Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان الليبي يعقد المشهد بتعديلات جديدة على المؤسسات القضائية

رأى مراقبون أن امتداد الصراع السياسي إلى القضاء يضعف أكثر فأكثر احتمال تنفيذ عملية انتخابية في وقت قريب

دان مجلس النواب الليبي في بيان اقتحام مقر المجلس الأعلى للقضاء في العاصمة طرابلس (صفحة المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

ملخص

اتخذ البرلمان الليبي قراراً بتعيين رئيس جديد للمجلس الأعلى للقضاء قابله رئيس المحكمة العليا في طرابلس باقتحام مقر المجلس بمؤازرة مجموعة مسلحة

على رغم الاعتراضات الكثيرة على تدخله في شؤون السلطة القضائية من قبل المتمسكين بمبدأ الفصل بين السلطات، أجرى مجلس النواب الليبي تعديلات جديدة على القوانين الخاصة بالمجلس الأعلى للقضاء وعين رئيساً جديداً له، في حين صادق على خريطة الطريق المحالة إليه من لجنة إعداد القوانين الانتخابية المشكلة مناصفةً بينه وبين مجلس الدولة.
الخطوتان اللتان أقرهما البرلمان في التوقيت ذاته أفرزتا نتائج متناقضة، فبينما أعطت الموافقة على خريطة الطريق الانتخابية متنفساً للمشهد السياسي المتأزم، تسببت الثانية بحال من الفوضى في العاصمة طرابلس بعد اقتحام مجموعة مسلحة موالية لرئيس المحكمة العليا، عبدالله أبو رزيزة، مبنى المجلس الأعلى للقضاء، في رفض للتعديلات البرلمانية الجديدة على رئاسة المجلس.

قرارات برلمانية حساسة

وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق أمس الأربعاء، إن "مجلس النواب صوت بالإجماع على تعديل المادة الأولى من القانون رقم 11 لعام 2021 بشأن نظام القضاء". وأضاف أن "الجلسة الرسمية خلصت كذلك إلى التصويت بالإجماع على تكليف المستشار مفتاح محمد إبراهيم القوي رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء".
وكان بليحق أعلن أنه "تم خلال جلسة الثلاثاء التصويت بالأغلبية المطلقة على خريطة الطريق الخاصة بالانتخابات العامة المحالة إلى البرلمان من لجنة إعداد القوانين الانتخابية".

رد باقتحام مسلح

إلا أن الرد على التعديلات التي أقرها البرلمان الليبي على قانون القضاء العالي، جاء سريعاً من طرابلس، إذ اقتحمت مجموعة مسلحة رفقة رئيس المحكمة العليا عبد الله بورزيزة مبنى المجلس الأعلى للقضاء، مما يشير إلى أن هذا القرار ستكون له تداعيات كثيرة على مسارات عدة في الأيام المقبلة.
ودان مجلس النواب الليبي في بيان، "اقتحام مقر المجلس الأعلى للقضاء في العاصمة طرابلس"، معبراً عن استنكاره لهذا "العمل المشين".
واستغرب مجلس النواب "إقدام المجموعة المسلحة على هذا العمل في هذا التوقيت بالذات الذي تتجه فيه البلاد إلى تحقيق توافق حول إجراء الانتخابات وإنهاء الانقسام وإخراج البلاد من أزمتها"، معبراً عن أسفه لهذه الأعمال، التي وصفها بأنها "تعرض المؤسسة القضائية للانقسام والتشظي".
وقال المجلس "نحن في أمس الحاجة لوحدة المؤسسة القضائية في ظل ما تعانيه بقية مؤسسات الدولة من حالة الانقسام، الأمر الذي يزيد من المخاطر والتهديدات التي تمس وحدة البلاد من خلال مثل هذه الأعمال المنافية للقانون".
وكانت مصادر صحافية من طرابلس أكدت أن رئيس المحكمة العليا عبدالله أبو رزيزة، اقتحم مقر المجلس في طرابلس برفقة مجموعة مسلحة وصحبة وزيرة العدل في حكومة الوحدة الوطنية (يرأسها عبد الحميد الدبيبة) حليمة البوسيفي.

