Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مساحات عمرانية بين حضور وغياب في معرض فوتوغرافي

صور القاهرة والضواحي والريف وجسور وسلالم وممرات ومحطات قطار تنطوي على شىء من الغموض

صورة من المعرض للمصور عمرو الكفراوي (خدمة المعرض)

ملخص

صور القاهرة والضواحي والريف وجسور وسلالم وممرات ومحطات قطار تنطوي على شىء من الغموض

تكمن عبقرية الفوتوغرافيا في التقاط اللحظات والمشاعر والروايات العابرة وتجميدها في الوقت المناسب. وهي قادرة على رصد العديد من الجوانب التي غالباً ما يتم تجاهلها. بين الأنماط المتنوعة في الفوتوغرافيا يبرز مفهوم  "Liminal space" وهو أحد المفاهيم الجمالية المثيرة للإهتمام خلال الفترة الأخيرة. يشير هذا المفهوم إلى استكشاف المساحات البينية التي تمتلك إحساساً معيناً من الغموض وتثير المشاعر والفضول والتأمل.

تحت هذا المفهوم يستضيف غاليري تنتيرا في القاهرة حتى نهاية الشهرالحالي، معرضاً ثنائياً لكل من أنطوني حمبوسي وعمرو الكفراوي. يقام المعرض تحت عنوان "مساحات بينية" أو Liminal spaces . الصورالتي يضمها المعرض تختلف في طبيعة معالجتها إلا أنها تتشارك في استكشاف هذه المساحات العمرانية المرتبطة والمجاورة للطريق الدائري في القاهرة، وهو أحد الطرق العلوية التي تم تشييدها في تسعينيات القرن الماضي للربط بين ضواحي القاهرة وأحيائها البعيدة. يعد الطريق الدائري أحد أطول الطرق العلوية التي تم تشييدها في العاصمة المصرية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وكان يمر غالبه فوق المساحات الريفية المحيطة بالمدينة، هذه المساحات الريفية التي يتخللها الطريق الدائري، تحولت اليوم إلى مساحات عمرانية معرضة للتحول الدائم بفعل طبيعتها غير الرسمية أو غير المخطط لها.

حول هذه المساحات المتحولة وعلاقتها بالطريق الدائري والطبيعة المتحولة للأطراف، في مقابل الثبات النسبي للمدينة، هو موضوع هذا المعرض. يهتم كل من حمبوسي والكفراوي بهذه المساحات المعرضة للتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويتعرض جانب كبير من تجربتهما لمثل هذه المساحات الحضرية التي تمر بمرحلة انتقالية، أو بمعنى أوضح تتحمل تبعات التغير.

مفهوم جمالي

تدعونا هذه الصور التي يقدمها حمبوسي والكفراوي إلى تأمل هذا المفهوم الجمالي الذي يشير إليه عنوان المعرض، وهو مفهوم حديث نسبياً يدل إلى الفضاءات الانتقالية بين حالتين أو مكانين مختلفين. يمكن أن تكون هذه المساحات المشار إليها مادية أو مجازية، لكنها على أي حال، معنية بالتقاط اللحظات التي تكون فيها الأشياء والأماكن على أعتاب التحول أو عالقة بين مكانين، أو بين الماضي والمستقبل. يمكن أن تنطوي هذه الصور التي تنتمي إلى هذا المفهوم على أمثلة متعددة من العناصر كالسلالم والممرات ومحطات القطار والجسور الفارغة وحتى ساعات الشفق. تتسم هذه المشاهد غالباً بطبيعة غامضة، ويمكن أن تكون مريحة ومقلقة وجذابة ومخيفة في آن. في هذه المشاهد تتلاشى الحدود بين العوالم المختلفة مفسحة المجال للعديد من الاحتمالات والتأويلات البصرية.

غالباً ما تميل الصور الفوتوغرافية التي تتبع هذا المفهوم إلى تأكيد هذا الغموض، مما يجعل المشاهدين غير متيقنين من الطبيعة الدقيقة لما يرونه. يمكن أن ينشأ هذا الغموض من التكوين أو الإضاءة، أو من طبيعة الموضوع نفسه، مما يستدعي العديد من التساؤلات حول الصورة وتفسيرها. تنقل هذه الصور إحساساً بالزوال وتلتقط الطبيعة المتغيرة للوجود، وغالباً ما تُرسّخ هذه المشاهد إحساساً بالغياب أو الحضور، كما قد تنطوي على شىء ما مفتقد وغائب، مما يساهم في طمس الحدود بين المرئي وغير المرئي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من خلال التقاط لحظات الانتقال وعدم اليقين، تدعونا هذه الصور التي يقدمها أنطوني حمبوسي وعمرو الكفراوي إلى التأمل والتبصر والمشاركة العاطفية. تدفعنا الصور أيضاً لملء الفجوات بالحكايات والتفسيرات الخاصة، مما يتيح مجالاً للسرد والتأويل والتفكير في الاحتمالات التي تكمن وراءها. يمكن أن تمثل هذه المساحات البينية أو العالقة استعارات بصرية للتجارب التي نواجهها في حياتنا، كالانتقال إلى مدينة جديدة أو ترك وظيفة أو أي تحول طارىء على حياتنا. تتشابك المساحات البينية أو العالقة في التصوير الفوتوغرافي بعمق مع التجربة الإنسانية، فتنعكس مواجهاتنا مع التغيير والانتقال وعدم اليقين. تذكرنا هذه الصور بالسيولة المتأصلة في الحياة كما تشير كذلك إلى الصيرورة والثبات. وعلى المستوى الجمالي فإن هذه الصور على اختلاف معالجتها للبيئات المهجورة أو المهملة، تقدم لنا لحظات من الجمال غير المعتاد، من خلال التكوين الماهر والإضاءة والتأطير الجيد للمشاهد.

أنطوني حمبوسي فنان أميركي من أصول مصرية ولد في نيويورك عام 1969 وعرضت أعماله في العديد من المؤسسات الدولية. عمرو الكفراوي فنان مصري مقيم في القاهرة وهو من مواليد عام 1980 . تجمع أعمال الكفراوي بين الرسم والتصوير والطباعة. وعرضت أعماله في العديد من مدن أوروبا وكندا والشرق الأوسط.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة