Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تراجع منسوب السدود إلى 36 في المئة يخلف أزمة مياه في تونس

نسبة امتلائها 36.1 في المئة فقط ومتخصصون يقدمون الحل

فتيان تونسيون يقفزون في مياه المتوسط في شمال البلاد بعد تسجيل درجات حرارة قياسية (أ ف ب)

ملخص

 المرصد التونسي تلقى 1343 شكوى تتعلق بالمياه منذ بداية العام الحالي

يعيش عدد من المدن التونسية مصاعب تتعلق بإمدادات بالمياه، إذ تتوالى الانقطاعات التي أثارت غضب المواطنين، بخاصة خلال موجة الحر التي اجتاحت البلاد.

وكانت السلطات التونسية أعلنت منذ مارس (آذار) الماضي خطة تقشف في المياه تتمثل في تقنين عملية توزيعه من طريق قطع إمداداته سبع ساعات ليلاً بصفة يومية، في حين لم يتوقف الأمر عند هذه التراتيب المعلنة بل تجاوزها إلى انقطاعات طويلة في مناطق من دون أخرى مع حلول الصيف، والتي بررتها الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه بحدوث أعطاب في بعض المواقع.

واندلعت احتجاجات في مدن أدت عدة إلى إقالة المدير العام للشركة من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، وأرجع متخصصون الإشكال إلى تراجع مخزون المياه نتيجة السياسة المائية الفاشلة ولوبيات الفساد، وانتقدوا اكتفاء وزارة الفلاحة بإعلان حال الطوارئ المائية وقطعها للمياه بحجة الجفاف وما يمثله من تهديد لمردود قطاعات اقتصادية وأهمها الفلاحة والسياحة.

وذكرت الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه أن الانقطاعات الأخيرة تعود لأعطاب وعدت بإصلاحها، بينما كشف المرصد التونسي للمياه، وهو منظمة مستقلة، أن 1343 شكوى تتعلق بالمياه تم التبليغ عنها منذ بداية العام الحالي.

وعرفت أكبر المحافظات التونسية، وهي صفاقس وقفصة (جنوب) ونابل (شمال) وسوسة (وسط) نقصاً في التزويد بالمياه خلال يوليو (تموز) الماضي، وتلقى المرصد 301 بلاغ من قبل مواطني هذه المناطق عن إشكالات متعلقة بالمياه، ووردت محافظات سوسة وصفاقس وقفصة في المراتب الأولى.

وتسير الإشكالات المتعلقة بالمياه في نسق تصاعدي بالنظر إلى تسجيلها خللا يونيو (حزيران) الماضي 245 بلاغاً شمل 248 انقطاعاً للمياه وتسعة احتجاجات شعبية بقفصة وتستور (شمال غرب) ومحافظة نابل، في حين لم تتجاوز 160 بلاغاً خلال مايو (أيار) السابق له، علماً أنه تم تسجيل 2299 شكوى العام الماضي وفق المرصد الذي اعتبر محافظة تونس الكبرى (العاصمة) الأكثر تضرراً لعامين على التوالي هما 2022 و2021، كما شهد العام المنقضي 423 تحركاً احتجاجياً مطالباً بالمياه.

ويواصل 250 ألف شخص في تونس استخدام مياه الشرب غير المحسنة ومعظمها من الينابيع والآبار، ويعتمد 900 ألف شخص على مرافق الصرف الصحي غير المحسنة، بينما كشف المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان أن 57 في المئة فقط من التونسيين يتمتعون بمياه شرب مأمونة.

نقص المخزونات

وتعيش تونس مرحلة حرجة لشح غير مسبوق للموارد المائية على خلفية تراجع تساقط الأمطار، مما تسبب في نقص مخزونات السدود، وبلغت نسبة امتلائها 36.1 في المئة فقط خلال يوليو 2023، واختلفت ما بين 42.4 في المئة في سدود الشمال و14.7 في المئة في الوسط.

