Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تجاوز سعر النفط الروسي "العقوبات" في الأسواق العالمية؟

كأن شيئاً لم يكن... الخام من موسكو يعود إلى ما كان عليه قبل القرارات الغربية والأورال يتخطى سقف مجموعة السبع البالغ 60 دولاراً للبرميل للمرة الأولى

تظهر بيانات تتبع صفقات النفط ثقوباً كبيرة في جدران الحظر (اندبندنت عربية )

ملخص

تخطي سعر خام الأورال الروسي حاجز الـ60 دولاراً

تجاوز خام "الأورال" الروسي، صنف خام التصدير الرئيس في البلاد، الحد الأقصى لسقف الأسعار البالغ 60 دولاراً للبرميل الذي حددته مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، سعياً إلى تخفيض مصدر تمويل الكرملين للحرب في أوكرانيا.

وارتفعت أسعار خام الأورال إلى 60.78 دولار للبرميل في ميناء "نوفوروسيسك" المطل على البحر الأسود، بحسب بيانات وكالة أسعار الطاقة العالمية، والتي تحظى بمراقبة صناع القرار في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كما تستخدمها الحكومة الروسية.
ومع تخطي أعلى نوع من الخام المصدر من روسيا، فإن ذلك يمكن موسكو من إعلان نصر نوعي مع بدء تنامي قدرة روسيا على توصيل نفطها بصورة مستقلة من طريق إظهار أن باستطاعتها توصيل براميلها لمشترين عبر أنحاء العالم كافة من دون مساعدة من الشركات الغربية.
وتمثلت فكرة وضع حد أقصى للأسعار من جانب الولايات المتحدة وأوروبا، للحفاظ على تدفق نفط كاف إلى الاقتصاد العالمي لمنع حدوث صدمة تضخم، إذ يمنع نقل النفط الروسي على متن السفن الغربية - وبتأمين غربي - ما لم يكن سعره أقل من الحد المفروض.
ويسمح التزام الحد الأقصى للأسعار بنقل النفط الروسي على متن السفن الغربية، وتوفير تغطية تأمينية، وهذا في حال كان سعره أقل من هذا الحد فقط.
وساعد ظهور أسطول ظل كبير من ناقلات النفط منذ تصعيد العقوبات السنة الماضية، على سحب نقل نفط البلاد، والعمل في حدود سقف الأسعار.
في وقت لا يزال يتسرب النفط الروسي إلى الأسواق العالمية، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، التي فرضت عقوبات واسعة شملت حظر النفط الخام والمنتجات المكررة المنقولة بحراً وفرض سقف على أسعارها، إذ تظهر بيانات تتبع صفقات النفط ثقوباً كبيرة في جدران الحظر، مما يتيح لموسكو الوصول إلى المشترين.
وزادت الهند مشترياتها من النفط الروسي الأرخص ثمناً بشكل كبير، لذلك قد تضطر البلاد إلى خفض الواردات حتى تجد ناقلات بديلة.
انتهاكات محتملة
بدورها، قالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان: "نراقب السوق بشدة بحثاً عن انتهاكات محتملة لسقف السعر، وتجدر الإشارة إلى أن عمليات التجارة التي تفوق 60 دولاراً ولا تستخدم خدمات التحالف الغربي لا تشكل انتهاكاً لسقف السعر. وعلى رغم ذلك، ما زالت هناك نسبة كبيرة من تجارة النفط الروسية تعتمد على جهات تزويد الخدمات بالتحالف".
