Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

تحول سكاني ضخم وجه العالم وهذه هي البداية

يرتقب أن يشكل البالغون 65 سنة فما فوق نحو 40 في المئة من سكان بعض المناطق في شرق آسيا وأوروبا في 2050

تترتب على شيخوخة المجتمعات نتائج اقتصادية وجيوسياسية (أوكسفوردمارتن. آي سي.كو.يوكاي)

ملخص

يتوقع الخبراء أن يعيد الانعطاف السكاني رسم وجه النمو الاقتصادي وتوازنات القوى الجيوسياسية في العالم

تحت عنوان "كيف سيغير تحول سكاني ضخم وجه العالم؟"، أوردت "نيويورك تايمز" تقريراً مطولاً أفادت فيه بأن السمات الديموغرافية للعالم تتحول وتنعطف بالفعل، فالكتلة السكانية الأوروبية تتقلص، شأن الصينية، في حين أن الهند، ذات السكان الأكثر شباباً بكثير مقارنة بالصين، ستتفوق على جارتها هذا العام بوصفها البلد ذي الكتلة السكانية الأكبر. "لكن ما نشهده ليس سوى البداية". فوفق الصحيفة، سيشكل البالغون 65 سنة فما فوق نحو 40 في المئة من سكان بعض المناطق في شرق آسيا وأوروبا بحلول عام 2050، أي ضعف شريحة البالغين الأكبر سناً في فلوريدا، مقصد المتقاعدين في الولايات المتحدة. وهكذا، "ستعتمد أعداد استثنائية من المتقاعدين على عدد متقلص من البالغين سن العمل في توفير الدعم لهم".

ونقلت الصحيفة الأميركية عن خبراء أن سياسات يعتبرها كثير من البلدان الأغنى من المسلمات والبديهيات، مثل معاشات التقاعد وسن التقاعد وسياسات الهجرة، ستحتاج إلى إصلاح بحلول ذلك الوقت لتصبح مستدامة، ذلك أن البلدان الأغنى اليوم ستمثل وقتئذ جزءاً أصغر من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. "وهذا تغيير كبير تشهده أوروبا والولايات المتحدة والصين واقتصادات كبرى أخرى تملك اليوم بعضاً من أكثر البالغين سن العمل عدداً في العالم اليوم، مع أخذ كتلها السكانية في الاعتبار، هذا علماً أن قواها العاملة الكبيرة تساعد في دفع نموها الاقتصادي". وترجح الأمم المتحدة أن تكون القوى العاملة الأفضل توازناً من نصيب جنوب آسيا وجنوبها الشرقي وأفريقيا والشرق الأوسط، في حين يتوقع الخبراء أن يعيد هذا التحول تشكيل النمو الاقتصادي وتوازنات القوى الجيوسياسية.

ووفق "نيويورك تايمز"، "تعد شيخوخة العالم، في كثير من النواحي، انتصاراً للتنمية. فيعيش الناس حياة أطول وأكثر صحة وينجبون عدداً أقل من الأبناء كلما أصبحوا أكثر ثراء. والفرصة المتاحة لعديد من البلدان الفقيرة هائلة. فعندما تنخفض معدلات المواليد، يصبح بوسع البلدان أن تجني ’عائداً ديموغرافياً‘، يتمثل في عمل حصة متزايدة أكبر من العمالة القادرة على تغذية النمو الاقتصادي. ويتمتع البالغون الذين لديهم عائلات أصغر بوقت فراغ أكبر للتعليم والاستثمار في أبنائهم. ويميل عدد أكبر من النساء إلى دخول سوق العمل، مما يضاعف من الدفعة الاقتصادية".

وأضافت الصحيفة "الديموغرافيا ليست قدراً، والعائد ليس تلقائياً. فمن دون وظائف، يمكن أن يؤدي وجود كثر من الأشخاص البالغين سن العمل إلى عدم استقرار بدلاً من النمو. وحتى مع تقدم سكان الدول الغنية في السن، ستتمتع هذه الدول بمزايا اقتصادية كثيرة ومستوى معيشي مرتفع لفترة طويلة". وزادت: "في عديد من البلدان ذات الكتل السكانية الشابة، انخفضت معدلات المواليد في كينيا إلى حد كبير في السنوات الأخيرة. كانت لدى النساء ثمانية أبناء في المتوسط قبل 50 سنة، لكن العدد بلغ ما يزيد قليلاً على ثلاثة أطفال العام الماضي. من الناحية السكانية، تبدو كينيا مثل كوريا الجنوبية في منتصف سبعينيات القرن العشرين، حين بدأ اقتصادها صعوداً تاريخياً، على رغم أن معدل المواليد ينخفض ببطء إلى حد ما. وفي كثير من مناطق جنوب آسيا وأفريقيا ثمة هياكل عمرية مماثلة".

