوعية الخطوات التي يمكن للإيرانيين اتخاذها رداً على ذلك، وكيفية الاستعداد لها".
قالت أربعة مصادر، إن دبلوماسيين أوروبيين أبلغوا إيران باعتزام الاتحاد الأوروبي الإبقاء على عقوبات الصواريخ الباليستية المقرر أن تنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) بموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015، وذلك في خطوة قد تستفز طهران وتدفعها للرد عليها.
وعزت المصادر إبقاء العقوبات إلى ثلاثة أسباب وهي: استخدام روسيا طائرات إيرانية مسيرة في حرب أوكرانيا واحتمال نقل إيران صواريخ باليستية إلى روسيا ولحرمان إيران من المزايا التي يمنحها لها الاتفاق النووي بالنظر إلى انتهاكها الاتفاق، على رغم أن ذلك حدث بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.
ومن شأن الإبقاء على عقوبات الاتحاد الأوروبي أن يعكس رغبة الغرب في منع إيران من تطوير الأسلحة النووية وحرمانها من سبل تحقيق ذلك على رغم انهيار الاتفاق النووي الموقع في 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في 2018.
وكان الاتفاق الذي أبرمته إيران مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة يهدف إلى الحد من برنامج طهران النووي وزيادة صعوبة حصولها على المادة الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة نووية في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
ونتيجة لانسحاب ترمب من الاتفاق وإخفاق الرئيس الأميركي جو بايدن في إحيائه، تشير تقديرات أميركية إلى احتمال أن تتمكن إيران من صنع المادة الانشطارية اللازمة لقنبلة واحدة خلال 12 يوماً تقريباً، بينما كان يستغرق ذلك عاماً كاملاً حينما كان الاتفاق سارياً.
لكن علاقات إيران مع الغرب تدهورت على مدى العام الماضي، مع انهيار الاتفاق فعلياً، مما دفع واشنطن وحلفاءها للبحث عن سبل للتهدئة والسعي إذا نجحت في ذلك لإعادة فرض أحد أشكال القيود النووية.
وتنفي إيران السعي إلى حيازة أسلحة نووية. ويعتبر الغرب حصول إيران على مثل تلك الأسلحة تهديداً لإسرائيل وبعض الدول الخليجية.
رد إيراني محتمل
قال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر هويته "أبلغ الإيرانيون بوضوح تام (بنية الإبقاء على العقوبات) ويدور السؤال الآن حول نوعية الخطوات التي يمكن للإيرانيين اتخاذها رداً على ذلك و(كيفية) الاستعداد لها".
ومن المقرر أن تنتهي مدة عقوبات الاتحاد الأوروبي في 18 أكتوبر بموجب قرار من الأمم المتحدة في شأن الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
و"دعت" الدول الأوروبية إيران لعدم اتخاذ خطوات لتطوير صواريخ باليستية يمكنها حمل أسلحة نووية، وهي عبارة لا تتضمن أي منع إلزامي.
كما حظرت على أي طرف من التعامل مع إيران في شراء أو بيع أو نقل الطائرات المسيرة القادرة على التحليق لمسافة تزيد على 300 كيلومتر أو مكوناتها من دون موافقة مسبقة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهي موافقة لم يمنحها المجلس قط.
ومنذ 2017، اختبرت إيران عدداً من الصواريخ الباليستية وأطلقت أقماراً اصطناعية عدة على رغم القرار، وأطلقت في مايو (أيار) صاروخاً قد يصل مداه إلى ألفي كيلومتر.
وأثارت العلاقات الدفاعية المتزايدة بين طهران وموسكو قلق القوى الأوروبية، إذ يقول مسؤولون غربيون، إن روسيا تستخدم الطائرات المسيرة الإيرانية الصنع في ضرب أوكرانيا ويشيرون إلى ااحتمال أن تتمكن إيران من تزويد روسيا بصواريخ باليستية.
ولم يتضح إن كانت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قد أبلغت إيران عزمها الإبقاء على عقوبات الاتحاد الأوروبي عندما التقى مسؤولون كبار من تلك الدول بكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كني في 12 يونيو (حزيران) بأبوظبي.
وقال مسؤول إيراني لـ"رويترز" شريطة عدم نشر هويته، إن إنريكي مورا، الدبلوماسي بالاتحاد الأوروبي الذي ينسق المحادثات المتعلقة باتفاق 2015، أثار مسألة الإبقاء على عقوبات الاتحاد عندما التقى باقري كني في الدوحة 21 يونيو، لكن المسؤول الإيراني رفض مناقشة الأمر.
وقلل مسؤول إيراني آخر من احتمالية الإبقاء على العقوبات، وقال إن طهران أحرزت تقدماً في برامجها النووية والصاروخية على مدى سنوات على رغم العقوبات الغربية.
وأضاف مشترطاً عدم نشر هويته هو الآخر "الإبقاء على العقوبات، بأي طريقة أو شكل، لن يعرقل التقدم الذي تحرزه إيران، إنها تذكرة بأنه لا يمكن الاعتماد على الغرب ولا الثقة فيه".
ولم تعلق وزارة الخارجية البريطانية على ما إذا كانت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي تعتزم الإبقاء على العقوبات أو إن كانت قد أبلغت إيران بأي قرارات.
لكن متحدثاً باسم الخارجية البريطانية قال، إن محادثات 12 يونيو، التي جرت في أبوظبي "تطرقت إلى عدد من الأمور التي تثير قلقنا في شأن سلوك إيران بما في ذلك تصعيدها النووي المستمر".
وصدرت تصريحات مماثلة حول تلك المحادثات من وزارتي الخارجية الفرنسية والألمانية.
وقال دبلوماسي أوروبي، إن مورا بدأ في وضع الأساس القانوني للإبقاء على العقوبات، وهو قرار يتطلب موافقة كل الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وعددها 27. وأضاف مصدران إن الأمر لم يطرح للنقاش بين كل دول الاتحاد حتى الآن.
وقال ذلك الدبلوماسي مشيراً إلى قرار مجلس الأمن الذي دعم الاتفاق النووي "رفع العقوبات كان مؤسساً على مبدأ احترام القرار 2231. لم يحدث ذلك بالتالي هناك نقاش مع الإيرانيين لإيضاح أننا لن نرفع تلك العقوبات".
بلينكن ينفي
من جانبه، جدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الأربعاء، التأكيد أن المباحثات غير المباشرة التي بدأت في الآونة الأخيرة بين واشنطن وطهران لا تهدف إلى إبرام اتفاق جديد في شأن برنامج إيران النووي.
وقال بلينكن، إن أي اتفاق "ليس مطروحاً على الطاولة، وإن كنا ما زلنا مستعدين لاستكشاف المسارات الدبلوماسية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف خلال ندوة في مركز أبحاث "مجلس العلاقات الخارجية" في نيويورك، إن واشنطن ستحكم على طهران "من خلال أفعالها"، داعياً إيران إلى "عدم الإقدام على خطوات قد تصعد من التوترات" مع عدوها اللدود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأشار الوزير الأميركي إلى أن بلاده شاركت في مباحثات إحياء الاتفاق النووي "بنية حسنة"، وأن نجاحها "بدا ممكناً" في مرحلة معينة، إلا أن "إيران لم تتمكن أو لم تقم بما هو ضروري للعودة إلى الامتثال" لبنود الاتفاق.
ولطالما حملت طهران واشنطن غياب "الإرادة السياسية"، ومن ثم عدم التفاهم لإحياء اتفاق 2015.
على صعيد آخر، تطرق بلينكن إلى مساعي الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، الحليفين التاريخيين لبلاده في المنطقة. لكن علاقة البلدين بواشنطن تشهد فتوراً منذ بدأ عهد إدارة الرئيس جو بايدن.
وقال إن "السعودية وإسرائيل بالطبع مهتمان بآفاق التطبيع"، إلا أنه شدد على أن هذا الأمر "معقد، صعب، ولا يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها، إلا أنه أيضاً احتمال فعلي ونعمل عليه".
وأسهمت واشنطن اعتباراً من 2020 في إبرام إسرائيل اتفاقات تطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب، عدها ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نجاحاً دبلوماسياً.
ولطالما اشترطت السعودية للتطبيع مع إسرائيل الاعتراف بدولة فلسطينية، مطالبة واشنطن بتوفير ضمانات أمنية.
وأجرى بلينكن، أول من أمس الثلاثاء، اتصالاً بنظيره الإسرائيلي إيلي كوهين داعياً إلى تخفيض التصعيد في الضفة الغربية المحتلة.
وأوضح "أبلغنا أصدقاءنا وحلفاءنا في إسرائيل أنه طالما أن الحريق مندلع في حديقتهم الخلفية، فذلك سيصعب كثيراً، أو يجعل من المستحيل حتى، تعزيز الاتفاقات القائمة (للتطبيع) أو توسيعها لتشمل السعودية ربما".
دعوى إيرانية
من ناحية أخرى، قالت محكمة العدل الدولية الأربعاء إن إيران أقامت دعوى في المحكمة التابعة للأمم المتحدة ضد كندا، لأن أوتاوا تسمح برفع دعاوى تعويضات مدنية أمام محاكمها ضد طهران بسبب ما توصف بأنها أعمال إرهابية.
وبحسب الدعوى التي رفعتها إيران، والتي نشرتها المحكمة، فإن تصرف كندا ينتهك حصانة الدولة التي يكفلها القانون الدولي.
ويأتي رفع الدعوى في محكمة العدل الدولية بعد أن يزيد قليلاً على أسبوع من إعلان الحكومة الكندية فرض عقوبات على قضاة إيرانيين لاتهامهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقطعت كندا العلاقات الدبلوماسية مع إيران عام 2012 وأدرجتها في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
والعام الماضي، قضت محكمة في أونتاريو بمبلغ قدره 107 ملايين دولار كندي (83.94 مليون دولار)، إضافة إلى الفوائد، لأسر ستة أشخاص لقوا حتفهم في إسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة للخطوط الجوية الدولية الأوكرانية بالقرب من طهران في عام 2020 مما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 شخصاً.