وقال مدير وحدة بحوث التعدين وسلع الطاقة الأساسية في بنك الكومنولث الأسترالي، فيفيك دار لوكالة "بلومبيرغ"، إن تجاوز سقف الأسعار يعني أنه يجب على روسيا الاعتماد أكثر على ناقلات النفط والخدمات الخاصة بها، أو تلك التابعة لما يطلق عليها البلدان الصديقة.
وأضاف دار أنه على رغم ذلك ستصل الأمور إلى نقطة ربما يتعرض عندها البلد المنتج للنفط والعضو في "أوبك+"، لصعوبة في تعويض الإمدادات الغربية من هذه الناقلات والخدمات.
وقال رئيس قسم الجيوسياسية لدى شركة "إنرجي أسبكتس ليمتد" للاستشارات ريتشارد برونز، إن التوسع الكبير في أسطول الظل من الناقلات والبدائل لشركات التأمين الغربية وطرق الدفع يوفر بدائل من المرجح أن تسمح لشحنات الخام الروسية بمواصلة التحرك.
وروسيا منتج كبير للنفط الخام بمتوسط إنتاج يومي 11 مليون برميل، ومصدر رئيس بمتوسط يومي خمسة ملايين برميل في الظروف الطبيعية، كما كانت موسكو تزود أوروبا بأكثر من 720 ألف برميل يومياً من الديزل، وتجاوز الرقم حاجز المليون برميل قبل الحرب الروسية - الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. وعلى مدى عقود، كانت تدفقات ناقلات الوقود تتنقل ذهاباً وإياباً بين مجموعة صغيرة من الموانئ في شمال غربي أوروبا وبحر البلطيق.
من جانبها، ذكرت وزارة المالية الروسية مطلع يوليو (تموز) الجاري، أن متوسط سعر خام الأورال في الشهر الماضي بلغ 55.28 دولار للبرميل، انخفاضاً من 87.25 دولار للبرميل في العام السابق، وهو أقل من السقف السعري بما يعادل 1.6 مرة.
وسجل متوسط سعر خام الأورال للأشهر الستة الأولى من عام 2023 نحو 52.17 دولار للبرميل، انخفاضاً من 84.1 دولار في الفترة نفسها قبل عام، بحسب وكالة "تاس" الروسية.
في 3 يوليو الجاري تعهدت موسكو بتخفيض صادرات النفط طوعاً بمقدار 500 ألف برميل يومياً في أغسطس (آب) المقبل، لدعم استقرار وتوازن السوق العالمية.
وجاء هذا التحرك بعد تعهد سابق بتخفيض إنتاج النفط الروسي بمقدار 500 ألف برميل يومياً حتى نهاية عام 2023، قبل تمديده إلى نهاية العام المقبل، في إطار التنسيق مع دول "أوبك+".
وبينما لم تكشف روسيا عن خط الأساس للخفض، قال محللون ومتعاملون إنه من الصعب مراقبة ذلك، لكن وفقاً لمصادر تجارية وبيانات "ريفينيتيف إيكون"، ستزيد تخفيضات أغسطس من تخفيضات الصادرات بين مايو (أيار) ويوليو التي بلغ مجموعها بالفعل 500 ألف برميل يومياً.
وكان تحالف "أوبك+" قد قرر، في اجتماعه الوزاري الأخير، تمديد اتفاقية خفض الإمدادات بمقدار مليوني برميل يومياً، بدءاً من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، حتى نهاية عام 2024، بدلاً من نهاية العام الحالي.
كما قررت السعودية وروسيا وسبع دول أخرى في التحالف تمديد التخفيض الطوعي البالغ 1.66 مليون برميل يومياً حتى نهاية العام المقبل.