وفي المقابل زاد استنزاف الموارد المائية الجوفية، وتجلى ذلك في معاناة المستهلكين وصغار الفلاحيين الذين انخفض إنتاجهم، كما اعتبرت منظمات تونسية أن تونس مهددة بفقدان مواردها المائية وبخاصة مع التغيرات المناخية والاستعمالات غير المدروسة.

ورأى المرصد التونسي للمياه أن الأزمة هي نتيجة لفشل السياسات المتبعة في ظل التغير المناخي، إذ لا تتم مواجهة الاستعمالات العبثية للمياه في غياب استراتيجية للتصرف تأخذ بعين الاعتبار جميع القطاعات المستهلكة، كما وردت الإجراءات الأخيرة من قبل وزارة الفلاحة بإقرار نظام الحصص الظرفي في التزود بمياه الشرب وتحجير بعض استعمالات المياه متأخرة.

شبكات مهترئة وفساد 

وقال المنسق العام لمرصد المياه علاء المرزوقي إن الأزمة تعود لخمسة أعوام مضت، مما أثر في مخزون المياه المعتمد بالأساس على سدود محافظات الشمال الغربي التي تزود العاصمة وغالبية المناطق مرتفعة الكثافة السكانية بمياه الشرب، إضافة إلى مصاعب أخرى مثل اهتراء شبكات التوزيع وضعف منظومة الصيانة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعا المرزوقي إلى التصدي لـ "الفساد واللوبيات" بعد استنزافهما قطاع المياه، وضرورة إرساء استراتيجية للحد من النزف في القطاعات المسرفة في استعمال المياه مثل الفوسفات والنسيج.

كما أطلق المرصد نداء للحد من الحفر غير المرخص للآبار والربط العشوائي، ودعا إلى حظر ملء أحواض السباحة الخاصة والعامة بالمياه الموزعة من طرف الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، مع تحديد قائمة المنتجات الفلاحية ذات الأولوية في الري، وحث الشركات الصناعية على التخلي مرحلياً عن استعمال المياه المعدة للشرب وإيجاد مصادر غير تقليدية، إضافة إلى إيقاف إسناد رخص تعليب المياه.

وأشار إلى أهمية تجديد الشبكات المهترئة للتوزيع للحد من نسبة الضياع، ودعم الديوان الوطني للتطهير من أجل المرور إلى مرحلة معالجة مياه الصرف الصحي واستعمالها في الأنشطة الزراعية والصناعية، مما سيمكن من إعادة استعمال أكثر من 300 مليون مكعب كل عام.

في حين صرح رئيس مركز حلول للسياسات العمومية البديلة ياسر سويلمي لـ "اندبندنت عربية" بخطورة ما آلت اليه الأوضاع التي أضحت مهددة بالعطش والجفاف، مرجعاً التطور الخطر لتواتر سوء استعمال الثروات المائية خلال الفترات السابقة، ومن أهم تجلياته اعتماد أكثر من 80 في المئة من الموارد في القطاع الزراعي، بينما لا يتجاوز المعدل العالمي لاستعمالات الثروات المائية 70 في المئة.

وفي المقابل، لا توجه منتجات الزراعات المستهلكة لهذه المياه إلى السوق المحلية بالكامل بل يصدر معظمها، أما التراتيب المتبعة للحد من هدر المياه من قبل وزارة الفلاحة فتبدو محدودة النتائج وفق السويلمي، ويقول إنه من الأجدر اتباع مشاريع إصلاحية كبرى للحد من هدر المياه بحكم اهتراء القنوات المخصصة للتوزيع بنسبة 32 في المئة، وفق ما كشفت عنه وزارة الفلاحة، إضافة إلى تعرضها للسرقة، وهي عوامل تؤدي إلى انعكاسات سلبية على محركات الاقتصاد من زراعة وصناعة وسياحة، مما يدعو إلى ضرورة وضع أولويات من قبل السلطات المتخصصة وجعل مياه الشرب الأولوية القصوى لتغطية حاجات التونسيين، تليها القطاعات الاقتصادية الموفرة للأمن الغذائي والمحققة للتنمية، علما أن شبكة توزيع المياه تغطي 50 في المئة من المناطق الريفية و80 في المئة من المناطق الحضرية.

اقرأ المزيد