مسؤولية البرلمان

في المقابل، حملت شخصيات ليبية بارزة مجلس النواب مسؤولية المخاطر التي تحيط بالمؤسسات القضائية في البلاد، التي وصلت به إلى حافة الانقسام، بعد أن كان المؤسسة الوحيدة التي حافظت على وحدتها في ليبيا، عندما انقسمت كل المؤسسات التشريعية والتنفيذية في سنوات مضت.
وقال عضو المؤتمر الوطني العام السابق محمود عبدالعزيز، إن "رئيس مجلس النواب عقيلة صالح يعتدي على السلطة القضائية"، معتبراً أن "هذه مؤامرة أكبر منه ومن مجلس النواب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


في المقابل، رأى نائب رئيس المجلس الانتقالي السابق، عبدالحفيظ غوقة، أنه "طبقاً لحكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الأخير الذي ألغى التعديل الذي أجراه مجلس النواب على قانون نظام القضاء وجعل المجلس الأعلى للقضاء يتكون من رئيس التفتيش ونائبه العام بعد أن عدل قانون نظام القضاء الحكم، فإن رئيس المحكمة العليا هو من يصبح رئيس المجلس الأعلى للقضاء وهذا هو مفهوم الإلغاء للمادة الثانية من التعديل في عام 2021".
وأوضح غوقة أن "ذلك يعني وجود إشكالية ما بين المجلس الأعلى للقضاء الذي رفض حكم الدائرة الدستورية وما بين المحكمة العليا، وما كنا نتمنى أن يحدث الخلاف والصدام، لكن التعديلات على قانون نظام القضاء هو ما أدى بنا إلى هذا الوضع وكذلك التدخل السافر من قبل السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية".
وأشار غوقة إلى أنه "على رغم سوء الأجواء السياسية والانقسام الحاصل في البلاد والمؤسسات كافة إلا أن مؤسسة القضاء ظلت راسخة وشامخة"، معتقداً أن "الداعي لتعطيل أو تعليق أعمال الدائرة الدستورية مرده عدم الخوض في المسائل السياسية وحتى لا يتخذ السياسيون الدائرة الدستورية مطية ليحققوا منها أغراضهم".

على مشارف جدل جديد

وكانت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا استبقت قرارات البرلمان الخاصة بالسلك القضائي، وأصدرت حكمها في الطعن الدستوري بشأن عدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم (11) لعام 2021 بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام القضاء الخاصة بتكليف رئيس المجلس الأعلى للقضاء.
وقضت الدائرة الدستورية "أولاً بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى الطاعن الأول، وثانياً بقبوله شكلاً بالنسبة إلى الطاعن الثاني، وثالثاً بقبول تدخل المتدخل بصفته شكلاً ورفضه موضوعاً، ورابعاً بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 11 لعام 2021 في شأن تعديل بعض أحكام قانون نظام القضاء، ورفض الطعن في ما عدا ذلك".
وتنص المادة الأولى المتعلقة بتشكيل المجلس الأعلى للقضاء من القانون رقم (11) لعام 2021 في شأن تعديل بعض أحكام قانون نظام القضاء على أن يتولى رئيس التفتيش القضائي رئاسة المجلس بدلاً من رئيس المحكمة العليا في النظام الذي كان معمولاً به في السابق.
كما تنص التعديلات التي أقرها مجلس النواب على القانون، على أن يحل النائب العام نائباً لرئيس المجلس الأعلى للقضاء، وعضوية مستشار عن كل محكمة استئناف، تنتخبه جمعيتها بالاقتراع السري، إضافة إلى عضو من كل من إدارة القضايا، وإدارة المحاماة العامة، وإدارة القانون، لا تقل درجته عن الدرجة المعادلة لدرجة مستشار بمحكمة الاستئناف، وينتخبه من هم بدرجته من أعضاء الإدارة بالاقتراع السري.

رفض قرار المحكمة

ورفض المجلس الأعلى للقضاء من جهته الحكم الصادر عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في شأن عدم دستورية تشكيله، مقرراً إرجاء التعامل مع كل المخرجات المتعلقة بدستورية القوانين إلى حين إنشاء محكمة تنازع الاختصاص، التي أعلن مخاطبته مجلس النواب لإصدار قانون بإنشائها.
وقال المجلس الأعلى للقضاء في بيان، إنه "تابع مجريات الحكم في الطعن الدستوري، وسجل بعض ما اكتنف مجريات البتّ فيه من عوار، ومن بينها انتفاء ولاية مصدره طبقاً للقانون رقم 5 لعام 2023 بشأن إنشاء المحكمة الدستورية العليا، الذي أقره مجلس النواب في وقت سابق".
وكل ما سبق من سجالات قانونية بين المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء ومجلس النواب، رأى مراقبون فيها أزمة جدية، من شأنها أن تذهب بالبلاد إلى أعلى مشارف صراع قانوني كبير ومؤثر في المشهد السياسي ومستقبل العملية الانتخابية المعلقة منذ عامين، التي بات من شبه المؤكد، نتيجة لحالة الصراع الحالية، تمديدها لعام ثالث يتمدد معه عمر الأجسام السياسية المتصارعة على كل صغيرة وكبيرة وعلى  المستويات كافة في ليبيا.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات