ملخص
حالة نادرة مثلها طفلان لا يشبعان منذ الولادة ويعانيان سمنة مفرطة. ووجد أن السبب يعود إلى خلل في الدهون البيضاء يمنعها من إفراز هرمون يحرك إحساس الشبع في الدماغ
عثر على طفرات جينية لم ترصد من قبل، لدى طفلين مصابين بحالة نادرة من "الجوع الذي لا يمكن إشباعه" وقد دفعهما إلى السمنة الشديدة.
وبحسب البحث الذي نشر في مجلة نيو إنغلاند الطبية، فإن الطفرات الجينية التي يحملها الأطفال تتداخل مع هرمون الشبع (لبتين) Leptin، الذي ينقل الإحساس بالامتلاء من المعدة إلى الدماغ.
وقد يلقي الاكتشاف الجديد مزيداً من الضوء على كيفية تحكم الهرمونات في زيادة الوزن، إذ أظهرت دراسات سابقة أن هرمون "لبتين" الذي تفرزه الدهون البيضاء في الجسم، يتفاعل مع الجزء السفلي من الدماغ وكذلك المنطقة المسماة "ما تحت المهاد" للسيطرة على الشهية.
ومن المعروف أيضاً أن هذا الهرمون يعمل كإشارة تخبر الجسم عن مقدار الطاقة المختزنة على شكل دهون، وهي الإشارة التي يعتمد عليها الجسم لتشغيل وإيقاف "وضعية الجوع" لديه.
[تعتبر الدهون هي الشكل الرئيس لتخزين السعرات الحرارية الفائضة في الجسم الذي يحتوي ثلاثة أنواع رئيسة منها هي البيضاء والرمادية البنية. وتتميز البيضاء بأنها مخزن كبير للدهون، وتفرز هرمون لبتين الذي يحرك منطقة متخصصة بالإحساس بالشبع في الدماغ].
في حين كشفت الأبحاث السابقة عن أكثر من اثني عشر تركيباً جينياً تتداخل مع إنتاج هرمون اللبتين أو إفرازه أو حساسيته لدى الأشخاص، مما يؤدي إلى حالات من الجوع الذي لا يمكن إشباعه. ويكشف التقرير الحديث عن طفرات جينية مختلفة تماماً تؤثر في هرمون الشبع، بالتالي توصل إلى السمنة الشديدة.
وفي الدراسة المشار إليها أعلاه، جرت دراسة حالتي طفلين غير قريبين، أحدهما صبي عمره 14 سنة وفتاة تبلغ من العمر سنتين، مصابين بطفرات جينية مختلفة تؤدي إلى اضطراب هرمون اللبتين. وتولى الدراسة مجموعة باحثين، بما في ذلك متخصصون من المركز الطبي بجامعة أولم في ألمانيا.
وقد امتلك كلا الطفلين مستويات عالية من هرمون اللبتين، تزامناً مع ارتفاع نسبة الدهون في الجسم. [يأتي التناقض من أن هرمون لبتين يفترض أن يعطي إحساساً بالشبع، مما يوقف الزيادة في الأكل ويخفف السمنة].
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد استبعاد الطفرات الجينية المعروفة بعلاقتها مع إفراز هرمون اللبتين في الجسم، وجد الباحثون أن الطفلين حملا توليفتين غير مألوفتين من جين يسمى "ليب" LEP.
وحملت التوليفة الجينية التي يحملها الصبي اسم "بي 64 أس" P64S فيما سميت التوليفة الجينية الموجودة لدى الفتاة "جي 59 أس" G59S. وتنتج كلتا التوليفتين تراكيب غير تقليدية من هرمون اللبتين.
وعبر دراسات مختبرية، وجد العلماء أن تركيبتي هرمون اللبتين لدى الطفلين توصلان إلى الدماغ إشارات ضعيفة جداً عن كميات الدهون التي يجري تخزينها، على الرغم من وجود مستويات عالية من الهرمون في الدم، فلا يعرف الدماغ أن الجسم قد راكم كفايته من الدهون. واستطراداً، لا تنطلق من الدماغ إشارات الشبع التي تحث الجسم على التوقف عن أكل مزيد من الطعام.
وكتب العلماء في الدراسة، أن "التركيبتين غير المألوفتين من هرمون لبتين تصلان إلى الأمكنة التي تستقبل فيها الخلايا هرمون لبتين، لكنهما تطلقان إشارات هامشية [عن تراكم كميات كافية من الدهون]، هذا إن وجدت".
[تدخل الهرمونات الخلايا عبر منافذ محددة، تسمى مستقبلات، ويشبه ذلك دخول المفتاح إلى القفل، فيطلق الآلية المحددة المرتبطة بذلك الهرمون].
واستطراداً، أشار الباحثون إلى أن هرمون لبتين لدى الطفلين لا يمكنه نقل إشارة إلى دماغيهما بأن جسميهما راكما ما يكفي من الطاقة المخزنة على شكل دهون، مما يؤدي على الأرجح إلى عدم الشعور بالشبع.
واستكمالاً، جرت معالجة الطفلين بنوع اصطناعي من هرمون اللبتين [بمعنى أن تركيبته تماثل الهرمون الطبيعي وتملك الفاعلية نفسها]، إلى جانب برنامج يتضمن فترات من الانقطاع عن تناول الطعام وتمارين رياضية، بغية تقليل الدهون البيضاء بالتالي تخفيف إنتاج اللبتين المختل لديهما.
وأوضح الباحثون أن هذا الأسلوب في العلاج "أدى في النهاية إلى حدوث استجابة علاجية، مع عودة (مستويات) استهلاك الطعام والشبع وفقدان الوزن إلى حالتها الطبيعية".
وخلص العلماء في الدراسة إلى أن "كلا المريضين وصل إلى وزنه شبه الطبيعي. ولم تلحظ أي ردود فعل شديدة السلبية".
© The Independent