Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد حرائق الغابات في هاواي، ما عدت أتعرف على المكان الأثير على قلبي

خسائر الجزيرة جراء المأساة فادحة ومفجعة وتضاهي ما حل بكاتدرائية نوتردام أو حريق لندن العظيم

ملخص

الحريق في ماوي نجم عن حرف مسار مجاري المياه القديمة والبناء عليها

هذا الصباح، بدأ المطر يهطل على ساحل ماوي الشمالي حيث أسكن، لكن المطر جاء متأخراً، وهو ينزل على المنطقة غير المناسبة، ولن يسعف بالتالي إدارة الإطفاء في ماوي التي تعمل على إنقاذ بلدة لاهاينا التاريخية.

أنا إنجليزي مغترب، وأحمل جنسية الولايات المتحدة وجزر هاواي بعد 17 عاماً من إقامتي فيها. وبصفتي مقيم في ماوي، وصهر عائلة ولدت ونشأت في الجزيرة، فإن خسارة البلدة القديمة في لاهاينا فاجعة ألمت بي.

والمأساة تكمن بادئ ذي بدء في خسارة الأرواح. ماوي جزيرة صغيرة، وجميع سكانها يعرفون بعضهم بعضاً أو أقله يعرفون شخصاً يعرف الجميع.

لم نكتشف بعد من فارق الحياة، لكن لا بد أن تنتشر هذه الأخبار في الأيام القليلة المقبلة من طريق "شبكة جوز الهند" (مرادف تناقل الأخبار المحلية في هاواي). ستترك هذه الخسائر آثاراً تطبع المجتمع المحلي طيلة الجيل المقبل في الأقل، ونحن ندعو ألا يكون أحد من معارفنا من بينهم. 

يعمل معظم السكان المحليين، لا سيما في لاهاينا، في القطاع السياحي الذي يرتكز في ساحل ماوي الغربي على فنادق كانابالي ولاهاينا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ما عدا فاجعة خسائر الأرواح، تلقى اقتصاد ماوي ضربة موجعة جداً ستؤثر عليه في المستقبل المنظور: فقد العاملون أماكن عملهم، وسوف يخسر القطاع بالتالي السياح القادرين على تغذيته.

كما خسرنا جزءاً كبيراً من التاريخ. كانت لاهاينا مركز صيد الحيتان في المحيط الهادئ في القرن الـ19. اعتاد هيرمان ميلفيل أن يزور الجزيرة خلال عمله صائد حيتان، وهو ما ألهمه كتابة روايته العظيمة موبي ديك.

دمر منزل إرسالية بالدوين الأساسي، الذي شيد في ثلاثينيات القرن الـ18، وكان أقدم بناء على الطراز الغربي في الجزيرة. وفقدنا كذلك مبنى المحكمة القديم مع محتوياته من التذكارات القديمة، ومن بينها تحف صنعها السكان الأصليون في هاواي.

يقع متحف مبنى المحكمة أمام شجرة بانيان عمرها 150 عاماً وهي روح شارع فرونت في لاهاينا حيث يستظل الناس بها ويحتمون تحت أغصانها وتوفر لهم مساحة مشتركة يتجمعون فيها. ونحن بانتظار أن نعلم إن كانت جذورها قد نجت من الحريق، إذ سيسمح ذلك للشجرة بأن تعود إلى الحياة.

مثل كل سكان الجزيرة، لدي تاريخ شخصي في لاهاينا. دمرت أول حضانة ارتادها ابني، وهي مدرسة مونتيسوري قريبة من معبد هونغوانجي الياباني.

قضيت ساعات وأياماً أزور العائلة والأصدقاء، وأتنقل عبر المواقع والباعة في الشارع، وأتناول العشاء في مطاعم مثل داون ذا هاتش ومقهى كول كات كافيه. وكل هذه الأماكن دمرت.

خسر أصدقاء زوجتي سارة منازلهم. أقامت سارة، على غرار كثيرين من سكان ماوي، في بداية سن الرشد، في لاهاينا حيث عملت في قطاع الفنادق في كانابالي، ودمرت كل المنازل التي أقامت فيها. 

كما خسر سكان هاواي الأصليين بعضاً من تاريخهم قبل وصول المستكشفين إلى المكان. كانت لاهاينا عاصمة مملكة هاواي القديمة بسبب مينائها ومواردها الطبيعية، لا سيما الأسماك ومياه جبال ماوي الغربية.  

بذل الناشطون في هاواي خلال السنوات الماضية جهوداً جبارة لترميم بعض البنى التحتية من هاواي القديمة في لاهاينا، ومن بينها حوض الصيد الملكي الذي بني فوقه موقف سيارات.

يلفت بعض السكان الأصليين في هاواي إلى أن عمليات البناء مسؤولة جزئياً عن اندلاع الحريق الذي لم يكن ليقع لو جرى الاهتمام بالأرض كما يجب، ولهذا الكلام ما يبرره.

فأحد العوامل الرئيسة هو أن عمليات البناء اقتضت الاستيلاء على مجاري المياه الطبيعية وتحويل مسارها بعيداً من حوضها الجغرافي. في الفترة السابقة لوصول الحضارات الأخرى، كانت المساحات الخضراء في لاهايا كثيفة ومعتنى بها. 

لو ضربنا إعصار دورا مباشرة، كنا لنستعد له في الأقل. كنا لنتضرر، لكن من دون أن تصيبنا خسارة تامة وربما من دون أي خسائر في الأرواح، لكن ما حصل هو أننا خسرنا في 24 ساعة مئات السنوات من التاريخ والفنون والثقافة. 

بالنسبة إلينا، توازي خسارة بلدة لاهاينا فقدان الباريسيين لكاتدرائية نوتردام في 2019 أو فقدان اللندنيين كاتدرائية القديس بولس في الحريق العظيم في العام 1666. وتظل الفاجعة الأكبر في خسائر الأرواح وحياة العائلات والأحبة التي تأثرت بهذا الفقد.

لكن في نهاية المطاف، كانت البلدة القديمة في لاهاينا مكاناً رائعاً، مليئاً بالألوان الزاهية والحياة والأعمال والمتعة.

كانت فعلاً قطعة من الجنة. وملاذاً يلجأ إليه السكان المحليون في شمال وشرق الجزيرة في أيام العطل.

كنت أصطحب أولادي كي نتمشى ونتبضع ونلعب، كانت مساحة صغيرة تتيح لنا الهرب من الحياة العادية و"لعب دور السواح" ونتناول ألذ مثلجات في العالم… سوف نعيد بناء ما خسرناه وسوف نقبل المساعدة بكل امتنان.

أقام البروفيسور ريتشارد هيل في هاواي لمدة 17 عاماً وهو يدرس مادة الأدب الإنجليزي في جامعة شاميناد في هاواي وكلية جامعة هاواي ماوي

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل