Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف ليبية من مشروع إيطالي لتوطين المهاجرين جنوب البلاد

نفت الأطراف التي تشارك في مؤتمر روما مناقشتها أي مقترح في هذا الخصوص

ملخص

حذر البرلمان الليبي والحكومة التابعة له وعمداء بلديات الجنوب من مشروع إيطالي لتوطين المهاجرين جنوب ليبيا

يحظى الاجتماع الدولي الذي تستضيفه العاصمة الإيطالية روما، والذي يدرس سبل الحد من الهجرة غير النظامية وتحديداً في حوض البحر المتوسط، باهتمام بالغ في ليبيا، ليس فقط لأنها معنية بهذا الملف باعتبارها أكبر نقاط عبور المهاجرين باتجاه أوروبا، بل بسبب المخاوف من مشروع إيطالي لتوطين هؤلاء العابرين في جنوب البلاد.

نقاش في ملف شائك

وانطلق المؤتمر الدولي بخصوص الهجرة غير النظامية، أمس الأحد، باسم "مؤتمر روما للهجرة والتنمية" لمناقشة هذا الملف الذي يشهد شداً وجذباً بين القارتين الأوروبية والأفريقية، وبشكل أكبر دول الشمال الأفريقي وتحديداً تونس وليبيا، بمشاركة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة في طرابلس عبدالحميد الدبيبة.

كما يستضيف المؤتمر ممثلين من دول عدة من بينها تونس والسعودية ومصر والإمارات وقبرص وموريتانيا والاتحاد الأوروبي.

وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، في كلمة افتتاح المؤتمر، إن "التدفقات غير الشرعية للمهاجرين تلحق ضرراً بجميع البلدان على البحر المتوسط، مما يفرض النضال معاً في مواجهة مهربي البشر"، مضيفة "الحكومة الإيطالية منفتحة على استقبال مزيد من الأفراد عبر الطرق القانونية لأن أوروبا وإيطاليا في حاجة إلى الهجرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشددت على أن "الهجرة الجماعية غير الشرعية تضرنا جميعاً، فلا أحد يستفيد من ذلك باستثناء الجماعات الإجرامية التي تجمع الأموال على حساب الفئات الأضعف وتستخدم قوتها حتى ضد الحكومات". وتابعت أن "المؤتمر يركز بشكل أساس على دعم التنمية في أفريقيا عبر شراكات نافعة وطويلة الأمد تقوم على الاحترام المتبادل".

وتعتبر إيطاليا من أكثر دول أوروبا تأثراً بظاهرة الهجرة غير القانونية، إذ ارتفع عدد الوافدين إليها هذا العام مع وصول أكثر من 83 ألف شخص إلى شواطئها منذ بداية 2023، مقارنة بنحو 34 ألفاً في الفترة نفسها العام الماضي، بحسب السلطات الإيطالية.

شكوى ليبية

من الجانب الليبي اشتكى رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي من تحميل بلاده أكبر من قدراتها وطاقاتها لوقف تدفق المهاجرين إلى الشواطئ الأوروبية. واعتبر أن "المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي لحل معضلة الهجرة غير النظامية"، وشدد المنفي، في كلمته بالمؤتمر، على أن "هذه الظاهرة المرتبطة بالاتجار بالبشر لا يمكن التصدي لها كدولة ليبية بمفردنا، ولا بد من العمل من أجل التنمية في القارة الأفريقية واستغلال الموارد الطبيعية"، كما دعا إلى "توحيد الجهود لاجتثاث جذور وأسباب الهجرة غير النظامية ومواجهة هذه الظاهرة بالتضامن والتعاون، والمساعدة في الدفاع عن وحدة الأراضي والسيادة، وكذلك العمل على تعزيز الأمن على الحدود ومنع مراكب الموت من عبور الشواطئ الليبية".

وقال إن "ليبيا، عبر المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية واللجان المتخصصة، تتصدى لهذه الظاهرة الإجرامية التي تمتد على سواحلنا، وندعو دول الجوار إلى المشاركة في هذه الجهود، فنحن نحتاج إلى العون والمساعدة للتصدي للعصابات الإجرامية التي تخترق ليبيا وتنتهك حقوق الإنسان وتتسبب في معاناة المهاجرين والمعاناة الاقتصادية، على رغم تسخير قدراتنا الأمنية المتاحة لإغاثة اللاجئين".

رفض توطين المهاجرين

وتزامناً مع انطلاق مؤتمر روما للهجرة والتنمية، أطلقت جهات ليبية رسمية عدة، من بينها البرلمان والحكومة التابعة في الشرق وبعض بلديات المنطقة الجنوبية، تحذيرات شديدة من إبرام أي اتفاق ينص على توطين المهاجرين في ليبيا خلال هذا المؤتمر.

وحذر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي طلال الميهوب "دولة إيطاليا سواء الحكومة أو البرلمان من توقيع أي اتفاقية مع رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة والمجلس الرئاسي محمد المنفي بخصوص توطين المهاجرين غير الشرعيين في البلاد، ونعتبر أي خطوة في هذا الاتجاه كأن لم تكن". وأشار الميهوب إلى أنه "سيوجه رسالة بالخصوص إلى رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الإيطالي، وأن مجلس النواب الليبي سيطرح ويناقش ملف الهجرة غير الشرعية خلال جلسته المقبلة".

تنويه من حكومة الشرق

وأطلقت الحكومة الليبية في الشرق الليبي من جانبها تحذيراً مشابهاً إلى كل الأطراف المشاركة في مؤتمر روما للهجرة والتنمية، من "اتخاذ أي قرارات أو توصيات من شأنها إحداث تغيير ديموغرافي في ليبيا بتوطين المهاجرين إلى أوروبا بإعادتهم إلى ليبيا تحت أي مسمى".

وأكدت الحكومة، في بيان، أنها "لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات كافة للرد على هذه الاختراقات للسيادة الليبية إن حصلت فعلاً"، معتبرة أنها "الحكومة المكلفة شرعياً من مجلس النواب، وأن تمثيل ليبيا في هذا المؤتمر غير قانوني من قبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية (المغتصبة للسلطة)، والتي انتهت ولايتها منذ أمد طويل"، وهددت الحكومة أن "القانون الليبي يعاقب المهاجرين غير القانونيين بعقوبات جنائية تصل إلى حد السجن، وعقوبات أخرى تتمثل في إبعادهم عن الأراضي الليبية إلى دولهم الأصلية"، وخلصت إلى أن "ليبيا هي دولة عبور فقط وليست دولة مصدر أو مقصد، والأولى إعادة هؤلاء المهاجرين إلى دولهم التي هاجروا منها وتقديم الدعم والتنمية المكانية لهم على أراضي دولهم، من قبل الدول المتضررة من عمليات الهجرة غير المشروعة".

رفض بلديات الجنوب

وفي الجنوب الليبي، الذي تم ربطه أكثر من مرة قبل هذا المؤتمر بوجود مشروع أوروبي تقوده إيطاليا لتوطين المهاجرين فيه، أكد عميد بلدية أوباري أحمد ماتكو "رفض عمداء بلديات الجنوب توطين المهاجرين في ليبيا". وقال ماتكو "نعلن نحن عمداء وأعيان بلديات الجنوب رفضنا توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، ومن يقبل بتوطين المهاجرين هم المستفيدون مالياً الذين باعوا أرضهم مقابل السلطة والمال"، وأوضح أنه "على الأمم المتحدة والدول المهتمة بملف المهاجرين أن تعمل على إرجاع المهاجرين لبلدانهم ومساعدتهم بإقامة المشاريع الربحية".

الدبيبة ينفي الإشاعات

في المقابل نفى رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة وجود أي مشروع لتوطين المهاجرين في ليبيا تدرسه حكومته مع الاتحاد الأوروبي. وقال في تصريحات، قبيل انعقاد أعمال المؤتمر الدولي عن الهجرة والتنمية في روما، "نثمن الجدية العالية التي تبديها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني للتعاون في ملف الهجرة غير النظامية، وندعو إلى إقامة شراكة متوازنة مع مفوضية الاتحاد الأوروبي". أضاف "كما نؤكد أن رؤيتنا لا تتضمن أي اقتراحات حول توطين المهاجرين غير النظاميين في مناطق العبور، ونطالب في قمة اليوم بحق ليبيا في الدعم الدولي في هذا الملف أمنياً وسياسياً ومادياً".

سابقة تعزز الشكوك

والجدل في شأن وجود مشروع إيطالي لتوطين المهاجرين الأفارقة في الجنوب الليبي، ليس وليد الساعة أو مرتبطاً بمؤتمر الهجرة المنعقد حالياً في روما، حيث سبق أن أثار مشروع أطلقته منظمة إيطالية في الجنوب الليبي، في أبريل (نيسان) الماضي، ردود فعل ليبية واسعة ومخاوف من أن يكون غطاءً لتوطين مهاجرين أفارقة، بخاصة ممن فشلوا في الوصول إلى السواحل الأوروبية عبر قوارب المهاجرين، وجرى إعادتهم إلى البر الليبي، وهذه المخاوف بدأت بعد أن أطلقت المنظمة الإيطالية "آرا باتشي" للسلام من مدينة باري الإيطالية، مبادرة بالشراكة مع المركز الدولي للدراسات الزراعية المتقدمة بالبحر المتوسط "سيام باري" ضمن ما قالت إنه "مشروع يتعلق بإنشاء مركز الصحراء للسلام في ليبيا، يستهدف تعزيز قطاع الزراعة والعمالة الزراعية ودعم اندماج السكان المحليين ومجتمعات المهاجرين في المنطقة".

المزيد من متابعات