خفض الإنتاج أم الصادرات

ولحسم الجدل في شأن ما إذا كان التخفيض في الإنتاج أم الصادرات، أفاد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بأن شركات النفط الروسية ستقرر بشكل مستقل ما إذا كانت ستخفض إنتاجها من الخام أم صادراتها في أغسطس المقبل.
وعقدت سلطات الطاقة الروسية اجتماعاً مع كبار مديري الشركات في وقت سابق من هذا الأسبوع، وطالبتهم ببذل مزيد من الجهود لضمان خفض الصادرات في أغسطس.
وشدد نوفاك على أن مهمة روسيا تتمثل – عموماً - في خفض الإمدادات إلى الأسواق العالمية بمقدار 500 ألف برميل يومياً، رداً على سؤال لوكالة "تاس" الروسية، حول ما إذا كان تراجع الصادرات الروسية في الشهر المقبل سيؤدي إلى خفض الإنتاج بالمقدار نفسه.
ولفت نوفاك إلى أن قرار خفض الإمدادات في أغسطس المقبل سيساعد على تحقيق التوازن في سوق النفط خلال مدة انخفاض الطلب، مضيفاً "هذا يعني أننا سننقل كميات أقل... روسيا ستسلم كميات أقل لأسواق النفط".
كما ذكر نوفاك بأن روسيا خفضت الإنتاج طواعية بمقدار 500 ألف برميل يومياً من مارس (آذار) حتى نهاية عام 2024، ومنذ مايو، انضم عدد من دول تحالف "أوبك+" إلى تخفيضات الإنتاج الطوعية، التي بلغت نحو 1.7 مليون برميل يومياً، حتى نهاية عام 2024.
وتظهر تقديرات وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس أن صادرات النفط والمنتجات المكررة الروسية تراجعت 600 ألف برميل يومياً في يونيو (حزيران) لتصل إلى 7.3 مليون برميل يومياً، وهو أدنى مستوى في 27 شهراً وتحديداً منذ مارس 2021.
كما تراجعت عائدات صادرات النفط الروسي خلال الشهر الماضي بمقدار 1.5 مليار دولار، إذ بلغت 11.8 مليار دولار، أي نحو نصف مستويات الشهر نفسه من العام الماضي (2022).
وكانت عوائد صادرات روسيا من النفط قد تراجعت بنحو 1.4 مليار دولار في مايو الماضي إلى 13.3 مليار دولار.
تعقب الشحنات
وفي سياق متصل، تشير بيانات شركة "بترو- لوجيستيك"، المتخصصة في تعقب شحنات الناقلات، أن الصادرات الروسية المنقولة بحراً انخفضت بشكل أكبر في أول 12 يوماً من يوليو بنحو 830 ألف برميل يومياً، مع انخفاض النفط الخام بما يزيد قليلاً على 550 ألف برميل يومياً، والمنتجات المكررة بما يزيد قليلاً على 270 ألف برميل يومياً.
وتخطي سعر خام الأورال الروسي حاجز الـ60 دولاراً، المفروض من الدول الغربية على النفط الروسي، للمرة الأولى منذ 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويعاني الاقتصاد الروسي، الذي يعتمد على عائدات النفط والغاز بشكل كبير، تحديات مصيرية غير مسبوقة على خلفية تداعيات الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية القاسية والأكبر في التاريخ ضد موسكو.
ووسط تلك المعاناة، تبدو التوقعات المتفائلة بارتفاع الطلب العالمي على النفط وكأنها تلقي بطوق الإنقاذ للاقتصاد الروسي المتعثر.
ومع استمرار الضغوط عليها، لم تكن موسكو في أي وقت أكثر ترحيباً بارتفاع أسعار النفط مما هي الآن، وهو ما يزعج الدول الغربية بالتأكيد، ويزيد من حدة المواجهة بين الطرفين، في وقت يتمنى كثر أن تضع الحرب في أوكرانيا أوزارها.
نفط روسيا لألمانيا على رغم الحظر
ذكرت شبكة "إي آر دي" الإعلامية، أن النفط الروسي لا يزال يصل إلى الأسواق الألمانية على رغم الحظر النفطي الغربي المفروض على وارداتها النفطية والسقف السعري الذي حددته دول مجموعة السبع لمشترياتها منه.
ونقلت الشبكة عن متخصصين قولهم إن النفط وزيت التدفئة والبنزين والديزل والكيروسين الروسية غالباً ما ينتهي بها المطاف في أوروبا، وعبر طرق التفافية بينها من دول مثل الهند، التي يصلها نحو 2.2 مليون برميل من النفط الخام الروسي يومياً، أي ما يعادل 10 آلاف صهريج.
وجاء ذلك بعد أن أجبرت موسكو على إيجاد عملاء جدد، وعرض نفطها في السوق العالمية بأسعار أرخص بكثير من منافسيها في دول مثل السعودية والعراق، بسبب العقوبات الغربية الموقعة عليها.
وفي هذا الصدد، بينت الشبكة الألمانية، أنه على رغم العقوبات، فإن العمل يسير على ما يرام، وأن ناقلة نفط من كل ثلاث ناقلات تغادر الموانئ الروسية مالكها أوروبي، ولا يزال يسمح لناقلات النفط التابعة لشركة شحن في هامبورغ بأن تقوم بعمليات النقل على الممر البحري. وبينت الشبكة أيضاً أن هناك صعوبة في تحديد من يملك السفينتين الأخريين من أصل السفن الثلاث.
الأسطول المظلم
وضمن ما يطلق عليه "أسطول الظل" أو "الأسطول المظلم" الذي تعتمد عليه موسكو في تجاوز العقوبات من خلال عدد ضخم من الناقلات، أو "الأبواب الخلفية" وهي أسواق الترانزيت، إذ تغادر الناقلات الموانئ الروسية إلى الهند أو الصين أو تركيا، وتبذل الجهود لكي لا يتم كشف الجهة النهائية لتلك السفن، من خلال التلاعب ببيانات موقعها، أو إيقاف تشغيل أجهزة الإرسال، أو إعادة تحميل مشتقات النفط المنقول، بعد أن يتم خلطها بزيت آخر، حتى لا يستطيع أحد تحديد مصدره الأصلي، وبأي سعر تم تداوله.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن "الأسطول المظلم" يقدر بنحو 600 ناقلة من النفط الخام في جميع أنحاء العالم، ومن المحتمل أن تكون معظم هذه السفن تابعة لشركات روسية، أو إلى رجال أعمال مقربين من الكرملين، على سبيل المثال، من سنغافورة أو دبي أو هونغ كونغ.
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على صعيد متصل أظهرت بيانات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي) أن صادرات السعودية من الخام انخفضت لأدنى مستوى في 19 شهراً، إذ اجتذب النفط الروسي الرخيص بعض المشترين الآسيويين الكبار. وانخفضت صادرات الخام السعودي بنسبة 5.3 في المئة من 7.32 برميل يومياً في أبريل (نيسان) إلى 6.93 مليون برميل يومياً في مايو لتسجل أدنى مستوى لها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2021.

