Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إغلاقات النفط" تتواصل في ليبيا... فهل يرحل الزبائن؟

متخصصون يحذرون من بقاء الخام بلا تسويق مما سيؤدي إلى فقدان تموقعه داخل الأسواق العالمية

تسببت الإغلاقات في فقدان ليبيا نحو 700 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل أكثر من نصف إنتاجها (أ ف ب)

ملخص

أمام تواصل إيقاف إنتاج النفط الخام في ليبيا اتجهت مصفاة "فالكونارا" الإيطالية للبحث عن بديل للخام النفطي الليبي بسبب شح الإمدادات.

تتواصل إغلاقات الحقول النفطية في ليبيا منذ الشهر الماضي، على خلفية مناكفات سياسية بين القطب الشرقي والقطب الغربي على رئاسة البنك المركزي الليبي وعائدات النفط. وسبق أن أكدت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان لها، أن إجمالي خسائر إغلاق الحقول النفطية بلغ خلال ثلاثة أيام 1504733 برميلاً من النفط، أي بنحو 120 مليون دولار، وتسببت الإغلاقات في فقدان ليبيا نحو 700 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل أكثر من نصف إنتاجها الذي بلغ في يوليو (تموز) الماضي 1.18 مليون برميل من النفط يومياً. 

أمام تواصل إيقاف إنتاج النفط الخام في ليبيا اتجهت مصفاة "فالكونارا" الإيطالية للبحث عن بديل للخام النفطي الليبي بسبب شح الإمدادات من البلاد. ويخشى متخصصون في الشأن النفطي من "تحرك زبائن الخام للبحث عن بدائل للنفط الليبي، ما من شأنه أن يؤثر في تموقع النفط الليبي داخل الأسواق العالمية"، في حين أكد آخرون أن "معظم الأسواق العالمية لن تستطيع الاستغناء عن النفط الليبي، لأن درجة جودته ما بين 41 – 43، وهو تصنيف ذو قبول عالمي".

الأزمة تتواصل

قال المتخصص القانوني في الشأن النفطي عثمان الحضيري، إن أزمة توفر الوقود في ليبيا ستتواصل ما دامت إدارة المؤسسة الوطنية للنفط عاجزة عن القيام بدورها الحقيقي والشفاف والمتمثل في التعامل مع المصافي النفطية الموجودة بالبحر المتوسط، والتي تتمتع بمواصفات عالمية عالية، إضافة إلى قربها من السواحل الليبية، مؤكداً أن توفير المنتجات النفطية له آليات معروفة، وهي حالياً مفقودة في ليبيا على رغم توفر الأموال والتسهيلات اللوجيستية للتوريد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الحضيري لـ"اندبندنت عربية"، أن سمعة المؤسسة الوطنية للنفط وشركاتها أضحت على المحك، خصوصاً على مستوى التعاقدات والالتزامات. منوهاً بأن إعلان حال القوة القاهرة على الحقول والموانئ النفطية هو قرار سياسي لا علاقة له بالجانب الفني بغض النظر عمن اتخذه، سواء من القطب الشرقي أو الغربي. وموضحاً أنه من الناحية القانونية ليس للجهتين (شرق أو غرب) الحق في اتخاذ هكذا قرار، لكونهما ليسا طرفاً في العلاقة التعاقدية بين المؤسسة الوطنية للنفط وزبائنها، وهذا الأمر يعد تعدياً على اختصاص مؤسسة النفط المنفرد.

ونبه الحضيري إلى أن استمرار إغلاق الحقول النفطية سيترتب عليه أضرار اقتصادية ومالية ستلقي بظلالها على حياة الشعب الليبي، لأن النفط هو المورد المالي الوحيد للموازنة العامة، لكونها الوسيلة الوحيدة لاستمرار تزود الشعب الليبي بحاجاته. منوهاً بأن المشكلات الفنية كثيرة سواء على مستوى الآبار النفطية أو المكامن أو المعدات.

فقدان التموقع

وحول تواصل الإغلاقات النفطية في ليبيا، أكد المتخصص القانوني في الشأن النفطي، أن هذا الأمر سيؤدي إلى فقدان تموقع النفط الليبي داخل الأسواق العالمية، إذ إن الإغلاقات تقلص إنتاج النفط وتعطل عمليات التصدير، مما ينتج منه تحرك زبائن الخام الليبي نحو البحث عن بدائل للنفط الليبي، والتأثير في تموقع النفط الليبي داخل الأسواق العالمية.

وأوضح أن بعض المصافي العالمية بدأت بالبحث عن بدائل للنفط الليبي، ومن بينها مصفاة "فالكونارا" الإيطالية. مشيراً إلى أن الحفاظ على تموضع النفط الليبي في الأسواق العالمية التقليدية لا يزال مهماً للاقتصاد الليبي. ومطالباً الحكومة الليبية والشركات النفطية العاملة في ليبيا بالعمل على تحسين الأوضاع الأمنية والسياسية وتعزيز إنتاجية النفط الليبي للحفاظ على حصته في الأسواق العالمية.

 

 

وشدد على ضرورة التعاون مع الشركات العالمية والحكومات الأخرى، والابتعاد نهائياً عن التعامل مع شركات السمسرة لأنها مخالفة صريحة للقواعد المعمول بها في معاملات التسويق، والإجراءات المتعارف عليها في العمليات المصرفية، مؤكداً ضرورة التعامل مع شركاء ليبيا في البحر الأبيض المتوسط وأوروبا الشمالية وآسيا، وكذلك المصافي التابعة للاستثمارات النفطية، لضمان الحصول على أسعار مناسبة وجودة المنتج وسرعة التسليم.

مؤامرة سياسية 

رئيس النقابة العامة لعمال النفط سالم الرميح، يشير إلى أن وضع النفط في ليبيا وتواصل الإغلاقات النفطية المتكررة سيفقد المؤسسة الوطنية للنفط شركاءها الدوليين، على غرار مصفاة "فالكونارا" الإيطالية التي اضطرت إلى البحث عن بدائل للنفط الليبي من دول أخرى مما سيلحق ضرراً بالاقتصاد الليبي.

ويتابع أن الإغلاقات النفطية متواصلة، ما عدا ما يتم تصديره من شحنات نفطية بطريقة غير شرعية من موانئ المنطقة الشرقية عن طربق شركة "أرانكو"، وهي شركة مجهولة تقوم بسرقة النفط الخام وتبيعه في الأسواق العالمية، وأصبحت شريكاً في الإنتاج النفطي لشركة "الخليج" النفطية الليبية، وهو أمر مناف لكل قوانين وتشريعات تصدير النفط، وفق تعبيره. 

 

 

ووصف إغلاقات الحقول النفطية بـ"مؤامرة في حق الشعب الليبي"، باعتبار أن النفط هو المورد الوحيد لقوت الليبيين الذين يعيشون بدورهم على وقع أزمة غلاء المعيشة وانخفاض مستوى السيولة في المصارف، في ظل تواصل استخدام النفط كورقة ضغط سياسية.

ووجه رئيس النقابة العامة لعمال النفط نداء للأمم المتحدة للعمل على حل لإنهاء الإغلاقات النفطية، والذهاب إلى انتخابات تضع حداً لهذا العبث، وإيجاد حكومة مستقرة لتسيير أمور البلاد. مطالباً النائب العام بالتحرك لإيقاف النهب المتواصل للإيرادات النفطية.

وأكد المستشار الليبي في شؤون النفط والغاز طارق إبراهيم، أن أي توقف في التصدير سيؤثر في إجمالي إنتاج البترول الليبي، الذي سيؤدي بدوره لفقدان الثقة في ديمومة تزويد السوق العالمية بالخام الليبي، وبقاء البترول الليبي من دون تسويق، مع احتمالية فقدان زبائن النفط الخام من دون رجعة بسبب تخوفهم من عدم استقرار الإمدادات النفطية نتيجة توالي الإغلاقات النفطية، وعدم قدرت المؤسسة الوطنية للنفط على الإيفاء بالعقود والاتفاقيات مع شركائها الدوليين.

استحالة الاستغناء 

في المقابل، قال رئيس الحفر والاستكشاف بشركة "نفوسة" للعمليات النفطية نوري الفلو، إن معظم الأسواق العالمية لن تستطيع الاستغناء عن النفط الليبي لأسباب عدة، من بينها جودته، إذ يعتبر ذا تصنيف ممتاز مقارنة مع دول أخرى، إضافة إلى خلو النفط الليبي من الشوائب والمركبات الكيماوية المعقدة ذات النوعية الرديئة. زد على ذلك أن درجة الجودة للنفط الليبي ما بين 41 و43، وهو تصنيف يحظى بقبول عالمي وخصوصاً للدول الأوروبية، وأيضاً كلفة النفط الليبي خلال عمليات الاستكشاف والاستخراج تعد أقل بكثير من باقي الدول الأفريقية ودول الخليج، ولهذا يعد من أكثر الخامات قبولاً في العالم.

وفق إحصاءات منصة "غلوبال فايرباور" العالمية لتحليل البيانات، تصدرت ليبيا المركز الأول أفريقياً والتاسع عالمياً بأكبر كمية من احتياطات النفط الخام بـ50 مليار برميل، بينما قدرت الإحصاءات السابقة الاحتياطات بنحو 48 مليار برميل.

المزيد من البترول والغاز