ملخص
لا يزال الدولار الأميركي هو العملة المهيمنة في المدفوعات الدولية إذ يمثل 43 في المئة
اكتسب الرنمينبي الصيني (اليوان) حصة سوقية في المدفوعات الدولية، لا سيما في المعاملات عبر الحدود الخاصة بالبلاد، في وقت يضغط صناع القرار في بكين من أجل استخدام العملة على نطاق أوسع، وعلى رغم ذلك يظل استعمالها محدوداً على مستوى العالم، وفقاً لمذكرة بحثية حديثة من "غولدمان ساكس".
في مارس (آذار) الماضي تجاوز الرنمينبي الدولار الأميركي للمرة الأولى وأصبح العملة المهيمنة في مدفوعات الصين عبر الحدود، وفقاً لإدارة النقد الأجنبي الصينية، وزادت حصته في السوق العالمية إلى 2.5 في المئة حتى مايو (أيار) 2023 من 1.1 في المئة بنهاية عام 2013، ومع ذلك لا يزال استخدامه في المدفوعات في جميع أنحاء العالم محدوداً، حسبما كتبت المحللة الاقتصادية في "غولدمان ساكس" ماغي ووي.
لم تنفِ ماغي ووي، اكتساب الرنمينبي حصة أكبر في السوق محرزاً تقدماً في العمل "كوسيط للتبادل" في الأسواق العالمية، لكن هذا التقدم يبدو بطيئاً من نواحٍ أخرى، فبينما تزداد أهمية الصين كمورد للسلع والخدمات في الأسواق العالمية، لا يزال ثاني أكبر اقتصاد في العالم يخضع لضوابط رأس المال ولا يمكن تداول الرنمينبي بحرية بالكامل، مما قد يحد من تطوره، في حين لا يزال الدولار الأميركي هو العملة المهيمنة في المدفوعات الدولية، إذ مثل 43 في المئة خلال مايو الماضي، وفقاً لشبكة المدفوعات المالية العالمية (SWIFT)، بينما جاءت 32 في المئة من المدفوعات باليورو وسبعة في المئة بالجنيه الاسترليني و3.2 في المئة بالين الياباني.
تقدم محدود
على رغم أن الزيادة في استخدام عملة الصين في المدفوعات الدولية كانت بطيئة، فإن استيعابها في المعاملات عبر الحدود كان سريعاً، وفقاً لـ"غولدمان ساكس"، إذ بلغت مدفوعات الرنمينبي عبر الحدود المتعلقة باستثمار المحفظة (أي استثمارات الأسهم والسندات) 21 تريليون يوان (2.9 تريليون دولار)، وأدرجت أسهم الصين في سوق الأسهم المحلية والسندات الداخلية المقومة بالرنمينبي في مؤشرات الأسهم والسندات العالمية الرئيسة منذ عام 2018، مما أسهم في ارتفاع مدفوعات الرنمينبي.
تقول محللة "غولدمان ساكس" إن التجارة المستقرة بالرنمينبي سجلت كنسبة من إجمالي تجارة السلع والخدمات 19.8 في المئة اعتباراً من الربع الثالث من عام 2022 بزيادة 5.8 نقطة مئوية عما كانت عليه قبل 10 سنوات، ففي وقت سابق من هذا العام، أعلنت البرازيل والأرجنتين أنهما ستسمحان بتسويات الرنمينبي في التجارة مع الصين، وتقدر صادرات البرازيل إلى الصين بـ88 مليار دولار عام 2021، وبشكل أساسي تتم تسويتها في الغالب بالدولار الأميركي.
يقبل المصدرون البرازيليون مدفوعات الرنمينبي بهدف إعادة تدويرها عند شراء البضائع الصينية (بلغ إجمالي واردات البرازيل من الصين 51 مليار دولار عام 2021)، مما يجعل من البلدان التي تشكل فيها صادرات الصين جزءاً كبيراً أكثر استعداداً لاستخدام الرنمينبي لتسوية الواردات.
وعندما يتعلق الأمر بتخزين القيمة، لا تزال العملة الصينية مستخدمة قليلاً، ففي أسواق السندات الدولية كانت سندات الدين المقومة بالرنمينبي نحو 0.7 في المئة فقط، وفقاً لبيانات بنك التسويات الدولية مقارنة بـ0.4 في المئة قبل 10 أعوام، كما شكلت الاحتياطات المقومة بعملة الصين نحو ثلاثة في المئة من الاحتياطات العالمية، أعلى من واحد في المئة عما كانت عليه عام 2016 ولكنها لا تزال منخفضة في المستويات المطلقة.
التعاملات الدولية
في الوقت نفسه تتوافر مجموعة واسعة من الأصول المقومة بالرنمينبي في هونغ كونغ، المركز الخارجي للرنمينبي، للمستثمرين العالميين، وتشمل هذه السندات وصناديق الاستثمار والمنتجات المرتبطة بالسلع وصناديق الاستثمار المتداولة وصناديق الاستثمار العقاري والأسهم ومنتجات التأمين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من الناحية التاريخية، تشير مذكرة "غولدمان ساكس" إلى أن التداول الواسع للعملة في الأسواق الدولية هو الذي مهد الطريق لتدويل العملات مثل الدولار الأميركي واليورو والين الياباني، وعلى سبيل المثال، يمثل الدولار الأميركي في الخارج أكثر من 25 في المئة من التمويل بالدولار العالمي، كما شكلت القروض والودائع الخارجية المقومة باليورو ما يقرب من 20 في المئة من إجمالي القروض والودائع بتلك العملة، وبالمقارنة بلغت قروض وودائع الرنمينبي الخارجية نحو 0.5 في المئة فقط من إجمالي القروض والودائع.
وتشير المذكرة إلى أن الشكوك الجيوسياسية يمكن أن تدعم تدويل عملة الصين إذا قرر المستثمرون العالميون ومديرو الاحتياطات تنويع محافظهم الاستثمارية، ومع ذلك على المدى القريب، فإن الفرق في أسعار الفائدة غير المواتية بين الصين والأسواق المتقدمة الرئيسة قد يقلل من حوافز المستثمرين للاحتفاظ بمزيد من أصول الرنمينبي.
وتضيف "بشكل عام، كان الاستخدام الأعلى للرنمينبي في التعاملات الدولية يتم في الغالب من خلال مدفوعات الصين عبر الحدود، بينما يكون استعماله محدوداً بين أسواق الطرف الثالث (بين دولتين أخريين)"، وتخلص إلى أنه "مقارنة بحصة الصين في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أو تجارة البضائع، أو مركز الاستثمار الدولي، أو احتياطات العملة الصينية كنسبة من الاحتياطات العالمية، لا تزال الاحتياطات المقومة بالرنمينبي منخفضة للغاية."