وتقدم الرياض وأعضاء آخرون في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أرقام الصادرات الشهرية إلى "جودي" التي تنشرها على موقعها الإلكتروني.
وانخفض إنتاج السعودية من الخام 502 ألف برميل يومياً عن مستوى أبريل إلى 9.96 مليون برميل يومياً في مايو كما تراجعت المخزونات 1.16 مليون برميل إلى 148.24 مليون برميل.
وعالجت المصافي المحلية 2.59 مليون برميل يومياً من الخام بانخفاض 100 ألف برميل يومياً، فيما ارتفع الحرق المباشر للخام 89 ألف برميل يومياً في مايو إلى 478 ألف برميل يومياً. وانخفضت صادرات البلاد من المنتجات النفطية 174 ألف برميل يومياً إلى 1.37 مليون برميل يومياً في مايو.
وأظهرت بيانات قدمتها مصادر تجارية وصناعية الشهر الماضي أن واردات الهند من النفط الروسي ارتفعت إلى مستوى غير مسبوق جديد في مايو، مما زاد حصة خامات الشرق الأوسط وأفريقيا تقليصاً.
وكشفت بيانات الحكومة الصينية أن واردات البلاد من النفط الروسي قفزت أيضاً إلى مستوى غير مسبوق في مايو مع حصول شركات التكرير الخاصة على شحنات بخصومات من خامي "إسبو" و"الأورال" الخاضعين لعقوبات.
ومددت السعودية في وقت سابق من الشهر الجاري خفضها الطوعي للإنتاج مليون برميل يومياً حتى أغسطس، كما خفضت روسيا والجزائر طوعاً مستويات الإنتاج في أغسطس 500 ألف برميل يومياً ومستويات التصدير في الشهر نفسه 20 ألف برميل يومياً.

المزيد من البترول والغاز