ملخص
"لا مسوغ" لنزع الحكم الذاتي عن كشمير، حسبما قيل لمحكمة الهند العليا، التي تدرس القضية بعد 4 أعوام من صدور قرار حكومي غير مسبوق يقضي بإلغاء الحكم الذاتي للإقليم
استمعت "المحكمة العليا" في الهند لدفاعات تقول إن اندماج ولاية "جامو وكشمير" (اللتان تقعان في جبال الهملايا شمال الهند، وهي الشطر الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان)، كان ولا يزال مسألة محسومة "ولا يرقى الشك إليها"، لكن "لم يكن هناك سبب" لقيام حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بتجريد المنطقة من الوضع الخاص الذي كانت تتمتع به.
وكانت المحكمة الرئيسة في الهند قد بدأت الأربعاء، الاستماع لالتماسات تطعن بدستورية قرار الحكومة إلغاء المادة 370 من دستور البلاد، التي تنص على وضع شبيه بحكم ذاتي للمنطقة، وتجريدها من كيانها، وخفض رتبتها من ولاية إلى إقليم فيدرالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنظر الهيئة الدستورية المؤلفة من خمسة قضاة، والتي تضم رئيس "المحكمة العليا"، في تلك الطعون.
وكانت الخطوة غير المسبوقة من جانب الحكومة قد قسمت المنطقة إلى كيانين اتحاديين - أحدهما لاداخ، والثاني "جامو وكشمير" - وكلاهما تحكمهما الحكومة الفيدرالية مباشرةً من دون هيئة تشريعية خاصة بهما.
أما الآثار المباشرة لهذه الخطوة فتمثلت في أن المنطقة ذات الأغلبية المسلمة بات يديرها الآن بيروقراطيون ليس لديهم تكليف ديمقراطي من سكانها، وفقدت بالتالي عَلمها وقانونها الجنائي ودستورها.
وفي اليوم الأول من جلسات الاستماع، قال كابيل سيبال وهو محام بارز، يمثل مقدمي الطعن إنه "لم يجر على الإطلاق في تاريخ هذا البلد، أن تم تحويل ولاية إلى “إقليم اتحادي” Union Territory" .
واعتبر المحامي أن إلغاء المادة 370 هو خطوة سياسية، يقع خارج نطاق اختصاص البرلمان الذي هو هيئة تشريعية.
وأضاف: "إن السبب الذي يجعلني أقول إن دستور الهند كان قابلاً للتطبيق على ولاية “جامو وكشمير”، هو أنه مع مرور الوقت، صدرت أوامر عدة تم دمجها في الدستور - وكانت النتيجة أن معظم السلطات في الولاية كانت متوافقة مع دستور الهند".
وأشار سيبال إلى أنه "رغم الإطار الدستوري المعمول به، فقد تم تغيير البنية بأكملها، من دون أي سبب وجيه لإزالة المادة 370".
وقال قبل أن يخوض في تقديم وصف مفصل للسياق التاريخي والأحداث التي أدت إلى سن القانون، إن "هذا الإطار الدستوري يشكل آليةً لتكون الولاية جزءاً من الاتحاد الهندي، ويعد إلغاء المادة خيانةً واعتداءً على هويتنا".
أما حسنين مسعودي وهو مشرع هندي مقيم في كشمير - وأحد أوائل مقدمي الطعون في قرار حكومة رئيس الوزراء مودي - فقال إن "القضية معروضة على أعلى هيئة دستورية في البلاد. ونحن متفائلون لأننا نعلم أن الملف قوي للغاية".
ورأى أن قرار عام 2019 "ينتهك كل قاعدة وآلية" محددة في دستور الهند، ما يشكل "انتهاكاً صارخاً له نصاً وروحا".
وكان المسؤولون في الهند قد باشروا بعد قرار الحكومة، إجراءات دمج كشمير مع بقية أنحاء البلاد، من خلال تغييرات إدارية تم تنفيذها من دون إشراك السكان المحليين.
وفي عام 2020، اعتمد قانون الإقامة، الذي يمكن أي مواطن هندي عاش في المنطقة لمدة 15 عاماً على الأقل، أو درس لمدة سبعة أعوام فيها، من الحصول على إقامة دائمة فيها.
وفي العام نفسه، خففت الحكومة أيضاً القواعد المطبقة على الجيش الهندي، لجهة حيازة أراض في كشمير وبناء مستوطنات "ذات طابع استراتيجي" فيها.
وقد وصفت السلطات الهندية التغييرات الجديدة في المنطقة بأنها خطوة طال انتظارها، لتعزيز التنمية الاقتصادية، لكن منتقديها رأوا أن هذه التطورات يمكن أن تؤدي إلى تغيير التكوين الديموغرافي للسكان.
ويخشى الكشميريون من أن تدفق الأجانب إلى منطقتهم، قد يؤثر في نتيجة الاستفتاء المحتمل، على رغم الوعد الذي تم التعهد به بموجب قرارات الأمم المتحدة في عام 1948، والذي منح كشمير خيار الاختيار بين الانضمام إلى باكستان أو الهند.
هذه المنطقة الجبلية الخلابة لم تشهد سوى القليل من النزاعات منذ عام 1947، عندما أقدم الحكم البريطاني لشبه القارة الهندية آنذاك، على تقسيمها ما بين الهند وباكستان، اللتين كانتا حينها دولتين حديثتي الولادة.
وقد شن انفصاليون كشميريون تمرداً مسلحاً شاملاً في عام 1989، سعياً وراء الوحدة مع باكستان، أو تحقيق استقلال كامل.
وتتسم هذه المنطقة بتاريخ طويل من التمرد قضى فيه مئات من الجنود والمدنيين الهنود. وتصر نيودلهي على أن التشدد في التعامل مع الوضع في كشمير، سببه الإرهاب الذي ترعاه باكستان، وهي تهمة تنفيها حكومة إسلام أباد.
ويعتبر كثير من المسلمين الكشميريين أن التغييرات التي أجريت في عام 2019، هي عبارة عن عملية ضم. وفيما رحب أفراد الأقليتين الهندوسية والبوذية هناك بهذه الخطوة في البداية، فقد أعربوا لاحقاً عن خشيتهم من فقدان الأراضي والوظائف في منطقة الهيمالايا البكر.
ورغم أن هذه الخطوة لا تحظى بشعبية كبيرة في كشمير، فإن صداها تردد في معظم أنحاء الهند، حيث أثنى أنصار حكومة مودي على وفائها بالتعهد القومي الهندوسي الذي طال انتظاره، والذي يقضي بالتخلي عن الامتيازات الخاصة الممنوحة للمنطقة المضطربة.
وفي إطار الجهود التي تبذلها نيودلهي لتشكيل ما تسميه "نايا كشمير" Naya Kashmir أو "كشمير الجديدة"، رأى منتقدوها أن شعب الإقليم أسكت إلى حد كبير، في غمرة تقييد حرياته المدنية، في وقت لم تظهر فيه الحكومة الهندية تسامحاً مع أي شكل من أشكال المعارضة.
إلى ذلك، واجهت الصحافة في كشمير صعوبات كبيرة. ومنذ ذلك الحين، تعرض كثير من الصحافيين في المنطقة للترهيب والمضايقات، إضافة إلى استدعائهم إلى مراكز الشرطة واعتقالهم في بعض الأحيان. وعلاوةً على ذلك، اعتمدت الإدارة سياسةً إعلاميةً جديدة تهدف إلى التحكم بالتقارير الصحافية.
أسهمت وكالات إخبارية في إعداد محتوى هذا التقرير
© The Independent