وقد تعود قفزة مماثلة في عدد السكان في سن العمل نحو ثلث النمو الاقتصادي حتى نهاية القرن الماضي في كوريا الجنوبية والصين واليابان وسنغافورة، وفق أفضل التقديرات - وهو قدر هائل من النمو الاقتصادي، بحسب "نيويورك تايمز". "ذلك أن عديداً من هذه التغييرات السكانية بدأت بالفعل: معظم الناس الذين سيكونون على قيد الحياة عام 2050 ولدوا بالفعل، لكن التوقعات تنطوي دائماً على عدم اليقين، وهناك أدلة على أن معدلات الخصوبة في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تنخفض في شكل أسرع مما تتوقعه الأمم المتحدة - مما يعني أن تلك البلدان الأفريقية يمكن أن تكون في وضع أفضل عام 2050 مما هو متوقع حالياً".

اقرأ المزيد

لكن في غياب السياسات الصحيحة، أضافت الصحيفة، يمكن لعدد كبير من السكان البالغين سن العمل أن يأتي بنتائج عكسية بدلاً من أن يؤدي إلى النمو الاقتصادي. "فإذا لم تتمكن أعداد كبيرة من الشباب من الحصول على وظائف أو تعليم، يمكن أن يهدد انتشار البطالة بين الشباب الاستقرار إذ يلجأ الشباب المحبطون إلى الجماعات الإجرامية أو المسلحة للحصول على فرص أفضل". وقالت كارولينا كاردونا، خبيرة الاقتصاد الصحي في جامعة جونز هوبكنز التي تعمل مع مبادرة العائد الديموغرافي: "إذا لم يتوفر عمل لأولئك الأشخاص الذين يدخلون القوة العاملة، ليس هناك ما يضمن أن العائد الديموغرافي سيقطف".

وقال فيليب أوكيف، الذي يدير مركز بحوث الشيخوخة في آسيا في "مركز إيه آر سي للتميز في بحوث شيخوخة السكان"، وقاد سابقاً بحوثاً في البنك الدولي عن الشيخوخة في شرق آسيا والمحيط الهادئ، إن دول شرق آسيا التي وصلت إلى وضع ديموغرافي إيجابي في العقود القليلة الماضية لديها مؤسسات وسياسات جيدة في شكل خاص للاستفادة من هذه الإمكانات. أما أجزاء أخرى من العالم - بعضها في أميركا اللاتينية، مثلاً - فلديها هياكل عمرية مماثلة لتلك الموجودة في دول شرق آسيا لكنها لم تقترب من النمو نفسه، وفق أوكيف الذي قال "الكتلة السكانية هي المادة الخام. العائد هو التفاعل بين المواد الخام والسياسات الجيدة".

وبحسب "نيويورك تايمز"، "ليست البلدان ذات الكتل السكانية الفتية اليوم الوحيدة التي تمر بمنعطف دقيق. لقد بدأ تحول البلدان الغنية للتو. فإذا فشلت هذه البلدان في الاستعداد لتقلص عدد العاملين، فستواجه انخفاضاً تدريجاً في الرفاه والقوة الاقتصادية. ومن المتوقع أن ينخفض عدد الأشخاص البالغين سن العمل في كوريا الجنوبية وإيطاليا، وهما دولتان ستكونان من بين الدول الأكثر شيخوخة سكانية في العالم، بمقدار 13 مليوناً و10 ملايين [على التوالي] بحلول عام 2050، وفق توقعات الأمم المتحدة للسكان. ومن المرجح أن يكون عدد السكان البالغين سن العمل في الصين أقل بمقدار 200 مليون نسمة، وهو رقم أكبر من الكتلة السكانية في معظم البلدان".

ويقول الخبراء إن الدول الغنية التي تعاني الشيخوخة السكانية سيترتب عليها في سبيل التكيف والتأقلم مع المستجدات السكانية إلى إعادة النظر في المعاشات التقاعدية وسياسات الهجرة وشكل الحياة في سن الشيخوخة، بيد أن "التغيير عسير. لقد خرج أكثر من مليون شخص إلى الشوارع في فرنسا للاحتجاج على رفع سن التقاعد إلى 64 سنة من 62 سنة، مما يسلط الضوء على صعوبة تطبيق سياسات التكيف. وغذت المخاوف من الهجرة الدعم للمرشحين اليمينيين والشعبويين في الدول ذات الكتل السكانية المسنة في غرب آسيا وشرقها".

المزيد من تقارير