Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خريطة جديدة لأحزاب المعارضة في البرلمان الموريتاني

جائحة "كوفيد– 19" أدخلت قوى تاريخية في "موت سياسي"

أحزاب المعارضة الموريتانية خرجت في مسيرات بنواكشوط بعيد الانتخابات متهمة الحزب الحاكم بالتزوير (اندبندنت عربية)

ملخص

نتائج الانتخابات البرلمانية في موريتانيا، مايو الماضي، أزاحت الستار عن هزيمة نكراء منيت بها أحزاب المعارضة التقليدية في البلاد، وصفها مراقبون بأنه "موت سياسي" لها.

قضت الانتخابية التشريعية الأخيرة في موريتانيا على آخر رمق في حياة أعرق ثلاثة أحزاب سياسية معارضة، بعد أن ظلت تناطح مختلف الأنظمة السياسية وأحزابها الحاكمة وتفرض ممثلين عنها تحت قبة البرلمان، رغم ضعف هامش الشفافية الذي كان مسموحاً به آنذاك من قبل تلك الأنظمة.

منذ بداية التسعينيات، لم تخل أي إنابة برلمانية من تمثيل معتبر لهذه الأحزاب التي تولت أحياناً زعامة البرلمان نفسه، وفي الغالب كان أعضاؤها يرأسون مؤسسة المعارضة الديمقراطية، الحاضن الدستوري لمختلف أطياف التيار المعارض في موريتانيا، إلا أن انتخابات مايو (أيار) الأخيرة دقت آخر مسمار في نعش هذه الأحزاب التي لم يشفع لها تاريخها النضالي الكبير في إقناع الناخبين بدخولها البرلمان ولو بنائب واحد.

عوائق تنظيمية

يرى المتخصص الانتخابي مدير مركز الرشاد الموريتاني محمدن بن سيدي، أن "نتائج الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية المنظمة الأخيرة قد لا تعكس بالطبيعة واقع الأحزاب لعوامل موضوعية كثيرة".

وعدّد بن سيدي هذه العوامل بقوله "أدى الاتفاق المبرم بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية إلى إفساح المجال للتسجيل عن بعد في اللائحة الانتخابية لأول مرة في تاريخ الانتخابات بموريتانيا، ونجم عن ذلك أن فتح الباب على مصراعيه لبعض المترشحين فاستجلب إلى الدوائر الانتخابية المترشح فيها ناخبون لا ينطبق عليهم شرط الإقامة فأخل ذلك بالقانون أولاً ثم بجميع الموازين الديمقراطية بعد ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر المتخصص الانتخابي عاملاً آخر أسهم في ظاهرة خلو البرلمان من الأحزاب المعارضة التقليدية وهو "استخدام النسبية في الانتخابات الجهوية والبلدية، إذ كان هناك جنوح قوي لدى جميع الأحزاب في الغالبية والمعارضة إلى الاستقلالية في الترشح لتجريب حظها في النجاح أو في التمثيل في الأقل بما تيسر من المستشارين".

واعتبر أن "أحزاب المعارضة تأثرت أكثر بتعدد خيارات التصويت أمام الناخبين، من قواعدها الشعبية تبعاً لتشعب الترشحات في إطار أحزاب أخرى من الغالبية أو المعارضة".

موت سريري

أفضت نتائج انتخابات مايو الأخيرة إلى هزيمة نكراء منيت بها أحزاب المعارضة التقليدية الموريتانية، وهو ما اعتبره المتخصص السياسي محمد المختار أحمد سالم بمثابة "موت سياسي" لهذه الأحزاب.

وربط بين تراجع الأحزاب التقليدية الموريتانية والموجة السائدة عالمياً المتمثلة في تراجع أعرق الأحزاب السياسية مثلما حدث في فرنسا.

وفكك محمد المختار أسباب هذا التراجع إلى محددات محلية وصفها بضريبة قرب هذه الأحزاب من النظام الحاكم منذ توليه السلطة في موريتانيا، إذ إنها تقاربت مع الرئيس مما أفقدها ثقة ناخبيها واعتبروها وجهاً آخر للنظام.

وتتداخل عدة أسباب منها السياسي والاقتصادي فيما آلت إليه الأحزاب المعارضة بموريتانيا، لخصها الشيخ محمد بن سيدي بقوله إنها "تخلت عن الخطاب الشعبوي الذي يحمل تعاطفاً مع مشكلات الحياة اليومية للمواطن، وعللت ذلك في بداية المأمورية بجائحة كوفيد- 19 وغفر لها جمهورها، ولما انتهت الجائحة تبين أن قادتها كانوا على اتصال مباشر مع النظام الحاكم ملبياً لهم بعض المصالح الشخصية كتعيينات أو إكراميات".

وخلص أن "جمهور المعارضة تعاملوا مع مواقف قادتهم على أنه تخلى عن دورهم السياسي، كما أن تراجع هذه الأحزاب سياسياً نفخ الروح في هياكل أحزاب مستوفية للشروط وهو ما شكل دفعة قوية لتزايد تمثيل تلك الأحزاب في البرلمان".

معارضة صاعدة

عانت الأحزاب المعارضة الموريتانية من ترهل كبير نال من حيويتها وقلل من ديناميكيتها، مما أثر على أدائها في الميدان السياسي، وهو ما ظهر جلياً في نتائج هذه الأحزاب في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.

ودفع هذا الواقع بأحزاب معارضة صاعدة إلى ملأ الفراغ الذي سببه ترهل هذه الأحزاب، فصعد حزب الجبهة الجمهورية الذي يحتل المرتبة الثانية في تمثيل الأحزاب المعارضة، إضافة إلى حزب الصواب الذي تراجعت شعبيته ولكن زاد عدد نوابه بالبرلمان، بحسب محمد المختار.

وبأفول نجم أحزاب التحالف وتكتل قوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم في سماء المشهد السياسي الموريتاني ستظل ذكرى وشعارات وأغاني هذه الأحزاب محطة مهمة في تاريخ موريتانيا السياسي المعاصر.

المزيد من سياسة